الرجل الثالث في البنتاغون يشدد على حماسة الشعب العراقي لبناء دولة ذات سيادة

دوغلاس فايث: العراق للعراقيين.. ولا مصلحة لأميركا في السيطرة عليه أو إدارته * كثيرون في العالم العربي وأوروبا يقيّمون بإيجابية ما قامت به الإدارة الأميركية * الشعب الإيراني يريد الحرية وحكومة أفضل وهو الذي سيقرر في النهاية

TT

يعتبر دوغلاس فايث، النائب الثاني لوزير الدفاع الاميركي، واحدا من الصقور في الادارة الاميركية او كما يُطلق عليهم: المحافظون الجدد. ومن سمات المحافظين الجدد: الهدوء والعمل الحثيث وبالذات عدم الانفعال. واذا كان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد نفسه اخلّ الاسبوع الماضي بالعمل حسب هذه المبادئ، عندما انفعل اثر اعلان الرئيس جورج دبليو بوش عن تشكيل لجنة اعادة الاستقرار للعراق برئاسة مستشارة الامن القومي كوندوليسا رايس، فان العاملين الى جانبه لم يتأثروا.

ففي حديث خاص الى «الشرق الاوسط» رفض الرجل الثالث في وزارة الدفاع دوغلاس فايث ما يجري من حديث عن فوضى في الادارة، واختصر الامر بان العاملين في الادارات الاميركية كلها، يتوارثون نقاشا مستمرا، وفي كل الاوقات هناك درجة من الانسجام بين «اشخاص اذكياء وموهوبين وتقع على عاتقهم مسؤوليات جسام».

وفي الحوار قال فايث ان التعاون بين الولايات المتحدة من جهة وبين اوروبا والعالم العربي ضروري جدا، ومن اولويات ادارته لتحقيق النجاح في العراق، واشاد بالشعب العراقي وبتوفر الفرص الآن لانشاء مؤسسات حرة «وخلق دولة مستقلة وفخورة وذات سيادة». واكد على ان الارهابيين الذين توجهوا الى العراق «جعلوا منه ساحة تحد مهمة في الحرب ضد الارهاب»، واشار الى تعاون الاميركيين مع العشائر العراقية والى عملهم مع الشيعة «التواقين الى عراق يكون فيه للشيعة دور ريادي كمرجعية دينية»، واستبعد في هذا المجال قيام دولة اسلامية، وقال ان المشاورات تجري الآن مع كل الاطراف العراقية حول دخول القوات التركية. وعن سورية قال النائب الثاني لوزير الدفاع الاميركي، انها تملك برنامجا لتطوير الاسلحة الكيمياوية وانها لا تتعاون بشكل جيد لضبط الحدود، ونفى انه كان بين مستقبلي حسين الخميني في واشنطن، مشددا على تعاطف الرئيس الاميركي مع تطلعات الايرانيين للحرية، وكرر تركيزه على العراق، وبأنه سيبقى كدولة وينتعش «فقط اذا نجح العراقيون في التوصل الى آلية سياسية تسمح لكل الاطراف بالمشاركة في السلطة».

وهنا نص الحوار:

* هل تريدون ان تشفوا الجراح مع اوروبا والعالم العربي؟

ـ لنا علاقات مهمة في اوروبا وفي العالم العربي، واعتقد ان فكرة التعاون في ما بيننا حول مصالح مشتركة تبقى الاولوية بالنسبة الينا، صحيح انه كانت هناك خلافات مهمة ايضا مع البعض في اوروبا والبعض في العالم العربي، لكن في المقابل هناك الكثيرون في اوروبا وفي العالم العربي يقيّمون بايجابية ما قامت به الادارة الاميركية. وانه من الاهمية الاشارة، كما يوحي سؤالك، عندما يقول البعض عن خلاف مع اوروبا او خلاف مع العالم العربي، يوحي ذلك وكأن المواقف في اوروبا او في العالم العربي متماسكة ومتراصة، وهذا ليس صحيحا، نعرف اننا نعيش نقاشا مع بعض هذه الدول، ونتمتع بانسجام في المواقف وبالتعاون مع البعض الآخر، وهذا يتعلق بالقضايا المطروحة، لكن بشكل مبدئي، نحن، وكرد على سؤالك، نرى ان التعاون بيننا وبين اوروبا والعالم العربي، ضروري جدا.

