رئيس جهاز المخابرات اللبناني السابق جوني عبده: في بيروت أشعر أنني مقيد ومراقب

قال لـ«الشرق الأوسط»: هناك ثقة سورية برفيق الحريري ولكن لا توجد ثقة بـ«أجندة» أرقام الهاتف الخاصة به * الزعماء الموارنة ليسوا «رأس الحربة» وحدهم * لقاء «قرنة شهوان» اصبح بمثابة «حائط المبكى» * في العلاقة مع سورية يتجلى خط استراتيجي يجب الإيمان به

TT

كلما مر وقت على كلام رجال المخابرات والسياسة تضاعفت قيمته، فهم الذين يملكون كل المعلومات والمعطيات. وكيف اذا كان هذا الشخص هو جوني عبده الذي ترأس جهاز المخابرات اللبناني من عام 1977 الى عام 1983 في واحدة من اخطر المراحل في تاريخ لبنان اذ شهدت اندلاع الحرب الاهلية والاجتياح الاسرائيلي. وعلى الرغم من مرور 20 عاماً على وجود جوني عبده خارج جهاز المخابرات الا انه ما زال بارزاً بقوة على الساحة السياسية واسمه قيد التداول وان لم يكن له اي نشاط رسمي. لا سيما أن صاحب هذا الاسم ترادفه عبارة واحدة مفادها ان «لديه كل المعلومات». فعبده معروف بسعة اطلاعه وهو الذي «يحسب له الف حساب» وما زال محط انظار العديد من الشخصيات اللبنانية. من جهاز المخابرات الى عالم الدبلوماسية رحلة قطعها جوني عبده لا سيما انه عين سفيراً للبنان لدى سويسرا وفرنسا لينهي مهامه الدبلوماسية في العام 1995.

في باريس حيث مقر إقامته، التقيته في دردشة حول فنجان قهوة في فندق جورج الخامس.. تجاوزت الساعتين. وأعترف بأنني دهشت لغزارة معلوماته وسعة اطلاعه وعمق تحليله، فألححت عليه لاجراء حوار. وخلال زيارة خاطفة لبيروت ـ لظرف عائلي ـ كان الحوار الذي استغرق ثلاث ساعات شعرت خلالها بأن حقبة من أدق المراحل التي شهدها لبنان تتكلم مع جوني عبده المعروف بعلاقته الوطيدة جداً بالرئيس رفيق الحريري ناقشنا العديد من «مسائل الساعة» على الساحة اللبنانية. من علاقة الرئاسة الاولى بالرئاسة الثالثة والعلاقة السورية ـ المسيحية الى التغييرات الحاصلة اليوم في العالم العربي. والاستنتاج الذي خرجت به من هذه المقابلة هو ان من يصنع موقعه لا ينسى.

* أنت موجود اليوم في باريس هل هي غربة اختيارية؟

ـ نعم مؤكد.

* لماذا... هل من أمور تزعجك في بيروت؟

ـ عندما آتي الى بيروت، أبدأ بالشعور بالانزعاج بعد مضي اربع او خمسة ايام. ربما هي بمثابة هروبٍ ايضاً لأنني اذا جلست في بيروت لفترة طويلة اصبح كأهل السياسة اللبنانيين. وانا لا اريد ان اصبح مثلهم.

* من أي ناحية؟

ـ هناك استهوان لبعض الامور... وهذه الامور واضحة في نظري. حتى اصدقائي الذين اؤمن بعقلهم اجد انهم تغيروا، مما يعني ان الامور التي استهجنها اجدها اصبحت طبيعية في نظرهم. واذا دخلت هذه الامور في نطاق «طبيعية» و«بسيطة» يختل تحليلي وعقلي. في الماضي كنت اقول لرئيس الجمهورية السابق الياس الهراوي، «أنا لا اقول لك ان لا تتصل باللواء غازي كنعان وانت في طريقك الى دمشق، انما من اللائق ان لا تذهب لزيارته، بل أن يأتي هو لزيارتك في احد فنادق شتورا. هذا افضل لمركز الرئاسة ولسورية». فيجيبني: «ما هذه العقلية التي ما زلت تفكر بها». هذه الأمور التفصيلية الصغيرة لا احب ان تتغير نظرتي تجاهها.

