صدام: غالبية أعضاء البعث عام 1963 كانوا شيعة.. وأمينه العام كان كرديا

قال في محاضر استجواب«الشرق الأوسط» تنشرها إنه لم يكن يعلم حتى وقت قريب أن طارق عزيز كان مسيحيا

صدام حسين إثر القبض عليه من قبل القوات الأميركية (أرشيف «الشرق الأوسط»)
TT

يكشف الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي أعدم نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2006، في وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي الأربعاء الماضي، خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم، وحتى اعتقاله وظروفه في السجن. والوثائق التي تواصل «الشرق الأوسط» اليوم نشرها هي عبارة عن محاضر 20 استجوابا رسميا وخمس محادثات عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي «إف.بي.آي»، للرئيس السابق ما بين 7 فبراير (شباط) و28 يونيو (حزيران) 2004. ويغطي صدام في أجوبته على أسئلة المحقق في الجلسة الخامسة من الاستجواب في 15 فبراير (شباط) 2004 ظروف استيلاء حزب البعث على السلطة في عام 1968 ويقول إن قرار عدم إراقة الدماء تم بناء على طلبه، حيث كان يعتقد أن «علينا أن ننسى الماضي وألا نريق المزيد من الدماء». وكدليل على احترام ذلك القرار، أشار صدام إلى أن البعثيين لم يؤذوا الرئيس عبد الرحمن عارف ولكنهم نفوه فقط. وفي الجلسة السادسة في 16 فبراير (شباط) 2004 يكشف صدام ما جرى لناظم كزار الذي قام بمحاولة انقلابية عام 1973. وكزار كان مساعد صدام، مدير الأمن العام لحزب البعث، وهو شيعي من مدينة العمارة. وقال صدام في ذلك الوقت إنه لم يكن هناك تمييز بين سني وشيعي أو مسيحي داخل الحزب. وأشار، كمثال على ذلك، أنه لم يكن يعلم حتى وقت قريب أن أحد قادة البعث، وهو طارق عزيز، كان مسيحيا، فقد كان الحزب ناجحا لأنه ارتبط بالشعب ومن ثم لم تكن هناك تفرقة بين أفراده على أساس الدين أو العرق. وأشار صدام إلى أن قادة الحزب من السُنة في الفترة بين عامي 1958 و1963 كانوا قليلين جدا، وأن الأمين العام للحزب كان شيعيا من مدينة الناصرية. وقال صدام للمحقق «قد يثير دهشتك أن تعرف أن الأمين العام للحزب عام 1964 كان كرديا».

وفي جلسة الاستجواب السابعة في 18 فبراير (شباط) 2004 يواصل صدام شرح علاقته بكل من سعدون شاكر وعبد الكريم الشيخلي ويقول إن شاكر يعد مثالا على عضو في حزب «البعث» «وزع قدراته» فيما يقول إن الشيخلي فشل في تقبل النقد وقررت القيادة طرده.

وقال صدام إن تولي القيادة من أصعب المهام في الحياة. وأعرب عن وجهة نظره بأن أي شخص باستطاعته قيادة أعضاء الحزب والجماهير، سيتميز بالكفاءة في المنصب المخول إليه. وأضاف أن أعضاء الحزب خاضوا «محاولات»، بعضها نجح والآخر فشل. وقد استمر أعضاء الحزب في مناصبهم حتى اللحظة التي فاقت مسؤوليات مناصبهم قدراتهم الفردية، عند هذه النقطة، كان يتم استبدالهم. بالنسبة لأعضاء الحزب ذوي الخلفيات العسكرية، نوه صدام بأن تلك الخبرة العسكرية كانت محدودة ولم تترجم بالضرورة إلى عنصر مفيد في إدارة الشؤون الحكومية.

* صدام عن انقلاب يوليو 1968: طارق عزيز رفيق قديم يحظى بالاحترام لكنه لم يكن أحد الثوار

* قال إن الدوري ورمضان كانا منخرطين في الثورة منذ البداية وتصارعا فيما بينهما

* محضر جلسة الاستجواب الخامسة 15 فبراير (شباط) 2004

* قبل طرح أية أسئلة، أفاد صدام بأنه يرغب في طرح سؤال. وبعد ذلك سأل عن أي نوع من التغييرات حدث في العالم، على سبيل المثال ما يحدث في الصين وروسيا وفي السياسات الدولية. فقال المحقق إنه لم تحدث تغييرات كبيرة، وأن هناك جهودا لإعادة بناء العراق وأن ذلك يتضمن دعما من كل من روسيا والصين وأن الأمور تسير بصورة سريعة. وبعد ذلك أفاد صدام بأنه منذ أن كان في السجن لمدة شهر أو اثنين، لم تكن لديه صورة عما يحدث. وأشار إلى أنه كان ينوي طرح هذا السؤال على المحقق قبل يومين. ثم تحدث صدام عن أحد الأفلام التي شاهدها التي تقوم على رواية «قصة مدينتين» التي قرأها منذ وقت طويل حيث كانت هذه الرواية تتناول سجن أحد البريطانيين في سجن فرنسي ولم يكن على دراية بما يحدث في العالم الخارجي. وحسبما أفاد صدام، فقد كان مؤلف هذه القصة ناقدا للسلطات الفرنسية بسبب هذه المعاملة. وأشار صدام إلى أنه لم يتغير شيء منذ ذلك الوقت. وقد أجاب المحقق بأنه «عبر الوقت، تغيرت بعض الأشياء، ولم تتغير أشياء أخرى».

ثم أخبر المحقق صدام بأن جلسة اليوم سوف تكون حوارا حول استيلاء حزب البعث على السلطة في عام 1968، وعلى وجه الخصوص سيكون الحوار حول محاولة التفريق بين ما هو واقعي وما هو خيالي. وقد أجاب صدام بأنه في واقع الأمر، كان العراق في عام 1968 يعيش بصورة بدائية ولم يستطع التقدم بصورة جادة إلا من خلال مفهومين. أولهما إدراك أن هذا البلد له حضارة تاريخية قديمة. والمفهوم الثاني كان يدور حول أن العراق استطاع التعلم من خلال تجربة الأساليب التي تتبعها بقية دول العالم. وطبقا لذلك، فقد سافر صدام وغيره إلى بلاد عربية أخرى. وبمقارنة أنفسهم بغيرهم من مواطني هذه الدول، فقد اكتشفوا أن القاهرة ودمشق كانتا متقدمتين كثيرا على بغداد. وكان لدى صدام العديد من الأصدقاء الذين سافروا إلى دمشق وكانوا يعتقدون أن العراق يمكن أن يصل إلى المستوى الذي وصلت إليه دمشق من التقدم، لكنهم لم يتصوروا أن يصل إلى مستوى التقدم في القاهرة. وكانت القدرة الصناعية العراقية في ذلك الوقت مقصورة على صناعة البطاطين وتشغيل مصنع لقصب السكر في كربلاء الذي كان يحتاج إلى استيراد المواد التي يعمل بها. وبغض النظر عن هذين المجالين، كانت هناك محاولات قليلة بسيطة للصناعة في مجالات أخرى. ومع ذلك، فقد كان لدى العراق الدافع والحماس للتطور. وقد نجم عن المحاولات الأولى بعض الأخطاء، ولكن تم تداركها وعلاجها. ومع مسيرة التقدم، استمر إرسال الأفراد إلى البلاد المجاورة لكسب الخبرات. وكان من الدول التي زارها صدام وغيره: الاتحاد السوفياتي وفرنسا وإسبانيا وإيران وتركيا وكافة الدول العربية. ومن بين جميع هذه الدول، كان صدام يعتقد أن الاتحاد السوفياتي كان الأقرب إلى العراق فيما يتعلق بالنواحي الاجتماعية للشعب. ومع ذلك، لم يكن ذلك يعني أن صدام كان يأخذ أحد الجانبين الشرقي أو الغربي. وقد أفاد صدام بأنه في الوقت الذي كان ينظر فيه إلى الأساليب التي يعيش بها الآخرون إلا أننا «لا ننسى أننا عرب وعراقيون وأن للعراقيين أسلوبهم الخاص بهم الذي يربط بينهم وبين العرب الآخرين». وأضاف صدام: «بالنظر إلى سعينا نحو التطور، فإننا حاولنا ذلك في كافة المجالات بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والتقنية والصناعية».

