سفير أميركا لدى وكالة الطاقة الذرية: إيران تريد مفاوضات حول «شكل الطاولة».. ونريدها حول القضايا

قال في حوار مع «الشرق الأوسط»: تعاون سورية مع الوكالة غير كاف.. ومقتنعون أنها تعمل بشكل غير قانوني مع كوريا الشمالية

غلين ديفيز (رويترز)
TT

حث السفير الأميركي لدى وكالة الطاقة الذرية غلين ديفيز إيران على التركيز على بحث القضايا الأساسية على طاولة الحوار بين طهران ودول 5+1 بدلا من التركيز على «شكل الطاولة ومن يجلس حولها»، موضحا «كم مرة سنحتاج إلى التحدث حول شكل الطاولة؟ دعونا لا نتحدث عن شكل الطاولة، دعونا نتحدث عن المواضيع التي على الطاولة»، مشددا على أن أميركا تسعى «لحل شامل طويل الأمد» مع إيران للقلق الدولي من برنامجها النووي. وأكد ديفيز في حوار مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مكتبه في فيينا أنه لم يتم اتخاذ قرار بعد بشأن مشاركة تركيا والبرازيل في المفاوضات المتوقعة مع إيران في سبتمبر (أيلول) المقبل، موضحا «فيما يتعلق بمشاركة تركيا والبرازيل في المفاوضات المقبلة، فهذا يعود للعواصم المعنية لتقرر ذلك، هذا يعود لتركيبة المفاوضات وما إذا كانت ستتغير». وقال ديفيز إنه إذا أظهرت طهران مصداقيتها في الوفاء بالتزاماتها الدولية فإن «اتفاقا يمكن التوصل إليه مع إيران». ووصف ديفيز التعاون السوري مع وكالة الطاقة الذرية بأنه «غير كاف»، موضحا أن دمشق ما زالت ترفض أن يزور مفتشو الوكالة مفاعل دير الزور، على الرغم من أن المفتشين الدوليين خرجوا بأسئلة أكثر مما خرجوا بإجابات عندما زاروا ذلك الموقع بعد قصفه، موضحا أن «أميركا لن تترك ذلك الموضوع.. ويجب أن ترد سورية على أسئلة وكالة الطاقة الذرية»، قائلا أيضا إن هناك قناعة «أن سورية تعمل بشكل غير قانوني مع كوريا الشمالية للالتفاف على نظام منع الانتشار النووي». وقال ديفيز إن أميركا تدعم جهود دول المنطقة لبناء مفاعلات نووية لتوليد الطاقة للاستخدام السلمي، مشيرا أيضا إلى أنه إذا أرادت دولة ما أن تقوم بتخصيب اليورانيوم على أراضيها فإن أميركا ستكون مهتمة بالحديث مع تلك الدولة حول خططها، موضحا أن السبب في ذلك يعود إلى أن «تخصيب اليورانيوم مسألة معقدة جدا جدا وصعبة ويمكن أن تؤدي إلى خطر الانتشار النووي. ردنا على مسألة التخصيب هو أنه لا بد أن يتم إقامة بنك دولي للوقود النووي».

إلا أنه أوضح أيضا «إذا أرادت دولة أن تبني منشآت للتخصيب خاصة بها فإن النقطة الهامة هي أن يتم ذلك بالتوافق مع التزاماتها الدولية. بالنسبة لأميركا.. سنتوجه إلى تلك الدول، التي تريد التخصيب على أراضيها، ونتحاور معها في هذا الموضوع ونحاول أن نفهم منهم لماذا يريدون منشآت خاصة للتخصيب على أراضيهم. لكن الولايات المتحدة لا تقول للدول: لا يمكنكم التخصيب، فهذا في يد الوكالة الذرية ونظام منع الانتشار النووي. فالولايات المتحدة ليست حكما في كأس العالم وفي يدها الكارت الأصفر». وهنا نص الحوار:

* قال الرئيس الأميركي باراك أوباما هذا الأسبوع إن أميركا ستواصل الضغط على إيران حتى تفي بالتزاماتها الدولية، فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن مستعدة للحوار إذا كانت إيران «جادة» في الحوار وسط توقعات أن المفاوضات قد تستأنف بين طهران ودول 5+1 بحلول سبتمبر المقبل. فهل هناك شروط أميركية مسبقة لاستئناف ذلك الحوار؟

- كلمة شروط ربما كلمة أقوى من اللازم. لكن دعيني أولا أقول إن لدينا سياسة من مسارين، وهما الانخراط مع إيران دبلوماسيا في محاولة لإيجاد حل طويل الأمد للقلق الدولي من البرنامج النووي الإيراني. والمسار الثاني هو محاسبة إيران على أفعالها فيما يتعلق بالتزاماتها الدولية. لدينا هذان المساران: الحوافز والضغوط. ومنذ عام ونحن نبذل جهودا لمحاولة التواصل مع إيران، بشكل جماعي وبشكل فردي، فيما واصلت إيران إظهار عدم رغبتها في انتهاز هذه الفرصة. وللعودة إلى سؤالك حول ما إذا كانت هناك شروط مسبقة للحوار، فإن الأمر الهام بالنسبة لنا، وهو ما قلناه للإيرانيين بوضوح في اجتماع جنيف في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، هو أن على إيران أن ترد على مصادر القلق الدولي من برنامجها النووي. هذا بالنسبة لنا هو نقطة البداية، إذا فعلت إيران هذا بطريقة واضحة وصريحة وأظهرت مصداقيتها في الوفاء بالتزاماتها بوصفها عضوا في وكالة الطاقة الذرية موقعا على اتفاقية منع الانتشار النووي، فإن اتفاقا يمكن التوصل إليه مع إيران. وهذا بالتأكيد كان رسالتنا في اجتماع جنيف في أكتوبر العام الماضي. وما زالت هذه هي رسالتنا. المشكلة أنه من الصعب التركيز على هذه الرسالة فيما إيران تواصل نشاطات استفزازية من بينها تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وإخفاء منشأة قم، وعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي. ما نريد فعله هو التواصل مع إيران دبلوماسيا، نحن ملتزمون بهذا الهدف ونريد حلا شاملا وطويل الأجل للقلق الدولي من برنامج إيران النووي. هذه هي المهمة رقم واحد فيما يتعلق بالتواصل مع إيران. وأعتقد أن الإيرانيين يعرفون أن هذا هو هدفنا، لأن هذا ما قلناه لهم بشكل جماعي وبشكل ثنائي منذ أن بدأ الرئيس أوباما ولايته. لكننا نريد من الإيرانيين أن يظهروا أنهم جادون في معالجة مصادر القلق من برنامجهم النووي.

* اتفاق التبادل النووي الذي وقعته إيران مع تركيا والبرازيل يتقاطع في نقاط كثيرة مع مقترح دول 5+1 الذي اقترح على إيران في جنيف في أكتوبر الماضي، فلماذا كان رد فعل واشنطن على إعلان طهران متحفظا؟ ما هي عيوب ذلك الاتفاق من وجهة نظركم؟