* هل تشعر انك مقيّد في بيروت وانك محطّ انظار الكثيرين.. لا سيما منذ وصول العماد اميل لحود الى سدّة الرئاسة؟

ـ نعم أشعر انني مقيّد. لم اكن ادرك ان لدى البعض كل هذه الحساسية تجاهي. لكنني حتى خلال عهد الرئيس الهراوي كنت تحت المراقبة خلال وجودي في بيروت. الى ان اجتمعت مع اللواء غازي كنعان وانتهت قصة المراقبة «الدقيقة» اما المراقبة عن بعد فما زالت مستمرة. احياناً انظر الى نفسي في المرآة واتساءل هل هذا هو انا الذي «يحسبون له الف حساب».. ويتبين لي كم هم مخطئون. لكن هذا الامر لا يضايقني، لا سيما من الناحية النرجسية، لانني اتساءل كم من شخص تولى رئاسة جهاز المخابرات وطوى اسمه النسيان. اما انا فتوليت رئاسة الجهاز منذ 20 عاماً وما زال اسمي قيد التداول وما زلت محط انظار الكثيرين.

* هذا دليل على انك صنعت مركزك وليس العكس، لانه بعد مرور 20 عاماً على وجودك خارج جهاز المخابرات و7 سنوات على وجودك خارج اي منصب رسمي... ما زال اسمك قيد التداول وما زلت تحت الأضواء؟

ـ نوعاً ما ساهم في هذا الامر الرئيس لحود بحديثه عني امام زواره وبذلك ساهم باظهار صورة قوية عني... وانا ممتن له على ذلك. مثلاً اليوم لو اردت التواجد في بيروت للقاء الاصدقاء ولعب «الورق» (كوتشينة) ما من احد سيصدق وسيبدأون بالتهامس والقول «من المؤكد انه يقوم بشيء ما».

* هل نستطيع القول بأن اسمك ما زال متداولاً الى هذه الدرجة لانه مثلما يقال في الانجليزية he knows too much فمراراً ما نسمع بان جوني عبده لديه كل المعلومات. فمن يعلم الكثير يصبح محط تخوف من الناس او ان علاقتك الوطيدة جداً بالرئيس رفيق الحريري اعطت قيمة لاسمك؟

ـ لنبق في الشق الاول من السؤال. كل شيء نسبي، يعني انا لا اعرف الكثير... لكن مقارنة مع البعض انا اعرف الكثير لانني مثابر على العمل السياسي والاطلاع. لا ادري هل اشغالهم الكثيرة تعيقهم عن الاطلاع ام ان الكسل يلعب دوراً، ثم ان الانسان يصنع الموقع وليس العكس. ولنأخذ على سبيل المثال اللواء جميل السيد (مدير عام الامن العام) الذي لا تربطني به اية علاقة هو الذي صنع موقع الامن العام وموقعاً لنفسه في الحياة السياسية اللبنانية. وسبق وتعرّض للعديد من الهجمات كما ان هناك من يطلب رضاه. اما بعض من سبقه فلم يكن فعالاً الى هذه الدرجة. شخصيته القوية واطلاعه العميق وعقله هي مقومات خولته لعب هذا الدور البارز. ولان جميل السيد هو الذي اعطى اليوم للامن العام هذه المكانة، باعتقادي انه حتى بعد مغادرته لمنصبه فلن ينساه احد وليس وجوده بالامن العام ما يخوله الحصول على معلومات انما سعة اطلاعه. هذا ما يجعل الكثيرين يلجأون اليه للنصيحة. وقليلة هي الشخصيات اللبنانية التي صنعت موقعها.

* وفي ما يخص الشق الثاني من السؤال، لا سيما انه يقال انك ساعدت الرئيس الحريري للتعمق بالسياسة.. ما تعليقك؟

ـ هذا الكلام ليس دقيقاً. عندما بدأ الرئيس الحريري بالتعاطي في السياسة في بداية الثمانينات (قبل دخوله الحكم) كان يقال انه «دفتر شيكات». ما الذي استطيع تعليمه اياه ليتدرج من «دفتر شيكات» الى رقم سياسي صعب في لبنان ومتعمق بالسياسة الدولية ويفوقني في العديد من الامور، علاقتي برفيق الحريري، علاقة متبادلة في السابق كنت انصحه وينجح، في ما بعد لم يعد يستشيرني وما زال ينجح. كان وما يزال شغوفاً بالمعرفة ويريد ان يعرف كافة التفاصيل فكان يطرح عليّ الكثير من الاسئلة.

