كيف واجه الخميني «حيرة النجاح» بعد إنجاز الثورة

مسؤولون إيرانيون وشهود عيان يتحدثون إلى «الشرق الأوسط» عن الصراعات التي غيرت مسار الثورة في بدايتها

الخميني لدى وصوله إلى طهران عائدا من منفاه الفرنسي يوم 1 فبراير 1979 وعلى يمينه ابنه أحمد («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من مرور 30 عاما على قيام الثورة الإيرانية عام 1979، الا ان الكثير من الأسئلة ما زال يطرح حول المسار الذي أخذته وتأثير هذا المسار على إيران في الداخل وجوارها الاقليمي وعلى السياسات والعلاقات الدولية. فقد فوجئت قيادات الثورة الإيرانية من التيارات الاسلامية والوطنية واليسارية والقومية بـ«سلاسة الطريق» للثورة، مع تحرك الشارع الإيراني بالملايين لدعمها، إلا أنهم فوجئوا ايضا بـ«وعورة الطريق» للدولة. ففي الأيام والأشهر الاولى بعد نجاح الثورة الإيرانية شهدت إيران حربا تشبه «حرب الشوارع» بين أنصار التيار الديني وأنصار التيارين الليبرالي واليساري قتل خلالها عدد كبير من عناصر الثورة، ونحو 70% من قيادات الحلقة الضيقة التي كانت تحيط بالخميني من تلاميذه ومرافقيه عندما كان منفيا في تركيا او العراق او فرنسا. وفي مقابلات مع «الشرق الأوسط» قال مسؤولون إيرانيون رافقوا الخميني وكانوا جزءا من أول حكومة بعد الثورة، ومسؤولون من لبنان والعراق واميركا كانوا على اتصال بالخميني وفريقه، أنه بعد نجاح الثورة وجد الخميني نفسه حائرا امام نوع الدولة المرغوبة، مع شعور بعدم الارتياح للأفكار التي كان يطرحها التيار الليبرالي، الذراع الآخر للثورة الإيرانية والذي كان يتزعمه مهدي بازركان. ويقول إبراهيم يزدي وزير الخارجية الإيراني في حكومة بازركان، وهي أول حكومة بعد نجاح الثورة لـ«الشرق الأوسط» إأن المشكلة كانت أن كل القوى كانت متفقة على هدف التخلص من الشاه، لكنها كانت مختلفة على كل شيء بعد ذلك، على نوع الدولة وعلى دستورها وعلى قوانينها الحاكمة وعلاقاتها الخارجية. ويوضح يزدي: «أثناء الثورة، كانت جميع الأحزاب والفصائل السياسية، اليمينية أو اليسارية، الدينية أو غير الدينية متفقة على ما لا تريده، وهو: أن الشاه يجب أن يغادر، وأنه يجب الإطاحة بنظام حكم الشاه الاستبدادي.. ولكن لم يكن هناك مثل هذا الإجماع في مواقفهم المتعلقة بالبديل الذي سيحل مكان نظام الشاه. ولهذا، بدأ الخلاف على الفور بعد الثورة.. كان المناخ السياسي فيما بعد الثورة مشتعلا بشدة وكان صوت العقل والمنطق غائبا». فيما يقول هاني فحص الذي كان قريبا من الخميني ومن الثورة الإيرانية قبل وبعد نجاحها حيث عمل كحلقة وصل بين الثورة الإيرانية والثورة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، ان الخميني في البداية «لم يكن لديه مشروع سياسي محدد»، كان بالاساس رجل دين يعارض سياسات الشاه. ويوضح فحص لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن الخميني كان على شيء من الحيرة عندما انتقل من الثورة إلى الدولة لأن الأسئلة تغيرت والقوى تمايزت والوقائع ألحت والمشاكل تفاقمت».

وفي هذه الحلقات تقدم «الشرق الأوسط» من خلال مقابلات مع مسؤولين حاليين وسابقين، ومفكرين وشهود عيان من إيران ولبنان والعراق واميركا، شهادات حول الظروف التي قادت الى الثورة، وصعود آية الله الخميني في حوزة قم، ثم تطور خطابه السياسي بعد نفيه للنجف، والخلافات التي نشبت بين أطياف الثورة الإيرانية بعد نجاحها، وكيف أثرت هذه الخلافات على طبيعة الدولة الإيرانية اليوم.. ومستقبلها.