- أولا يجب أن أقول إن أميركا تحترم جدا الجهود التركية والبرازيلية وتدرك أنهما يتحركان بدوافع جيدة وكانت هناك اتصالات معهم على كل المستويات، بما في ذلك مستوى الرؤساء، وذلك حتى يدركا أسباب القلق الأميركي. للعودة إلى السؤال حول مشكلات إعلان طهران. أولا: الاتفاق لا يأخذ في الاعتبار التغييرات الكبيرة على أرض الواقع التي ألمت بالبرنامج النووي الإيراني بسبب الأفعال الإيرانية منذ أكتوبر العام الماضي. وعلى رأسها تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 20%، لكن هذا ليس السبب الوحيد، فهناك أيضا تجاهل إيران لالتزاماتها بموجب معاهدة الحد من الانتشار النووي، وإخفاء منشأة قم، وعدم رد إيران بشكل كامل على أسئلة وكالة الطاقة حول احتمال وجود جانب عسكري للبرنامج النووي الإيراني وهي صعوبات واجهت الوكالة وجعلتها غير قادرة على تأكيد سلمية البرنامج النووي الإيراني. كل هذا حدث خلال الشهور الستة الماضية، لكن المسألة الجوهرية هي أن إيران تقريبا ضاعفت من كمية اليورانيوم المخصب التي لديها من ناتانز. عندما تحرك محمد البرادعي، المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية، بشكل بطولي في الخريف الماضي لقيادة المفاوضات في فيينا وخرج بذلك العرض الممتاز الذي ينص على إرسال إيران لليورانيوم الذي لديها للخارج كي يتم تحويله إلى وقود نووي كي تستخدمه في مفاعلها للأبحاث في طهران لإنتاج النظائر الطبية، تم ذلك وكان لدى إيران في ذلك الوقت 1600 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب، لكن منذ ذلك الوقت وحتى الآن سرعت إيران وتيرة برنامجها النووي، وأنتجت، مع أنه من الصعب تحديد حجم الكمية بدقة، نحو 1000 كيلوغرام إضافية من اليورانيوم.

هذا تغيير في الظروف على الأرض. عودة إيران إلى اتفاق أكتوبر العام الماضي ثم طرح السؤال: ما هو عيبه بعد نحو عام تقريبا من الاتفاق عليه، لا يضع في الاعتبار الكثير من التغييرات على الأرض. أيضا هناك عدد من النقاط في إعلان طهران لم تراع تفاصيل وردت في الاتفاق الذي أشرف عليه البرادعي في أكتوبر من العام الماضي. مثلا تفاصيل حول مسألة الوصاية على تخزين الوقود الإيراني وشروط إعادة اليورانيوم، كل التفاصيل تقريبا. ونحن أوضحنا لمدير الوكالة الجديد السيد أمانو مصادر قلقنا. وعندما أقول نحن أعني الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا. فقد ذهبنا إلى أمانو منذ نحو شهر وأوضحنا له مصادر القلق التي لم يعالجها إعلان طهران. وتم توصيل كل تلك المخاوف إلى إيران، وها نحن بعد شهر ما زلنا ننتظر من طهران أن ترد على تلك المخاوف التي بعثتها إليها وكالة الطاقة الذرية والتي أرسلت في الأسبوع الثاني من يونيو (حزيران) الماضي.

* تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 20% غير الكثير من الحقائق على الأرض كما قلت، إذا كانت دول 5 +1 ستتفاوض مع إيران خلال شهر سبتمبر المقبل حول اتفاقية التبادل النووي، فما هي التعديلات التي تريدون إدخالها على الاتفاق كي يتم التوافق حوله، بمعنى آخر إعلان طهران تضمن إرسال إيران لـ1200 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب الذي لديها للخارج، لكن أنتم قلتم إن هذه الكمية لن تكون كافية الآن لطمأنة الغرب من نوايا إيران النووية، فما هي الكمية التي يمكن أن تقترحوا على طهران إخراجها؟