وفي ما يتعلق باستيلاء حزب البعث على السلطة أفاد صدام بأنهم حصلوا على المساعدة من أفراد الجيش الذين كانوا أعضاء في الحزب. كما أفاد أيضا بأن العقيد إبراهيم عبد الرحمن داود والعقيد عبد الرزاق نايف اللذين لم يكونا عضوين في حزب البعث، لم يلعبا دورا هاما في السماح بالاستيلاء على السلطة دون مقاومة أو إراقة دماء. وأفاد صدام بأن قرار عدم إراقة الدماء تم بناء على طلبه، حيث كان يعتقد أنه «علينا أن ننسى الماضي وألا نريق المزيد من الدماء». وقد قال إن هذا الموضوع قد تمت مناقشته في اجتماع داخل منزل وزير الصحة الدكتور مصطفى. وقد اختلف القليل من الأعضاء مع صدام لا سيما أعضاء حزب البعث الذين تم تعذيبهم من قبل النظام السابق وكانوا يرغبون في الثأر. وقد ثار حوار قال فيه صدام إنه قد تم تعذيبه هو أيضا. وفي نهاية الأمر، تم التوصل إلى اتفاق على أنه لن تكون هناك إراقة للدماء. وكدليل على احترام ذلك القرار، أشار صدام إلى أن البعثيين لم يؤذوا الرئيس عبد الرحمن عارف ولكنهم نفوه فقط. وبالإضافة إلى ذلك، قال إن حزبه اتخاذ قرارا بإطلاق سراح المعتقلين من جميع الأحزاب بمن فيهم القوميون والشيوعيون. وفيما يتعلق بالعقيد داود والعقيد نايف، فقد أشار صدام إلى اختيار عدم إيذائهم كذلك، والاكتفاء بمجرد نفيهم. وعندما تم سؤاله عن دور العقيد داود في الجيش، قال صدام إن أبو هيثم (أحمد حسن البكر) هو الذي كان له صوت أقوى من داود الذي لم يكون له صوت حقيقي. وقال صدام إن قوات الحماية الرئاسية وهي الحرس الجمهوري كانت تتكون من ثلاث فرق: المدرعة والمشاة والقوات الخاصة. وكانت مسؤولية العقيد داود عدم الاصطدام أو الاشتباك مع الفرقة المدرعة. وكان ذلك هو دوره فقط. وقال صدام: «كنا نسيطر على الفرقة المدرعة وقد قمت بقيادة دبابة وأطلقت النار على القصر الرئاسي. ومن الناحية العملية، فقد كان يمكننا القيام بذلك دون كل من داود ونايف».

وأضاف صدام: «وصلتنا أخبار بعد الظهر قبل الهجوم بأن نايف كان يرغب في الانضمام إلى الثورة. ويبدو أن داود أخبره عن خططنا على الرغم من أننا طلبنا من داود الحفاظ على سرية خططنا. وفي أولى مراحل الثورة، اكتشفنا أن نايف وداود كانا يخططان فيما بينهما وأنهما كانا على اتصال بمسؤولين آخرين خارج خط اتصالنا. ولذا، فقد عزلناهما يوم 31 يوليو (تموز). وقد كنت أنا من تولى هذه العملية».

وحسبما يقول صدام، فقد تم إرسال داود إلى الأردن في مهمة عسكرية. وأضاف صدام بقوله: «كان من الممكن أن نقتله في أي وقت. وذهبت إلى نايف بمسدس، ولم يكن لدي سلاح آلي. وبمسدس واحد أخذت كل الأسلحة التي كانت مع نايف وحراسه». وقد كان داود يقوم بعمل عسكري في الأردن، فأرسل صدام أعضاء في حزب البعث للقبض عليه وإحضاره إلى بغداد، ويقول صدام إن داود ونايف «كانا مثل السكين في ظهرنا».

وعلى خلاف ما كان شائعا بخصوص القبض على نايف، أفاد صدام بأنه لم تتم دعوة نايف إلى الغداء في القصر الرئاسي الخاص بالرئيس. وأفاد صدام بقوله: «كنا نتناول الغداء في القصر الرئاسي كل يوم أثناء الثلاثة عشر يوما الأولى بعد الثورة لأنه كان علينا أن نقوم باتخاذ القرارات. وقد كنا دائما موجودين في القصر مثلما كانت الحال مع الرئيس البكر. وكان آخرون يحضرون عندما يتم إعداد الوجبات. وعندما وصل نايف، قمت بسحب مسدس وصوبته عليه. وصوب هو مسدسه كذلك. وكان الأمر أشبه بما يحدث في الأفلام. وقد وضعت أخي غير الشقيق برزان إبراهيم حسن في الغرفة لحراسة نايف. وعندما قبضت على نايف، قال «إن لدي أربعة أطفال. فقلت له إنني سوف أهتم بأمر أطفالك. وطلبت منه أن يجلس، وسألته إن كان يرغب في أن يعمل كسفير». وفي أول الأمر قال نايف إنه يرغب في أن يذهب إلى لبنان. ولأن حسين كان يعتبر لبنان مكانا يتم فيه إعداد المؤامرات، فإنه طلب من نايف أن يختار مكانا آخر. فطلب نايف أن يذهب إلى الجزائر، لكن صدام رفض طلبه لأن الجزائر كانت لديها ثورة أيضا. فطلب نايف أن يذهب إلى المغرب، فوافق صدام. وأخذ صدام نايف إلى المطار في سيارة وجلس إلى جواره. وكان هناك أعضاء آخرون في حزب البعث داخل السيارة. وقال صدام لنايف: «عندما أعد بشيء فإنني أوفي به. وقد وعدنا بألا يحدث شيء للرئيس عارف ولم يحدث شيء. فالرفاق يعلمون أنني وفيّ بكلمتي». وأضاف صدام أنه «سوف يكون في مكان آمن لن يؤذيه فيه أحد، ولكن عليه أن يبدي الطاعة».

