الحكيم: تحالفنا مع المالكي زواج إسلامي بدون طلاق

زعيم المجلس الأعلى العراقي لـ«الشرق الأوسط»: خادم الحرمين أكد احترامه للقرار العراقي ووقوفه على مسافة واحدة من الجميع * تحالفنا مع المالكي أبعد ما يكون عن الطائفية.. وقائمة علاوي حليف أساسي في العملية السياسية

عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي (أ.ب)
TT

لم يكن ظهور الزعيم الديني الشاب عمار الحكيم كقائد سياسي برهن على خبرته وحنكته وذكائه في العمل الوطني، مفاجئا على واجهة الأحداث، فهو سليل مجدين، المجد الديني والمجد السياسي، في الأول، هو حفيد آية الله العظمى محسن الحكيم، أشهر مرجع شيعي أعلى عراقي، عربي، في تاريخ الشيعة العراقيين وفي العالم، وفي الثاني، هو وريث تضحيات العشرات من عائلته على مر مراحل تأسيس العراق الحديث.

تربى الزعيم الشاب عمار الحكيم على مبادئ عمه محمد باقر الحكيم، مؤسس وزعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، الذي اغتيل في النجف بُعيد إلقاء خطبة صلاة الجمعة في حضرة الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) عام 2003، فهو ترعرع على مبادئ هذا المجلس وشارك في عملية بنائه، فخرج مثله فصيحا في خطبه، وواضحا في أحاديثه، ومتميزا في حضوره.

الحكيم الذي ترك العراق مع عائلته وعمره تسع سنوات هربا إلى إيران إبان النظام العراقي السابق، عاد مع والده، عبد العزيز الحكيم، الزعيم الثاني للمجلس الأعلى، ليشارك بفاعلية في العمل السياسي، خاصة بعد أن أسندت إليه مهام زعامة المجلس الذي صار اسمه «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» بعد رحيل والده العام الماضي.

واليوم يلعب الحكيم دورا بارزا في العملية السياسية، وذلك من خلال زعامته للائتلاف الوطني العراقي، الفائز الثالث في الانتخابات التشريعية.

ومنذ فترة طويلة يمتنع الحكيم عن الإدلاء بأحاديث صحافية، لكنه خص «الشرق الأوسط» وتحدث بدبلوماسية عن اشتباكات العملية السياسية الراهنة.

وفيما يلي نص الحوار:

* هل تعتقدون أن عدم حصول المجلس الأعلى الإسلامي العراقي على عدد كاف من الأصوات هو خسارة للمجلس؟

- أولا لنقل عدم حصولنا على المقاعد الكافية، لأنه من المعروف أن المجلس حصل على عدد كبير من الأصوات ولكن نتيجة قانون الانتخابات لم تترجم هذه الأصوات إلى مقاعد بحجم الأصوات، وبالتالي فإن المشكلة في المقاعد وليست في الأصوات. من المعلوم أن النظام البرلماني الذي يتيح العمل ضمن تحالفات يعطي مرونة وفسحة للمجلس لأن يتحرك ضمن دائرة من الحلفاء ومساحة من القوى الحليفة التي دائما ما عمل معها واليوم يعمل معها بشكل متواصل، والأساس هو المشروع، ونحن ناجحون ما دام المشروع ناجحا وأن الديمقراطية تترسخ في العراق، والتعاون والشراكة الحقيقية بين أبناء الوطن الواحد تترسخ يوما بعد آخر، والمجلس هو أحد هذه المكونات، والعمل السياسي فيه تجارب، فيه صاعد وفيه نازل، والإنسان يتقدم خطوات أحيانا ويتراجع خطوات أخرى، لكن هذا لا يضر ما دام المشروع يمشي في الاتجاه الصحيح.