- تسألين السؤال الصحيح، لكن ما لا أستطيع فعله، لأنه سيعقد مساعينا الدبلوماسية، هو التفاوض مع إيران عبر الصحافة بإعلان كمية اليورانيوم. لكن النقطة التي أريد التركيز عليها هي أنه بعد مقاومة إيران لفكرة البرادعي بإرسال 1200 كيلوغرام من اليورانيوم للخارج لمدة 8 أشهر، أخيرا تقبلها طهران، لكن تغيرت الظروف على أرض الواقع. ما أريد قوله هو أن إيران تحتاج لأن تظهر أنها تفهم قلق العالم والمنطقة في برنامجها النووي، وهذا هو الشيء المفقود حتى الآن. كي تعود إيران أخيرا وتقول بعد مرور كل هذه الشهور إنها مستعدة لقبول الكمية التي اقترحها البرادعي، هذا فيه شيء من التحايل، لأنه لا يأخذ في الاعتبار كل ما حدث على الأرض، ومن ذلك التخصيب بنسبة 20% واكتشاف منشأة قم. كل من تركيا والبرازيل، على الرغم من الاختلافات حول التوقيت والتكتيك، فإن كليهما أعلن أنهما يعارضان تحول إيران لقوة نووية عسكرية، وأعربا عن قلقهما فيما يتعلق بتعاون إيران مع وكالة الطاقة الذرية. نقدر نواياهما الجيدة، لكننا نريد من إيران أن تعالج مصادر القلق الدولي، وهو قلق دولي ظهر خلال المناقشات الأخيرة المطولة لمجلس أمناء وكالة الطاقة الذرية، فمن أصل 35 دولة في مجلس الأمناء صوتت 3 دول فقط ضد القرار، كما أن دول مجلس الأمن الخمس دائمة العضوية صوتت على قرار العقوبات الأخير. الإيرانيون أحيانا يفضلون التفاوض عبر الصحافة والبيانات العلنية، لكن هذا ليس مفيدا. فما يحتاجون فعله هو العودة إلى وكالة الطاقة الذرية برد على مقترحاتنا.

* مقترح التبادل النووي الذي توصلتم إليه مع إيران في جنيف في أكتوبر الماضي لا يدعو إيران إلى وقف تخصيب اليورانيوم، وبالتالي يقول الإيرانيون إنهم يواصلون التخصيب لأنه حقهم بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي.

- أنت محقة، اتفاق التبادل النووي لا ينص على وقف إيران لتخصيب اليورانيوم. اتفاق التبادل النووي يعالج مسألة الوقود النووي الذي تحتاجه إيران لمفاعل الأبحاث، وبالتالي هو لا يعالج كل أسباب القلق من البرنامج النووي الإيراني. لكن اتفاق التبادل النووي لا بد أن يعالج التغييرات الكثيرة التي حدثت على الأرض ومن بينها تسريع وتيرة إنتاج اليورانيوم في إيران. ولهذا فإن إعلان طهران، على الرغم من النوايا الطيبة للبرازيل وتركيا، لا يعالج مسألة زيادة مخزون إيران من اليورانيوم ولا يستجيب لسقف توقعاتنا حول ما يجب أن يحققه ذلك الاتفاق. فالسبب الذي دعا أميركا وفرنسا وروسيا ووكالة الطاقة الذرية للمشاركة في ذلك الاتفاق في المقام الأول هو الاعتقاد بأننا يمكن أن نلبي الاحتياجات الإيرانية لتزويد مفاعل الأبحاث في طهران بالوقود النووي.

لقد فعلنا ذلك لأننا رأينا الخطوة بمثابة فرصة لمساعدة إيران في الوفاء باحتياجات إنسانية، لمرضى السرطان، وفرصة لإيران أيضا لإظهار نواياها السلمية للبرنامج النووي (بإرسال ثلثي اليورانيوم للخارج). كان هذا سيخلق انفتاحا دبلوماسيا وكان بإمكاننا جميعا أن نستغله للتقدم للأمام ومعالجة أسباب القلق الأكبر. فصفقة تبادل النووي لمفاعل طهران لم تستهدف حل كل القضايا النووية العالقة مع إيران، لكنها استهدفت أن تفتح الطريق بداية لبناء الثقة في النوايا السلمية لإيران.

