أبو مازن: الضمانات الأميركية تمنع قيام طرف بإجراءات حساسة ضد الآخر

الرئيس الفلسطيني في حوار شامل مع «الشرق الأوسط»: المبادرة أهم سلاح لدى العرب لكنهم لا يروجونها

TT

* الحرب بالشعب الفلسطيني لن نقبل بها

* رفضنا دعوات في قمة سرت إلى المقاومة المسلحة لأن كل فئات الشعب الفلسطيني ترفضها.. نحن وحماس

* إذا أراد العرب الحرب فنحن معهم

* دُمرنا في الانتفاضة الثانية ودمرنا في العدوان على غزة وليس لدي استعداد لتدمير شعبنا مرة أخرى

* نحن مع المقاومة الشعبية ومقاطعة منتجات المستوطنات جزأ منها

* المحاسبة حتى الآن غير موجودة في فتح.. لكنها ستكون في المستقبل وعلى أشياء كثيرة

* سنتخذ قرارا إزاء العودة للمفاوضات بناء على قرار عربي مبني على ضمانات أميركية بوقف أي أعمال استفزازية حساسة.. والاستيطان هو القضية الأكثر حساسية لنا

* أي عضو «مركزية» أو «ثوري» يجب أن يكون معروفا ما لديه ويحاسب على تصرفاته

* عدم جمع الاشتراكات من الأعضاء وفي مقدمتهم «المركزية» و«الثوري».. حتى الآن تقصير

* أعضاء «المركزية» و«الثوري» مطالبون بكشف الذمة المالية

* لا تمرد في لبنان ولا أحد يستطيع التمرد.. وليس هناك من هو فوق القانون

* الحديث عن مرضي صحيح من حيث المبدأ.. لكن ليس هناك علة

* زياراتي كثيرة، لكن ليس للسياحة أو المتعة.. والتكاليف لا تثقل ميزانية السلطة

* لم تحصل أي اتصالات بيننا وبين الإسرائيليين سرية أو غير سرية

* حكومة فياض هي حكومتنا ولا تستطيع أن تتخذ أي قرار أو موقف بمعزل عن الرئاسة

* الحكومة لا تنشئ سياسة ولا تبني سياسة ولا تبتدع سياسة، بل تنفذ سياسة

* هناك تعديل وزاري في حكومة فياض لكن ليس قبل شهر

* ألا تستطيع فتح العمل إذا لم تكن في الحكومة.. وهل كل فتح سيكون في الحكومة ؟

* على فتح أن تتواصل مع الجمهور ومع الشعب وخاصة أن هناك انتخابات قادمة

* حماس مع التهدئة في غزة ودولة في حدود 1967.. فما هو الفرق بيننا؟

* حماس تعاقب من يطلق الصواريخ في غزة وتجمع السلاح والمتفجرات والمعدات في الضفة.. لماذا؟

* فتح لم تقطع الاتصال مع حماس وأي عضو لجنة مركزية مخول له أن يلتقي مسؤوليها

* نحن ندفع رسوم الكهرباء والمحروقات وغيره وحماس تجبي الأرباح.

بعيدا عن مقر الرئاسة أو ما يسمى بالمقاطعة في رام الله، التي شهدت معظم الحوارات التي أجرتها «الشرق الأوسط»، سواء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أو سلفه الراحل ياسر عرفات، أجري هذا الحوار وهو السادس من نوعه مع أبو مازن منذ توليه الرئاسة مطلع 2005.

كان أبو مازن مسترخيا في جناحه الخاص في قصر الإمارات (قصر الضيافة) في دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد يوم عمل طويل التقى خلاله رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد وافتتح مقر السفارة الفلسطينية الجديد. وبعد رحلة سفر طويلة من الصين استغرقت نحو عشر ساعات في الليلة السابقة، عندما دعا «الشرق الأوسط» التي يكنّ لها احتراما خاصا، لإجراء الحوار، بعيدا عن الرسميات وبعيدا عن المرافقين.

كانت الساعة تقارب الحادية عشرة ليلا وكان يرتدي ثياب النوم أو بالأحرى الثياب التي يرتديها في منزله عند عودته من العمل، وهي عبارة دشداشة ناصعة البياض. عندما ضغطنا على زر التسجيل لنبدأ حوارا استغرق الجزء الأول منه نحو 40 دقيقة، ليستكمل في اليوم التالي على متن الطائرة الخاصة من طراز «بوينغ 737» التابعة لشركة «رويال جيت»، التي استأجرتها السلطة لهذه الجولة الرئاسية، التي بدأت من الأردن إلى الصين عبر الإمارات وبالعكس.

أجري الحوار دون مداخلات كما جرت العادة، وبعيدا عن المرافقين والمساعدين باستثناء مصطفى أبو الرب (أبو نبيل)، مستشاره الاقتصادي، الذي لم يتدخل ولم يقاطع، بل جلس مستمعا. الحوار كان في غاية الصراحة، وشمل إضافة إلى القضايا السياسية، من زيارة جورج ميتشل للمفاوضات غير المباشرة، والمصالحة، وحركة حماس، وحركة فتح والصراعات داخلها، والخلافات بين عدد من قيادات الصف الأول في الحركة وحكومة سلام فياض بشأن مشروع الدولة في غضون عامين وغيرها من الخلافات، الإشاعات عن مرضه، وتنقلاته ورحلاته «المكلفة» التي تجاوزات رحلات عرفات وحتى رئيس الولايات المتحدة وقادة أوروبيين. أجاب أبو مازن على كل هذه التساؤلات وخاصة الأخير منها بكل صراحة ووضوح، ودون انزعاج أو امتعاض أو احتجاج. وفي ما يلي نص الحوار..