كان صدام يضحك وهو يسرد قصة نايف وكان يرغب في إخبار المحقق بالمزيد من التفاصيل. وتذكر أنه أخبر نايف بقوله: «عندما يحييك الحراس فعليك أن تحييهم أيضا. وإذا حاولت أن تفكر في القيام بأي شيء، فتذكر أنني إلى جانبك. وعندما تذهب كسفير، فعليك أن تتصرف كسفير. وسوف نراقبك ونرى إن كنت تقوم بالتخطيط لشيء أم لا». وتذكر صدام أنه في الوقت الذي كان يغادر فيه نايف، فشلوا (أعضاء حزب البعث الجديد) في طلب تصريح من المسؤولين في المغرب بأن يكون نايف سفيرا هناك. وفي هذا الوقت، كان صدام وطلاب الثورة من الشباب لا يعرفون شيئا عن مثل هذه الأشياء. ومع صعود نايف إلى الطائرة التي تقله إلى المغرب في معسكر الرشيد (المطار العسكري) أرجع صدام مسدس نايف إليه. وكان صدام يصف المشهد وكأنه «فيلم سينمائي تماما».

وقد تم توجيه سؤال إلى صدام مفاده أنه إذا كان نايف يمثل تهديدا محتملا لحزب البعث، فلماذا تم تعيينه سفيرا. فكرر صدام قوله إنه لم يكن يريد المزيد من إراقة الدماء. وقال إنه أثناء انقلاب عام 1959 تم ربط أعضاء حزب البعث إلى سيارات وتم سحبهم في الشوارع حتى الموت. كما تم إعدام العذارى على أعمدة الإضاءة. وكان القتل يحدث في الشوارع. وعندما استولى حزب البعث على السلطة عام 1963، كان يتم إعدام الأشخاص بسبب الرغبة في الثأر. وكان صدام يكرر القول بأن رأيه في ذلك الوقت هو أنهم في حاجة إلى نسيان الماضي وعدم الأخذ بالثأر. وقال صدام: «كجزء من هذا التفكير، بدأنا بالقبض على داود ونايف واستمر ذلك. وكان داود يرغب في أن يكون سفيرا في المملكة العربية السعودية، فأرسلناه إلى هناك».

وفي بداية الستينات، كان هناك الكثير من العنف تجاه البعثيين من قبل الشيوعيين. واستمر صدام في قوله إنه عندما سيطر البعثيون على مقاليد الأمور لم يأخذوا بثأرهم من الشيوعيين أو غيرهم، أو على الأقل لم يفعلوا مثلما فعل بهم. وقال إنهم أخذوا الشيوعيين إلى المحاكم وأنه تم إعدام البعض (كانوا خمسة أو ستة أعضاء من الشيوعيين). وقال صدام إنهم أطلقوا سراح الشيوعيين والناصريين والأكراد وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين تم اعتقالهم من قبل! وقال صدام إنه تم قتل نايف أمام باب منزله في لندن، وبعد ذلك تم إبعاد 13 دبلوماسيا عراقيا خارج البلاد. وعندما قيل لصدام إن بعض الأفراد يعتقدون أنه تم قتل نايف من قبل قوات الأمن العراقية، قال «إن الله قتل نايف. فقد بدأ نايف في العمل ضد البلاد. لقد ذهب إلى إيران وقابل بارزاني في شمال العراق، وحسب المعلومات التي توافرت لدينا، فقد قابل موشى ديان، (وزير الدفاع الإسرائيلي). وقد كان ينظر إلى مثل هذه التصرفات على أنها تصرفات مشينة. وبالنسبة لمن قتله، فإن ذلك أمر آخر. فالله وحده هو الذي يعلم». وعندما تم توجيه سؤال إلى صدام عما إذا كان يعلم من قتل نايف، قال «لقد قلت لك إن الله وحده هو الذي يعلم». وعندما تم الضغط عليه أكثر ليجيب عن هذا السؤال، قال «لقد قلت لك بصورة واضحة تماما». وقال صدام فيما يتعلق بمصير داود «ربما يكون ما زال حيا، لكنه لم يكن خائنا. فلم يتم تسجيل شيء ضده». وعندما سئل صدام عن تصرف الحكومة العراقية فيما يتعلق بنايف، قال صدام «لست متأكدا لكنني أعتقد أننا حذرناه. لا أتذكر». وبعد ذلك سئل صدام عما إذا كان قد ألقي القبض على نايف وسجنه ومعاقبته بدلا من نفيه، وأن بعض الأشخاص يعتقدون أنه كانت هناك أوامر بقتله. فأجاب صدام على ذلك بقوله: «ما يعتقده الناس شيء آخر، لكنني أعطيتك إجابتي».

أفاد صدام أنه بعد الثورة، تم التخلص من شخصيات هامة أخرى مثل صالح مهدي عماش وحردان التكريتي. وعندما سئل إذا ما كان التخلص منهم بسبب أنه كان ينظر إليهم على أنهم تهديد لحزب البعث، أجاب صدام بقوله إنه عندما نقارن بين الانقلاب الذي حدث في العراق وغيره من الانقلابات التي تحدث في بقية أنحاء العالم، فإننا سوف نجد أن عدد المسؤولين الذين تم التخلص منهم قليل جدا. وأفاد صدام بأنه على الرغم من أنه يمكن أن تتبدل المواقف، فإن العلاقات لا تتبدل. ومثال على ذلك، فإن ابنة عماش أصبحت عضوا في القيادة. وكان أخوه غير الشقيق برزان ثوريا وكان في الدبابة نفسها التي قادها صدام وأطلقت النار على البوابة الرئيسية للقصر الجمهوري يوم 17 يوليو (تموز). وقد تقلد عدة مناصب ولكنه لم يترق بعد ذلك. وقد أشار صدام إلى أن بعض الثوريين قد «فقدوا البنزين» في الوقت الذي استطاع فيه القليل منهم العمل لفترة أطول. وسئل صدام عن عزت إبراهيم الدوري وطارق عزيز. ووصف صدام عزيز بأنه رفيق قديم، وأنه ينظر إليه باحترام كبير في الحزب، لكنه لم يكن أحد الثوار. وقال صدام «إنني أتحدث عن سبعين شخصا ذهبوا إلى القصر الرئاسي». ووصف صدام عزت إبراهيم الدوري وطه ياسين رمضان بأنهما كانا منخرطين في الثورة منذ البداية حتى الآن. وقال إنهما تصارعا فيما بينهما لكنهما ما زالا في القيادة إلى اليوم الحالي.

ثم تحدث صدام عن موضوع سعدون شاكر الذي يعتقد بأنه صديق العمر بالنسبة إليه. وقد ساعد شاكر صدام على الهرب من السجن. وقال صدام «كان شاكر ينتظرني في السيارة عندما هربنا. في الواقع، فإننا لم نهرب. لقد كان لدينا اتفاق مع حراس آخرين». وأضاف صدام «كان شاكر هو الذي يقود السيارة. إنه عزيز جدا إلى قلبي. وعندما لم يكن لديه ما يقدمه استمرت علاقتنا واستمر حبنا. ولكن الأشخاص الجيدين يذهبون في الوقت المحتوم».