* إذا توجهتم لمفاوضات في سبتمبر المقبل، هل ستنضم تركيا والبرازيل للمحادثات مع إيران؟ وهل ستقبلون أن تكون تركيا محطة تخزين اليورانيوم الإيراني؟

- حول انضمام تركيا والبرازيل لمحادثات 5+1 مع إيران، مجموعة 5+1 (دول مجلس الأمن + ألمانيا) تتفاوض مع إيران حول طائفة واسعة من المواضيع، لكن خصوصا حول الموضوع النووي على اتساعه بكل قضاياه وتفاصيله. لكن اتفاق تبادل الوقود النووي متعلق فقط وحصريا بمفاعل طهران للأبحاث ومحاولة بناء ثقة في نوايا إيران، وقبل أن توافق إيران على قبول تركيا كمحطة نهائية لتخزين اليورانيوم، قلنا في مجموعة 5+1 إننا لا نعارض هذا. بل في الواقع عملنا مع وكالة الطاقة الذرية قبل أشهر من التوصل إلى إعلان طهران وقلنا علانية إنه إذا لم تكن إيران مرتاحة لإرسال اليورانيوم الخاص بها إلى روسيا، فإننا يمكن أن نبحث عن بديل ثالث، يكون محطة تخزين اليورانيوم الإيراني، ووافقنا على تركيا كمحطة محتملة قبل أن توافق إيران على الخطوة. هذه ليست مشكلة بالنسبة لنا. فيما يتعلق بمشاركة تركيا والبرازيل في المفاوضات المقبلة، فهذا يعود للعواصم المعنية لتقرر فيه، هذا يعود لتركيبة المفاوضات وما إذا كانت ستتغير. لكن إذا تأملنا للحظة سنطرح السؤال: ما هي دوافع إيران هنا؟ لماذا لا يأتون ويبحثون المواضيع الأساسية بدلا من أن يركزوا على شكل الطاولة ومن يجلس حولها؟. قال الإيرانيون في أكتوبر الماضي وبعد ذلك إنهم يريدون العالم أن يأخذهم بجدية وأن يبحثوا القضايا الأساسية. وكان ردنا: موافقون.. سنأخذكم بجدية. تعالوا ودعونا نتفاوض. خافيير سولانا (المسؤول السابق عن السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي) رأس الاجتماع وشارك فيه ممثلون من كل دول مجلس الأمن وألمانيا واتفقنا، ثم قطع الإيرانيون المفاوضات. فبعد مفاوضات جنيف طلبنا من الإيرانيين مرتين العودة للمفاوضات وكان ردهم: لا. الآن يقولون: سنتفاوض إذا تمت الموافقة على تلك الشروط، نريد أن نتحدث عن إسرائيل، ونريد مشاركة البرازيل وتركيا. وردنا هو: كم مرة سنحتاج إلى التحدث حول شكل الطاولة. دعونا لا نتحدث عن شكل الطاولة، دعونا نتحدث عن المواضيع التي على الطاولة.

* في 21 يونيو الماضي أعلن علي أكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية أن طهران لن تسمح لاثنين من مفتشي الوكالة بدخول إيران متهما إياهما بتحريف المعلومات في تقرير الوكالة الأخير حول إيران. فهل هناك توتر بين طهران والوكالة وهل هناك معلومات عن جنسية هذين المفتشين؟

- فعلا إيران منعت مفتشين من الدخول لكن تفاصيل ذلك تعود للوكالة الذرية لكشفها. كما أن الرد على الاتهامات الإيرانية تعود للوكالة، وقد نفى أمانو هذه الاتهامات، فهي اتهامات خطيرة. لم أر أي أدلة على أن هذه الادعاءات صحيحة. موقفنا هو أن مفتشي الوكالة يجب أن يكونوا أحرارا في تسجيل ما يرونه خلال فترة التفتيش، ومن المقلق أن إيران أخذت تلك الخطوة، لكنها ليست المرة الأولى التي تتصرف فيها طهران على هذا النحو الذي يهدف إلى تخويف المفتشين الدوليين وتقليص تعاونها مع الوكالة الذرية، لكنها بفعلها هذا تعزز القلق الدولي من نواياها. أما عن جنسية المفتشين فهذا لا يمكنني الرد عليه، هذا للوكالة للرد عليه.