* من بعيد نرى الامور بشكل اوضح. وجودك في باريس يتيح لك ان ترى الساحة اللبنانية يشكل اوضح وان تحلل بعمق؟

ـ تسهل قراءة السياسة اللبنانية الداخلية لا سيما عبر الصحف، فمن خلالها نعرف كل جريدة تتبع من وما الذي يدفعها الى كتابة هكذا مقال. والحال يسري ايضا على محطات التلفزة من السهل معرفة لماذا استضيف فلان وبطلب مِن مَن السياسة الداخلية هي سياسة «حرتقات» وحقد وفي الخارج تقرأ بصفاء اكثر.

* احد الكتاب اللبنانيين قال انه منذ عهد الاستقلال لم يلق رئيس لبناني ما يلقاه الرئيس لحود من دعم سوري؟

ـ حتى لو كان هذا الدعم نتيجة الاستراتيجية التي يتبعها الرئيس لحود كتلازم المسارين ودعم المقاومة وهي استراتيجية صحيحة 100%، بالنسبة للسوريين لا يهمهم اذا كانت هذه الاستراتيجية قناعة او وسيلة، المهم الفعل. والرئيس لحود يفعل في هذا الموضوع وبالتالي يأتيه الدعم من جراء التمسك بهذه الاستراتيجية للآخر.

* منذ وصول الدكتور بشار الاسد الى سدّة الرئاسة والتوتر واضح ما بين سورية والرئيس الحريري. اذا تعددت اسباب هذا التوتر، هل من الممكن ان نقول ان من ابرزها موضوع المقاومة وحزب الله؟

ـ لا.. الموضوع لا يتعلق فقط بحزب الله والمقاومة. هناك ثقة سورية عمياء برفيق الحريري فلذلك يدركون ان «الاختلاف لا يفسد للودّ قضية». بالمقابل ليس هناك ثقة بـ«اجندة» ارقام الهاتف الخاصة برفيق الحريري.

* مستطردة: باختصار لانه كبّر حجم لبنان؟

ـ لا بل لان حجمه كبير. حجم اتصالاته الدولية يتخطى لبنان. كثير من السياسيين «اجندة ارقام هواتفهم» لا تتعدى البقاع والمتن. بالمقابل الكل يعلم وبما في ذلك سورية ان اتصالات الحريري الدولية هي من اجل لبنان وسورية وليست من اجل اعمالٍ خاصة.

* كيف تصف علاقة الحريري بالطائفة المارونية؟

ـ يخطئ الموارنة اذا اعتقدوا انهم سيكونون وحدهم «رأس الحربة» في استعادة استقلال لبنان. في الظروف التي نعيشها تأتي اعادة استقلاله على من يقرر ان يكون لبنان وطنا نهائيا. وخاصة في الطائفة السنية فرفيق الحريري زعيم كبير وهو «رأس الحربة» في اعادة استقلال لبنان وليس هذا الامر حكراً على الرئيس الماروني او أي من الزعماء الموارنة. الزعماء الموارنة ليسوا قادرين وحدهم على القيام بشيء لاستعادة استقلال لبنان، لان الاستقلال الذي يطالب به المسيحيون يأتي على حساب الطوائف الاخرى بينما الخطة التي يقودها الحريري لاستعادة الاستقلال ـ بصرف النظر عن علاقته بسورية والحساسيات السورية في هذا الموضوع ـ هي الصحيحة. عندما يمشي الحريري بمناخ «اننا طلاب سلام» يعني ان هناك حالة سنية اساسية تطلب السلام. في السابق كان المسيحيون هم طلاب سلام وكل العالم العربي والمسلمين كانوا طلاب حرب، اما اليوم فاختلف الامر. باعتقادي احد ابرز الاخطاء التي ارتكبها رفيق الحريري في حياته السياسية هو عدم موافقته على الزواج المدني.

* لأن اقراره سيساهم في إلغاء الطائفية وتحويل لبنان الى مجتمع مدني؟

ـ تماماً. وسيكون حجر الاساس في تحقيق ذلك.

* لكن لو وافق، لكان رجال الدين ثاروا عليه؟

ـ في اي دولة في العالم لم يفصل الدين عن الدولة ولم يبن المجتمع المدني الا بعدم موافقة الكنيسة او رجال الدين المسلمين.

* الرئيس الياس الهراوي قال لي ان مخالفة دستورية ارتكبها رفيق الحريري بعدم توقيعه مرسوم الزواج المدني لأنه سبق وأقر في مجلس الوزراء.