وعندما سئل عن تعليقه فيما يتصل بأن بعض الثوريين قد فقدوا البنزين في الوقت الذي استطاع فيه القليل منهم العمل لفترة أطول، أجاب صدام بأنه كان هناك نحو 6 أو 7 أفراد على هذا النحو. وعندما أشير إلى أن البعض قد يعتبر أن صدام «قد فقد البنزين» ضحك وقال «إنني لا أنزعج من الأسئلة التي تتناول الحقيقة. فأولا أنا لم أكن في الحكومة منذ البداية. فإذا كنت تتحدث عني كرئيس، فلا أحد كان يقول إنني قد فقدت البنزين. لقد بدأت عام 1979. وقبل ذلك، كان هناك شخص فوقي. والشخصان داخل القيادة اللذان كان يمكنهما أن يقولا لصدام إن الحزب لم يعد يستفيد منه، كانا حردان التكريتي وصالح عماش. وفيما يتعلق بالوقت الذي كان فيه صدام يقود الدبابة التي أطلقت النار على القصر، وقيادته لمجلس قيادة الثورة، سئل صدام عن أن «خدمتك كانت إحدى أطول الخدمات، فهل هذا صدفة؟» فأجاب صدام «ربما يمكنهم قول ذلك. لكن هذا الموضوع أعمق من التفاصيل التي تقدمها. فالقائد لا يصنعه أحد مصانع أوروبا. لكن القيادة تتطور بالتدريج. وكان ذلك هو ما يحدث خلف الستار». وكان رأي صدام في ذلك الوقت هو أنه يجب أن يكون البكر هو الرئيس. وأفاد صدام بأنه تم انتخابه كنائب لرئيس الحزب قبل الثورة. وقال صدام «إنني لا أحب الحكومة ولكني أحب أن أكون في الحزب. لاحظ خطاباتي. فأنا لا أقول الحكومة على الإطلاق ولكن أقول الحزب».

وقال صدام إنه يعتبر نفسه رجلا ثوريا وليس سياسيا. ففي عامي 1968 و1974 طلب من الحزب السماح له بالتخلي عن منصبه الرسمي. لكن الحزب رفض طلبه. وسئل صدام عن مقتل حردان التكريتي في الكويت وأن الناس تلقي باللائمة على قوات الأمن العراقية في ذلك. فقال صدام إنه لم يتم إرسال حردان إلى الكويت وأنه كان يعتقد أنه تم تعيين حردان كسفير في مكان آخر ربما يكون إسبانيا. وعلى أية حال، فقد أنكر صدام معرفة السبب وراء مقتل حردان ولم يقر بأن قوات الأمن هي التي قتلته. وسئل صدام عن القادة العراقيين الذين قتلوا في أماكن أخرى من العالم. وسأله المحقق عما إذا كان هؤلاء القادة يشكلون تهديدا أم أن ذلك القتل لم يكن مبررا، وما إذا كان وراءه سبب ما، أم أنه يجد الأمر غريبا؟ فأجاب صدام بقوله «يجب توجيه السؤال إلى الكويتيين».

* صدام: البكر حكم حتى عام 1979 لكنه لم يسمَّ ديكتاتورا وعندما حكمت أنا سميت ديكتاتورا

* قال إن غالبية أعضاء البعث عام 1963 كانوا من الشيعة.. وأمينه العام في 1964 كان كرديا

* محضر جلسة الاستجواب السادسة 16 فبراير (شباط) 2004

* في بداية التحقيق أحيط صدام حسين علما بأن جلسة اليوم ستكون استمرارا لمناقشات أمس بشأن السنوات التي أعقبت ثورة 1968، والأعضاء البارزين في حزب البعث.

ذكر المحقق لصدام أنه أدرك أن محاولة الانقلاب التي وقعت عام 1973 نفذها ناظم كزار مساعد صدام، مدير الأمن العام لحزب البعث، وهو شيعي من مدينة العمارة. وقال صدام في ذلك الوقت إنه لم يكن هناك تمييز بين سني وشيعي أو مسيحي داخل الحزب. وأشار، كمثال على ذلك، أنه لم يكن يعلم حتى وقت قريب أن أحد قادة البعث، وهو طارق عزيز، كان مسيحيا، فقد كان الحزب ناجحا لأنه ارتبط بالشعب، ومن ثم لم تكن هناك تفرقة بين أفراده على أساس الدين أو العرق.

وأشار صدام إلى أن قادة الحزب من السُنة في الفترة بين عامي 1958 و1963 كانوا قليلين جدا، وأن الأمين العام للحزب كان شيعيا من مدينة الناصرية. وزعم صدام أنه عندما حاول اغتيال الرئيس عبد الكريم قاسم عام 1959 لم يكن يعلم أي شيء عن السنة أو الشيعة، وأن غالبية أعضاء الحزب عام 1963، باستثناء فردين أو ثلاثة، كانوا من الشيعة. في أعقاب الثورة بدأ الناس في التساؤل، أي الأعضاء سني وأيهم شيعي. حينئذ كان من الصعب التمييز بينهم لأنهم كانوا ممتزجين معا، بيد أنه بحلول عام 1968 كان كل أعضاء الحزب تقريبا من السنة، لأن الحزب كان يعمل قبل ذلك بصورة سرية، وأن القليلين منهم كانوا يعرفون أو يهتمون بشأن ديانة الآخر، بيد أنه في أعقاب الثورة بدأ الناس في الحكومة يتحدثون بصورة أكبر عن ذلك الأمر، وأبدى الكثيرون منهم اهتمامهم بضرورة أن تكون الترقيات أو التجريد من المناصب بناء على الطائفة وانتماء الفرد الديني. وقال صدام «قد يثير دهشتك أن تعرف أن الأمين العام للحزب عام 1964 كان كرديا».

وعندما سئل صدام حسين عن فكرة أن ناظم كزار كان الذراع اليمنى له في ذلك الوقت وفجأة اعتبر بمثابة تهديد للاستيلاء على السلطة من الرئيس البكر، فند صدام هذا التشخيص بالقول إنه لم يكن رجله في الحكومة، وأن كل فرد كان يضطلع بواجبات ومسؤوليات. وأضاف أنه على الرغم من أن كزار لم يكن ثوريا أو من بين السبعين الذين استولوا على القصر الرئاسي فإنه كان عضوا جيدا في الحزب وكان قاسيا عندما كان في السجن.

لم يكن كزار مقتنعا بأن الجيش سيكون مفيدا لحزب البعث، وقد تأثر بأفكار الأعضاء الذين انشقوا واعتنقوا الفلسفة الاشتراكية الشيوعية، واعتبر كزار أفراد القوات المسلحة من الحزب طرازا قديما وعبئا، لكنه ـ على الرغم من وجهة نظره تلك ـ قرر الاستمرار تحت لواء الحزب، ولا توجد لدى صدام معلومات حول ما إذا كان كزار قد التقى أحدا من المسؤولين في إيران. وروى أنه بعد فشل انقلاب كزار هرب إلى إيران لكنه اعتقل قبل الوصول إلى الحدود. وأشار صدام إلى أنه لا يرغب في الإساءة إليه، وأنه عندما ألقى كزار القبض على حماد شهاب وزير الدفاع، وسعدون غيدان وزير الداخلية بسهولة لم يتطلب الأمر إعداد خطة كبيرة. وخلال المناقشة بشأن كزار، خرج صدام عن الموضوع ووصف تلك الفترة بأنها الأفضل في تاريخ العراق فقال: «أممنا النفط وسوينا النزاعات النفطية مع شركات النفط، واستثمرنا أموالا في مدينة الثورة، التي سميت فيما بعد باسم مدينة صدام». وبحسب ما ذكره صدام فإن سيكولوجية حزب البعث حينئذ كانت تتجه نحو تجنيد الشباب في بداية مراحلهم الدراسية في التعليم الأساسي والثانوي، ونادرا ما كان يعمد الحزب إلى تجنيد الشباب في المرحلة الجامعية. وكانت فلسفتهم تتلخص في أنهم يرغبون في الحصول على عنصر يستطيعون تشكيله لكي ينمو داخل الحزب. وخلال فترة الخمسينات والستينات قبل الحزب بصورة أولية الشباب وبعض كبار السن، وأوكلت إلى بعض أعضاء الحزب مهمة التيقن من ولاء بعض الضباط الجدد لحزب البعث. ذكر المحقق لصدام أن كثيرا من الأشخاص يعتقدون أن خطة كزار لقتل الرئيس البكر فشلت بعد أن علم كزار أن طائرة الرئيس تأخرت، ومن ثم افترض، خطأ، أن مؤامرته انكشفت. وأكمل المحقق كلامه بالقول إن كزار اختطف بعد ذلك الوزيرين شهاب وغيدان كرهائن وفر إلى الحدود الإيرانية حيث أسر من قبل صدام. ورد صدام بالقول: «معلوماتك ليست دقيقة، فبحسب معلوماتي لم تتأخر طائرة الرئيس البكر، وكان حراسه ينتظرون وصوله». كان صدام بانتظار البكر في المطار، وبعد وصوله اصطحبه إلى القصر الرئاسي حيث شربا الشاي معا، ثم استأذن صدام لكي يتمكن البكر من زيارة أسرته، ثم تجول صدام مع فريقه المعاون له في بغداد، وخلال جولتهم سمعوا إعلانا على لاسلكي الشرطة بأن انقلابا نفذه الوزيران شهاب وغيدان.