* الكثير من البلدان العربية بدأت تتجه لبناء مفاعلات نووية لاستخدامها في توليد الطاقة للأغراض السلمية. بات هذا مطلبا اقتصاديا، فالجميع يحتاج المزيد من مصادر الطاقة بتكلفة أقل ودول في المنطقة مثل مصر والأردن والسعودية والإمارات ترغب في بناء مفاعلات نووية. لكن في الوقت نفسه لدى أميركا مصادر للقلق، خصوصا فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم على أراضي تلك الدول وما زالت هناك مفاوضات بين أميركا وبعض دول المنطقة حول هذه النقطة. فما هي مصادر القلق الأميركي؟

- لا أدري إن كنت أتفق مع توصيفك للموضوع. لكن بشكل عام، أميركا ترحب بتطوير برامج نووية سلمية من قبل كل الدول، بما في ذلك الدول التي ذكرت، مصر والأردن والسعودية والإمارات وغيرها. وهذا تحديدا سبب إنشاء وكالة الطاقة الذرية. قلقنا ليس من حقيقة أن دولا في المنطقة تفكر في بناء مفاعلات نووية سلمية لتوليد الطاقة. إذا كنا عبرنا عن أي قلق فهو ببساطة متعلق بالتأكد من أن أي برنامج نووي يلتزم بالضمانات والمعايير الدولية وأن أي مواد نووية لن يتم استخدامها في أنشطة غير سلمية، اعتبارات من هذا الإطار ليس أكثر. أي قلق من جهتنا سيكون ببساطة متعلقا بمنع الانتشار النووي. ولهذا السبب تحدث الرئيس أوباما مفصلا حول عالم خال من الأسلحة النووية، ودعم الاستخدام المدني للطاقة النووية. وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أعلنت في نهاية مؤتمر منع الانتشار النووي الذي عقد في نيويورك في مطلع مايو (أيار) الماضي أن أميركا ستتبرع طواعية بمبلغ 50 مليون دولار لدعم الاستخدام السلمي للطاقة النووية، ليس فقط استخدام الطاقة النووية لتوليد الطاقة، بل أيضا استخداماتها في مجال الطب والزراعة. أميركا تساعد في تطوير الاستخدام السلمي للطاقة النووية أكثر من أي دولة أخرى في العالم، فالتكنولوجيا النووية يمكن أن تساعد في إيجاد الكثير من الحلول لمشكلات العالم.

* إذن أنتم من حيث المبدأ لا تعارضون تخصيب اليورانيوم على أراضي هذه الدول التي تريد بناء مفاعلات نووية للاستخدام السلمي، ما دام أن هذه الدول تحترم التزاماتها بموجب معاهدة الحد من الانتشار النووي؟

- إذا قالت دولة إنها تريد أن تبني مفاعلا نوويا لتزويدها بالطاقة لسكانها، أو تبني مفاعل أبحاث لتزويدها بالنظائر الطبية فهذا شيء ندعمه بشكل كامل. لكن إذا تحدثت دولة عن بناء منشأة لتخصيب اليورانيوم فسنكون مهتمين جدا بالحديث مع تلك الدولة حول لماذا تريد ذلك وما هي خططها، لأن تخصيب اليورانيوم مسألة معقدة جدا جدا وصعبة ويمكن أن تؤدي إلى خطر الانتشار النووي. ردنا على مسألة التخصيب هي أنه لا بد أن يتم إقامة بنك دولي للوقود النووي، وقد بدأنا بالفعل هذه العملية، بحيث إنه إذا أرادت دولة لديها مفاعل نووي شراء وقود نووي، يمكنها الذهاب إلى واحد من بنوك الوقود النووي وذلك بغض النظر عن الاعتبارات السياسية. بمعنى أن البنك سيقوم تماما على أسس تجارية. وفكرة بنك دولي للوقود النووي موجودة في الميثاق التأسيسي لوكالة الطاقة الذرية وهذه هي الطريقة الآمنة لمنع الانتشار النووي. فالتخصيب مكلف جدا وصعب جدا وحتى خطر كي تقوم كل دولة بإنشاء منشآت للتخصيب خاصة بها.