* ما هي المسائل او القضايا التي يمكن ان تلتقي حولها الولايات المتحدة مع الدول العربية ويعملان عليها معا؟ كالعراق مثلا، اين يمكنهما ان يعملا معا؟

ـ المشروع الاساسي حاليا هو تحقيق النجاح في العراق. لقد حررنا تقريبا 25 مليون انسان في العراق، من اسوأ طغيان عرفه العالم، وهناك حماسة كبيرة يلمسها كل من زار العراق مؤخرا، وقد كنت هناك وشعرت بها، وهي منطلقة من المتعة في بناء دولة جديدة. وتتوفر الآن فرص لانشاء مؤسسات حرة وخلق دولة مزدهرة وجعل العراق دولة مستقلة وفخورة وذات سيادة وجزءا لا يتجزأ من المجموعة الدولية، هناك مكان للعراق على الساحة الدولية المشرفة، كان حُرم منه لفترة طويلة بسبب ما فعله صدام حسين بتلك البلاد.

* هل تدعون العرب للمجيء الى العراق والمساهمة، ام ان الوقت لم يحن بعد؟

ـ هناك الكثير من العرب، افرادا ودولا، يشاركون في عدة مجالات لاعادة بناء العراق. واعتقد ان هذا لمصلحة الشعب العراقي، واظن ان الناس في المنطقة الذين يريدون المشاركة في اهدافنا لتحقيق عراق مستقر يريد العيش بسلام مع جيرانه، وقادر على منح الحرية والازدهار لشعبه، يدركون ان هناك ايجابية كبيرة في العمل معنا لجعل العراق مشروعا ناجحا.

* نلاحظ ان العمليات ضد القوات الاميركية في العراق تتزايد، وسمعنا ان الكثير من الارهابيين يتوجهون الى العراق.. كيف ستحلون هذه المشكلة مع وجود القاعدة في العراق وانصار الاسلام وآخرين؟

ـ هذا صحيح، ان الارهابيين يتجهون الى العراق، وجعلوا من العراق ساحة تحد مهمة في الحرب ضد الارهاب، لكن الاهم ان الشعب العراقي لا يدعم هؤلاء الارهابيين، ومن اهم ما نراه ونلسمه الآن، تزايد عدد التقارير التي تصلنا عن امكنة وجود الارهابيين او عن مخابئ مؤيدي النظام السابق وعن مخازن الاسلحة، هذه التقارير نحصل عليها، ليس عن طريق استخباراتنا الخاصة بل من العراقيين العاديين، لذلك فان المفتاح الاساسي للأمن في العراق يعتمد على قيام العراقيين بدور حماية بلادهم، ويعني هذا في المرحلة الحالية التعاون معنا، لكنه يعني ايضا ان يتسلموا هم وبأسرع وقت ممكن مسؤوليات الامن في العراق.

* ما هي سرعة الاسرع وقت ممكن؟

ـ نحن نريدها اليوم، واحب ان اؤكد ان لا مصلحة للولايات المتحدة في ادارة شؤون العراق، من مصلحتنا ان يدير العراقيون شؤونهم، فالعراق للعراقيين، ولا مصلحة لنا في اخذ اي حق من حقوقهم او في السيطرة علىهم او ادارتهم، ونحن نعمل ونبذل جهودا قصوى لايصال العراقيين الى المستويات المطلوبة بحيث يصبحون قادرين على ادارة حكومتهم والاستفادة من ثرواتهم وتأمين انفسهم. لدينا الآن حوالي 80 الف عراقي يعملون ويساهمون في حماية بلادهم، اكرر هناك 80 الف عراقي، اكثر بكثير من عدد المؤيدين للنظام السابق الذين يعملون الآن لزعزعة الامن. لا يحتاج الامر الى عدد كبير من الناس ليشنوا هجوما بين الحين والآخر، او ليقتلوا شخصا، او ليخططوا لعملية انتحارية، هذه العمليات على اختلافها لا تحتاج الى آلاف الناس. تحتاج لعدد قليل.. لا انكر انها مشكلة صعبة واننا نعمل على معالجتها، لكن مفتاح حلها الاساسي يدفعنا الى ايصال العراقيين الى مستوى يستطيعون عبره تأمين امنهم وحياتهم. اننا نساعدهم في ذلك، ونقوم حاليا بتدريب خمسة انواع من الاجهزة الامنية: الشرطة، حرس الحدود، فرق الحماية المدنية، قوى لحماية المنشآت، والجيش.

والذي يشجع هو اننا لا نواجه اي مشكلة في عملية تجنيد العراقيين لهذه الوظائف، وهم يأتون ومتحمسون ليساهموا في اعادة بناء دولتهم الحرة المستقلة.