* أولا، لنبدأ في موضوع الساعة، وهو عودة جورج ميتشل مبعوث السلام الأميركي الخاص للشرق الأوسط.. متى ستلتقونه ومتى ستبدأ المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الإسرائيلي؟

- من المقرر أن التقيه فور عودتي إلى الأراضي الفلسطينية يوم الجمعة المقبل؟

* وهل هذا يعني بدء المفاوضات غير المباشرة.

- سأنقل لميتشل ما اتفقنا عليه في اجتماعات اللجنتين، المركزية لحركة فتح والتنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، (لم يقل الموافقة وهي طبعا شبه مؤكدة). وسننقل إلى هاتين اللجنتين القرار الذي اتخذته لجنة المتابعة العربية التي عقدت اجتماعاتها في القاهرة في الأول من مايو (أيار) الحالي، ويقضي بإعطاء المفاوضات فرصة جديدة، وعلى ضوء ذلك سنتخذ قرارنا. وسأقوم انا بنقل هذا الموقف إلى الإدارة الأميركية ممثلة في جورج ميتشل.

* لكن على أي أساس دعوتم إلى اجتماع لجنة المتابعة، وهو في ما أعتقد الأساس الذي بني عليه قرار لجنة المتابعة العربية.. هل تقدم الأميركيون بأي أفكار جديدة محفزة؟

على أساس ضمانات أميركية بألا يكون هناك أي نوع من الأعمال الاستفزازية، (قال الكلمة باللغة الإنجليزية)، من أي طرف يمكن أن تؤثر على الطرف الآخر. وشدد الأميركيون على أنه لا يجوز لأي طرف اتخاذ أي إجراءات أو استفزازات من شأنها أن تضر بالمفاوضات.. وإذا ما حصل هذا، فسيكون للأميركيين موقف. نحن نقلنا هذا الكلام كما هو إلى اجتماع لجنة المتابعة العربية.. وعلى ضوء ذلك أعطانا الإخوة العرب الموافقة على إطلاق المفاوضات غير المباشرة.

* هل هذا يعني أن الضمانات الأميركية ارتبطت بوقف النشاط الاستيطاني في القدس المحتلة لأربعة أشهر.

- لا.. لا.. ارتبطت بوقف أي أعمال استفزازية حساسة للطرف الآخر.. والعمل الأكثر حساسية لنا هو الاستيطان، والحساس بالنسبة إليهم هو ما يسمونه التحريض.. وطلبوا منا أن تراقب موضوع التحريض الذي قد يصدر عن بعض الشخصيات المعروفة في جانبنا.. وقال الأميركيون إنه إذا ما صدر مثل هذا التحريض سيكون لهم موقف منا.. وأضافوا أنه إذا ما أخذوا (الإسرائيليون) إجراءات حساسة بالنسبة إليكم فسيكون لنا موقف منهم.

* نقلت تقارير إسرائيلية أن حكومة بنيامين نتنياهو توافق على وقف الاستيطان في الأحياء العربية من القدس المحتلة لأربعة أشهر على أن يستمر في الأحياء اليهودية من القدس الشرقية.. هل هذا هو ما عرض عليكم؟

- لا.. هذا لم يطرح علينا على الإطلاق.

* ألا يشكل قبولكم العودة إلى المفاوضات وفق هذه الشروط تراجعا عن موقفكم الذي صدر وجرى تأكيده من أكثر من مسؤول، الداعي إلى إلغاء قرار وزارة الداخلية بناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية؟

- لا ليس تراجعا.. فالأميركيون التزموا عدم إقدام إسرائيل على أي أعمال استفزازية.

* متى ستبدأ المفاوضات بعد إقرار الموافقة من قبل اللجنتين التنفيذية والمركزية؟

- إذا ما أقرت القيادتان الموقف العربي، فسيجتمع الطرفان (الإسرائيلي والفلسطيني مع المبعوث الأميركي) ويحددان موعدا لإطلاقها.

* وهل ستطرح قضايا الحل النهائي على طاولة المفاوضات.. أم أن هذا لم يعد شرطا فلسطينيا أيضا لاستئناف المفاوضات؟

- قالوا إن من حق الأطراف أن تطرح ما تشاء من قضايا الحل النهائي. كان هناك حديث في الماضي عن طرح قضيتين اثنتين، وهما: الحدود والأمن. قلنا بالنسبة إلى الحدود فليس لدينا مشكلة.. إذ بالإمكان مناقشتها والانتهاء منها وطي صفحتها. أما في ما يخص موضوع الأمن.. فهذه القضية بالنسبة إلينا منتهية منذ أيام جيمس جونز (كان المنسق الأمني في عهد الرئيس السابق جورج بوش، وهو الآن مستشار الأمن القومي للرئيس باراك أوباما). وإذا أرادوا فتحه من جديد.. فلا أدري..

* وبالنسبة إلى موضوع الإفراج عن أسرى فلسطينيين.. هل هناك وعود أميركية وإسرائيلية للإفراج عن عدد كبير منهم؟

- لا.. هناك حديث من الرئيس أوباما أن هناك إجراءات بنا ثقة بها الإفراج عن الأسرى، لا بد أن تقدم عليها إسرائيل..

* لنفترض أن المفاوضات انطلقت.. ألا تتوقعون مماطلات إسرائيلية؟

- كل شيء ممكن..

* وعندئذ؟

- عندئذ.. سنطلب معرفة الدور الأميركي..

* وتعود الكرة من جديد... هل وعد الأميركيون بمعاقبة الطرف المعيق سواء كان ذاك الطرف فلسطينيا أم إسرائيليا؟

- لم نتحدث في هذا الموضوع.. تحدثنا فقط في بدء المفاوضات.