* كنتم قاب قوسين أو أدنى، مثلما يقال، لعقد تحالف مع القائمة العراقية التي يتزعمها الدكتور إياد علاوي، وتصريحاتكم بالدفاع عن القائمة أعطت مثل هذه الإيحاءات، ثم فجأة يعلن تحالفكم مع دولة القانون، برئاسة نوري المالكي، هناك من تحدث عن ضغوط إيرانية أدت إلى التحالف الأخير، ما هو رأيكم؟

- نحن طرحنا وفي وقت مبكر مشروع حكومة الشراكة الوطنية التي تتشكل بمشاركة جميع القوائم الفائزة والأساسية، وكنا نؤكد أن ذلك ركيزة مهمة لإنجاح هذا المشروع وهذه الشراكة، على هذه الخلفية بدأنا بالاتصال المبكر مع كافة الأطراف، القائمة العراقية، ودولة القانون والتحالف الكردستاني، واستمرت هذه المشاورات مع جميع الأطراف. وحتى عندما أعلن التحالف بين الائتلاف الوطني ودولة القانون كنا حريصين على أن يحضر وفد كبير من التحالف الكردستاني من كردستان، كما كنا حريصين أيضا أن يدعو هذا التحالف القائمة العراقية بعد 24 ساعة من إعلانه إلى اجتماع يؤكد رؤيتنا الحقيقية في مشاركة جميع الأطراف في تشكيل الحكومة، ومع ذلك كانت القائمة العراقية وما زالت حليفا أساسيا ومهما في هذه العملية، وتبقى قضية الخطوة الأولى والثانية وكيف تتم هذه الخطوات، وهذا خاضع لطبيعة التفاهمات والحوارات السائدة والفرص المتاحة. من المعروف أن دولة القانون والائتلاف الوطني يتشكلان من قوى عملت في الائتلاف العراقي الموحد في انتخابات الجمعية الوطنية وفي الانتخابات الثانية (2005)، وهناك نوع من التواصل والتفاهم وكان يفترض أن يكونوا ضمن قائمة واحدة وبدأوا نوعا من المشاورات والحوارات قبل إجراء الانتخابات، ثم أعاق تشكيل القائمة الواحدة أمور فنية فرجح إخواننا في دولة القانون أن يكونوا في قائمة بمفردهم في الانتخابات، ولعل مثل هذه التفاهمات السابقة والتواصل والحوارات المستمرة سهلت إلى حد ما التفاهم حول رؤية موحدة. كيفما كان، نحن نرى أن بقية القوائم هم شركاء أساسيون ولا يمكن أن نتجاهل أيا منها، وما زلنا على موقفنا بأننا لا يمكن أن نكون طرفا في حكومة تغيب أي أطراف أساسية في المشهد السياسي العراقي. لذلك المسألة خاضعة لاعتبارات فنية تتعلق بهذه الخطوة أو تلك لكنها تندرج في إطار واحد ألا وهو بناء حكومة الشراكة الوطنية.

* لكنكم عندما ذهبتم إلى الانتخابات طرحتم شعارات وطنية، وهناك من يقول إن تحالفكم مع دولة القانون أعادكم إلى المربع الأول، أي إلى الائتلاف العراقي الموحد، وهو تحالف شيعي - شيعي، وبالتالي فما جمع بينكم هو الطائفة وليس الشعارات أو البرامج الوطنية؟

- التقييم الذي يطلق على وطنية القوائم هو البرنامج الذي يطبق، والذي ينطلق من هموم المواطن بعيدا عن انتماءاته. هل لنا أن نتهم القائمة العراقية مثلا وفيها أغلب القوى الأساسية من مكون اجتماعي آخر من مكونات شعبنا وتركز الصوت في محافظات معينة وأجواء معينة، فكانت هي القائمة التي لملمت أوضاع هذا المكون بشكل كبير، فهل لنا أن نتهم هذه القائمة بالطائفية؟ الجواب، لا، لا تتهم بذلك. الحوارات التي خضناها قبل الانتخابات مع دولة القانون اختلفت حول الشؤون الفنية، ومثلما قلنا هذا ما دعاهم للمشاركة في الانتخابات بقائمة منفردة (دولة القانون)، فلو كان كل من الائتلاف الوطني ودولة القانون قد اتفقوا قبل الانتخابات وشاركوا بقائمة واحدة فهل كان يمكن اتهامهم بالطائفية؟ الجواب: لا، لأن البرنامج هو برنامج وطني، ولأن الحضور المرشحين في كلا القائمتين فيهم من كل الأطياف والألوان، وكانوا منفتحين تماما على المسار الوطني، ولكن شاءت الأقدار ليكونوا في قائمتين، عندما يعودون ليتفاهموا فيما بينهم لِم نقول عنهم إنهم طائفيون، ونحن نجد أن في الطائفية استبعادا للآخر، واستهانة بحقوق الآخرين. فما دام تحالف الائتلافين يصر اليوم على إشراك الجميع في العملية السياسية والحكومة، أجد أن هذين الائتلافين أبعد ما يكونا عن الطائفية. نحن حريصون كل الحرص على أن لا نعود إلى الوراء، نحن أبناء الحاضر والمستقبل ونجد أن مستقبلنا في وحدتنا وشراكتنا وتلاحمنا الحقيقي وشراكتنا الحقيقية وانفتاحنا على جميع العراقيين، وسنبقى مدافعين عن كل العراقيين بجميع ألوانهم وأطيافهم طالما كان حق فسندافع عن حق هذا العراقي من دون أن ننظر ما هو انتماء هذا العراقي أو توجهه، ولعل المواقف التي صدرت في الأشهر أو الأسابيع الماضية في الدفاع عن القائمة العراقية ومواقف حق أخرى جاءت لتلبي هذا المبدأ والمنهج والرؤية التي نعتمدها في الوقوف مع كل مظلوم ومع كل ذي حق وهذا ما سنستمر فيه، وهذا ما يعزز القضايا الوطنية للقوائم التي تسير بهذا الاتجاه.