ونظرا لخطورة الأمر أنزل صدام قائد سيارته وقاد هو السيارة بنفسه إلى محل إقامته، الذي يقع بالقرب من القصر الرئاسي. بالقرب من بوابة مقر إقامته اتصل صدام بالبكر ـ هاتفيا ـ الذي طلب معرفة مكان صدام لأن لديه أمرا هاما يريد أن يخبره به، وأجابه صدام بأنه قريب منه، وأنه سمع الأخبار. وأخبر البكر صدام أن الوزيرين شهاب وغيدان حاولا القيام بانقلاب قائلا إنه حاول الاتصال بالوزير شهاب لكنه لم يتلق إجابة. وقال صدام للبكر إن لديه حدسا بأن كزار هو من قام بذلك، لا الوزيران، وطلب صدام من البكر أن يستدعي الفرقة العسكرية، وأن يستعد للسعي وراء كزار «للإمساك به قبل عبوره إلى الحدود الإيرانية».

كانت توجد بالقرب من الحدود العراقية الإيرانية بعض القبائل، حيث اعتاد صدام وسعدون شاكر القيام برحلات صيد هناك، وبعد الثورة قام صدام بمنح تلك القبائل عددا من البنادق، وتم بث بيان في الراديو لاعتقال كزار وإعلام أقرب وحدة بعثية. ورأى أفراد من إحدى تلك القبائل، ممن علموا بالنبأ عن طريق الراديو، سيارة كزار وأحاطوا بها ثم اعتقلوه، وأرسلت مروحية عمليات خاصة للقبض على كزار والعودة به إلى بغداد.

بعد أن اتضحت الصورة للبكر أجهش بالبكاء وجمع متعلقاته وغادر قصره إلى محل إقامة صدام. وبحسب ما ذكره صدام قال البكر إنه لا يرغب في أن يكون رئيسا، وطلب من صدام أن يكون في الحكومة حتى يتمكن من الخروج، وزعم صدام أنه ألقى بيانا مشابها لذلك الذي صرح به البكر يعرب فيه عن رغبته في ترك الحكومة.

في أعقاب ذلك طالب صدام العاملين بعدم إزعاج البكر، وأن يتركوه يقيم في منزله، ثم بدأ صدام بعد ذلك بالقبض على المتآمرين المزعومين في هذا الانقلاب، واتصل بالبكر ليعمله بأن بعض المتآمرين كانوا من قيادات حزب البعث، ثم بدأ صدام في تنظيم لقاء بينه وبين البكر وقيادات حزب البعث المركزية والقطرية.

وسئل صدام حول كيفية علمه بأن كزار سيهرب إلى إيران، رد بأنه عندما بُث الإعلان في الراديو للبحث عن كزار بدأ الأهالي في الإبلاغ عن رؤيته، وتدريجيا كانت تلك الاتصالات المتتالية هي ما أدت إلى الاعتقاد بأن وجهته إيران. وعندما سئل صدام عما إذا كان كزار قد طلب لقاء الرئيس البكر، وأن الأخير رفض، قال صدام «من الواضح أن سيارة كزار تعطلت في الوحل وعندما طلب مساعدة الفلاحين المحليين طلبوا المساعدة، في ذلك الوقت أطلق كزار النار على شهاب وغيدان، ونجا شهاب الذي تظاهر بالموت».

كما سئل صدام عما إذا كان كزار قد اتصل بالرئيس البكر للتفاوض على إطلاق سراح الرهائن واختياره منزل عبد الخالق السامرائي كمكان للقاء. أنكر صدام ذلك قائلا «كان هناك بيان على موجة الطوارئ اللاسلكية بوجود محاولة انقلابية وضرورة اجتماع كل قادة الحزب في منزل عبد الخالق السامرائي». لم يعلم صدام السر وراء اختيار ذلك المنزل تحديدا في تلك الفترة، ولكن ثارت لديه شكوك بأنه تمت دعوة أعضاء الحزب إلى مكان واحد ليتم القبض عليهم. وعندما سئل عما إذا كان السامرائي مشتركا في الانقلاب نظرا لاختيار منزله كمكان للاجتماع رد صدام بأن «لجنة كان تبحث في ذلك»، ولا يتذكر صدام الشخص الذي ترأس اللجنة التي ضمت بين أفرادها عزة إبراهيم الدوري قائلا «أنا لا أريد ارتكاب أي أخطاء في التفاصيل بشأن شيء لست متأكدا منه مائة في المائة».

أقر صدام بأن السامرائي كان عضوا في الحزب منذ عام 1968. وعندما سئل عما إذا كان السامرائي قد تحدث بصورة علنية حول بعض القضايا، قال صدام «تحدث البعثيون بحرية»، وأضاف إنه «لا يزال هناك بعض أفراد حزب البعث على قيد الحياة، وأن المحققين تحدثوا معهم». وعندما سئل صدام عما إذا كان مندهشا من الادعاءات في حق السامرائي أجاب «عندما نوكل إلى فرد ما في الحزب مهمة القيام بشيء ما فنحن نثق فيه، وتلك الأمور وأخرى غيرها تحدث في الثورات». وقال صدام «سواء كنت الشخص الأول أم الثاني فقد كانت كل التساؤلات تعود إلي، وأنا لا أخشى من تحمل المسؤولية أمام القانون أو الناس. يجب ألا تضعوا اللوم على القيادة وحسب، ولكن على الأشخاص الذين تآمروا مثل السامرائي»، وأضاف صدام «أود منكم أن تتفهموا الموقف بوضوح، فقد تحدثنا أمس عن حقيقة أن نايف وحردان قتلا في الخارج ولم يقتل إبراهيم داوود، وإذا ما كانت الحكومة العراقية متهمة بقتلهم، فلماذا لم تقتل داوود؟» وأشار بالقول «على ما أذكر، حكم البكر حتى عام 1979 لكنه لم يسمَّ ديكتاتورا، لكني بعد أن حكمت سميت ديكتاتورا». ثم تساءل صدام «من الذي قتل أو اغتيل داخل أو خارج العراق بعد عام 1979؟ ومن أُعدم من الوزراء أو خارج القيادة بعد عام 1979؟».

