«السحابة السوداء» تجثم على القاهرة للعام السابع على التوالي

وزير البيئة يطالب بتعديل القانون وخبراء يحذرون من زيادة معادلات التلوث وانتشار الأمراض

TT

للسنة السابعة على التوالي يتكرر سيناريو «السحابة السوداء» في سماء العاصمة المصرية. ففي مثل هذا الوقت من كل عام، تجثم في سماء القاهرة سحابة مليئة بالغبار تهدد صحة مليون مصري يعيشون في العاصمة، وتمتد آثارها إلى سكان بعض المحافظات المجاورة.

وتقول مصادر صحية ان هذه السحابة السوداء تصيب يومياً شخصين من سكان القاهرة بالسرطان ومئات آخرين بضيق التنفس والضعف في الذاكرة. وبعد ثلاث سنوات على ظهور السحابة السوداء لأول مرة، اصدر البنك الدولي سنة 2002 تقريراً قال فيه إن خسائر مصر الناجمة عن تلوث الهواء تقدر بـ 6 مليارات و400 مليون جنيه مصري سنويا، وان خسائر البيئة، من هواء ومياه وغيرهما، تقدر بأكثر من 16 مليار جنيه مصري سنويا.

وحسب وزارة البيئة المصرية، فان أول ظهور للسحابة السوداء كان في خريف عام 1999، وتحديداً يوم 19 أكتوبر (تشرين الأول). وهناك آخرون يقولون ان اول ظهور لهذه السحابة كان عام 1991 ولم يستطع الخبراء وقتها معرفة أسبابها، لكن مع تكرار ظهورها في موعد ثابت ولفترات أطول (حوالي ثلاثة أسابيع) بدأت دراسة الظاهرة وتحليلها على أساس علمي.

وتسمى هذه الظاهرة علميا «Smog» وهي اختصار لكلمتي «Smoke» و«Fog» أي دخان وضباب. ويعني ذلك ان الهواء يصبح خليطا من الضباب والدخان. وقد اتضح ان اسباب هذه الظاهرة القاتلة كثيرة في مقدمتها حرق قش الأرز وحطب القطن وعوادم السيارات وغبار المصانع. ورغم أن هذه المسببات موجودة طوال العام، فإن السحابة السوداء تتجمع في الخريف وبالتحديد في الفترة بين آخر سبتمبر (ايلول) والنصف الثاني من أكتوبر (تشرين الاول) متأثرة بالانقلاب الحراري، فبدلا من أن تتصاعد الملوثات إلى اعلى الجو أثناء المساء، فانها تهبط إلى اسفل مع عدم وجود رياح تذكر.

ولمواجهة آثار تكرار ظهور هذه السحابة السوداء، قررت الحكومة انشاء وزارة جديدة للبيئة عام 1997، بعد ان كان جهاز البيئة تابعاً لمجلس الوزراء. واسندت حقيبة الوزارة الجديدة، في البداية، الى نادية مكرم عبيد، التي خاضت حروبا ضروسا من اجل تمتيع سكان القاهرة بهواء انظف واكثر صحة. لكن نادية عبيد اصطدمت بعدد من الوزراء والمسؤولين، مما ادى الى استقالتها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 دون إعلان أسباب واضحة. وبعد عبيد تولى ممدوح رياض وزارة البيئة واصر على التعامل مع السحابة السوداء بدبلوماسية بعيدا عن أية صدامات. فقد كان يكرر دائما بأن الوزارة فعلت كل ما في وسعها لكنها عاجزة في ظل عدم حصولها على سلطة تمكنها من محاسبة مخربي وملوثي البيئة. ومع تشكل حكومة احمد نظيف العام الماضي، اسندت حقيبة وزارة البئة الى ماجد جورج. ولان هذا الاخير مهندس ولواء سابق في الجيش، تعهد بأنه سيتعامل مع السحابة السوداء بحسم عسكري وليس بيد مرتعشة.

ومع ظهور السحابة السوداء في أكتوبر من العام الماضي قال ماجد جورج: اننا بحاجة إلى خمس سنوات أخرى للقضاء نهائيا علي السحابة السوداء. واكد البدء بخطة طموحة لتقليل نسبة التلوث في القاهرة تتضمن برامج لنقل الصناعات الصغيرة والمتوسطة خارج الكتل السكانية ووضع خطط لتوفيق الأوضاع البيئية للمصانع الكبرى، ووضع ضوابط لفحص عوادم السيارات واستراتيجية للتعامل مع المخلفات العملية والزراعية. وطالب ماجد جورج بتعديل قانون البيئة الحالي ليمنح قوة وقدرة على فرض غرامات فورية علي المخالفين.

من جانبه، يقول الدكتور مصطفى طلبة رئيس المركز الدولي للبيئة والتنمية ان القاهرة لن تتخلص من السحابة السوداء ومعدلات التلوث العالية التي تزيد على عشرة أمثال المسموح به عالميا في ظل وجود اكثر من مليوني سيارة داخل العاصمة، وهو رقم يزيد بأربعة أمثال القدرة الاستيعابية للحركة المرورية في شوارع القاهرة.