* لكن القائمة العراقية اعتبرت هذا التحالف خطوة موجهة ضدها، لا أريد أن أقول إنهم اعتبروها مؤامرة ضدهم، لكنها خطوة تستهدفهم؟

- لقد بذلنا وقتا طويلا في الحوار مع الإخوة في العراقية لشرح موقفنا، قبل وبعد الإعلان عن التحالف، وعندما التقيت أخي الدكتور إياد علاوي وأخذنا قسطا بالتحاور حول هذا الموضوع، هو صرح بعد لقائنا وفي مؤتمر صحافي مشترك قال، الآن حصلت لدينا الثقة والاطمئنان ورحب بتحالف الائتلافين، وعبر عن ثقته بأن هذا التحالف لا يمكن أن يستبعد القائمة العراقية أو يقف بالضد منها. كما نعرف في النظام الديمقراطي أن هناك خطوات، خطوة إثر خطوة، وأطرافا تتحالف مع بعضها، وكما لاحظنا في التجربة البريطانية، رأينا أن هناك الغالبية السياسية هي السائدة، فعندما تحالفت قائمتان وشكلتا الحكومة، أصبحت القائمة الثالثة في المعارضة. نحن اليوم لا نتحدث عن غالبية سياسية في العراق، وحتى عندما يُعلن التحالف بين الائتلاف الوطني ودولة القانون فهو في الطريق إلى التحالف الأوسع وتشكيل حكومة الشراكة الوطنية، لهذا لا في النية استبعاد أحد، ولا تهميش أحد، ولا يمكن أن نكون طرفا في حكومة تستبعد الأطراف الأساسية في البلد.

* هل تتوقعون استمرار تحالفكم مع دولة القانون لا سيما أن بهاء الأعرجي (القيادي في التيار الصدري) أكد بأن هذا اتفاق أولي وأن هناك مفاجآت في الساحة السياسية، فهل هو زواج كاثوليكي أم زواج مؤقت؟

- أعتقد أنه زواج المسلمين الدائم.

* لكن هناك طلاق في زواج المسلمين؟

- الحمد لله، لا نرى أن هناك أفقا للطلاق والانفصال في هذا التحالف. الأسس واضحة، ولعل المشاورات التي استمرت لشهرين لا تدل على أننا نريد الدخول في مشروع ينهار بعد فترة وجيزة، بل نريد الدخول في مشروع واضح المعالم، وهذا لا يمنع أن تكون هناك اختلافات في وجهات النظر ووجود إشكالات في بعض المسائل الداخلية، وهذا لا ينحصر في هذا التحالف، ونحن نعرف أن اختلاف وجهات النظر هو ظاهرة تكاد تكون موجودة في كل القوائم، وهي ظاهرة صحية إذا ما وضعت في إطار الآلية الصحيحة لتنظيم الاختلافات، وليس معيبا أن تكون بيننا اختلافات، وليس نقصا أن يكون هناك أكثر من رأي، لكن المشكلة إذا عجزنا عن إيجاد الآلية التي نعالج من خلالها اختلافاتنا، ونوحد من خلالها رؤانا. أعتقد أن هذا التحالف رصين ومتماسك، وسيكون نواة مهمة وركيزة أساسية في نواة المشهد السياسي العراقي في إطار التحالفات الأوسع مع الأطراف السياسية العراقية الأخرى.

