أمير الكويت يوجه بتعديل قانون الانتخابات لمعالجة آلية التصويت

حذر من فتنة هوجاء وانتقد الإسفاف في الخطاب العام

TT

أعلن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمس أنه أمر الحكومة بإجراء تعديل جزئي للقانون الانتخابي قائلا في كلمة وجهها للكويتيين عبر التلفزيون إنه وجه الحكومة بحتمية صدور مرسوم بقانون لإجراء تعديل جزئي في النظام الانتخابي القائم يستهدف معالجة آلية التصويت فيه لحماية الوحدة الوطنية.

كما وجه الحكومة أيضا إلى إعداد مرسوم بقانون بإنشاء اللجنة الوطنية للانتخابات وتنظﯿم الحملات اﻻنتخابية لضمان نزاهة العملية اﻻنتخابية ومرسوم بقانون في شأن نبذ الكراهية وحماية الوحدة الوطنية ومرسوم بقانون بشأن مكافحة الفساد، مؤكدا أنها في طريقها إلى الصدور.

وقال في كلمته «إنني تابعت أحداثا كانت وما زالت مبعث حزن وألم وقلق شديد لي ولكم جميعا بغير شك»، محذرا من «فتنة هوجاء توشك أن تعصف بوطننا وتقضي على وحدتنا وتشوه هويتنا وتمزق مجتمعنا وتحيلنا إلى فئات متناثرة وأحزاب متناحرة وطوائف متعارضة وجماعات متضاربة كل واحدة تتربص بالأخرى». وأضاف متعجبا: «هل هذه هي الكويت التي كانت مثاﻻ للتلاحم والتراحم والتكافل وكان أهلها إذا أصابت أحدهم محنة تداعى الجميع لنجدته ومساعدته بالجهد والمال حتى يخرج من محنته ويقف على رجليه؟».

كما أبدى ألمه مما يراه من إسفاف مقيت في لغة الخطاب وانحدار مشين في أخلاقيات التعامل والعمل العام وخروج صارخ على القيم الموروثة واﻵداب المعهودة وفجور في الخصومة ورفض لحق اﻻختلاف وعدم احترام الرأي اﻵخر وتشنج في المواقف وغلو في التطرف واستمراء لنهج الفوضى والشغب وتجاوز لكل الحدود المألوفة وتماد في التطاول.

وقال: «أرى كل ذلك وأتساءل متعجبا هل هكذا أهل الكويت المشهود لهم بعفة اليد واللسان بما جبلوا عليه من صدق اﻻنتماء والوﻻء للوطن وتمسك بثوابته الوطنية وبما عرف عنهم من السماحة والرقي واﻻعتدال وحرص على قيم اﻻحترام ومراعاة مشاعر اﻵخرين؟».

وأبدى قلقه على المستقبل إذا استمر هذا الوضع قائلا: «لقد عاشت الكويت مئات السنين واحة أمن وأمان واستقرار، بلدة طﯿبة ورب غفور، وعاش أهلها في حرية وتعاون وتراحم رغم شظف العيش وقسوة الطبيعة والآن وقد أفاء اﷲ علينا بفيض نعمه وأغدق علينا بنعيم فضله هل نترك ﻷجيالنا القادمة دولة آمنة مستقرة مزدهرة تعيش في أمن ورخاء أم نترك لهم مجتمعا ممزقا متناحرا محروما من اﻷمن واﻷمان والرخاء؟».

وقال: «هذه حالنا اليوم، نمسي على أزمة ونصبح على أزمة أخرى، نخرج من مشكلة لندخل في مشكلة أخرى. الشعوب تتحرك والدول تتقدم ونحن جامدون نراوح في مكاننا، إن لم نتراجع إلى الوراء. نعم هناك قصور وهناك إخفاقات تشوب العمل في الكثير من الأجهزة الحكومية كما هو الحال في دول أخرى ولكن كيف السبيل إلى اﻹصلاح وهذه المشكلات المصطنعة واﻷزمات المفتعلة ﻻ تبقي للمسؤولين جهدا وﻻ تذر له وقتا لمواجهة اﻷخطار الخارجية المحيطة بنا أو معالجة اﻷخطاء التي تعرقل تقدم مسيرتنا إلى اللحاق بالركب الحضاري العالمي وتحقيق التنمية الشاملة واﻹصلاح الكامل والقضاء على مظاهر الفساد وأسبابه واﻻرتقاء بالخدمات العامة من صحة وتعليم وكهرباء ومياه وإسكان وطرق إلى المستوى الذي يليق ببلدنا وشعبنا وإيجاد آﻻف فرص العمل لشبابنا الذين تستقبلهم سوق العمل كل عام».

وتابع: «من المؤسف والمؤلم أن هذه اﻷزمات التي تشل بلدنا وتهدد أمننا وتعطل أعمالنا هي من صنع نفر من أبنائنا توسمتم فيهم خيرا وعقدتم عليهم اﻷمل ليشاركوا في مسؤولية مسيرتنا الوطنية متعاونين مع إخواننا في الحكومة نحو غد أفضل لبلدنا ومجتمعنا ولكن هناك من يتعمد وضع العصي في الدواليب وعرقلة المسيرة ويصر على فرض إرادته ورأيه على الجميع محاوﻻ تكريس قيم ومفاهيم غريبة على مجتمعنا ممعنا في التطرف ويرفض الحوار ويلغي اﻵخرين ويوزع صكوك الوطنية ويطلق وصايته المطلقة على الدستور».

وأكد أن الكويت دولة قانون ومؤسسات نظام الحكم فيها ديمقراطي يسودها القانون، قضاؤها مستقل، كما شدد على أنه «يجب أﻻ نتوجس خيفة من نعمة اﻻختلاف في وجهات النظر حول مختلف المسائل الوطنية غير أن صلاح اﻻختلاف قائم على إيجابية الحوار واﻻلتزام بآدابه واﻻرتقاء بأساليبه والرغبة الصادقة في إيجاد أفضل الحلول بعيدا عن أجواء الشحن واﻹثارة ومظاهر اﻹقصاء والتخوين حريصين على تحصين ثوابتنا والنأي بها عن تبعات السجاﻻت السياسية ومزالقها».

وأكد أنه لا حياد عن المنهج الديمقراطي والالتزام بالدستور. وقال إنه جاء القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر اﻻنتخابية لمعالجة السلبيات التي شابت النظام اﻻنتخابي السابق عن طريق تقليص عدد الدوائر اﻻنتخابية وزيادة القاعدة اﻻنتخابية بكل دائرة. ولئن تحققت بعض الجوانب اﻹيجابية إﻻ أن المتابع ﻵثار ونتائج التطبيق العملي لهذا النظام عبر ثﻼثة مجالس نيابية متعاقبة يلحظ جملة من اﻻختلالات واﻷمراض التي شابت جميع تلك المجالس وباتت تشكل خطرا جسيما على وحدتنا الوطنية.

وأشار بشكل خاص إلى ما يتصل بآلية التصويت فيه بما أسفر عنه من نتائج تجافي العدالة والتمثيل الصحيح ﻷطياف المجتمع الكويتي في البرلمان ومساس مرفوض بوحدتنا الوطنية، مؤكدا أن إصلاح الوضع أصبح استحقاقا وطنيا.

وقال بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية حكمها الحاسم الذي يسمح بإجراء التعديل الضروري اللازم للنظام اﻻنتخابي واستجابة للضرورة الملحة التي استوجبت اللجوء ﻻتخاذ هذا القرار بما ﻻ يسمح بأي تسويف أو تأجيل، وتفعيلا لسلطاتي الدستورية فقد وجهت الحكومة بحتمية صدور مرسوم بقانون ﻹجراء تعديل جزئي في النظام اﻻنتخابي القائم يستهدف معالجة آلية التصويت فيه لحماية الوحدة الوطنية وتعزيز الممارسة الديمقراطية ويحقق تكافؤ الفرص والتمثﯿل المناسب لشرائح المجتمع، مؤكدا ثقته بأن يتناول مجلس اﻷمة القادم مراجعة هذا القانون مراجعة شاملة.

وفي هذا اﻹطار وحرصا على دفع عجلة اﻹصلاح فقد وجهت الحكومة أيضا إلى إعداد مرسوم بقانون بإنشاء اللجنة الوطنية للانتخابات وتنظﯿم الحملات اﻻنتخابية لضمان نزاهة العملية اﻻنتخابية ومرسوم بقانون في شأن نبذ الكراهية وحماية الوحدة الوطنية ومرسوم بقانون بشأن مكافحة الفساد وهو في طريقه للصدور.

وحذر من أن هناك خطا فاصلا يتوجب على الجميع إدراك أبعاده واحترام حدوده يفرق بﯿن الخير والشر وبين الحرية والفوضى بﯿن النصيحة الصادقة والبذاءة والتجريح وبﯿن سيادة القانون وشريعة الغاب.

وأكد أمير الكويت في كلمته أنه لن يقبل أبدا بتهديد أمن الكويت وإرهاب أهله وتعطﯿل مسيرته، كما لن نقبل بفوضى الشارع وشغب الغوغاء أن تشل حركة الحياة والعمل في البلاد، ولن نسمح لبذور الفتنة أن تنمو في أرضنا الطﯿبة أو بثقافة العنف والفوضى وتضليل الشباب المخلصين باﻷوهام واﻻفتراءات أو اختطاف إرادة اﻷمة باﻷصوات الجوفاء والبطوﻻت الزائفة.