في أعقاب تلك الأسئلة قال المحقق إن هذه الأسئلة لا إجابة لها، وأنها بحاجة إلى توضيح من أجل التاريخ، فقال صدام: «لن يكفي أن تسألني، يجب أن تسأل القيادة، وأنصحك بأن تسأل الآخرين»، حيث أعرب أنه لا يخشى من الإجابة عن الأسئلة. وقال المحقق لصدام إنه يجيب عن الأسئلة للسبب نفسه الذي سئلت من أجله، وهو من أجل التاريخ. ورد صدام «في بعض الأحيان تراني غاضبا لأن هناك بعض الأمور الغامضة. لقد مررنا خلال تلك الفترة بأوقات طيبة وأوقات أخرى مريرة، ثم ضحك، وقال إن السامرائي كان يؤدي واجبه، وكنا نمزح معه، وقد ارتكب أخطاء ثم مضينا. وأتمنى أن تكون عادلا في كتابتك للتاريخ». قال المحقق لصدام حسين «ربما لحسن الحظ، أو لسوء الحظ، سيكون لي تأثير رئيس على تاريخك». وافق صدام على ما ذكره المحقق وقال «لا يستطيع أحد أن يقول إنني لست متحيزا، فالناس يعتقدون فيما يرغبون، ولكل فرد قناعته الخاصة، فالناس ليسوا أجهزة حاسبات، فكلنا لحم ودم».

* صدام: تولي القيادة من أصعب المهام في الحياة.. ولا أريد مقارنتي بعبد الناصر أو العراق بمصر

* نفى علمه بمن قتل عبد الكريم الشيخلي.. وقال إن سعدون شاكر كان أقرب الناس إليه بعد 1968

* محضر جلسة الاستجواب السابعة 18 فبراير (شباط) 2004

* قبل بدء المقابلة، تم إخطار صدام بأن هذه الجلسة ستمثل استمرارا للجلستين السابقتين. ومن بين الموضوعات التي من المقرر تناولها قضية سعدون شاكر. اعترف صدام بأن شاكر يعد مثالا على عضو في حزب «البعث» «وزع قدراته». ومع ذلك، أضاف أنه ظل على اتصال به بعد خروجه من الخدمة. التقى صدام شاكر للمرة الأولى في سجن التاجي، بالقرب من بغداد. كان حكم قد صدر بالسجن ضد كل من صدام وشاكر في أعقاب التغيير الحكومي أواخر عام 1963، عندما أطاح انقلاب عسكري بقيادة عبد السلام عارف بالحكومة التي شكلها حزب «البعث». خلال عامي 1965 و1966، تم نقل صدام وشاكر إلى سجن آخر بالقرب من بغداد. وبعد فترة، أطلق سراح شاكر، لكنه حرص على زيارة صدام في السجن باستمرار. خلال تلك الفترة استمرت وتوطدت عرى الصداقة بينهما. في نهاية الأمر، تمكن صدام وعبد الكريم الشيخلي من الفرار من السجن بمساعدة شاكر، الذي تولى قيادة السيارة التي استخدماها في الهرب. بعد الفرار من السجن، كان شاكر لا يزال عضوا في حزب «البعث»، وعمل في إطار هذا الدور. خلال تلك الفترة، استمر صدام في علاقته الودية مع شاكر. ووصف صدام شاكر بأنه شخص جدير بالثقة تماما، مضيفا أنه اعتبره صديقا له ولأبنائه. جدير بالذكر أن شاكر أحد «الثوريين» الأصليين السبعين الذين ظهروا عام 1968.

عند سؤاله عن المناصب التي تقلدها شاكر داخل الحزب، أجاب صدام بأنه، مثلما الحال مع أي قائد آخر، كان شاكر يقبل بأي مهمة توكل إليه. وعجز صدام عن تذكر أي من هذه الأدوار، معلنا أن هذا الأمر لا أهمية له. وأضاف أن شاكر كان صديقه، وهذا هو المهم في الأمر. واقترح صدام ضرورة أن يسأل المحقق شاكر للتأكد من صحة هذه المعلومات.

