انهيار صحة عرفات .. واستنفار في الأمن الفلسطيني

حبس الفلسطينيون أنفاسهم أمس في الوقت الذي استنفرت فيه اجهزة الامن الفلسطينية وتضاربت الانباء بشدة حول الرئيس ياسر عرفات. فبينما قالت مصادر اسرائيلية انه ربما توفي، نفت المصادر الفلسطينية ذلك وقالت ان حالة الرئيس عرفات حرجة، ولكن لا خطر آنيا على حياته.

وفي مؤشر على الوضع الصحي الصعب لعرفات قالت مصادر فلسطينية انه تم تشكيل لجنة ثلاثية لادارة الشؤون الفلسطينية ولمنع حدوث فراغ دستوري في ظل الوضع الصحي الحرج للرئيس عرفات ولمواجهة التطورات.

وذكرت ان اللجنة تضم ثلاثة من اعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح" وهي اعلى الهيئات في الحركة، وهم محمود عباس (ابو مازن) امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وسليم الزعنون (أبو الأديب) رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وأحمد قريع (ابو علاء) رئيس الوزراء الفلسطيني.

وقال عزام الأحمد وزير الاتصالات المقرب من الرئيس الفلسطيني ويتحدث باسمه كثيرا انه التقى عرفات مع 6 وزراء آخرين ومدير مكتب الرئيس رمزي خوري. ونفى تشكيل لجنة لادارة الشؤون الفلسطينية وقال ان الدستور واضح.

وأضاف عزام الأحمد ان عرفات لن يتوجه الى المستشفى إلا إذا قرر اطباؤه ذلك اليوم (الخميس). ومع ذلك اكد انه تم استنفار جميع اعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح" الموجودين خارج الاراضي الفلسطيني.

وكان المسؤولون الفلسطينيون قد توجهوا الى مقر عرفات، المحاصر في مقره المعروف باسم "المقاطعة" في رام الله، امس عندما تواترت التقارير عن تردي وضعه الصحي وبثت اسرائيل انباء عن انه فقد الوعي. وقالت المصادر الفلسطينية ان القيادات الفلسطينية طلبت تشكيل اللجنة الثلاثية وتمت الموافقة على الأمر لكي لا يكون هناك فراغ دستوري. وستتولى اللجنة مهمة ادارة الشؤون الفلسطينية على صعيد السلطة وادارتها ومنظمة التحرير وهيئاتها، كما ستقوم بمتابعة التطورات اللاحقة "وما يستجد على الساحة الفلسطينية".

وأشارت المصادر الى ان عرفات سينقل الى مستشفى في رام الله بعد ان وافقت اسرائيل على ذلك وتعهدت بألا تدخل قواتها مقر عرفات (المقاطعة).

وستصل سهى عرفات، زوجة الرئيس الفلسطيني المقيمة في باريس، صباح اليوم الى رام الله لمتابعة حالة زوجها.

كما علم ان حوالي 15 طبيبا من اوروبا والولايات المتحدة ابلغوا اسرائيل انهم قادمون للمساعدة في علاج عرفات.

وكان الطاقم الطبي التونسي موجودا مع عرفات في مقره امس، كما سيصل فريق طبي مصري ـ اردني الى رام الله اليوم لمتابعة حالة الرئيس الفلسطيني.

ورغم ان المصادر الفلسطينية نفت اصابة عرفات بالسرطان مشيرة الى ان التحليلات الطبية اشارت الى عدم وجود ورم، فانها اعربت قلقها من حالة عرفات المتدهورة قائلة ان الاعراض التي تشبه الانفلونزا قد تكون ناتجة عن شيء آخر.

وأجرت اجهزة الامن تحقيقا حول مخاوف سرت بين المقربين من عرفات حول احتمال ان يكون سم بطيء السريان قد دس له في طعامه.

وقال مصدر فلسطيني ان ابو مازن وقريع دخلا غرفة عرفات وحدهما بعد وصولهما الى مقره، وبقي المسؤولون الفلسطينيون الآخرون في الخارج. وقال صحافيون ان سيارة اسعاف تقف خارج مقر عرفات لنقله الى مستشفى في رام الله.

وجرى في وقت لاحق استدعاء الزعماء الفلسطينيين الى مقر عرفات، بينما قال وزير فلسطيني اشترط عدم ذكر اسمه لرويترز ان عرفات مريض جدا جدا. في الوقت ذاته اعلن مسؤول فلسطيني ان عناصر الاجهزة الامنية الفلسطينية وضعوا بحالة استنفار وطلب منهم الالتحاق بمراكز عملهم وذلك بعد وصول الطاقم الطبي التونسي والفلسطيني الى مقر الرئيس عرفات لمعاينته.

