حملة إنقاذ للزهراء «مدينة الأعاجيب» أيام المسلمين بالأندلس

بناها عبد الرحمن الثالث ونهبها أصوليون إسلاميون رفضوا انفتاحها

TT

بعد مرور أكثر من مائة عام بقليل على اكتشافها، بدأت عملية إنقاذ لمواقع مدينة الزهراء التي بناها المسلمون في اسبانيا في الاندلس، وكتب المؤرخون عن عجائبها، ووصفت بأنها كانت عاصمة الخلافة الحقيقية. وتجري عملية الانقاذ على أساس خرائط حديثة، بينما يحذر أثريون من تهديد جديد يواجه المدينة المدفونة نتيجة بناء شركات العقارات بيوتا جديدة فوق مواقع المدينة التي لم يتم حفر 90% من بقاياها.

ويروي المؤرخون أن هذه المدينة المطمورة التي تقع على بعد ثلاثة أميال غرب قرطبة، كانت فرساي او نيويورك القرون الوسطى، وفيها عدد من الإقطاعيات والقصور مختلطة مع كنوز تدهش المسافرين القادمين إليها. فكانت هناك أحواض من الزئبق يمكن هزها لنشر أشعة من ضياء الشمس المنعكس عبر جدران وسقوف رخامية من الذهب، حسبما تقول السجلات المعاصرة عنها. وكانت الأبواب محفورة من العاج والأبنوس، وهي تقود إلى حدائق غناء وواسعة تضم حيوانات وتماثيل غريبة مصنوعة من العنبر واللؤلؤ.

يكتب المؤرخ ستانلي لاين ـ بول من القرن التاسع عشر في كتابه «قصة المورسكيين (المسلمين) في اسبانيا»، قائلا: «كان المسافرون القادمون من أصقاع بعيدة يأتون من كل الطبقات والحرف ومن مختلف الديانات، فمنهم الأمراء والسفراء والتجار والحجاج والفقهاء والشعراء، وكل هؤلاء اتفقوا على أنهم خلال كل رحلاتهم لم يشاهدوا مثيلا لها».

يقول أنتونيو فاليو، رئيس علماء الآثار هنا، إن مدينة الزهراء كانت مدينة إسلامية كبرى في القرن العاشر في عام 929، ووصفت بأنها مركز الخلافة الحقيقي للعالم المسلم آنذاك. ويضيف فاليو: «هذه كانت أكبر مدينة بنيت من لا شيء في أوروبا الغربية»، وتغطي مساحة 280 فدانا. لكن في حدود عاما 1010، تعرضت مدينة الزهراء للنهب على يد المسلمين الاصوليين القادمين من شمال افريقيا والذين اعتبروا الثقافة المسلمة التي تمثلها المدينة شديدة التحرر. وأدت تلك الغارة إلى حذف المدينة من الخريطة لأكثر من ألف سنة.

وتقول ماريا روزا منوكال، أستاذة الاسبانية في جامعة ييل الاميركية، ومؤلفة كتاب «زخرفات العالم»، وهو كتاب حول اسبانيا الاسلامية، ان الاندلس وعاصمتها قرطبة، كانت محقة في اعتبار نفسها مركز الكون المعروف عندما شيدت مدينة الزهراء. واوضحت: «لا توجد مقارنة بين قرطبة واي شيء اخر في اوروبا في القرن العاشر ـ مثل نيويورك مقابل قرية مكسيكية ريفية».

وتجدر الاشارة الى ان عبد الرحمن الثالث، الذي أسس المدينة، كان يعتبرها نموذجا لكل فضائل الاندلس، وتأكيدا لإعلانه انه الخليفة الحقيقي للعالم الاسلامي وحوّلها الى مركز للموسيقيين وعلماء الفلك والشعراء والاطباء وعلماء النبات والرياضيات.

وكان تدميرها يعني بداية النهاية للحضارة الاسلامية الوحيدة التي انتشرت في اوروبا الغربية، وأدت الى نشوء فرع مهم من الاسلام .