فيما يتعلق بما إذا كان شاكر تولى منصب مدير جهاز الاستخبارات العراقي، أجاب صدام بأنه من المعروف أنه تقلد هذا المنصب. وأعرب المحقق عن اعتقاده بأنه من الضروري تحلي أي شخص يتولى مسؤولية هيئة مثل الاستخبارات بمؤهلات وقدرات معينة قبل تقليده مثل هذا المنصب. ورد صدام على ذلك بالقول «كنا جميعا شبابا ثوريين». وعليه، افتقروا إلى الخبرة اللازمة واكتسبوها «أثناء العمل». واستطرد صدام بأنه فيما يخص الأمور الإدارية، فإنهم تعلموا تناولها من داخل الحزب. وأكد صدام أن تولي القيادة من أصعب المهام في الحياة. وأعرب عن وجهة نظره بأن أي شخص باستطاعته قيادة أعضاء الحزب والجماهير سيتميز بالكفاءة في المنصب المخول إليه. وأضاف أن أعضاء الحزب خاضوا «محاولات»، بعضها نجح والآخر فشل. وقد استمر أعضاء الحزب في مناصبهم حتى اللحظة التي فاقت فيها مسؤوليات مناصبهم قدراتهم الفردية. عند هذه النقطة كان يتم استبدالهم. بالنسبة لأعضاء الحزب ذوي الخلفيات العسكرية، نوه صدام بأن تلك الخبرة العسكرية كانت محدودة ولم تترجم بالضرورة إلى عنصر مفيد في إدارة الشؤون الحكومية. إلى جانب ذلك، اعترف صدام بأن شاكر عمل مديرا للاستخبارات العراقية في مرحلة مهمة من عمر الثورة. إلا أنه استطرد مشددا على أن تاريخ الثورة بأكمله مهم. وقال إن شاكر ربما عمل في أكثر الفترات الحرجة. وأضاف «تزداد المصاعب مع ازدياد حجم المنصب». بعد ذلك، تحولت المقابلة إلى الحديث عن عبد الكريم الشيخلي. في هذا الصدد، اعترف صدام بأن الشيخلي كان رفيقا ثوريا وصديقا. وشارك الشيخلي وصدام في محاولة اغتيال ضد الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم عام 1959. في أعقاب ذلك، فر كلاهما من العراق إلى العاصمة السورية، دمشق. وهناك، تعمقت صداقتهما. وحتى بعد الرحيل عن سورية، استمرت صداقتهما بعد انتقالهما معا إلى القاهرة. في أعقاب الثورة البعثية الأولى عام 1963، عاد صدام والشيخلي معا إلى العراق. ولدى عودتهما، عمل صدام مع المزارعين، بينما عمل الشيخلي في التحقيقات في «قصر النهاية». ولاحقا، تم تعيين الشيخلي ملحقا عسكريا في السفارة العراقية بلبنان. لدى الإطاحة بالحكومة البعثية على يد عارف في أواخر عام 1963، عمد صدام والشيخلي إلى «التخفي». وبقيا «متخفيين» حتى اندلاع ثورة يوليو (تموز) 1968 في العراق واستعادة حزب «البعث» السلطة. بعد ذلك، عمل صدام والشيخلي في قيادة الحزب معا حتى عام 1971. وعلق صدام بأن الشيخلي تمتع بعقلية رائعة، لكنه عجز عن التركيز على المنصب الذي يتولاه. وطبقا لما قاله صدام، فإن الشيخلي أبدى ميلا لـ«التمتع بحياته والترفيه عن نفسه». وقد أطلع صدام الشيخلي على وجهة نظر الحزب تجاهه. وفي وقت لاحق، صوتت غالبية أعضاء قيادة الحزب لصالح عزل الشيخلي عن منصبه. وعام 1980، قتل الشيخلي في بغداد. من جهته، أوضح المحقق أن صدام أغفل بعض تفاصيل علاقته بالشيخلي، بما في ذلك مسألة أن كليهما تعرض للسجن خلال الفترة ذاتها في أعقاب الإطاحة بحكومة حزب «البعث» عام 1963، مما خلق صداقة بينهما. ونوه المحقق أيضا بأن الشيخلي أنقذ حياة صدام في إحدى المرات، حسبما يسود الاعتقاد. أجاب صدام متسائلا «بأية صورة؟» وعليه، شرع المحقق في سرد تفاصيل حادثة وقعت خلال سنوات «التخفي» لأعضاء حزب «البعث» بين عامي 1963 و1968. وطبقا لما قاله المحقق، فإن صدام كان ذات يوم في شقة الشيخلي في وقت متأخر من الليل. ثم قرر مغادرة الشقة والمبيت في موقع يستخدم في تخزين أسلحة الحزب. إلا أن الشيخلي نجح في إقناعه بالبقاء مكانه. وفي وقت لاحق من الليلة ذاتها، أغارت قوات الشرطة على مخزن الأسلحة. ويعتقد البعض أن صدام ربما كان سيلقى حتفه حال وجوده بالمكان، أو على الأقل، يتم إلقاء القبض عليه. من ناحيته، اعترف صدام بصحة هذه القصة ودور الشيخلي فيها. إلا أنه أكد أن الشرطة لم يكن بمقدورها قتله أو إلقاء القبض عليه. في صباح اليوم التالي، توجه صدام في سيارة يقودها الشيخلي إلى موقع تخزين الأسلحة. ولدى وصوله، صوب ضابط شرطة سلاحه إلى صدام أثناء ضغطه على جرس باب المنزل، في الوقت الذي فر فيه الشيخلي بالسيارة. وأوضح صدام أنه رغم شجاعة الشيخلي، فإن الناس يميلون لإصدار ردود أفعال متباينة في المواقف المختلفة. آنذاك، لم يكن صدام معروفا على مستوى واسع، ولم يكن بمقدور معظم الناس التعرف عليه. وعليه، لم يتعرف ضابط الشرطة على هويته الحقيقية. وتظاهر صدام بجهله بحقيقة المكان، وسأل ما إذا كان هذا «منزل محمد». ولم يساور صدام الخوف من التعرض للقتل أو إطلاق النار عليه، لأن الشرطة العراقية لا تقدم بسهولة على قتل الأفراد، إلا إذا تعرضت أرواح أبنائها للخطر. علاوة على ذلك، فإن العراقيين بوجه عام «يعلمون بعضهم البعض»، وهناك قدر كبير من النفوذ القبلي، بمعنى أنه حتى إذا أجاز القانون مثل هذا التصرف، ستسعى القبائل للثأر. ومضى صدام في سرد قصته قائلا إنه باغت رجل الشرطة بسحب مسدس كان يخفيه تحت ملابسه وإلقائه سلاح الشرطي جانبا. وأمر صدام الشرطي بوضع يديه على سيارة الأول، التي تركها مسبقا في المكان وربما كانت السبب في اكتشاف وجود المنزل. لم يرغب صدام في قتل الشرطي، لكنه قرر إطلاق عيار ناري في الهواء بجانب رأسه. لكن السلاح لم ينطلق على النحو المناسب، وأعاد صدام حشو السلاح. ثم أخبر الشرطي بأنه سيطلق عيارا ناريا آخر فوق رأسه، وإذا تحرك سيطلق آخر في جسده. وبالفعل، أطلق عيارا ناريا فوق رأس الشرطي، الذي «أصبح كالكلب». ثم تأزم الموقف نظرا لإلقاء الشرطة القبض على بعض «رفقاء» صدام داخل المنزل. ونمت أصوات ما يدور بالخارج إلى مسامع هؤلاء «الرفقاء» وأخبروا قوات الشرطة بأن رفيقهم صدام أتى برفقة مجموعة كبيرة ستقضي عليهم جميعا. في الوقت ذاته، عاد أحد الرجال ممن كانوا مع الشيخلي في السيارة إلى المنزل حاملا سلاحا آليا. وعليه، أذعنت الشرطة لـ«الرفقاء» الموجودين بالمنزل، وطلبت مساعدتهم في النجاة من صدام ورجاله. بعد ذلك، تمت تسوية الموقف دون إراقة دماء. واختتم صدام هذا الجزء من النقاش بتأكيده على أن فترة «التخفي» تحمل الكثير من القصص، جميعها أشبه بـ«مشاهد الأفلام». ولدى إخباره بأن الشيخلي جرى وصفه، مثلما الحال مع صدام، كعضو بارز ومشهور في الحزب، رد صدام بأنه ليست هناك حاجة ولا أهمية لمقارنة فرد بآخر. وأشار إلى أن كل امرئ يختلف عن الآخر، دون أن يكون أحد أفضل من الآخر. وأقر صدام بأن الشيخلي عمل وزيرا للخارجية حتى عام 1971، عندما عزلته القيادة من منصبه. وأكد صدام أن عزل أي شخص من منصبه يتطلب صدور قرار من القيادة. ورغم أن القرار قد لا يحظى بالإجماع، يبقى من الضروري موافقة الأغلبية عليه. من وجهة نظر صدام، كان باستطاعة الشيخلي الاستمرار في خدمة الحكومة والحزب. في ذلك الوقت، كان صدام يرى إمكانية توجيه «النقد» إلى الشيخلي ومنحه فرصة تقويم سلوكه. وشدد على أن الشيخلي لم يكن ليتم انتخابه عضوا في الحزب قط دون مساعدته له. وبسبب افتقاد الشيخلي التركيز على عمله وفشله في تقبل النقد، لم تعد قياد الحزب «مقتنعة به» وقررت عزله. وفيما يتعلق بما إذا كان جرى النظر إلى الشيخلي باعتباره خليفة محتملا للرئيس بكر، أبدى صدام معارضته هذا الرأي، قائلا إن الجملة تنطوي على قوة بالغة. وعلق بأن الأمر يبدو وكأن المحقق يلمح إلى أنه تخلص من أعضاء قيادة الحزب ممن اعتبرهم تهديدا لمكانته في القيادة. وأوضح صدام أنه منذ فترة التخفي والهرب، بات زمام القيادة بيده بالفعل. خلال فترة وجوده في السجن، بعثت قيادة حزب «البعث» خطابا إلى صدام تخطره بإصدارها توصية بتعيينه عضوا في اللجنة المركزية للحزب. ورد صدام على الخطاب متسائلا «وما جدواي وأنا في السجن؟»، وطلب من مسؤولي الحزب تعيين شخص آخر في هذا المنصب، إلا أنهم لم يقبلوا ذلك. بعد ذلك، عمل صدام وبكر كعضوين في اللجنة المركزية، وهي كيان يعد أعلى من اللجنة الإقليمية وجميع الهياكل الأخرى داخل الحزب. عمل بكر أمينا عاما، بينما تولى صدام منصب نائب الأمين العام خلال فترة «تخفيه». وعلق صدام بأنه من المثير للحرج أن يتحدث المرء عن المناصب التي تقلدها. وأضاف أن مكانته داخل حزب «البعث» كانت معروفة للجميع، حتى قبل الثورة. وأكد أن كل من جرى تكليفهم بمناصب في الحزب، من الموتى أو الأحياء اليوم، كانوا جديرين بها. وقال صدام «من الصعب أن أتحدث عن نفسي». داخل الحزب، لا يروق للأعضاء الحديث عن أنفسهم. كما أوصى صدام بألا يتحدث الأعضاء عن أنفسهم. من ناحيته، أشار المحقق إلى أنه يسود اعتقاد، داخل وخارج العراق، بأنه تم القضاء على منافسي صدام المحتملين داخل الحزب خلال الفترة بين ثورة 1968 وتولي صدام الرئاسة عام 1979. في المقابل، نفى صدام أن تصدر هذه الادعاءات عمن يعيشون في العراق، أو أن يصدقوها. ونوه بأن هذه الادعاءات ربما صدرت من خارج العراق. طبقا لما قاله صدام، فإن هذه الأقاويل تشكل وجهة نظر من قالوها، ولا تعكس الحقيقة بالضرورة. بغض النظر عن هذه المعلومات، قال صدام إن أي دراسة لمثل هذا القول ينبغي أن تتم على نحو منطقي، مؤكدا أن التاريخ يعج بالكثير من الأمثلة من مختلف أرجاء العالم لعمليات صعود مشابهة إلى السلطة في أعقاب اندلاع ثورات. على سبيل المثال، في مصر، كان جمال عبد الناصر وأنور السادات الوحيدين اللذين «بقيا» مع الثورة، مع تولي عبد الناصر الرئاسة في نهاية الأمر. وفي فرنسا، أصبح جندي (نابليون بونابرت) قائد البلاد بعد الثورة الفرنسية، بينما تخلى آخرون عن الأمر. كما يعج التاريخ الأميركي بأمثلة على هذه الظاهرة. ومن وجهة نظر صدام، فإن تلك هي «الأساليب الثورية». وأعرب صدام عن اعتقاده بأن الثورات السابقة، مثل الثورة الفرنسية، اندلعت في فترات مأساوية مقارنة بعصرنا الحالي. وأشار إلى أن الثورات خطوة جديدة في الحكم، وليست «سبيلا ليبراليا» يجرى من خلاله اختيار شخص وإعداده لتولي القيادة. إن الثورات تأتي من الشعب. تضمنت ثورة عام 1968 في العراق سبعين «ثوريا»، بقي منهم في الحكومة أو الحزب عدد ضئيل للغاية بعد الثورة. وتم تعيين بعضهم في مناصب أبلوا فيها بلاء حسنا، بينما عجز آخرون عن ذلك. ولم يملك جميعهم القدرات اللازمة للقيادة والعمل المهني. وعليه، استمر بعضهم في الخدمة، بينما تساقط آخرون بمرور الوقت. إلا أن صدام أكد أنهم جميعا كانوا خدما للشعب. وعند سؤاله عما إذا كان يعتقد أن عبد الناصر تحول إلى حاكم مستبد، أبدى صدام معارضته هذا الرأي. وبناء على طلب من المحقق بوضع تعريف لمفهوم الحكم الاستبدادي، أجاب صدام بأنه نمط من الحكومة يحكم من خلاله شخص واحد بمفرده، دون برلمان أو مجلس أو لجنة. ورأى صدام أن هذا التوصيف لا ينطبق على حكم عبد الناصر، مشيرا إلى أن عبد الناصر كان في عهده برلمان. لكنه استطرد بأنه من المتعذر إقامة برلمان خلال الفترة الأولى من عمر ثورة ما، وعادة ما يتم إنشاء مجلس ثوري في بداية الأمر، ثم يعقبه في وقت لاحق إقامة برلمان أو لجنة شعبية. وأعرب صدام عن رغبته في عدم عقد مقارنة العراق وثورته عام 1968 بمصر وعبد الناصر. وقال إن عبد الناصر كان شخصا عسكريا لا ينتمي إلى حزب سياسي. أما في العراق، فكان «البعث» حزبا يضم هيكله عناصر متنوعة بين خلايا داخل القرى وصولا إلى القيادة، وكان هناك برلمان منتخب من الشعب.