* هل تتعاونون وتنسقون مع القبائل والعشائر هناك؟

ـ نعم.

* وهل ستعطونهم ادوارا في المستقبل؟

ـ الامر لا يعود لنا في اعطاء العشائر اي دور، اذ ان للعشائر العراقية دورا في بناء بلادهم.

* نلاحظ ان قوات التحالف لا تتعرض لاي عمليات في الجنوب العراقي، فما هو السر مع الشيعة، هل تنسقون سرا مع ايران او مع المرجعيات الشيعية العليا؟

ـ كلا. اننا نعمل مع الشيعة، وملاحظتك مهمة، اذ ان هناك القليل جدا من المشاكل الامنية في الجنوب او حتى في الشمال وكذلك في الغرب.. ذلك ان اكبر نسبة من العمليات المضادة، اي ما يزيد عن 80 الى 85% يقع في بغداد او شمال غربي بغداد. وربما حسب التغطية الصحفية، لا ينتبه الناس الى منطقة توزع المشكلة، وفي الحقيقة فان المشكلة مركزة في جزء محدد وصغير من البلاد، وهناك مناطق شاسعة وواسعة في العراق مؤمنة. اما الامن المقبول تقريبا في الجنوب فيعود لاسباب متفرقة: لقد عملنا عن كثب مع الشيعة، وهم تواقون الى عراق ذي دور شيعي ريادي كمرجعية دينية، يتسق مع تاريخهم السابق، وكانوا اضاعوه نتيجة للطريقة التي حكم بها صدام حسين العراق وزج الشيعة في السجون. ان الشيعة تواقون للتعاون، واللافت انه كانت هناك فكرة خاصة سادت العالم الغربي بالذات وهي ان الشيعة في العراق بشكل عام، سيدعمون قيام دولة دينية على نسق المثال الاسلامي الايراني، وهذا ليس صحيحا. لقد رأينا اهتماما حقيقيا من جهة انفتاح الشيعة على قيام مؤسسات ديمقراطية، وهناك تقدير من قبل العديد من الشيعة بأن عدم قيام دولة دينية ليس مفيدا فقط للدولة بل مفيد للدين نفسه، فقيام مثل هذه الدولة لا يحمي الدولة من الدين فقط، بل يحمي الدين من الدولة.

لقد حصلنا في الواقع على دعم جيد في الجنوب لانشاء مجالس حكم ضمن مفهوم مؤسسات حكم ديمقراطي، وكذلك الامر في الشمال، اذ اننا نتمتع بتعاون جيد من قبل الاكراد، وهم ابعد ادراكا لهذه المسألة لانه كانت لديهم منطقة الحكم الذاتي حتى في زمن صدام حسين ونجحوا في حكم انفسهم. واريد ان اوضح انني لا اريدك ان تعتقدي انه بتعدادي لكل هذه الانجازات السياسية انفي الحقيقة وهي اننا امام عمل صعب في العراق، واننا نواجه الكثير من المشاكل والتحديات التي علينا تجاوزها والتغلب عليها، لكنني اعتقد جازما انه تم تحقيق الكثير من الانجازات في وقت قصير نسبيا وفي ظل ظروف صعبة، وهذا يعكس نسبة مهمة من التعاون ما بين قوات التحالف والعراقيين.

* اريد ان اسألك عن الاكراد، انهم يتعاونون وينسقون معكم منذ وقت طويل ويقومون بمهمة جيدة، وهم لا يريدون القوات التركية ان تنتشر في بلادهم، واعرف ان هذه القوات لن تنتشر في الشمال.. لماذا تريدون، رغم هذا، ارسال قوات تركية الى العراق؟

ـ ان المباحثات تجري الآن، فهذه المسألة لن يتم التعامل معها بالعموميات، ونحن سنتكلم معهم حول عدد من الترتيبات المحددة والمهمة والتي تعالج اهتمامات كل الاطراف المعنية. ان السفير بريمر (بول بريمر) يعمل بقوة مع مجلس الحكم العراقي لبحث هذه الترتيبات. ان قوات التحالف مسؤولة عن الامن وامامنا مهمة وعلينا اتمامها، والاتراك مستعدون للمساهمة معنا بهذه المهمة، والسؤال المطروح هو حول كيفية تنظيم هذه المساهمة وكيف نقوم بترتيبات تأخذ في عين الاعتبار وجهة نظر وحسابات كل الاطراف. ان هذا ما يجري البحث حوله والعمل عليه ما بين السفير بريمر ومجلس الحكم، وقد قطع الطرفان شوطا من المحادثات وننتظر لنرى كيف ستتطور.