* في اعتقادكم، لماذا يقولون إن هذا التحالف (بين دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي) جاء نتيجة الضغوط الإيرانية؟

- ليس خفيا أن الجمهورية الإسلامية (الإيرانية) وفي نظرتها إلى المشهد وتعقيداته لعلها كانت تحبذ أن تجد هذه القوى مجتمعة أو متقاربة، وهذه قضية لا تنكر، هناك رغبة من هذا النوع، أو تقييم للموقف، لكننا نحن ننظر إلى الأمور من زاويتنا العراقية وبمقاييس المصلحة الوطنية العراقية، ونعتقد أن قوى من هذا النوع عملت سابقا وما زالت تعمل وعندها القدرة على أن تكون حجر الزاوية أو ركيزة مهمة من ركائز المشهد السياسي العراقي، إذا ما تفاهمت فسوف تتمكن من بناء التحالف السياسي الواسع الذي سيمكن الآخرين من تشكيل التحالف الوطني الأوسع الذي يضم جميع الأطراف وجميع القوائم. نحن نتشاور مع دول المنطقة، ومع دول مختلفة في العالم، وسبق أن رحبنا بالجولات التي يقوم بها قادة سياسيون عراقيون في المنطقة، لأننا نعتقد أننا لسنا جزيرة في محيط، بل نحن جزء من منظومة إقليمية ودولية وينعكس أمننا واستقرارنا على الآخرين، ولا قدر الله، غياب الأمن والاستقرار في العراق يترك آثاره السلبية على المحيط الإقليمي والوضع الدولي، وهناك مصالح لآخرين للتعامل مع العراق، ومصالح عراقية في التعامل مع الآخرين، وكان لي شرف زيارة المملكة العربية السعودية ولقاء خادم الحرمين الشريفين، إضافة إلى سلسلة من اللقاءات والمشاورات قبل الانتخابات مع الكثير من الدول العربية، لذلك نحن نرحب بكل المشاورات ونطلع على تجارب الآخرين، ونستمع إليهم ونطلعهم على ما نفكر فيه، ولكن القرار يجب أن يكون عراقيا وضمن مقاسات المصلحة الوطنية العراقية أولا وأخيرا، ونعتقد إذا ما قررنا بناء هذا التحالف فهو من أجل المصلحة الوطنية العراقية، وليس بمؤثرات أخرى، لذلك فأي خطوة نخطوها ستكون منسجمة مع تقديرات أي من دول الجوار ودول المنطقة ونظرتهم إلى المصالح، وإذا كانت بعض الخطوات منسجمة مع هذه أو تلك الرؤية فنحن نصرح بشيء ونبين عن موقف نراه ورؤية عميقة تجاه القائمة العراقية قد تنسجم مع رؤية بعض دول الجوار، وقد لا تنسجم مع رؤية دول أخرى، فهل يُفسر موقفنا بالانحياز لبلد دون آخر لأننا نتحدث عن شراكة حقيقية. أعتقد أن مثل هذه الرؤية التي تسعى دائما لتفسير المواقف الوطنية العراقية على أنها خاضعة لتأثيرات إقليمية أو أجنبية قد تجافي الحقيقة، نحن أمام قوى وطنية متفهمة لمصالح البلد، ومنطلقة على هذا الأساس ولن نحيد، بإذن الله، عن المصلحة الوطنية العراقية، مع اهتمامنا بوجهات نظر الآخرين، فنحن نسمع وندرس مشاورات الآخرين، ونشير إليهم بما نراه أيضا، لكن القرار هو قرار عراقي.

* من الواضح أنكم تواجهون في الائتلافين مشكلة اختيار رئيس للحكومة القادمة، لا سيما أن المالكي صرح لـ«الشرق الأوسط» يوم الخميس الماضي أن «رئيس الوزراء لن يخرج عن دولة القانون»، كيف ستتعاملون مع هذه الإشكالية؟

- هذه وجهة نظر نحترمها كثيرا، ولكن ما أعرفه هو أننا ما زلنا في طور دراسة الآليات التي نختار من خلالها رئيس الوزراء، وحالما اتفقنا على آلية إذا كان حصيلتها مرشحا من دولة القانون أو من الائتلافين، أو من خارج الائتلافين، فنحن سنلتزم بمعطيات ونتائج الآليات التي سنتفق عليها.

