إعلان «حالة الطوارئ» في مصر

معارك في شوارع العاصمة.. واستهداف الكنائس في المحافظات

TT

أعلنت السلطات المصرية عصر اليوم (الأربعاء) فرض «حالة الطوارئ» لمدة شهر في جميع أنحاء البلاد، وذلك بعد أن تحولت شوارع في العاصمة المصرية القاهرة اليوم إلى ساحات مفتوحة لـ«حرب شوارع» بين أنصار الإخوان المسلمين من جانب وقوات أمنية وسكان من جانب آخر.. فيما شهدت العديد من المحافظات المصرية أعمال عنف من قبل الإخوان تجاه الكنائس والمنشآت الحكومية، وبخاصة أقسام الشرطة.

وبدأت قوات الشرطة المصرية في عملية فض اعتصامي ميداني «رابعة العدوية» (شرق القاهرة) و«نهضة مصر» (بمحافظة الجيزة)، الذين يقوم بهما أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي منذ أكثر من 47 يوما، في تمام الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي للقاهرة (السادسة بتوقيت غرينتش).

وبينما تمكنت قوات الشرطة من السيطرة على ميدان النهضة بصورة أسهل نسبيا، واجهت مقاومة عنيفة بميدان رابعة. لكن شهود عيان أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن معتصمي النهضة هربوا إلى شوارع منطقة المهندسين القريبة من مقر اعتصامهم (على بعد نحو كيلومتر واحد)، وانضم إليهم عناصر أخرى من غير المعتصمين. وأشار الشهود إلى أن «قوات من الشرطة تمترست على أطراف شارعي جامعة الدول العربية والبطل أحمد عبد العزيز الرئيسين في المهندسين، وميدان مصطفى محمود، حيث تدور معارك وما يشبه حرب الشوارع بينهم وبين الإخوان باستخدام الذخيرة الحية والخرطوش والحجارة»، حتى كتابة هذا التقرير عصر اليوم.

وشهدت عملية فض اعتصام رابعة العدوية صعوبة أكبر، وقالت مصادر أمنية إن «القوات تحاول ضبط النفس بكل صورة ممكنة لتجنب سقوط أعداد كبيرة من الضحايا».

وحتى عصر اليوم، تضاربت أعداد القتلى والمصابين المعلنة من جهات رسمية مصرية، وبين متحدثين باسم جماعة الإخوان؛ فبينما قالت وزارة الصحة المصرية إن عدد القتلى 56 شخصا بينهم 5 من الشرطة، فيما أصيب نحو 100 شخص، قال القيادي الإخواني جهاد الحداد إن عدد القتلى تجاوز 300 قتيل، وإن هناك آلاف المصابين.

وأكدت مصادر أمنية القبض على عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين بعد البدء في فض الاعتصامين.. لكن تلك المصادر قالت إنه «من السابق لأوانه الكشف عن أسماء تلك القيادات».

وبالتزامن مع البدء في عملية فض الاعتصامين، شهدت العديد من المحافظات المصرية اعتداءات من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي على عدد من المنشآت الحكومية والملكيات الخاصة للسكان، واستهدافا موسعا لعدد من الكنائس، إذ أشارت تقارير إلى استهداف كنائس في محافظات سوهاج والمنيا وبني سويف والفيوم وأسيوط والإسكندرية والعريش، بدرجات متفاوتة، بدءا من محاولات لاقتحامها، وصولا إلى حرق بعضها بالكامل.

كما شهدت العديد من أقسام الشرطة بمختلف أنحاء مصر محاولات لاعتداء عناصر من الاخوان، وكذلك تعديات على مبنى محافظة الإسكندرية وديوان عام محافظة البحيرة، وحرق مجمع المحاكم بمحافظة الإسماعيلية، الذي تنظر فيه قضية التخابر والهروب من سجن وادي النطرون المتهم بها مرسي وآخرون من قادة الجماعة.

من جهتها، أكدت الحكومة المصرية اليوم أنها ستتصدى بحزم لأي اعتداء على الممتلكات العامة، وأصدر مجلس الوزراء بيانا يطالب المحتجين من مؤيدي مرسي بالتوقف عن اللجوء للعنف. ويحمّل البيان قيادات جماعة الاخوان المسلمين المسؤولية عما يراق من دماء.

وقال البيان: «تؤكد الحكومة أنها سوف تتصدى بكل حسم وحزم للمحاولات التي بدأتها بعض العناصر التخريبية للاعتداء على الممتلكات العامة وأقسام الشرطة والمنشآت الحيوية»، وأضاف «وتحذر الحكومة أنها ستقوم باستخدام كل الوسائل الكفيلة بملاحقة تلك العناصر وحماية ممتلكات الشعب».

ودعا البيان المحتجين في أماكن الاعتصام الى «العودة إلى الضمير الوطني والاستماع الى صوت العقل وحفظ الدماء والكف الفوري عن استخدام العنف ومقاومة السلطات»، مطالبا قيادات الاخوان بايقاف «عمليات التحريض التي تضر بالأمن القومي»، وحمّل هذه القيادات المسؤولية عن أي دماء تراق.

وحول تبعات ما يحدث في مصر الآن، قال مصدر أمني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «جماعة الإخوان نسفت كل محاولات الإصلاح أو البحث عن مخرج سلمي للأزمة في مصر.. واستعدت سيناريو الفوضى وتهدف إلى حرق مصر بالكامل»، موضحا أن «القيادة المصرية تبحث حاليا فرض حالة طوارئ، أو ربما حظر تجول جزئي على أقل تقدير، وذلك لمواجهة التطرف والإرهاب الذي تقوم به عصابات الإخوان»، على حد وصفه.

وعلى المستوى الدولى، توالت ردود الفعل عقب بدء عمليات فض الاعتصامات؛ فمن جهته حذر الاتحاد الأوروبي من تفاقم العنف في مصر، وقال متحدث باسم كاثرين آشتون، مسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إن التقارير التي تحدثت عن سقوط قتلى وجرحى «مقلقة للغاية».

وأضاف المتحدث أن المواجهات والعنف ليست طريقا لحل القضايا السياسية المهمة واجتياز التحديات الراهنة، مطالبا جميع الأطراف بـ«التحلي بأقصى درجات ضبط النفس».

وحث وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيله كل القوى السياسية في مصر على العودة الى طاولة المفاوضات، وقال للصحافيين «لا بد من منع اراقة المزيد من الدماء في مصر.. ندعو كل الأطراف للعودة الى عملية سياسية تشمل كل القوى السياسية»، بينما قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بيان «أدين استخدام القوة لتفريق المظاهرات. وأدعو قوات الامن إلى التحرك بضبط النفس»، معبرا عن قلقه العميق من تصاعد العنف في مصر.

كما دعا مكتب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في بيان الاسرة الدولية، وعلى رأسها مجلس الامن الدولي والجامعة العربية الى التدخل، بينما أدان الرئيس التركي عبد الله غل فض الاعتصامين، وأعرب عن خشيته من تحول الوضع في مصر الى نزاع مماثل لما يحدث في سوريا. كما اتخذت ايران وقطر نفس الموقف وادانتا استخدام القوة مع المعتصمين.