* هل صحيح انكم تريدون المساهمة من تركيا والمانيا بالتحديد، لان الدولتين تحملان مفتاح تدويل الوضع في العراق، ذلك ان المانيا يمكنها ان تحيّد فرنسا، فتستطيع دول اخرى بالتالي الانضمام وتستطيع تركيا ان تجذب دولا عديدة مثل بنغلاديش واليابان وكوريا الجنوبية، وعندها لا تضطرون الى الذهاب الى الامم المتحدة؟

ـ لا ارى الامر بهذه الطريقة، نحن على اتصال مع عدد من الدول التي اشرت اليها، وكذلك نحن نعمل مع الامم المتحدة، ولا نتعامل انطلاقا من مفهوم: اما هذا الطرف او ذاك، اي لا نقول اننا سنعمل مع هذه الدول بدلا من الامم المتحدة، بل نقول اننا نريد العمل مع هذه الدول ومع الامم المتحدة، ولا اظن انه من الانصاف القول ان احدى الدول هي بالضرورة المفتاح لدولة اخرى، اذ لكل دولة وضع سيادي، اننا على اتصال مع عدد كبير من الدول للمساهمة، بقوات لحفظ الاستقرار، او المساهمة بمسؤولين للعمل مع سلطة التحالف المؤقتة، او المساهمة بمبالغ لجهود اعادة البناء، ونبذل جهودا دولية واسعة للحصول على اقصى دعم من المجموعة الدولية من اجل العراق.

* بالنسبة الى سورية، هناك الكثير من الاتهامات ضدها، لكننا لم نجد اي اثبات ان السوريين يحاولون تصنيع اسلحة الدمار الشامل، والاعتقاد ان المشكلة الآن مرتبطة بالحدود السورية ـ العراقية، ويقول السوريون انها مشكلتكم ومن مسؤوليتكم اغلاق الحدود بين العراق وسورية لوقف التسلل.. كيف ترون علاقتكم مع سورية في ظل كل هذا؟

ـ اولا، من الواضح ان السوريين يملكون نظاما لاسلحة الدمار الشامل، وبرنامجهم لتطوير الاسلحة الكيمياوية معروف جدا، ولا اعرف من اين اتيت بتأكيداتك. اما بالنسبة الى الحدود، فنحن نعرف ان عددا من الارهابيين الذين وصلوا الى العراق جاوءا عبر الحدود السورية، وحماية الحدود من مسؤولية الطرفين اللذين على جهتي الحدود، وقد طلبنا من المسؤولين السوريين، وهم احيانا يتعاونون بنسبة اكثر قليلا واحيانا يتعاونون بأقل نسبة، وبشكل عام نرى انه من مصلحتهم ومن مصلحة المنطقة ان يتعاونوا بشكل جدي، وان يضمنوا الا تكون سورية مصدرا او محطة عبور للارهابيين المتجهين نحو العراق..

* هل تستطيعون بأنفسكم التحكم بالحدود العراقية، اي الحدود العراقية ـ السورية، والعراقية ـ الايرانية، والعراقية ـ التركية، ام انكم في حاجة الى مساعدة الدول المجاورة؟

ـ اعتقد انه من الصعوبة السيطرة على كل الحدود في اي ظرف كان، وكل ما نستطيع عمله هو ان نقوم بالمهمة على افضل ما يمكن، ونعرف انه لا يمكننا السيطرة الكاملة، نحن لا نسيطر بشكل كامل على حدودنا مع المكسيك، ان السيطرة الكاملة على الحدود مشكلة صعبة، ولكن يمكن القيام بالمهمة بشكل افضل اذا تلقينا تعاونا من الطرف الآخر على الحدود.

* اريد ان اسألك عما اذا كنت بين الذين استقبلوا حفيد آية الله الخميني، حسين الخميني، في واشنطن، وهل ترى اي مستقبل لايران برئاسة رجل دين آخر؟

ـ انا لم اكن بين الذين استقبلوا حسين الخميني، رغم انني قرأت في الصحف انني كنت احد المرحبين.. هذه واحدة من عدة امور اقرأها في الصحف ولا تكون صحيحة. على كل، قرأت بعض ما قاله، وهناك اشارات اخرى بأن الشعب الايراني يريد حكومة افضل، ويريد الحرية، واعتقد ان هناك اعترافا منتشرا في كل ايران بان الحكم هناك خذلهم. فهو لم يؤد الى الحرية او الى الازدهار، كما ان القيادة الدينية لم تنتج مستوى عاليا من النزاهة.

