السعودية: الطفرة النفطية الثالثة تترافق مع ثورة اقتصادية

تداولات الأسهم تتجاوز 8 مليارات دولار خلال يوم > 177 مليار دولار الاحتياطي الخارجي و150 مليار دولار عائدات النفط المتوقعة هذا العام

TT

ارتفع مؤشر الأسهم السعودية امس متأثراً بصعود سهم «الاتصالات» بنسبة 9 في المائة، وذلك في أعقاب سريان إشاعة في أوساط المتعاملين مفادها ان الشركة عازمة على منح اسهم مجانية للمساهمين، وأغلق السهم مرتفعا أكثر من 85 ريالا، في وقت لامست السوق السعودية حاجز 17 ألف نقطة أثناء تداولات الفترة الصباحية، اذ أغلق عند مستوى 16905 نقاط، إلا انها تراجعت مساء إلى 16844 نقطة. وبلغت قيمة التداولات مستوى قياسيا مرتفعة إلى 8.7 مليار دولار وسط تباين لقطاعات السوق.

الى ذلك قال اقتصاديون ومحللون ومسؤولون إن الطفرة النفطية الثالثة التي تشهدها السعودية حاليا تترافق مع ثورة اقتصادية تسعى من خلالها القيادة السعودية الى تنويع موارد الاقتصاد وتجنيبه الخطر الذي يخشاه منتجو النفط وهو انهيار الأسعار في السوق العالمية. وأشار هؤلاء الى الانتعاش الكبير الذي يشهده القطاع الخاص نتيجة التغيرات الهيكلية التي بدأها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز منتصف العقد الماضي منذ أن كان وليا للعهد وكان سعر برميل النفط في ذلك الحين 10 دولارات. وأصبح سوق الأسهم السعودي واحدا من أبرز أسواق الأسهم على المستوى العالمي، إذ بلغ معدل النمو في القيمة السوقية لها هذا العام ضعف عائدات البلاد من النفط. وقدرت القيمة السوقية لسوق الأسهم السعودية بـ620 مليار دولار في نوفمبر (تشرين الثاني) لتصبح بذلك أكبر حجما من سوقي إسبانيا وكوريا الجنوبية.

ويتوقع محللون في مجموعة «سامبا» المالية بالرياض ان يشهد الاقتصاد السعودي نموا بنسبة 6.5 في لمائة هذا العام. ويرى براد بورلاند، كبير خبراء الاقتصاد بمؤسسة «سامبا» المالية، أن ما تشهده السعودية على الصعيد الاقتصادي يعتبر تغيرا هيكليا، مؤكدا أن الإصلاحات الاقتصادية هي المحك لأنها أوجدت المناخ الملائم لنمو وازدهار الاقتصاد.

وعلى العكس من الطفرات الاقتصادية السابقة التي حققها النفط، تعد الشركات السعودية المستفيد الرئيسي من الطفرة الحالية. ويرى البروفيسور جون ـ فرنسوا سيزنك، الأستاذ بمعهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة كولومبيا، أن السعوديين يشعرون بالحاجة الى تطوير صناعات تساهم بقيمة إضافية وتوفر وظائف وتساعد على تطوير مجالات أحرزت السعودية فيها مسبقا تقدما.

وقال عبد الله الدباغ، مدير شركة «معادن»، لمجموعة من الصحافيين في الرياض إنه يتوقع أن تسيطر السعودية على سوق الأسمدة خلال فترة تتراوح بين 10 و15 عاما، وتشير تقديرات محللين الى أن عائدات السعودية من النفط هذا العام ربما تتراوح بين 150 و160 مليار دولار، وهو رقم قياسي لعائدات البلاد من النفط لم يسجل من قبل سوى عام 1974 ومطلع عقد الثمانينات.. ويتوقع ان يرتفع متوسط حصة الفرد من الناتج الاجمالي الى 13.6 ألف دولار هذا العام مقابل 8 آلاف دولار خلال تسعينات القرن الماضي. واستخدم الفائض أساسا في تحسين الميزانية العامة، وانخفضت نسبة الدين الى النشاط الاقتصادي السنوي (الناتج الإجمالي المحلي) الى نسبة 51 في المائة بعد أن كانقد وصل الى 119 في المائة عام 1999.

وفي نفس الوقت نجحت الحكومة السعودية في تعزيز الاحتياطي الخارجي الذي يقدر الآن بـ177 مليار دولار، بما في ذلك مبلغ 135 مليار دولار تملكها مؤسسة النقد، علما أن جملة الأرصدة الخارجية كانت أقل من 70 مليار دولار قبل خمس سنوات.