شلل الأطفال ثاني مرض بعد الجدري في طريقه للاختفاء

إشاعات مؤامرة غربية ضد المسلمين أدت إلى توقف التطعيم وانتقال المرض من شمال نيجيريا إلى 18 دولة

TT

تتكلل الجهود الدولية المتواصلة على مدى 17 عاما للقضاء نهائيا على مرض شلل الاطفال في العالم، بالنجاح بعد ان ظهرت بوادر مشجعة في الاعوام الثلاثة الماضية.

وأدت استراتيجية جديدة تستهدف السلالة الرئيسية المهيمنة للفيروس الى القضاء على شلل الاطفال في مصر، وهي احدى ست دول ينتشر فيها المرض، ويبدو انه على وشك الزوال من الهند ايضا. وقد سجلت في الهند قبل 25 عاما اصابات بشلل الاطفال بلغ عددها سنويا 200 الف اصابة. وقبل عشرة اعوام قل العدد الى 75 الفا سنويا، بينما لم تسجل في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سوى 52 اصابة. ويجدد هذا النجاح الكبير، الذي يعود الى التركيبة الفعالة للقاح شلل الاطفال، الآمال مرة اخرى بان هدف القضاء على الفيروس تماما اصبح ممكنا. ولم تتمكن البشرية من القضاء تماما سوى على مرض واحد هو الجدري، قبل ثلاثة عقود من الزمن تقريبا.

وأدت حملات التطعيم المكثفة، التي شملت ملايين الاطفال، ونفذت في افريقيا، الى انحسار عمليات انتقال الفيروس في الدول الكثيفة السكان، التي عاد المرض الى الانتشار فيها، مثل نيجيريا التي اوقفت عمليات التطعيم الشاملة عام 2003.

واعتبر عام 2005، آخر علامة لحملة القضاء على شلل الاطفال نهائيا، التي انطلقت مبادرتها العالمية عام 1988، ووضعت نصب أعينها تحقيق الهدف عام 2000. ولم يوضع لحد الآن عام نهائي جديد، لأن النجاح سوف يعتمد جزئيا على توفير 200 مليون دولار لحملات تطعيم واسعة مضادة للفيروس.

ومع ذلك يبدو منظمو المبادرة اكثر ثقة بالمستقبل. يقول ديفيد هيمن، رئيس برنامج القضاء النهائي على شلل الاطفال في منظمة الصحة الدولية، التي تشرف على المبادرة، ان «الخطر يظل في نيجيريا وفي التهاون في تنفيذ الالتزامات في الدول الاخرى.. ويبدو ان اللقاح الجديد، الذي يحتوي على اجسام مضادة لسلالة واحدة من الفيروس، وكأنه «رصاصة سحرية» تعمل على تعزيز المناعة ضد شلل الاطفال في عدد من المناطق الكثيفة السكان. الا ان مجهودات القضاء التام على شلل الاطفال استمرت لزمن اطول، وكانت اصعب من عملية القضاء التام على الجدري، وهي المهمة التي تحققت في غضون 10 اعوام، وتوجت بالنجاح عام 1978. ويعود السبب الرئيسي في ذلك الى ان اعراض مرض شلل الاطفال لا تبدو واضحة، الامر الذي يسهل انتشاره، خاصة في الدول التي لا تلتزم بتطعيم الاطفال، فيما تظهر اعراض الجدري مباشرة كبثور على الجلد. وهذا ما حدث في المقاطعات الاسلامية في شمال نيجيريا، التي توقفت عن التطعيم في 2003 بعد انتشار اشاعة بان التطعيم يسبب العقم وانه جزء من مؤامرة غربية ضد المسلمين. وبين 2003 و2005 انتقل شلل الاطفال من شمال نيجيريا الى 18 دولة لا تلتزم بالتطعيم. وانتقل الفيروس من نيجيريا الى تشاد ثم السودان في 2004 ثم السعودية، ومن هناك الى اندونيسيا.

ويتغلغل فيروس شلل الاطفال، الذي يقود الى اضرار بالعمود الفقري، الى الجسم البشري عبر الامعاء، وينتشر بسبب انعدام النظافة الصحية. ويقود الى حدوث الشلل في حالة من كل 200 حالة، وقد تظهر لدى بقية الحالات اعراض الحمى والاسهال.

*خدمة واشنطن بوست ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»