وسئل صدام حول ما إذا كانت صداقته بالشيخلي استمرت بعد رحيل الأخير عن الحزب، فأجاب بأن أصدقاءه كانوا من بين من يلقاهم بصورة منتظمة داخل القيادة، وأنه لم يكن لديه أي أصدقاء من خارج الحزب والقيادة. وقال إن الصداقة الحقيقية لها «التزاماتها». وقال صدام إن شاكر كان الشخص الأقرب إليه بعد ثورة عام 1968. ومتى كان صدام بحاجة لمناقشة أمر ما، كان يرسل في طلب شاكر، وكانا يتناولان الغداء معا ويتناقشان. وأضاف صدام أنه لا يتذكر عدد المرات التي التقى خلالها شاكر بعد تركه الخدمة الحكومية. وبالنسبة للشيخلي، قال صدام إنه «أبقى على علاقات طيبة» مع نجليه قصي وعدي. وفيما يخص الشيخلي والفترة التي أعقبت رحيله عن العمل الحكومي، أكد صدام أن مشاعر الصداقة بينهما ظلت دون تغيير، لكن مقابلاتهما تضاءلت. ونظرا لضغوط العمل، لم يتسن لصدام الوقت الكافي للالتقاء بمن خارج دائرة العمل أو الحزب أو القيادة. ولدى سؤاله حول ما إذا كان حمل بداخله مشاعر خاصة تجاه الشيخلي، الذي قتل بإطلاق النار عليه في بغداد عام 1980، رد صدام بالإيجاب. وسئل حول ما إذا كان تم إلقاء القبض على قتلة الشيخلي، فأجاب صدام «لا أعتقد ذلك». واستطرد موضحا أن تحقيقا أجري بهذا الشأن، لكن بقي لغز الجريمة دون حل. ونوه صدام بأنه لا يتم حل جميع الجرائم في باقي أنحاء العالم، مثل أميركا وفرنسا وإيطاليا. وفي سؤال له حول ما إذا كان من غير المعتاد أن تبقى جريمة مقتل وزير حكومي وثوري سابق وصديق سابق لرئيس العراق دون حل، رد صدام «ما الذي تبغي قوله. لماذا تتعمد الالتفاف حول هذا الموضوع؟». وأضاف أن هناك آخرين مقربين منه داخل القيادة استُهدفوا في محاولات اغتيال، بينهم طارق عزيز وعدي حسين وغيرهما. ولا يزال لغز هذه الجرائم قائما أيضا. وأكد أن ذلك يحدث في العراق، تماما كما يحدث في أي مكان آخر من العالم. واختتم صدام هذا الجزء من المناقشة باعترافه بأن البعض قد يزعمون أن الشيخلي قتل على يد الحكومة العراقية. وأضاف: ربما يزعم البعض أي شيء، ومن المنطقي أن من يزعمون ذلك ربما يكونون هم أنفسهم من ادعوا أن الشيخلي كان من الممكن أن يتولى الرئاسة.