* هل تتوقعون رئيسا للوزراء من خارج الائتلافين؟

- كما قلت إن الآلية هي في طور الدراسة والنقاش، وإذا اتفقنا على الآلية وأفرزت هذه الآلية اسما معينا فسوف نلتزم به سواء كان هذا المرشح من داخل الائتلافين أو من خارجه.

* هل ستسمحون للدكتور علاوي، رئيس القائمة العراقية بالمبادرة لتشكيل الحكومة، مثلما طرح الرئيس جلال طالباني ومسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان؟

- نحن ملتزمون بالسياقات الدستورية، إذا كان الفهم الدستوري وتفسير المحكمة الاتحادية للدستور بحسب مقاسات الدستور نفسه يعطي الفرصة للقائمة العراقية فسنكون مؤيدين لهذا الفهم، وإذا كان يعطي الفرصة لتحالف أو كتلة تتشكل عند انعقاد جلسة مجلس النواب، وتمثل عددا أكبر من أعضاء مجلس النواب المقبل فسوف نمتثل، نحن مع ما يقوله الدستور، وما دمنا نتحدث عن شراكة وطنية حقيقية والكل سيكون حاضرا في المشهد، إذن هذه التفاصيل لن تكون ذات قيمة كبيرة.

* أنتم تتحدثون عن الشراكة وتدعون العراقية إلى المشاركة بينما هناك حجز من قبل الائتلافين (الوطني ودولة القانون) لمنصب رئيس الوزراء، فماذا بقي للقائمة التي فازت بـ91 مقعدا في البرلمان القادم؟

- تتحدثون عن موقع يترقبه 159 مقعدا، وتقولون لماذا لا تأخذه القائمة التي حصلت على 91 مقعدا. في النظام الديمقراطي لا بد أن تتوزع الأدوار والفرص وكل موقع من هذه المواقع يحتاج إلى شخص واحد، ولا مناص إلا أن يكون عندنا رئيس جمهورية واحد ورئيس وزراء واحد، ورئيس برلمان واحد، وعدد مهم من الوزراء للوزارات السيادية، والوزارات الخدمية.

أنا لا أعتقد بأن التقييم يجب أن يكون من خلال الموقع، وإما أن تكون بهذا الموقع وإلا لا تكون. الموضوع عبارة عن أدوار يتبادلها الجميع وتعطى الفرص للجميع، وإذا كنا نريد الحديث عن لغة الأرقام فهناك في الاتجاه الآخر أيضا أرقام قد تكون أكثر عددا إذا ما نظرنا ضمن مقاييس التحالفات، وإذا نظرنا إلى المشهد العام، كيف ندير هذا البلد، وكيف نتعاون على بناء هذا البلد فسنجد الجميع حاضرا وبقوة في صناعة القرار، وهذا ما نعمل من أجله ولا نقبل بما هو دونه.

* تحدثتم عن زيارتكم للمملكة العربية السعودية، هل لمستم سواء من قريب أو بعيد، أو مجرد الإشارة إلى تدخل المسؤولين السعوديين في الشأن العراقي الداخلي؟

- استمعت إلى التزام واضح من خادم الحرمين الشريفين بالتعامل مع القرار العراقي، وهو يحترم القرار العراقي، وإفرازات العملية السياسية ضمن سياقاته، حيث أكد الملك أنه يقف على مسافة واحدة من الجميع وليس له مرشح محدد أو وجهة نظر محددة في هذه الشؤون، وإنما يحترم قرار العراقيين في هذا الموضوع.

