تهدئة أمنية وتصعيد دبلوماسي في المواجهة الأخيرة بين لبنان وإسرائيل

مخاوف إسرائيلية من أزمة يفتعلها شارون للخروج من فضيحة الرشاوى

TT

دخلت المواجهة بين «حزب الله» اللبناني والقوات الاسرائيلية مرحلة التهدئة أمنيا امس فيما اكد لبنان رغبته في نقل المواجهة دبلوماسيا الى منظمة الامم المتحدة متسلحا بتقرير قوات الامم المتحدة في جنوب لبنان عن انتهاك الجرافات الاسرائيلية للاراضي اللبنانية قبل استهدافها بنيران مقاتلي «حزب الله».

على الصعيد الامني ابدت اسرائيل رغبتها في تهدئة جبهتها الشمالية مع لبنان باعلان آفي بازنر المتحدث باسم حكومة أرييل شارون، ان اسرائيل وجهت «رسالة واضحة وموزونة» الى «حزب الله» وسورية في الغارتين اللتين شنهما طيرانها الحربي على مواقع غير مأهولة في الجنوب اللبناني، وفي تأكيده «نأمل ان تكون (سورية) فهمت وان يكون هذا الحادث الجديد والخطير قد اغلق».

ومن جانبه استبعد «حزب الله» امس احتمال حصول تصعيد عسكري، مجددا في الوقت نفسه، تصميمه على الرد على اي خرق اسرائيلي للسيادة اللبنانية. وقال المسؤول الثاني في الحزب، الشيخ نعيم قاسم، ان الحزب «استهدف الجرافة الاسرائيلية فقط لانها تجاوزت الحدود.. والموضوع انتهى عند هذا الحد».

الى ذلك تتخوف مصادر سياسية في اسرائيل من ان يقدم شارون على افتعال ازمة سياسية وعسكرية اقليمية كبرى يشغل فيها الرأي العام المحلي في محاولة للخروج من فضيحة الفساد المتورط فيها رجل الاعمال الاسرائيلي ديفيد أبل، والمتهم بدفع رشاوى لمسؤولين.

وقال زعيم حزب ميرتس يوسي ساريد ان شارون المتهم بالرشوة انسان خطير يعمل بعصبية وتوتر، ولكونه جنرالا يؤمن بلغة القوة فانه يمكن ان يرى مخرجا لورطته هذه بافتعال ازمة خارج الحدود وفق شعاراته الديماغوجية وهي «وحدة الشعب في مواجهة الاخطار الخارجية».

وكشف عن التطور الجديد في قضية الفساد هذه خلال محاكمة أَبل بتهمة دفع الرشاوى لرجال سياسة، منهم شارون نفسه، وابنه جلعاد ونائبه في الحكومة ايهود اولمرت.

وحسب لائحة الاتهام فان ابل حاول الاستفادة من نفوذ شارون كوزير للخارجية في عهد بنيامين نتنياهو، للتغلب على البيروقراطية اليونانية في عملية شراء جزيرة يونانية كان يخطط لان يجعل منها «جنة سياحية اسرائيلية». في المقابل عين ابل، ابن شارون المهندس جلعاد كمستشار في شؤون التسويق براتب شهري قدره 20 الف دولار و1.5 مليون دولار كعمولة، اضافة الى المساهمة في تمويل حملة شارون للفوز بزعامة حزب الليكود.

وتخشى النيابة الاسرائيلية تقديم لائحة اتهام ضد شارون بدون اثباتات دامغة لان ذلك من شأنه ان يؤدي الى تقديمه الاستقالة من رئاسة الوزراء. لذلك لجأت النيابة الى حيلة اتهام مقدم الرشوة اولا، فاذا ما ادين فانها ستقدم لائحة اتهام ضد المرتشين ومنهم شارون وابنه وكذلك نائبه.

واعتبرت وسائل الاعلام والاوساط السياسية في اسرائيل هذا التطور قنبلة سياسية اذ انها المرة الاولى في تاريخ اسرائيل التي يوجه فيها اتهام كهذا الى رئيس الوزراء. ويستذكر الاسرائيليون ما حدث عام 1977 عندما كشف عن حساب مصرفي لزوجة رئيس الوزراء في حينها، اسحق رابين، في بنك اميركي بقيمة 10 الاف دولار بشكل يخالف القانون. عندئذ استقال رابين من منصبه معلنا ان زوجته هي شريكة حياته ولا يبرئ نفسه من خطئها.