فيروس التهاب الكبد الوبائي مسؤول عن نقص المواليد الإناث

TT

في الاحوال العادية تسجل نسبة متقاربة من ولادة الذكور والاناث في العالم، الا ان هذا التوازن يختل في بعض المجتمعات، اذ ترتفع نسبة الذكور عن الاناث. ورغم ان مثل هذه الحالة، التي تنتشر في الصين، اعتبرت بأنها تعود الى التمييز بين الاناث والذكور حيث تفضل العائلات اجهاض الجنين اذا كان انثى، فان دراسة جديدة تشير الى ان واحدا من الامراض المعدية المنتشرة ربما يكون المسؤول عن نوع الجنين! وفي الدراسة التي تصدر قريبا في مجلة «بوليتكل إيكونومي» (الاقتصاد السياسي)، تطرح الخبيرة الاقتصادية ايملي اوستر فرضية ارتباط معدلات الوفيات العالية للإناث في بعض مناطق آسيا بانتشار فيروس التهاب الكبد الوبائي «بي». وقد اعتمدت الخبيرة على بيانات حديثة حول عمليات التطعيم، واستنتجت ان الأمهات المصابات بالمرض يضعن اولادا، بمعدل مرة ونصف المرة اكثر من الامهات الأخريات. ولذلك فان مرض التهاب الكبد الوبائي ربما يكون مسؤولا عن نحو نصف معدلات تناقص اعداد الاناث التي كانت ترجع عادة الى التمييز بين الأجنة.

وتظل مسألة تناسب الاناث والذكور معقدة ومتشابكة مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية لمختلف المناطق، ولذلك فان الخبراء متشائمون من احتمال صحة تفسير مثل انتشار فيروس التهاب الكبد. الا ان دراسة أوستر يمكنها ان تساعد في تفسير ظاهرة تعمق الهوة بين أعداد الاناث والذكور في الصين التي يحبَّذ فيها الولد لأنه يحمل اسم العائلة كما يساعد والديه اثناء شيخوختهما.

وفي عام 1982 وصل التناسب بين أعداد الذكور والاناث في الصين الى 100 بنت مقابل 109 اولاد، ثم قفز هذا الرقم عام 2000 الى 100 مقابل 117، اما الآن فقد وصل الى 100 بنت مقابل 133 ولدا. ووفقا لما تورده اوستر فإن 75 في المائة من هذه الفوارق ربما تعود الى انتشار مرض التهاب الكبد الوبائي الذي يصيب بين 10 و15 في المائة من سكان الصين. لكن الدراسة تشير الى اختلاف الوضع في باكستان والهند حيث لا يلعب هذا المرض دوره إلا في نسبة 20 في المائة من هذه الفوارق التي تؤدي الى اخلال التوازن بين الذكور والاناث.

وتجابه فرضية اوستر بعدد من العقبات التي تمنع تقبلها، اذ يشير ساري تيلير ممثل صندوق السكان التابع للامم المتحدة الى عاملين يقللان من اهمية الدراسة: الاول ان عدد المواليد من الذكور في التيبت يظل قليلا نسبيا رغم شيوع انتشار فيروس التهاب الكبد الوبائي. ويضاف الى ذلك ان التناسب بين الجنسين لأول مولود في الصين قريب من المعدلات الطبيعية إلا انه يتغير مع المواليد اللاحقة، اذ تصل معدلاته الى 100 بنت لكل 152 طفلا ثانيا في العائلة! ويقول تيلير انه «امر بعيد ان تكون هذه الفوارق عائدة الى مرض التهاب الكيد الوبائي، وإلا لماذا تزداد (الفوارق) في الولادات الثانية». ويضيف:«لا اقول ان ذلك مستحيل إلا اننا قطعا بحاجة الى مناقشات اوسع قبل ان نتقبل هذا كسبب حاسم». ويقول المراقبون انه حتى لو ثبت أن الفيروس مسؤول عن هذا الخلل، فإن ذلك لن يغير حقيقة وجود تمييز ضد البنات، وهو دافع سيظل يقود الناس الى اختيار جنس المولود الجديد من الذكور فقط.