* ألم يسبق التحركات الأميركية أو حتى خلالها اتصالات سرية مع الإسرائيليين، لتحقيق اختراق والخروج من الأزمة؟

- لا لا.. لم تحصل أي اتصالات سرية بيننا وبين الإسرائيليين سرية أو غير سرية..

* ومتى كان آخر اتصال بينكما؟

- منذ عهد إيهود أولمرت (آخر مفاوضات بينه وبين أولمرت في ديسمبر «كانون الأول»).

* أقصد مثل الاتصال الهاتفي الذي جرى بينك وبين وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، في ديسمبر الماضي وأبلغته الاستعداد لاستئناف المفاوضات، إذا ما أوقف نتنياهو الاستيطان دون أن يعلن عنه.

- كنا نحكي مع باراك بالتليفون.. أنا تكلمت معه أكثر من مرة.. ورئيس الوزراء (سلام فياض) رآه أكثر من مرة، وأظن أن صائب التقاه أكثر من مرة.

* هل اتصلت به بعد اتصالات شهر ديسمبر، التي تحدثت عنها لـ«الشرق الأوسط»؟

- لا.. لم يحدث بيني وبينه أي اتصال.

* وهل حصلت اتصالات بينه وبين وزراء؟

- بإمكان رئيس الوزراء والوزراء أن يلتقوه.

* ما قصة حركة فتح أو بالأحرى بعض قيادات فتح.. مع سلام فياض.. هناك أصوات كثيرة تنتقده وتتخذ الآن من خطة الحكومة لإعلان الدولة في غضون عامين منطلقا لمهاجمته، وكأن ثمة تناقضا بين هذه الخطة التي تدعو إلى دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة وبين مواقف حركة فتح؟

- مشروع الدولة، الذي تقدمت به الحكومة، تم بموافقتنا.. وما تقوله الخطة هو أنه من الآن وحتى عامين لا بد من أن نكون جاهزين للدولة الفلسطينية المستقلة.. لا أن نعلن عن الدولة.. لأن الإعلان لا بد أن يكون بالاتفاق.. علينا أن نعمل.. وعلى الحكومة أن تبني المؤسسات والاقتصاد والمدارس وأن تبني المستشفيات، فهذا هو - بشكل عام - عمل الحكومة... تتابعها.. تنفذها.. تعمل من أجلها. وبالتالي، فالحكومة هي حكومتنا ولا تستطيع أن تتخذ أي قرار أو موقفا بعيدا عن الرئاسة.

* لكن المشكلة أن هناك أصواتا في اللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح، تعارض الحكومة ومشروعها...

- لا أحد يستطيع معارضة مشروع بناء الدولة.. نحن نبني دولة، والاعتراض على ماذا؟ إنما هناك حديث عن تغيير وزاري أو بالأحرى هناك من يطالب بتغيير وزاري.. وربما بعض الوزراء لا يعجبون فلانا أو فلانا.. وربما أنا ورئيس الوزراء نفكر في إجراء تعديل وزاري.. لكن هذا التعديل لن يحصل هذه الأيام.. يعني لن يتم تنفيذ التعديل قبل شهر من الآن.

* لكن هناك أصواتا في فتح ترفض المشروع وتعتبره تجاوزا من الحكومة لصلاحياتها..

- من حق أعضاء في فتح أن يقولوا ما يريدون.. ومن حقهم أن يحبوا أو يكرهوا سلام فياض.. إنهم أحرار في ذلك.. هذه حركة طويلة وعريضة وفيها أفكار مختلفة ومواقف مختلفة.. لكن الرأي النهائي هو أن هذه الحكومة هي حكومتنا.. هي حكومتي وأنا الذي أختارها وهي التي تنفذ سياستي.. حكومة سلام فياض أو غيره هي حكومة الرئيس حسب القانون الأساسي، حكومة تساعدني في تنفيذ سياستي في الحكم.. الحكومة لا تنشئ سياسة ولا تبني سياسة ولا تبتدع سياسة، بل تنفذ سياسة..

* ألا وهي سياسة منظمة التحرير الفلسطينية؟

- سياسة منظمة التحرير وسياسة السلطة الوطنية.

* رغم ذلك هناك مخاوف لدى حركة فتح من أن تسحب الحكومة البساط من تحت أرجلها...

- لماذا؟

* ربما لنشاطاتها أو إنجازاتها أو تحركاتها داخل المجتمع الفلسطيني..

- إذا كانت الحكومة نشيطة، فعلى حركة فتح أن تكون نشيطة أيضا.. وكل يعمل في مجاله.. فتح لا بد أن تعمل في مجال الجمهور.. الحكومة أيضا تعمل في مجالها لكنها ليست منافسة لفتح.. لأنها مكونة من شخصيات مستقلة ومن فتح ومن تنظيمات مستقلة.. الجبهة الديمقراطية، وجبهة النضال الشعبي، وحزب الشعب وغيرهم.. في هذه الحكومة المكونة من 24 وزيرا، منهم 12 وزيرا من فتح..

* هناك قيادات بارزة في فتح تقول إن حكومة فياض ناشطة على الأرض، وبالنهاية ستبعد فتح عن الحكومة..

- على فتح أن تعمل وتعد نفسها للانتخابات، وإذا ما نجحت فيها فستشكل الحكومة.

* حكومة فياض تنشط في القرى والمدن وتفتتح المشاريع..

- وهل هناك خطأ في ذلك؟!

* ليس هذا ما أقصده.. نقطتي هي أن قيادات فتح تكتفي بالكلام، ولا يوجد تواصل يومي بينها وبين الجمهور، الأمر الذي يزيد من ابتعادها عنه.