* لكن دولا أعضاء في وكالة الطاقة الذرية ودولا في المنطقة أعربت عن قلق من فكرة بنك الوقود النووي وقالت إن الفكرة تمنع دولا في المنطقة من التخصيب؟

- الأمر ليس أن أميركا بإمكانها أن تقول ما إذا كانت الدول يمكنها أو لا يمكنها إقامة منشآت للتخصيب خاصة بها. الموضوع هو التزامات الدول الموقعة على اتفاقية حظر الانتشار النووي. إذا أرادت دولة أن تبني منشآت للتخصيب خاصة بها فإن النقطة الهامة هي أن يتم ذلك بالتوافق مع التزاماتها الدولية. بالنسبة لأميركا، وأنا هناك أتحدث عن أميركا وليس عن وكالة الطاقة الذرية أو نظام منع الانتشار النووي، فإن أميركا ستتوجه إلى تلك الدول، التي تريد التخصيب على أراضيها، ونتحاور معها في هذا الموضوع ونحاول أن نفهم منهم لماذا يريدون منشآت خاصة للتخصيب على أراضيهم. لكن الولايات المتحدة لا تقول للدول: لا يمكنكم التخصيب، فهذا في يد الوكالة الذرية ونظام منع الانتشار النووي. فالولايات المتحدة ليست حكما في كأس العالم وفي يدها الكارت الأصفر.

* فيما يتعلق بسورية.. كيف تقيمون التعاون السوري مع الوكالة حاليا؟

- التعاون السوري مع الوكالة الذرية غير كاف. والمشكلة أنهم سمحوا للوكالة بالتفتيش مرة واحدة قبل فترة في مفاعل دير الزور. وخرجت الوكالة من عملية التفتيش بأسئلة أكثر مما خرجت بإجابات حول ما كان يحدث هناك. سورية قالت إنه لم يكن هناك مفاعل نووي. والوكالة قالت: وجدنا أدلة على أنشطة قلتم إنكم لم تكونوا تقومون بها. موقفنا من سورية كان: إذا لم تكونوا تقومون بأي مخالفة لاتفاقية منع الانتشار النووي، فلماذا لا تسمحون لمفتشي الوكالة بالتفتيش في موقع دير الزور. اتركوا المفتشين يقومون بإعمالهم في الموقع ويتحدثون مع المهندسين والعلماء الذين عملوا في الموقع. وهنا بدأت سورية تدور حول نفسها وتنفي أي أنشطة سرية. لكن أميركا لن تترك ذلك الموضوع. أميركا تصر على أن تفي سورية بالتزاماتها الدولية بموجب معاهدة الحد من الانتشار النووي ويجب أن ترد على أسئلة وكالة الطاقة الذرية.

* هل تشكون في علاقة بين مفاعل دير الزور وتعاون نووي إيراني - سوري؟

- أعتقد أن المشكلة ليست في هذا، وليست لدينا معلومات حول هذا. لكن المشكلة هي في دور كوريا الشمالية في بناء مفاعل دير الزور. نحن مقتنعون أن سورية بشكل غير قانوني تعمل مع كوريا الشمالية للالتفاف على نظام منع الانتشار النووي. وهناك أسئلة هامة جدا، خصوصا بالنسبة للمنطقة إذا قررت دولة ما فجأة وبشكل سري التعاون مع دولة مارقة، وهي كوريا الشمالية التي انسحبت من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، في محاولة سرية لامتلاك قدرات نووية. هذا سيؤدي إلى سلسلة من التساؤلات لسورية حول لماذا تفعلون ذلك سرا.