* في اعتقادكم، من يتدخل اليوم في الشأن الداخلي العراقي؟

- لا أعرف، أصبحت المصطلحات فضفاضة وفيها الكثير من فرص التأويل، هناك اهتمام كبير بالمشهد العراقي من كل دول المنطقة، ومن بعض دول العالم المهتمة بالشأن العراقي ومتواصلة معه، لهم تقديرات ولهم هواجس ولهم مخاوف، ولهم تمنيات ويتواصلون مع القيادة العراقية ويستوضحون، ويستفسرون عن التفاصيل ويعبرون عن وجهات نظر، واختلط المفهوم بين ما هو تدخل، وما هو اهتمام بالشأن العراقي ضمن منظومة من المصالح، وأعتقد أن الوضع السياسي الهش في العراق يسمح بهذا النوع من التكهنات والتعامل مع الواقع العراقي، وكلما كنا أكثر صلابة وانسجاما ووحدة، كان لنا قرار عراقي واحد نتبناه فيما بينا، وعادت الأمور بتعاملات الدول الأخرى مع الواقع العراقي إلى سياقها الصحيح والمنطقي الذي نجده في تعاملات الدول بعضها مع بعض. فمن ينظر إلى الواقع العراقي على أنه يمثل الحالة الصحية المتكاملة ويتوقع للعراقيين ومن العراقيين كما في دول عريقة في الديمقراطية، أن يعيشوا نفس الاعتبارات الطبيعية، يكن قد توقع اعتبارات أكبر من الواقع، لأن نفس هذه الدول عندما مرت بالظروف والمخاضات في الفترة التي كانت تعيش نفس حالة العراق، أيضا، كانت تعيش معاناة وبعض الإشكاليات، لذلك علينا أن ننظر إلى الواقع العراقي بحجمه وبحجم الجراح واللآلام التي نعاني منها وبحجم الطموحات التي نسعى إلى تحقيقها، ونقيم الحالة في ضوء ذلك سنجد أننا نتقدم بخطوات رغم كل ما يقال عن ملاحظات وإشكاليات المرحلة التي نعيشها.

* هل تعتقدون أن تشكيل الحكومة سيأخذ وقتا طويلا؟

- نحن لا نتمنى ذلك، نحن في انتظار التصديق على نتائج الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية، وهذا سيفسح المجال لعقد مجلس النواب ثم تسير العملية بأسقف زمنية محددة. ونتمنى من الائتلافين التوصل إلى تصور لاختيار رئيس الوزراء حتى نمضي في العملية السياسية.

* هل ما زلتم عازمين على عقد المائدة المستديرة؟

- المائدة تحققت ونحن عازمون على عقد الطاولة المستديرة، المائدة أقامها الرئيس جلال طالباني وأكلنا مع شركائنا أعزائنا من القيادات العراقية الطعام اللذيذ. وقد عبرت عن الذوق الرفيع للرئيس طالباني في اختيار الأكلات العراقية، العربية منها والكردية، التي حفلت بالتنوع، تمنيت أن تتحول المائدة المستديرة إلى الطاولة المستديرة، وأن أجد الفرصة مواتية ليسحب الطعام ويجد القادة أنفسهم أمام بعض ويبدأ الحوار، وكنا نتمنى أن يكون الأخ علاوي حاضرا، لكننا نقدر له ظروفه الخاصة التي حالت دون حضوره. دوما كنا على عقيدة بأن هناك مسارين يجب أن يمضيا معا، مسار الطاولة المستديرة التي يجلس إليها الجميع ويوحدون رؤيتهم تجاه المستقبل والبرنامج الحكومي المطلوب للمرحلة القادمة، والضمانات التي تمنع الوقوع في إشكالات المرحلة الماضية، والأولويات التي يحتاجها البلد، وأولويات العلاقات الإقليمية والدولية، وكذلك وضع المعايير التي تقيم الأشخاص الذين يكلفون بمهام قيادية بغض النظر عن الأسماء. والمسار الثاني وهو مسار تشكيل الحكومة الذي يجري خارج الطاولة المستديرة وضمن التحالفات التي تحصل وصولا إلى حكومة الشراكة الوطنية.

* هل تتوقعون انضمام القائمة العراقية إلى تحالفكم، أو ضمن ائتلاف معين؟

- بكل تأكيد، القائمة العراقية ركيزة مهمة وأساسية مع التحالف الكردستاني والقوائم الفائزة الأخرى. نحن بحاجة إلى هذه اللمة العراقية لبناء الوطن في ظل الظروف الصعبة ولا يمكن أن نستغني عن أحد، والحمل ثقيل ولا بد من التعاون عليه.

* هل ستجددون للرئيس طالباني ولاية ثانية؟

- الرئيس طالباني شخصية وطنية كبيرة ورمز وطني، وأثبت بجدارة في السنوات والظروف الماضية حرصه الكبير على جميع العراقيين والعمل من أجل مصالحهم، لذلك نحن ننظر إليه باحترام كبير ونتطلع لأن يكون له دور مميز في المرحلة القادمة، وندعم فرص ترشيحه لولاية رئاسية ثانية، كما نحترم الاتفاقات التي تتفق عليها الأطراف الوطنية العراقية في ظل حكومة الشراكة الوطنية.