وقال هذا المسؤول ان "عناصرالاجهزة الامنية الفلسطينية وضعت بحالة استنفار وطلب منها الالتحاق بمراكز عملها بأسرع ما يمكن".

واضاف ان "الوضع خطير ويجب ان نبحث اليوم ما يتوجب علينا عمله على مستوى القيادة الفلسطينية".

واعلنت اسرائيل ليلة امس انها سمحت لفريق طبي اردني بفحص عرفات وكذلك السماح بنقله الى مستشفى في رام الله.

وأكد الوزير الفلسطيني حسن ابو لبدة لمحطة التلفزيون الاميركية "سي إن إن" ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في وضع صحي حرج.

وقال الطبيب الخاص لعرفات انه سيتوجه اليوم الى رام الله للانضمام الى فريق المعالجين الذي يفحص حالته الصحية المتدهورة.

وقال اشرف الكردي طبيب الاعصاب الاردني الذي يعالج عرفات منذ 25 عاما ان مساعدي الرئيس الفلسطيني اتصلوا به من رام الله وطلبوا منه ان يأتي لرؤية عرفات الصديق القديم.

وقال الكردي ان مساعدي عرفات اتصلوا به على عجل وانه سيصطحب فريقا طبيا لتقييم حالته وعمل ما يمكن عمله، مشيرا الى انهم رفضوا ابلاغه ما هي حالته. واضاف ان مساعدين طبيين اثنين سيرافقانه.

وقال نبيل ابو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني ان الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني اتصلا بالرئيس الفلسطيني مساء امس.

وكان عرفات قد تعرض الى متاعب صحية في الاسبوعين الماضيين وزاره فريقان طبيان مصري وتونسي، وقال مسؤولون انه يعاني من انفلونزا اثرت على معدته وبدأ يشفى منها. ولكن مصادر طبية اخرى قالت انه يعاني من حصوة في كيس المرارة مشيرين الى انها يمكن ان تكون مؤلمة جدا لكنها لا تهدد حياته ويمكن علاجها بسهولة. وحسب مسؤولين فان عرفات يرفض الذهاب الى المستشفى لاجراء عملية ازالة الحصوة بالليزر في نابلس خوفا من ان تستغل اسرائيل ذلك وتدخل مقره. وقد نفى طبيبان تونسيان فحصا عرفات قبل ايام ان يكون يعاني من سرطان المعدة كما اشاعت تقارير في اسرائيل وقالا ان فحوصات الدم اثبتت انه لا يعاني من أي سرطان.

وخلال الايام العشرة الاخيرة لم يكن عرفات قادرا على تناول الطعام كالمعتاد، وتأثرت صحته بعد ان صام الاسبوع الاول من رمضان وظل يعاني من التقيؤ والاسهال ونوبات الالم الشديد من الحصوة.

عرفات وفلسطين..

محطات وتواريخ

< نوفمبر 1947 الامم المتحدة تقسم فلسطين لدولتين، والانجليز ينسحبون في العام التالي لتبدأ الحرب العربية الاسرائيلية الاولى. كان ياسر عرفات شاباً في حوالي العشرين ويعمل في تهريب الاسلحة ونقلها بين المقاتلين.

< 1950 الاردن يضم الضفة الغربية الفلسطينية للمملكة الاردنية الهاشمية، بينما قطاع غزة تحت الاشراف المصري منذ النكبة. في الضفة والقطاع ودول الجوار تجمع مئات آلاف اللاجئين. ياسر عرفات دخل كلية الهندسة في القاهرة.

< 1952 ثورة الضباط الاحرار في مصر. ياسر عرفات ينتخب رئيساً لرابطة طلاب فلسطين في القاهرة.

< 1956العدوان الثلاثي على مصر، احتلال قطاع غزة وسيناء. عرفات يتطوع في القوات المصرية للمقاومة. العدوان الثلاثي يندحر بضغط اميركي.

< 1958 خلايا فتح تتشكل سرياً في غزة والمانيا ودول الخليج العربي. عرفات مهندساً في الكويت ويشارك في تشكيل الحركة.

< 1962 انتصار الثورة الجزائرية وافتتاح اول مكتب لحركة فتح في العاصمة الجزائر.

