مصر: الملك عبد الله بن عبد العزيز قام بأقوى تحرك منذ 1973

TT

تعهد الجيش المصري أمس بالاستمرار في حماية الدولة ومواطنيها ومنشآتها بكل حسم وقوة، وطالب أنصار الرئيس السابق محمد مرسي بمراجعة مواقفهم. ووجه الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة المصرية ووزير الدفاع، الشكر للسعودية والإمارات والكويت والأردن والبحرين لتقديم مساعداتهم لمصر والوقوف إلى جانب الشعب المصري في الظروف العصيبة التي يمر بها في الوقت الراهن. وقال السيسي: «مصر لن تنسى مساعداتكم»، واصفا ما قام به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من دعم قوي لمصر بأنه من أعظم الأدوار التي قام بها حاكم منذ حرب عام 1973.. فيما دعا دولة قطر (الحليف لنظام مرسي وجماعة الإخوان) لمراجعة موقفها. 

وأكدت القوات المسلحة على تماسكها ووحدتها بعد شائعات عن توقيف أحد كبار مساعدي السيسي، ونفى الجيش هذه الشائعات في بيان له أمس. وقال مسؤول عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن مصادر تابعة لجماعة الإخوان التي ينتمي إليها مرسي وراء إطلاق مثل هذه الشائعات التي لا أساس لها، بعد أن فشلت الجماعة في الشارع السياسي. 

وظهر السيسي، الذي يشغل أيضا موقع النائب الأول لرئيس الوزراء، أمس وسط المئات من كبار قادة الجيش والشرطة، وتعهد بالاستمرار في حماية الدولة والمواطنين. وقال إن للشعب إرادته الحرة في اختيار من يشاء لحكمه. وطالب أنصار مرسي بمراجعة مواقفهم، مؤكدا على أن أعمال العنف التي تشهدها البلاد (على خلفية التظاهرات المؤيدة للإسلاميين) «لن تُركع الدولة»، مشددا في لقاء مع عدد من قادة وضباط القوات المسلحة وهيئة الشرطة على أن «من يتصور أن العنف سيركع الدولة والمصريين يجب أن يراجع نفسه». وأضاف: «لن نسكت أمام تدمير البلاد والعباد وحرق الوطن وترويع الآمنين».

وقال السيسي إنه لم يتم التنسيق أو التعاون خارجيا مع أي دولة في الشأن المصري وأن المصلحة العليا للوطن تقتضي وضع مصلحة مصر وأمنها القومي فوق كل اعتبار. وأضاف خلال لقائه بقيادات المنطقة المركزية بحضور وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، وعدد من قيادات الجيش والشرطة: «إننا جميعا جيش وشرطة شرفاء وأوفياء لمصر لم نغدر أو نخون أو نكيد، وكنا أمناء في كل شيء وحذرنا من أن الصراع السياسي سيقود مصر للدخول في نفق مظلم، وسيتحول إلى اقتتال وصراع على أساس ديني، وإن ما قمنا به من إجراءات كانت شفافة وأمينة ونزيهة وبمنتهى الفهم والتقدير الدقيق للمواقف والأحداث وانعكاساتها على الأمن القومي».

وقال السيسي: «إننا أعطينا فرصا كبيرة للقاصي والداني للمشاركة لإنهاء الأزمة بشكل سلمي كامل ودعوة أتباع النظام السابق للمشاركة في إعادة بناء المسار الديمقراطي والانخراط في العملية السياسية وفقا لخارطة الطريق بدلا من المواجهة وتدمير الدولة المصرية».

وكان السيسي قد أعلن يوم الثالث من الشهر الماضي عن تعليق العمل بالدستور مؤقتا وبدء مرحلة انتقالية يتولى فيها رئيس المحكمة الدستورية العليا مهام رئيس الجمهورية مؤقتا لحين إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، بعد أن شهدت البلاد مظاهرات ضخمة مناوئة لحكم مرسي وجماعة الإخوان التي ينتمي إليها.

وأضاف السيسي أن النظام السابق وأعوانه أضاعوا العديد من الفرص لتعديل المسار السياسي وإيجاد مساحة من التفاهم بين النظام والقوى السياسية والرأي العام وذلك من خلال العديد من المقترحات التي ضاعت أمام التعنت والصلف وعدم الاستجابة لأي نصح حقيقي يخرج البلاد من دائرة الأزمات، والاعتقاد بتآمر الجميع وأنهم على الحق المبين والباقي على الضلال.

