واشنطن: استراتيجية لمعالجة جذور عدم الاستقرار في اليمن.. والدور السعودي أكبر منا

فيلتمان: نحتاج لشراكة يمنية.. والقربي في واشنطن لبحث التطورات في بلاده والاستعداد لمؤتمر لندن

قوات أمنية يمنية تقوم بحراسة أحد المراكز الحكومية بصنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

أكدت الإدارة الأميركية أن هناك تهديدا حقيقيا لها في اليمن مع وجود متطرفين مرتبطين بتنظيم القاعدة في البلاد، في وقت تطور فيه استراتيجية تعالج التحديات السياسية والاقتصادية في اليمن من أجل مواجهة التحدي الأمني. وقال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان إن الولايات المتحدة «بحاجة إلى استراتيجية تناسب تعقيد التحديات في اليمن وخطورتها». وأضاف فيلتمان في جلسة استماع في الكونغرس حول اليمن أمس أن «مراجعة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للسياسة الأميركية في اليمن ستعني سياسة جديدة تعتمد على تعاون كافة الدوائر الأميركية مع اللاعبين الدوليين لمعالجة جذور عدم الاستقرار». وأوضح فيلتمان أن ذلك يشمل «تشجيع المصالحة السياسية وتحسين الحكم وبناء قدرة الحكومة اليمنية لبسط سلطتها»، بالإضافة إلى «حماية الشعب وتوصيل الخدمات له وحماية الأراضي» اليمنية. وتزامن الكشف عن سياسة أوباما الجديدة في اليمن مع زيارة وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي إلى واشنطن، حيث التقى أمس مع مسؤولين أميركيين على رأسهم مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال جيمس جونز. وأفاد الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي مايك هامر أمس أن جونز التقى بالقربي «كجزء من سلسلة لقاءات في واشنطن لبحث عدد من القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك». وأضاف أن «الجنرال جونز أعاد التأكيد على الدعم الأميركي القوي لوحدة اليمن وسيادته، بالإضافة إلى جهود اليمن العازمة على مكافحة التهديد الإرهابي الذي تشكله القاعدة في شبه الجزيرة العربية». وأكد جونز لوزير الخارجية اليمني أن الولايات المتحدة تعمل على معالجة احتياجات صنعاء التنموية والاقتصادية، وهذه من بين القضايا التي ستناقش في لندن خلال اجتماع «أصدقاء اليمن» الأسبوع المقبل. والتقى القربي مع أعضاء في الكونغرس الأميركي أمس قبل أن يجتمع مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون اليوم لمواصلة المشاورات حول استقرار بلاده. وأكد فيلتمان أمس أن الإدارة الأميركية تعتبر التطورات في اليمن ووجود عناصر من «القاعدة» فيه تهديدا للمصالح الأميركية بالإضافة إلى تهديد اليمن نفسه. وخصصت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ اليوم الأول لاستئناف عملها بعد عطلة رأس السنة لمناقشة اليمن، في دلالة على الاهتمام الأميركي الحالي باليمن. وشدد رئيس لجنة العلاقات الخارجية السيناتور جون كيري في تعليقاته لبدء الجلسة على أهمية الدور السعودي في اليمن، قائلا: «علينا الحصول على مساعدة الآخرين، فمساعدات السعودية على سبيل المثال ونفوذها يجعلان جهودنا صغيرة بالمقارنة». ويذكر أنه بينما المساعدة الأميركية المالية لليمن تقدر بـ63 مليون دولار، فإن قيمة المعونات السعودية تفوق المليار دولار. وقال فيلتمان: «نعم، النفوذ السعودي أكبر وفي كل محادثاتنا مع المسؤولين السعوديين هناك تأكيد بأن السعودية تركز على اليمن وملتزمة بمساعدة الحكومة اليمنية بطرق مختلفة».

وشرح فيلتمان أن الاستراتيجية تجاه اليمن ستكون على مسارين، الأول «تقوية قدرة حكومة اليمن على تطوير الأمن وتقليص التهديد من المتطرفين العنيفين في حدودها». أما المسار الثاني، فقال إنه يعتمد على «تخفيف الأزمة الاقتصادية والعجز في قدرات الحكومة على تقديم المساعدات». وتحدث فيلتمان ومعه منسق شؤون مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية دانيال بنجامين عن أهمية معالجة المشكلات السياسية في اليمن خاصة مع الحوثيين في الجنوب. وقال بنجامين إن «الاستراتيجية تحتاج إلى شراكة كاملة مع اليمنيين»، بينما نوه فيلتمان إلى أن بلاده بحاجة إلى حل قضية الحوثيين التي تشكل إلهاءً عن قضية مكافحة «القاعدة». وأوضح فيلتمان أن المشاورات الأميركية مع اليمنيين تتضمن محادثات حول «تماشي المصالح» بين الطرفين، مع تركيز الولايات المتحدة على «القاعدة» من جهة، وتركيز اليمن على التهديد من التمرد في الشمال والجنوب. وأضاف: «السعوديون يثيرون هذه القضية مع اليمنيين بطريقة إيجابية أيضا»، موضحا أن الحكومة اليمنية اتخذت إجراءات ملموسة لمواجهة «القاعدة» خلال الأسابيع الستة الماضية. وتابع: «نحن ندين بشدة استخدام المتمردين في الشمال والجنوب للعنف ولكن لا يوجد حل عسكري لهذه القضايا وعلينا التوصل إلى وقف إطلاق نار». ومن المرتقب أن تبحث المشكلات السياسية لليمن في اجتماع لندن الأسبوع المقبل، التي من المرتقب أن تشمل جهودا لمواجهة الحوثيين والعمل على استقرار اليمن. وتعتزم واشنطن مواصلة مشاوراتها مع المسؤولين اليمنيين والسعوديين والأوروبيين حول كيفية حل المشكلات السياسية في اليمن كجزء من استراتيجية مكافحة التطرف بالبلاد. ويؤكد المسؤولون الأميركيون أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما اهتمت بالتطورات في اليمن منذ بداية رئاسته وليس فقط بسبب الكشف عن ارتباط المتهم بمحاولة تفجير الطائرة إلى ديترويت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عمر الفاروق عبد المطلب بمتطرفين باليمن. إلا أن بيجامين أكد أمس أن «هذه المحاولة تدل على التهديد الحقيقي» في اليمن وقدرة عناصر «القاعدة» في اليمن على استهداف الولايات المتحدة.

ومن القضايا التي تم طرحها في جلسة الكونغرس أمس وتشغل الأميركيين عدم شعبية الولايات المتحدة بين اليمنيين. وحذر كيري من أن «التركيز الضيق على القاعدة فقط يهدد بزيادة الكراهية» للولايات المتحدة، مطالبا بشرح من الحكومة اليمنية لمواطنيها حول ما يحدث في البلاد. واتفق فيلتمان مع هذا الرأي، قائلا: «الرأي العام في اليمن حول الولايات المتحدة ليس رائعا ولكن نحن لا نستحي مما نقوم به بل نشرح ما نفعله»، مؤكدا أن الولايات المتحدة تعمل مع منظمات المجتمع المدني أيضا. وشدد بنجامين أن «النجاح في هزيمة القاعدة يحتاج عزيمة الحكومة والشعب» في اليمن.