< 1964 القمة العربية الاولى في القاهرة توافق على اقامة منظمة التحرير الفلسطينية، والمجلس الوطني الفلسطيني يعقد مؤتمره الاول في القدس. خليل الوزير يرأس وفد فتح باسم المستقلين للمؤتمر وعرفات يبقى في الكويت.

< يناير 1965 "العاصفة" تبدأ عملياتها العسكرية بقيادة ابو يوسف النجار. ياسر عرفات ترك عمله في الكويت وانتقل لبيروت ودمشق ويساهم شخصيا في توصيل البيانات للصحف اللبنانية.

< الخمسة شهور الاولى من 1966 عرفات يعتقل في دمشق رغم تنسيقه المسبق مع الامن السوري في العمليات العسكرية.

< هزيمة حزيران 1967. عرفات يدخل الاردن بعد اقناع رفاقه في اجتماع بدمشق في اغسطس بأهمية النضال في الداخل. من الاردن انتقل عرفات اكثر من مرة عبر النهر واقام مرتكزاً في قباطية قرب جنين، وجند مع ابو علي شاهين الكثير من المقاتلين. بعد اعتقال ابو علي خرج عرفات من المنطقة متنكرا وكانت تلك اخر رحلة لفلسطين حتى ما بعد اتفاق اوسلو.

< فبراير 1969 المنظمات الفدائية تسيطر على منظمة التحرير الفلسطينية وتنتخب عرفات رئيساً للمنظمة.

< ايلول الاسود في الاردن 1970 والقيادة تنقذ من الحكومات العربية وعرفات يتنكر في عباءة الشيخ سعد الصباح. في يوليو 1971 كان الناجون من الفدائيين قد انتقلوا الى سورية ولبنان، وبدى ان الثورة ضاعت حتى ايلول 1972 حين خطف الفريق الاسرائيلي الرياضي في ميونخ وعادت القضية للساحة الدولية كما اريد للعملية آنذاك.

< اكتوبر 1973 هجوم سوري مصري على سيناء والجولان وبداية التفكير بالحلول السلمية. في اكتوبر 74 القمة العربية في الرباط تقر بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. في الشهر التالي عرفات يخطب في الأمم المتحدة حاملاً غصن الزيتون.

< بعد ستة شهور من خطاب الامم المتحدة انفجرت الحرب الاهلية في لبنان لتشغل الجميع، الجيش السوري يتدخل في اكتوبر 76 بموافقة عربية. بينما اهل المشرق مشغولون في لبنان. الرئيس السادات يتوجه للقدس في نوفمبر 1977. وفي ابريل 78 اسرائيل تغزو لبنان وتهاجم منظمة التحرير المعارضة للحل السلمي.

< كامب ديفيد يوقع في سبتمبر 1978 وفي مارس التالي توقيع اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية وبداية الانسحاب الجزئي من سيناء.

< ابريل 1982 نهاية الانسحاب من سيناء، يونيو 82 غزو لبنان وبيروت، وعرفات يغادر بعد 88 يوما من القتال ويستقر في تونس بينما يتوزع المقاتلون في سبع دول عربية، وبعد ايام تحدث مجزرة صبرا وشاتيلا.

< يونيو 1983 انفصال في حركة فتح وعرفات يعود الى طرابلس حيث يحاصر مجدداً من قوات فلسطينية هذه المرة ويغادر في ديسمبر 1983 ويزور القاهرة في بداية تحول سياسي.

< في فبراير 1985 وقع عرفات والملك حسين اتفاق التعاون السياسي كأرضية للاشتراك في المؤتمر الدولي. وفي اكتوبر هاجمت الطائرات الاسرائيلية مقر القيادة الفلسطينية في تونس.

< نوفمبر 1987 الانتفاضة الفلسطينية تنفجر لتنقذ عرفات والقضية سياسياً وبعد عام (1988) يعلن المجلس الوطني قيام دولة فلسطين وينتخب عرفات رئيساً للدولة ويبدأ الحوار الفلسطيني الاميركي اثر نفي عرفات للارهاب في جنيف.

< تبادل رسائل بين اسرائيل والمنظمة للاعترف المتبادل في 10 سبتمبر 93 وتوقيع اعلان المبادئ ـ اوسلو ـ في واشنطن في 13/9/93. ويعود عرفات الى غزة 1/7/1994 واريحا عبر بوابة السلام ثم يتسلم مع رابين وبيريس جائزة نوبل للسلام في 10/12/94.

< 20/1/96 الشعب الفلسطيني ينتخب عرفات رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية.