مصر تغلق هرمها البيروقراطي «المجمع»

اشتهر بعبارة «تعال بكره» ودخل السينما في فيلم «الإرهاب والكباب»

TT

بني المجمع في ميدان التحرير وسط القاهرة قبل أكثر من نصف قرن من الزمن، ليكون نقطة مركزية للحصول على كل شيء من شهادات الميلاد والوفاة وما بينهما، وختم وتوقيع الشهادات والتصاريح، ولكن مع مرور الوقت، أصبح المجمع الذي يوجد فيه 1300 مكتب ويتجاوز زواره الـ 20 الفا يوميا ويعمل به 9500 موظف، رمزا لتراكم الاوراق والبيروقراطية والخدمة السيئة والاحباط وتحول الى معلم من معالم مصر.

ويقال انه إذا كان للمباني ان تتكلم، فإن مبنى المجمع الشهير الذي يرتفع 13 طابقا في وسط القاهرة «ميدان التحرير» سيقول لك بسخرية: «تعال بكره».

ولكن الآن بتوجيهات مجموعة جديدة من التكنوقراط الذين يحلمون بكفاءة عصر الإنترنت، أصبحت أيام المجمع معدودة، حيث سيجرى الانتهاء من إخلائه بنهاية 30 يونيو (حزيران) العام القادم، وسيتم تحويل مكاتبه الى مناطق متعددة في القاهرة. ولن يتجول المصريون في ممراته بحثا عن مكاتب خفية تعمل في أوقات اعتباطية وتشرف عليها شخصيات بيروقراطية، ولن يخرج المصريون من المبنى الذي يرتفع 13 طابقا وهم يرددون الشتائم واللعنات بحثا عن ورقة مفقودة.

وقال سامي سعد، وزير شؤون مجلس الوزراء، الذي يشرف على عملية الاخلاء: «لقد أصبح أمرا مزعجا، فبدلا من أن يتحول الى مكان مركزي يقدم كل الخدمات التي يحتاجها المواطن، أصبح المجمع فوضى».

وجسد فيلم «الارهاب والكباب» في عام 1993 وضع المجمع، اذ يحاول مواطن ترتيب نقل ابنه من مدرسة إلى أخرى، وبعد وقت طويل قضاه في التجول في المجمع ومشاجرة مع موظف ملتح وكسول، ينتهي به الامر بالحصول على مسدس، فيتصور الجميع انه استولى على المجمع، ويطلب منه وزير الداخلية تحديد مطالبه، والشيء الوحيد الذي فكر فيه هو الكباب، وفي النهاية يخرج المتمرد من المجمع بصحبة الرهائن الذين أعجبوا به بدون أن يكشف عنه أحد.

وقال المؤرخ محمد ثابت «المجمع يرمز الى البيروقراطية التي لا يمكن قهرها، وان اخلاء المبنى سيصبح نهاية لرمز من رموز الدولة المصرية، مثل هدم الاهرام.. وربما افتقده».

والطوابق الثلاثة العليا تابعة لوزارة الداخلية، لكن هناك مكاتب تحمل تسميات غامضة مثل مكتب الأموال العامة. وقد سأل صحافي موظفة في قاعة الطابق هناك عما اذا كان المكتب يوزع ام يجمع المال فلم تعرف. (تفاصيل ص 8)