ـ صحيح. لكن حتى عندما خلفه الرئيس سليم الحص لم يوقعه. ما طبقت الديمقراطية في العالم الا من خلال فصل الدين عن الدولة والعلمانية. لا يمكن ان يهيأ المجتمع اللبناني لاتخاذ قرارات مهمة الا بعد انتهاء الصراع العربي ـ الاسرائيلي.

* في يونيو (حزيران) الماضي ناقش مؤتمر لوس انجليس للطائفة المارونية، «الاشكالية المسيحية مع سورية والاشكالية المسلمة مع اسرائيل»، برأيك هل ما زلنا ندور في هذا الفلك؟

ـ لا، لقد تخطينا هذا الامر وانتقلنا من لغة العنف والمجابهة الى لغة الحوار والعقل. لم يعد التعاطي مع هذه الامور ينبثق عن الغرائز انما عن المنطق.

* منذ العام 1992 ولغاية اليوم أين اخطأ الرئيس الحريري؟

ـ الغلطة الوطنية التي ارتكبها كانت عدم موافقته على الزواج المدني. طبعاً الاخطاء الادارية موجودة، رفيق الحريري يعمل تقريباً اربعاً وعشرين ساعة ومن الطبيعي ان يخطئ، الحريري دائماً على عجل نجح في حياته العملية نتيجة العجلة في التنفيذ. تفاجأ بالبيروقراطية في اروقة المؤسسات الحكومية لما تعرقله من اعمال وأدرك ان القرار ليس له فقط وهناك من يرفضه لمجرد عرقلة سير العمل.

* هل تعتقد ان كلا من الرئيس الاسد والرئيس الحريري لم يجد بعد الحلقة المفقودة في طريقة التعاطي فيما بينهما؟

ـ لا اعتقد انهما وجداها. بالمقابل هناك سهولة بالتعاطي مع الحريري وثقة به تفوق ثقتهم بغيره وبالتالي لأنه ما من ثقة مع غيره فلذلك هناك مداراة لهم. وما من مداراة مع الحريري. يدارونهم لأنهم لا يعلمون في اية لحظة يغيرون طريقهم. بينما هم متأكدون ان خط الحريري قومي 100 في المائة.

* لا يمكننا ان نعتبر ان الموارنة بانغلاقهم (منذ مقاطعتهم انتخابات صيف 1992) اساءوا لأنفسهم وهمشوا ذاتهم? ألا يصح القاء اللوم عليهم؟

ـ لا، ومن الافضل ان يبقى جزء من المسيحيين هكذا وان تستمر «قرنة شهوان». لماذا اقول هذا الكلام، لأن «قرنة شهوان» أصبحت بمثابة «حائط المبكى» و«فشة خلق» لدى الجميع سواء مسيحيين او مسلمين حتى ان لم يتفقوا مع كل ما تنادي به.

يسعدني وجود «قرنة شهوان» لأن لولاها لأصبح كل معارض في صف ميشال عون. وبالطبع «قرنة شهوان» افضل من ميشال عون لما تتمتع به من عقلانية.

* وأين ترى ان الموارنة اخطأوا وما من تعصب في بعض الاوساط؟

ـ أخطأ الموارنة منذ الاستقلال ولغاية العام 1989 الى ما قبل اتفاق الطائف اي عندما كانوا يتولون الحكم.

* ألا يمكن ان نعتبر التعامل مع اسرائيل وصمة عار على جبين الطائفة المارونية؟

ـ كل شيء نسبي. مما لا شك فيه ان الفلسطينيين «بدّعوا» في لبنان. لا ابرر هذه العلاقة انما هناك ظروف معينة. وهنا اذكر كلام قاله بشير الجميل لعلي سلامة (ابو حسن) قال له: «أخي لا تحشرني بالزاوية لأن حينها سأخرمش... فلا تسألني إذن لما خرمشت. سيطرتم على القسم الغربي من بيروت ولن ندعكم تسيطروا على المنطقة الشرقية. أتيتم لتقاتلونا في عقر دارنا، وأصبحتم الدولة ولن نقبل بهذا الشيء». لا يمكن ان نكون ضد هذه الارادة بالمطلق انما بالطريقة المتبعة للتطبيق.

