جدل حول جدوى الرحلات الفضائية

«ناسا» تلغي رحلة المكوك الشهر المقبل بسبب المشاكل * شركة خاصة تفتح الباب لرحلات خاصة إلى القمر.. وسعر التذكرة 100 مليون دولار

TT

بدأ قطاع من العلماء يثير شكوكا وتساؤلات حول جدوى برامج الفضاء للبشرية، خصوصا في ظل تكلفتها المالية الخيالية. بعد عودة مكوك الفضاء ديسكفري إلى الأرض بسلام في الوقت الذي تخشى فيه وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) من قيام المسؤولين الأميركيين الكبار، وعلى رأسهم نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني المسؤول عن ملف الفضاء في الإدارة الأميركية، بوقف هذه الرحلات نهائيا بسبب عامل السلامة. ويتمسك العديد من مسؤولي ناسا بضرورة استمرار برامج الفضاء. ويقول مدير «ناسا» مايك غيفن إن «الخطأ الوحيد الذي حصل خلال رحلة ديسكفري الاخيرة كان سقوط قطعة من الرغوة العازلة أثناء انطلاقه». ولكن المتحفظين على هذه البرامج يشيرون الى الصعوبات ومشاكل السلامة، وبينها احتراق مكوكين من هذا الأسطول الفضائي مع طواقمهما، فضلا عن الأعباء المالية الثقيلة التي يسببها أسطولها الصغير، خاصة وأن تكاليف الرحلة الواحدة قد تقارب الـ 200 مليون دولار، أي ما يقارب خمس كلفة تشييد المكوك ذاته.

ولا يتوقع مسؤولو «ناسا» إطلاق المكوك أتلنتس في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل لأن المهندسين لم يتمكنوا حتى الآن من حل مشكلة تساقط الرغوة التي تعزل جسم المكوك من الحرارة العالية التي تسببها عودته من مداره إلى جو الأرض بفعل الاحتكاك الشديد بالهواء، بينما يتوقع قيام الإدارة الأميركية بتوقيف رحلات المكوك نهائيا سواء حلت مشكلة الرغوة العازلة أم لا. وخلافا لما حدث مع المكوك كولومبيا المشؤوم، لم ترتطم المادة العازلة ببدن ديسكفري، إلا أن «ناسا» أوقفت رحلات المكوك حتى يتم التوصل الى حل لهذه المشكلة. وقال بيل جرستنماير مدير برنامج محطة الفضاء والذي يشرف أيضا على جهود دراسة وحل مشكلة خزان الوقود في مؤتمر صحافي أول من أمس «لم نجد حلولا سريعة وسهلة». وأضاف إن «الاحتمال المرجح بنسبة كبيرة هو أن نجري تعديلات هندسية طفيفة للخزان. وحتى نقوم بذلك من المحتمل ألا نلحق بفرصة الإطلاق في سبتمبر». وكانت «ناسا» تأمل في إطلاق المكوك اتلانتس في سبتمبر في رحلة تجريبية ثانية تهدف أيضا لخدمة محطة الفضاء الدولية. وتبدو «ناسا» في وضع لا تحسد عليه اليوم. فهي واقعة بين المطرقة والسندان. مطرقة الادارة الأميركية التي تهمها السلامة وحياة رواد الفضاء بالدرجة الاولى، فضلا عن قلقها الدائم من تزايد حجم ميزانية الفضاء التي كلما جددتها مع بداية كل سنة مالية دخلت في معركة طويلة من الأخذ والشد مع الكونغرس الاميركي الذي يرى أن هناك وجوها أخرى للانفاق أكثر أهمية من ارتياد الفضاء. أما السندان فهو أن على وكالة الفضاء «ناسا» الايفاء بالتزاماتها تجاه محطة الفضاء الدولية التي لم يكتمل بناؤها حتى الآن، رغم أن ما أنفق عليها حتى الآن يفوق الـ 90 مليار دولار. وينتظر ان تفوق التكاليف النهائية حين اكتمال تشييد المحطة المائة مليار بهامش كبير. في هذا الوقت الذي تتأرجح فيه وكالة الفضاء الاميركية بين النجاح والفشل، خرجت شركة أميركية خاصة مقرها ولاية فيرجينيا تدعى «سبيس أدفنتشرس» بمشروع لإرسال سياح للدوران حول القمر لمدة أسبوعين والتقاط الصور مقابل 100 مليون دولار فقط للراكب الواحد. و«رحلات العمر» هذه، كما يدعوها اريك أندرسون المدير التنفيذي للشركة، ستبدأ رحلاتها الاولى التجريبية عام 2009 للدوران حول القمر فقط من دون النزول عليه طبعا، من قبل ركاب تختارهم الشركة مجانا، تمهيدا لانطلاق الرحلات الحقيقية المدفوعة الثمن بعد ذلك.