- عليها أن تتواصل مع الجمهور ومع الشعب، وخاصة أن هناك انتخابات قادمة (الانتخابات البلدية في مدن الضفة الغربية المقررة في يوليو «تموز» المقبل).. واجبها أن تعمل من أجل كسب هذه الانتخابات. يعني، إذا لم تكن في الحكومة فلن تستطيع العمل. ثم، هل كل فتح ستكون في الحكومة.. في نهاية الأمر، البعض سيكون في الحكومة والبعض الآخر سيبقى خارجها. وهل الشخص يعمل فقط إذا كان وزيرا، ولا يعمل إذا كان غير موجود في الحكومة؟! الوزير يجب أن يعمل وغير الوزير يجب أن يعمل.. هناك في فتح مهام كثيرة.. فهناك في فتح من هو مسؤول عن التنظيم، وهناك من هو مسؤول عن العلاقات الوطنية وغيرهما..

* كان يُتوقع من المؤتمر السادس للحركة (عقد في أغسطس «آب» الماضي في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية) أن يضع حدا للصراعات الداخلية أو بالأحرى بين عدد من أعضاء اللجنة المركزية الجديدة..

- لا أقول إنها صراعات بل تباينات.. هؤلاء ليسوا نسخة طبق الأصل من بعضهم البعض (قالها باللغة الإنجليزية)،لذا فلهم آراء في بعضهم البعض وفي الآخرين.. هذه طبيعة.. إنما بالمجمل تؤخذ محصلة مواقفهم وليست آراءهم الفردية..

* لكن تصدر عن أعضاء اللجنة المركزية تصريحات متناقضة ومتضاربة في حين كان يفترض أن يكون هناك نوع من الانسجام والاتفاق على موقف موحد يصدر عن طرف واحد وليس عن عدة أطراف، الأمر الذي سينعكس سلبا على الحركة في الوسط الفلسطيني..

- المفروض أن هناك دائرة للإعلام (يترأسها محمد دحلان).

* فهل هناك محاسبة داخل الحركة؟

- حتى الآن، المحاسبة غير موجودة.. أو بالأحرى، هناك محاسبة بسيطة، لكن في المستقبل سيكون هناك محاسبة حقيقية على أشياء كثيرة.

* ما هذه الأشياء الكثيرة؟

- (ضاحكا).. لن أقول لك عنها الآن.. سأحكيها لك لاحقا..

* مثال بسيط على ذلك..

- أي عضو في اللجنة المركزية أو المجلس الثوري يجب أن يكون معروفا ما لديه، وسيحاسب على تصرفاته وكل شيء يعمله.

* أصبح هناك تراخٍ داخل حركة فتح.. في الماضي، كان عضو الحركة يدفع رسوم عضوية، والآن أصبح العضو يتوقع أن يحصل على مقابل عضويته.

- هذه من القضايا التي تراخت فيها اللجنة المركزية.. وهذه من القضايا التي تحدثت فيها كثيرا، وخاصة في اجتماعات المجلس الثوري (في الشهر الماضي). طلبت منهم أن يبدأوا في جمع الاشتراكات منهم أولا ومن كل أعضاء حركة فتح.. حتى الآن، لم يفعلوا ذلك.. وهذا من وجهة نظري تقصير. لقد واجهتهم في ذلك في الاجتماعات وقلت إنه لا يجوز أن يكون هناك عضوية من غير اشتراكات والتزامات.. هل عضوية الحركة شرفية؟! (علمت «الشرق الأوسط» أن أبو مازن استدان للحركة وباسمه الشخصي، مبلغ 15 مليون دولار، من صندوق الاستثمار الفلسطيني.. ولا بد من تسديد هذا المبلغ).

* وموضوع الذمم المالية لأعضاء اللجنة المركزية.. يعني: من أين لك هذا..

- كذلك مطلوب من كل أعضاء المركزية والثوري، أن يقدم ذمة مالية حتى يحاسب عليها في المستقبل..

* هذه الأمور لم تكن موجودة سابقا طبعا؟

- لم تكن موجودة.

* وهذا شيء يمكن أن ينعكس إيجابا على الحركة؟

- نعم.. يجب أن يعرف ما عندهم.

* هناك قضية أخرى تواجه حركة فتح، وهي المشكلات في إقليم لبنان.. ما نوعية هذه المشكلات التي استدعت زيارة جبريل الرجوب، نائب أمين سر اللجنة المركزية، وبعده عزام الأحمد مسؤول العلاقات الوطنية مرتين.. هل هناك نوع من التمرد على قرار حركة التبديلات الذي اتخذتموه هناك؟

- المشكلة في لبنان أن هناك تراكمات تعود إلى نحو 30 عاما، كنا غائبين خلالها عن الوضع هناك. خرجنا من لبنان (بعد حرب عام 1982) وبقيت هناك مجموعة من العسكريين (في المخيمات). هذا التباعد لنحو 30 عاما أدى إلى تراكمات. وهذه التراكمات استدعت التحرك لإيجاد حلول لكثير من الأمور، منها: العسكرية، والتنظيمية، والمالية، ووضع السفارة. في الفترة التي كان فيها عباس زكي سفيرا في بيروت، تحقق نجاح على مستوى العلاقات مع لبنان، لكن بقيت الخلافات على المستوى الفلسطيني.. عاد عباس (انتخب عضوا في مركزية فتح مجددا)، وبصراحة لم يفشل على المستوى اللبناني، وكان لا بد من تسوية هذه الخلافات لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي.. أي مهمة السفارة معالجة الأمور الرسمية. هناك تنظيم وهناك المسائل العسكرية داخل المخيمات.. ليس لنا أي وجود عسكري خارج المخيمات. وبالمناسبة، نرفض الوجود العسكري خارج المخيمات، وأما داخل المخيمات فهذا أيضا خاضع لأي قرار لبناني. إذن، الوضع بهذا الشكل يحتاج إلى إعادة تنظيم. أوفدت في الأسبوع الماضي عزام الأحمد ومعه مجموعة من القرارات الواضحة. وكما تعلم، فقد اتصل ليبلغنا بأنه نفذ كل القرارات..

* ألم يكن هناك تمرد على القرارات من قبل بعض الضباط، مثل منير مقدح؟

- ليس هناك تمرد، ولا أحد يستطيع أن يتمرد، وليس هناك من هو فوق القانون.. وأي شخص يحاول أن يتمرد سيجد نفسه خارج التنظيم.

* هل أزيح مقدح عن موقعه كمسؤول عسكري؟

- لم يزح، بل جرى إعادة تنظيم مواقع. لم نطرد أحدا، ولم نتخل عن أحد، ولم نتخلص من أحد.

* لنتتقل إلى موضوع المصالحة الوطنية الفلسطينية الذي قتل بحثا وأصبح الحديث فيه اجترارا، بل مملا.. هل هناك من جديد.. وهل يمكن أن يبعث التوافق الضمني في الموقف بين حركة حماس وفتح، بشأن التهدئة، الأمل في إحياء المصالحة هل حدث اختراق في هذه المسألة التي تنهك القضية؟

- يفترض أن يكون هذا مدخلا.. لماذا؟ عندما تقول حماس في غزة إنها ضد إطلاق الصواريخ وغير الصواريخ، وعندما تتحدث عن دولة في حدود عام 1967.. إذن، ما الفرق بيننا وبينهم؟.. لا يوجد فرق. المسألة لم تعد سياسية ولا آيديولوجية ولا فكرية ولا شيئا آخر، والسؤال هو: لماذا لا يقبلون المصالحة، وقطاع غزة في حالة تدهور يومي لا شهري، اجتماعي واقتصادي.. الذي يفعلونه مع الأسف الشديد هو تهريب السلاح والمتفجرات وتجميعها في الضفة الغربية. لماذا تعاقب من يطلق الصواريخ في غزة، وتجمع السلاح والمتفجرات والمعدات في الضفة؟! ونحن يوميا نضع أيدينا على مخازن سلاح.

(أكثر من مرة تسلم أبو مازن خلال الجولة تقارير حول الاستيلاء على مخازن سلاح في الضفة)

* كميات كبيرة من المتفجرات؟

- نعم.. كميات كبيرة.. يوميا، نضع أيدينا على السلاح. لماذا؟ إذا كنت أنت تقول إنك ملتزم التهدئة، وتعاقب من يطلق الصواريخ وتتهمه بالخروج عن الإجماع الوطني.. لماذا يكون هذا موقفا صحيحا في غزة وخطأ في الضفة؟

* ردهم سيكون بسيطا، وهو أن غزة محررة بينما الضفة لا تزال ترزح تحت الاحتلال..

- أين هو تحرر غزة.. غزة محاصرة كما أن شريطا من غزة لا يزال محتلا.. نحو 300 متر على الشريط الحدودي يحرم على أي فلسطيني دخولها. أضف إلى ذلك أن حدود غزة مقفلة والفلسطيني في غزة لا يستطيع الخروج إلا بإذن إسرائيلي. إذن، أين هو التحرير وما مبررهم لذلك؟

* هل هناك مبادرات جديدة لدفع الطرفين إلى الاتفاق؟

- لا أذيع سرا عندما أقول إن فتح لم تقطع الاتصال وإن الاتصالات مستمرة مع مسؤولي حماس. أي عضو لجنة مركزية مخول له أن يلتقي مسؤولي حماس ويتحدث إليهم. مسؤولون ذهبوا إلى غزة.. ونحن على استعداد لإيفاد آخرين. وهناك مسؤولون ذهبوا إلى دمشق.. ويلتقونهم في الضفة الغربية أيضا. نحن من جانبنا نحاول بكل الوسائل دفعهم إلى المصالحة.

* وماذا هو ردهم..؟

- هناك جهات خارجية لا تريد منهم المصالحة.. وثانيا هناك استحقاقات للمصالحة، ومنها الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وهم باختصار لا يريدون الانتخابات.. لا الرئاسية ولا التشريعية.. وهم ينتظرون أي إشارة منا لتمديد الانتخابات التشريعية منها والرئاسية من سنتين لعشر سنوات، ونحن نرفض ذلك. هذه هي المشكلة.

(أثناء الحوار اتصل محمد شتية، وهو وزير الاتصالات المستقيل، المرشح لمنصب رئيس الديوان، الذي كان يشغله رفيق الحسيني، واستقال بسبب فضيحة أخلاقية، بأبو مازن وأبلغه على مسمع من الحاضرين، أن محمود الزهار عضو المكتب السياسي لحماس وأحمد الجعبري المسؤول العسكري في الحركة أبلغا منيب المصري - شخصية وطنية فلسطينية، الذي كان يزور غزة في إطار جهوده لتحقيق المصالحة - بأنهما سمعا في المجلس الثوري من أبو مازن كلاما جديدا.. وأنهما سيتعاملان مع هذا التوجه بكل مسؤولية. ونقل شتية إلى الزهار والجعبري عبر المصري القول إنه في حال أصدرتم إشارات إيجابية، فإن الرئيس مستعد لإجراء التعديل في الوقت المناسب. واعتبرا ذلك كلاما جديدا ومشجعا ووعدا بالاتصال بالقيادة في دمشق، ليؤكدا لها جاهزية غزة للمصالحة دون شروط مسبقة.

* بالنسبة إلى استمرار الحصار.. مر على الحصار الآن نحو 3 سنوات، أُنهك خلالها المواطنون ماديا وماليا وصحيا واجتماعيا.. أقصد الإنهاك من كل النواحي.. ما آخر تحركاتكم لرفع الحصار عن قطاع غزة؟

- نحن دائما وأبدا نطالب إسرائيل برفع الحصار الظالم عن أهلنا في غزة. وطالبنا أكثر من مرة بالسماح بدخول المواد اللازمة. وهناك الآن مواد أساسية تدخل إلى القطاع، سواء عبر مصر أو عبرنا. والمشكلة في مواد البناء التي تمنع إسرائيل إدخالها منعا باتا. حقيقة.. هذه مشكلة، لأن هناك نحو 100 ألف فلسطيني (دمرت بيوتهم خلال الحرب الأخيرة) يعيشون في العراء.. وهؤلاء يحتاجون إلى بيوت تأويهم، ولا بد من إيجاد مخرج لهذه المعاناة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما سبب الحصار؟.. سببه الانقلاب بالأساس، لأن القطاع قبله كان مفتوحا.. وكان الشرطي الفلسطيني يقف على معبر رفح بإشراف أوروبي.. بموجب الاتفاق مع الأوروبيين والأميركيين.. لكن، لما خرج حرس الرئاسة من هناك تبعهم الأوروبيون وأقفلت الحدود، ثم جاءت الحرب وزادت الطين بلة. والآن، لو قبلت حماس بالمصالحة يفترض أن تحل كل هذه الأمور وتعود الحياة إلى طبيعتها في غزة. لا أريد أن أحمّل المصالحة العبء، لكن حماس هي التي انقلبت، وهي جزء من المشكلة.

* هل تحدث الأميركيون عن إمكانية المساعدة في رفع الحصار عن غزة في إطار المساعي للعودة إلى المفاوضات؟

- هم تحدثوا فقط في مسألة السماح لبعض مواد البناء بالدخول إلى غزة من خلال وكالة غوث اللاجئين «الإنوروا». ولا نزال نحاول تحقيق تقدم في هذه المسألة مع الجانب الإسرائيلي.. والأميركيون يؤيدوننا في هذا.

* حماس اتهمتكم بالإسهام في قطع التيار الكهرباء وتوقف عمل مولدات الكهرباء في غزة قبل بضعة أسابيع.. هل حقا أوقفت تسديد الفواتير التي تأتي أموالها من الاتحاد الأوروبي؟

- نحن ندفع وهم يجبون الفلوس والأرباح.. نحن ندفع بدل الماء والكهرباء والمحروقات والتعليم والصحة وغيرها، إضافة إلى رواتب 77 ألف موظف هناك. المشكلة ليست لدينا.. الطرف الذي يدفع هو الذي يكون مسؤولا عن المعاناة.

* أنت تقول إنكم لم توقفوا تسديد الفواتير..

- لا أبدا.. لكن القضية هي أننا ندفع وهم يجبون الأرباح.. طلبنا منهم رد ما يجبونه إلينا، ووعدوا بذلك لكنهم لم يفعلوا. هذا شغل بلطجة ويتهموننا بمنع الكهرباء عن الناس.

* قمة سرت.. هل حصل الفلسطينيون على ما أرادوه في هذه القمة رغم الخلافات التي سبقت القمة؟

- كانت قرارات هذه القمة جيدة، ونحن راضون عنها كل الرضا، ولم يحصل شيء لم نرده. أما بالنسبة إلى القدس، فقد خصصت القمة 500 مليون دولار وأسندت مسؤولية جمعها إلى جامعة الدول العربية.. وها نحن ننتظر.

* لكن القمة شهدت بعض المناوشات والتراشقات الكلامية..

- كان هناك حديث في القمة عن مقاومة مسلحة.. ونحن رفضنا هذه الدعوة.. ورفضناها لسبب بسيط، وهو أن كل فئات الشعب الفلسطيني ترفض المقاومة المسلحة... نحن وحماس. وبالتالي، إذا كنا نحن لا نريد المقاومة المسلحة فلماذا يريد العرب فرضها علينا؟ وقلنا أيضا إذا كان العرب يريدون الحرب فنحن معهم.. وإذا كانوا لا يريدون الحرب ولا يريدون السلام في الوقت نفسه فإن حالة لا سلام ولا حرب غير ممكنة. وقلنا إن المبادرة العربية لا تزال قائمة. للأسف، البعض يقول إن إسرائيل لا تريدها وهذا طبعا صحيح، لكن العرب لم يفعلوا شيئا (قاله بتشديد) لترويجها لا عالميا ولا محليا. أنا شخصيا طلبت من صحف عربية أن تنشر المبادرة لكنها رفضت.

* من أي منطلق؟

- لأنها تحمل علم إسرائيل.. تصور هذه العقلية. إذن، رسميا رفضوا ترويجها وكذا إعلاميا... ويلقون بعبء الرفض على إسرائيل وحدها. نعم إسرائيل ترفضها.. ولماذا إذن لا نستغلها لإحراج إسرائيل؟ المبادرة العربية هي أهم سلاح في يد العرب، فهي تقدمنا كأمة عربية وإسلامية تريد السلام.. وبين الحين والآخر يطلع علينا من يهدد بسحب المبادرة.. لكن، ما بديلك للمبادرة؟ إذا كنت تريد الحرب فتفضل.. فيرد عليك بأننا لسنا مستعدين للحرب. وإذا كنت غير مستعد للحرب فماذا تريد؟! الحرب بالشعب الفلسطيني لن نقبل بها (كررها مرتين)، كما أننا لن نقبل المقاومة المسلحة لأننا نعرف نتائجها.. فقد دُمِّرنا في الانتفاضة الثانية ودمرنا في العدوان على غزة، وليس لدي استعداد لتدمير شعبنا مرة أخرى.