وأوضح أن الدعوة التي وجهها لنزول المواطنين لتفويض القوات المسلحة للتعامل مع الإرهاب، أواخر الشهر الماضي، كانت رسالة للعالم والإعلام الخارجي الذي أنكر على ملايين المصريين حرية إرادتهم ورغبتهم الحقيقية في التغيير، ورسالة للآخرين بأن يعدلوا مفاهيمهم وأفكارهم وأن يستجيبوا لإرادة الشعب، وحتى يدرك كل فرد في القوات المسلحة والشرطة حجم الأمانة الملقاة على عاتقه.

وتابع الفريق أول السيسي، قائلا إن «حجم التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تمر بها مصر أكبر من قدرة مصر كدولة ولكنها ليست أكبر من قدرات المصريين كشعب ووطن، وأن مصر أمانة في رقبة الجميع ويجب علينا كجيش وشرطة أن نحفظ الأمانة ونحمي مصر وشعبها».

ووجه رسالة لأنصار النظام السابق مفادها أن «مصر تتسع للجميع وأننا حريصون على كل نقطة دم مصري». وطالبهم «بمراجعة مواقفهم الوطنية وأن يعوا جيدا أن الشرعية ملك للشعب يمنحها لمن يشاء ويسلبها متى يشاء، وأن حماية الدولة ستبقى أمانة في أعناق الجيش والشرطة والشعب المصري».

وأكد السيسي أن من يقود الدولة ويريد الحفاظ على مصالحها العليا لا بد أن يقبل باستفتاء على بقائه أم رفضه من قبل الشعب. وتساءل: هل من الواجب والمسؤولية والأمانة سقوط البلاد وتغيير الواقع بالقوة وترويع المواطنين نتيجة تصور خاطئ لمفهوم الإفساد والإصلاح في الأرض.  

وأشاد السيسي بـ«الدور الوطني المشرف لرجال القوات المسلحة والشرطة المدنية معا لتأمين الجبهة الداخلية ومواجهة التحديات الأمنية التي تشهدها البلاد بكل قوة وثبات وإصرار على حماية الأمن القومي المصري»، قائلا لمن يردد استيلاء الجيش على السلطة إن شرف حماية إرادة الشعب أعز من حكم مصر، وليست في سبيل رغبة وسلطان أو إقصاء لأحد وإننا أكثر حرصا على الإسلام بمفهومه الصحيح الذي لم يكن أبدا أداة للتخويف والترويع والترهيب للآمنين، و«إننا سنقف جميعا أمام الله وسيحاسبنا على المهمة المكلفين بها في حماية أمن الوطن والمواطنين».

من جانبه، أكد اللواء إبراهيم على قوة أواصر الترابط والتعاون بين وزارتي الدفاع والداخلية والجهد الكبير الذي يقدمه رجال القوات المسلحة وهيئة الشرطة بكافة أجهزتها في الحفاظ على الأمن الداخلي وبث الطمأنينة بين أبناء الوطن والحفاظ على أمن وسلامة شعب مصر العظيم.

وتضمن اللقاء عرض فيلم تسجيلي تناول الجهود الأمنية المشتركة للقوات المسلحة والشرطة في تأمين الجبهة الداخلية والتصدي للإرهاب في سيناء والحفاظ على الأمن القومي المصري.

وعلى هامش اللقاء ألقى الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق محاضرة، أشار فيها إلى أن نبي الإسلام أعلى من شأن جند مصر وبشر بصمودهم في مواجهة الفتن والتحديات، وتحملهم المسؤولية التاريخية والوطنية في الحفاظ على تماسك أركان الدولة وحماية أبنائها. وقال جمعة إن جند مصر في رباط إلى يوم القيامة بفضل ما يحملونه من قيم ومبادئ سامية وتضحياتهم المستمرة في سبيل الوطن .

حضر اللقاء الفريق صدقي صبحي رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة الأفرع الرئيسة وعدد من قادة القوات المسلحة وقيادات وزارة الداخلية وعدد من قادة وضباط القوات المسلحة وهيئة الشرطة .

على صعيد متصل نفت القوات المسلحة في بيان لها الأنباء التي أذاعتها «شبكة رصد» التابعة لجماعة الإخوان، التي قالت فيها إنه جرى وضع اللواء محمد العصار، أحد مساعدي وزير الدفاع، تحت الإقامة الجبرية، مؤكدة على أنه يمارس عمله بشكل طبيعي كأحد المساعدين الرئيسين لوزير الدفاع. وقال مسؤول عسكري إن مصادر إعلامية تابعة لجماعة الإخوان اعتادت في الأيام الأخيرة بث شائعات ضد الجيش وقياداته من أجل تحقيق أهداف مشبوهة من قبل جماعات غير وطنية، وأضاف أن جماعة الإخوان من خلال مواقع إعلامية تابعة لها تحاول منذ عدة أيام بث أنباء غير صحيحة عن محاولات انشقاق داخل الجيش، لكن الواقع يثبت عكس هذه الأكاذيب التي لا أساس لها.