* يعني ان لا يصل الامر الى حصول مجزرة صبرا وشاتيلا؟

ـ طبعاً لا. ولو بشير كان حياً لما حصلت هذه المجزرة التي اعرف تفاصيلها. كانت هناك نية لدى الفلسطينيين بأن لبنان هو الوطن البديل. كنت اثق بأن تعامل بشير مع الاسرائيليين كان لفترة.

* لكن أليس الرؤساء الموارنة من ادخلهم؟

ـ النظام الديمقراطي في لبنان هو الذي ادخل الفلسطينيين. اي نظام عربي آخر لم يقبل بهم. ثم من طرد ابو عمار من طرابلس. التاريخ سيبرهن لماذا تعامل المسيحيون مع الاسرائيليين.

* لكن كان يجب ان يقف هذا التعامل في العام 1983 عند خروج الفلسطينيين من لبنان؟

ـ صحيح. وكان يجب ان يقف انطوان لحد على الحدود. لأن المقاومة ضد الفلسطينيين شيء وضد اللبنانيين شيء آخر. وفي ما يخص اشارتك الى «الاشكالية المسيحية مع سورية والاشكالية المسلمة مع اسرائيل» تجدر الاشارة الى ان بشير اجتمع بصائب سلام وقال له هذه المعادلة مغلوطة، فلذلك اقترح عليك تشكيل وفد برئاسة شخصية مسلمة سنية للتفاوض مع اسرائيل للخروج من لبنان وما سيقرره هذا الوفد سأوافق عليه فوراً. وأنا سأشكل وفداً برئاسة شخصية مسيحية للتفاوض مع سورية وما سنقرره يجب ان توافقوا عليه فوراً. واغتيال بشير اعاق هذه الخطة. وأذكر انني اجتمعت بصائب بيك في جنيف وأخبرني عن هذا الاقتراح. واختلاف بشير مع بيغن كان بسبب رفض المسلمين للمخططات الاسرائيلية.

* تعاطي الرئيس بشار الاسد مع لبنان اتى مختلفاً عن تعاطي الرئيس الراحل حافظ الاسد. وعندما سئل الرئيس بشار ان الملف اللبناني بيد مَنْ من المسؤولين السوريين قال «هذا تقزيم للبنان». كما صرّح بأنه لا يستطيع القول لمسؤول سوري بأن يغلق بابه في وجه اللبنانيين. في رأيك هل من مبالغة من قبل بعض الشخصيات اللبنانية في استشارة سورية... وان سورية لا تطلب كل هذا؟

ـ بلا شك انه في العلاقة مع سورية يتجلى خط استراتيجي يجب الايمان به. الايمان اللبناني (مثلما اراه) يجب ان يتجلّى بأن استقلال لبنان الكامل لن يتم الا بإنهاء الصراع العربي ـ الاسرائيلي. وبالتالي يجب ان يكون لبنان بخدمة سورية لانهاء هذا الصراع. اذا كانت سورية طالبة سلام ـ وهذا حالها اليوم ـ وتريد ان تجمع كل الاوراق للضغط على اسرائيل للقبول بالسلام الحق والعادل. هنا كل ما يساعد سورية انا معه. انا مستعد للعطاء في سبيل انهاء الصراع. وحينها المجتمع اللبناني سيتوحد وتتبدد الغرائز الطائفية وحينها سيصبح تلازم المسارين قناعة وليس مجرّد شعار لارضاء سورية.

* ما طبيعة علاقتك بالمسؤولين السوريين؟

ـ اليوم عادية. نستطيع ان نقول انها تحولت من سيئة الى عادية. سبق واجتمعت مرتين باللواء غازي كنعان.

* هل نستطيع ان نعتبر بيان المطارنة الذي صدر عقب القمة العربية في شرم الشيخ (في مارس الماضي) مادحاً خطاب الرئيس الاسد، منعطفاً جديداً في علاقة سورية ـ بكركي؟

ـ نعم وبلا ادنى شك، واعتقد انها لفتة مهمة من البطريرك.

* كذلك تصريح البطريرك صفير لوكالة الصحافة الفرنسية «أ.ف.ب» وقوله للاميركيين بأنه الآن ليس الوقت المناسب للبحث في الانسحاب السوري وما يدور حولنا اهم من ذلك بكثير؟

ـ تماماً. وهذا دليل على ان هناك عقلا مارونيا واعيا. وانه اذا ارادت اميركا ان تحارب سورية فهذا لن يكون عبرنا انما يجب ان نتلازم وألا نسمح بخلق الفتن.