* والبديل؟

- البديل هو في المقاومة الشعبية، التي تعبرا عن رأينا الذي نلف العالم كله من أجل ترويجه. منذ متى وقف العالم إلى جانبنا مثل هذه المرة؟ والسبب هو أننا نتبع سياسة واضحة. نطالب بالسلام ونحن جادون بمطالبتنا.. وهذا يضع إسرائيل في الزاوية لا نحن.

* وهل تعتبرون مقاطعة منتجات المستوطنات جزأ من المقاومة الشعبية؟

- نعم.. هي جزء من المقاومة الشعبية.. ومن حقنا أيضا أن نطالب العالم بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية. نحن نقول للعالم إن البضائع التي تنتج من أراضينا لا بد أن تُقاطع.. إذا كان الأوروبيون يقاطعون بضائع المستوطنات.. فهل تعتبر مطالبتنا ومقاطعتنا تحريضا على إسرائيل؟

* السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا جاء قرار المقاطعة الفلسطينية لبضائع المستوطنات متأخرا جدا، وخاصة أن دول الاتحاد الأوروبي سبقتكم إلى ذلك بسنوات.. والمستوطنات تقوم منذ مطلع الاحتلال قبل 45 عاما؟

- جاء القرار الذي أمضيت عليه في الوقت المناسب. وهو الآن يطبق.

* وهذا مأخذ إسرائيلي عليك..

- إسرائيل تعتبرني بذلك أحرض عليها.. لكن هذا ليس صحيحا. ولو كانت هذه التهم صحيحة لكان الأميركيون أول من لفت انتباهنا إلى ذلك. أنا لا أطالب العامل بمقاطعة إسرائيل، إنما مقاطعة بضائع المستوطنات، وذلك ليس تحريضا.

* كيف تقيّم العلاقات مع سورية؟

- العلاقات مع سورية طبيعية وليس هناك أي مشكلة.. وكنا على اتصال دائم معهم.. ثم في فترة من الفترات دعوني إلى دمشق ثم ألغوا الدعوة..

* كان ذلك في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وبسبب تقرير غولدستون حول جرائم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؟

- نعم.. بسبب تقرير غولدستون، الذي تبين أن القرار لم يكن غلطتي ولم أكن أنا الذي اتخذ القرار.. من اتخذ القرار هو كل الدول العربية والإسلامية وعدم الانحياز والدول الأفريقية. والدليل على ذلك أننا أعدنا القرار (بعد الضجة ومحاولة الأطراف المختلفة التنصل من القرار وإلقاء تبعاته على أبو مازن) إلى الأمم المتحدة.. ولا يتابعه أحد الآن.. إلا نحن.

(تسلم خبرا يفيد بتعرض 45 شخصا للإصابة بانفجار من مخلفات الحرب وكلهم مدنيون)

* بالنسبة إلى الإعمار في الضفة الغربية.. هناك خطط لإقامة أكثر من مدينة، منها الروابي قرب رام الله وجنان قرب جنين).. كيف يجري تمويل هذه المشاريع؟

- هناك نوعان من الإعمار: الخاص والعام.. الإعمار الخاص الذي يقوم به الناس العاديون. وهناك البناء العام الذي تقوم به الحكومة.. وهناك أيضا صندوق الاستثمار الذي يقوم بشراء العقارات والأراضي ويبني ويبيع للمواطنين بقروض ميسرة على مدى 20 سنة. نحن لدينا صندوق استثمار متواضع ويتعاون مع مؤسسات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لبناء ضواح في المدن الفلسطينية مثل ضاحية الريحان في أريحا والجنان في جنين

* الروابي قرب رام الله؟

- الروابي.. لا.. الروابي مختلفة فهي مشروع خاص... وسنبني مدينة اسمها القمر شمال أريحا، لكي نجلب الناس للعيش في هذا المناطق الخالية وغير المسكونة.. وليأتي الفلسطينيون من جميع أنحاء العالم ويشتروا بيوتا لهم... هذا البناء ينتج حركة اقتصادية في البلاد ويشغل أيدي عاملة. في إسرائيل، يسمون البناء القطاع القائد.. لماذا لأنه إذا كان هناك بناء، فإن كل مجالات الحياة تعمل.. هناك مشاريع قيد التنفيذ وأخرى قيد التخطيط. نريد أن نبني بلدنا.. وهذا يأتي في إطار مشروع إقامة الدولة الذي تعمل فيه الحكومة استعدادا للدولة.

* وهو مشروع يحظى بتأييد دولي من أوروبا وأميركا واللجنة الرباعية؟

- نعم.. كل العالم يرحب بالمشروع.. ويأتي البعض ليقول إنه (فياض) منافس لنا.

* في حال انتهاء السنتين دون تحقيق حلم الدولة.. هل هناك تفكير فلسطيني في إعادة الملف إلى الأمم المتحدة؟

- نعم هناك فكرة، وهذه الفكرة بُحثت في جامعة الدول العربية وهناك قرار فيها.. وإذا لم تحقَّق الدولة فإننا سنذهب، بالاتفاق مع دول العالم، إلى مجلس الأمن. وهذا بالمناسبة ليس عملا أحاديا..

* هل هناك تواصل مع دول الغرب حول هذه المسألة؟

- نعم هناك تواصل مع الدول الغربية التي اقتنعت بفكرة السنتين. إذن، عندما نكون جاهزين وإسرائيل لا تريد فإن من حقنا أن نذهب إلى مجلس الأمن الدولي.. لا أن نعلن الدولة من طرف واحد.

* لننتقل إلى موضوع آخر.. شاهدتك في الطائرة تقرأ القرآن الكريم، هل هذه القراءة مرتبطة من السفر ومخاوفه.. أم أنها ممارسة يومية؟ - هذه عادة يوميا.. لقد اعتدت قراءة بعض السور يوميا وأتلو بعض السور التي أحفظها.. أما في الطائرةن فإنني دوما احتفظ بنسخة من القرآن الكريم. وأختم القرآن كل ثلاثة أو أربعة أشهر.. إضافة إلى مرة في شهر رمضان..

* ما شاهدناه على الطبيعة خلال الرحلة إلى شنغهاي في الصين يدحض ما أشيع من روايات حول اعتلالك صحيا، لكن لا بد من التأكد.. هل يعاني أبو مازن أي مرض خفي؟

- الحديث عن المرض من حيث المبدأ صحيح.. لكن ليس هناك علة.. أنا أعالج في الأردن منذ فترة بسبب الانزلاق في الحمام خلال زيارتي لتونس، الذي تسبب بظهور بعض الكدمات في ظهري.. وهذه الكدمات تحتاج إلى 6 أسابيع من المراقبة الطبية والاستراحة. ووجودي الطويل في الأردن دفع البعض إلى التأويل والحديث عن أمراض لا أساس لها من الصحة.

* يقولون إن تنقلات أبو مازن فاقت رحلات..

- (مقاطعا) أبو عمار (الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات)؟

* إن تنقلاتكم فاقت جولات أبو عمار وكذلك الرئيس الأميركي باراك أوباما أو أي مسؤول آخر في العالم. وجرت مقارنة بين جولاتكم وجولات أوباما؟

- كنت أنا أكثر منه؟

* بل ضعفه.. ألا يرهق ذلك السلطة مالية؟

- لا أعتقد أن تذكرة سفر أو تكاليف طائرة خاصة صغيرة يمكن أن يرهق ميزانية السلطة. لكن ليس هذا المهم.. فالمهم هو أن المشكلة هي أن الكثير من الدول لا تستطيع الوصول إلينا، مما يضطرنا للذهاب إليها.. معظم الدول العربية لا تحضر إلينا.. ونحن بحاجة إليها ومضطرون إلى زيارتها. الشيء الآخر أن علاقتنا مع جميع دول العالم مفتوحة.. الكل يريد أن يلتقينا.. أنا عندي برنامج أحتاج عشر سنين إلى تنفيذه.. وهذا شيء إيجابي ويعكس اهتمام دول العالم من كندا إلى اليابان، بنا وبقضيتنا. الكل يريدنا أن نزوره. لذا، فنحن مضطرون إلى زيارة هذه الدول. سبب آخر وهو أن هذه الدول هي التي تساعدنا ونزورها للمطالبة بالمساعدات (زيارة الصين أسفرت عن مساعدة قدرها 30 مليون أيوان نحو 5 ملايين دولار). إذن، نحن دائما مضطرون لكي نكون على تواصل مع دول العالم. في بعض الأحيان، أنا ورئيس الوزراء ووزير الخارجية (رياض المالكي) لا نكفي لتلبية الدعوات.. وقد تكون ميزة أن أبواب العالم مفتوحة أمامنا... فهذه سابقة لم تحصل. ليس لدينا مشكلات مع أي دولة من دول العالم، وليس هناك دولة لا ترحب بنا. والتأييد العالمي الذي تحظى به القضية الفلسطينية الآن نحن سببه. وقد قالها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في القمة العربية في سرت، إن هذا الانفتاح العالمي على العرب والقضية الفلسطينية سببه صبر وحكمة أبو مازن.. يعني ليس ملامة لنا أننا نزور دول العالم.

* يعني هذه الزيارات ليست من باب السياحة والترفيه عن النفس؟

- أي سياحة يا رجل!.. لقد رأيت بأم عينيك.. أي سياحة هذه! أزور الصين لليلة واحدة وأعود، هل هذه سياحة؟! وها نحن في دولة الإمارات قمنا بفعاليتين في غضون 24 ساعة وسنعود إلى عمان.. إذن أين هي المتعة في هذا السفر.. فنحن لا نرى شيئا من البلدان التي نزورها.. إنها إرهاق بإرهاق، وتعب وهلاك. الإنسان يتمنى أن يجلس في بيته وسط أولاده وأحفاده ليراهم ويتمتع بهم، لا أن يلف من محل إلى محل. أنا مريض وأعاني آلاما في الظهر وحالتي الصحية لا تسمح بالتنقل.. لكن ورغم ذلك ذهبنا إلى الصين وزرنا دولة الإمارات، وسنذهب إلى السعودية (زارها يوم الثلاثاء) وسنزور في اليوم نفسه مصر لنعود منها في اليوم التالي إلى عمان (للعودة إلى الضفة الغربية للقاء جورج ميتشل). كلها زيارات ضرورية.

* أحد المرافقين أبلغني أن أبو مازن يقوم بجولات في مدينة رام الله، ومنها زيارة لإحدى الأسر المستورة خلال شهر رمضان وتناولت العشاء معها.. هل هذه صحيحة وليست من نسج الخيال؟

- صحيحة.. ورحت مرة مع عدد قليل من الشباب إلى السوق وأكلنا الآيس كريم. طبعا من غير حراسة لا يسمح لي.. المشكلة أنني لا يسمح لي التنفس من غير حراسة (قالها مازحا). ورغم ذلك نزلت إلى الشارع والتقيت أناسا وتناولت الإفطار عند عائلة مستورة. واخترت في رمضان الماضي عائلة فقيرة من بين هؤلاء الناس وتناولت الإفطار معها. وهذا يعكس أن الناس تعيش حياة طبيعية وبأمن وأمان من غير خوف ورعب. الناس تعيش حياتها.. تسهر وتشاهد التلفزيون وتفرح... إلى آخره.