* ولكن ماذا بالنسبة الى رجل دين آخر في السلطة كحفيد الخميني، او انكم الآن تجسون النبض فقط؟

ـ ان على الايرانيين ان يقرروا الامر. واظن ان النقطة المميزة هي اننا نرى، عبر اتصالاتنا مع الايرانيين وعبر المظاهرات هناك، ان الشعب الايراني غير مرتاح للوضع، الذي يجد نفسه فيه، وهناك تعبيرات مكررة نسمعها من الطلاب ومن الخبراء ومن آخرين تصب في انهم يريدون العيش حياة افضل.

* وهل انتم على استعداد لتقديم المساعدة؟

ـ لقد كان الرئيس (جورج دبليو بوش) واضحا في هذه النقطة، اذ عبر عن تعاطف جم مع تطلعات الايرانيين للحرية، ولكن مسألة هل؟ كبيرة، ويأمل الواحد ان يتحسن الموقف في السنوات المقبلة.

* كما قرأت انت في الصحف بأنك كنت بين المستقبلين لحفيد الخميني، قرأت انا ان شركة المحاماة السابقة التي كنت تعمل بها، هي بين الشركات التي بدأت تقدم خدماتها لتسهيل اعمال الشركات التي تبحث عن عقود في العراق. هل هذا صحيح؟

ـ كلا. ان شركتي السابقة للمحاماة تم حلها بعدما بدأت العمل في الحكومة، والقصة التي تشيرين اليها هي عن زميل محام سابق لي.

* اي انه يقوم الآن بمهمة تسهيل الاعمال؟

ـ في الحقيقة لا اعرف تفاصيل ما يقوم به. لقد قرأت الصحف، وتجربتي ان عددا من قصص الصحف، كثيرا ما تكون ملأى بعدم الدقة، ولذلك لا اعتمد على قصص الصحف واضيف انني لست على اطلاع على ما يقوم به.

* اريد ان اسألك، اذا اجريتم استفتاء في العراق طالب عبره العراقيون بدولة اسلامية، فما ستكون ردة فعلكم؟

ـ ان ما نراه في العراق الآن هو انشاء دولة لا يكون فيها اي طرف في موقع القادر على اضطهاد اي طرف آخر. ان العراق كدولة سيبقى وينتعش، فقط اذا نجح العراقيون في التوصل الى آلية سياسية تسمح لكل الاطراف بالمشاركة في السلطة وان يكون كل طرف ممثلا بانصاف، واذا حدث ان استطاع اي طرف السيطرة على بقية الاطراف بطريقة يصبح قادرا على اضطهادها، فأعتقد ان العراق لن ينجح عندها. واظن ان شريحة كبيرة من الشعب العراقي وتشمل الاكراد والعرب، السنة والشيعة، تتفهم وتقدر هذا الواقع، وبالتالي وحسب ما لمسناه وعرفناه، خصوصا من الدعم الواضح الكبير لنظام ديمقراطي، فان نوعا من النظام التمثيلي، هو الذي سيسود، وفي الحقيقة فان الشعب العراقي، لا يريد العودة الى نوع من الحكم السيئ كالذي عاش في ظله لعقود طويلة، ويريد المحافظة على المفتاح لحماية حريته.

* كتب ويليام كريستول في «الويكلي ستاندارد»، ان هناك فوضى في ادارة الرئيس بوش، وان وكالة الـ«سي. آي. ايه» في حالة تمرد ضد البيت الابيض، وان وزارتي الدفاع والخارجية لا تتحدثان او تتعاونان مع بعضهما البعض، فما الذي يجري؟

ـ لقد خدمت في ادارتين، ادارة الرئيس رونالد ريغان، وهذه الادارة، وخلال الفترتين راقبت من الخارج كمتفرج، ان الحكومة الاميركية مؤسسة واسعة جدا تضم عددا كبيرا من الناس، وهؤلاء الناس اذكياء جدا، ولديهم مختلف انواع الفلسفات ورؤيتهم المتعددة لمصلحة المؤسسات، وهذا يدفع الى الكثير من النقاش، وفي كل ادارة نصل الى نقطة حيث يكتب احدهم ان الادارة في حالة فوضى بسبب النقاش الدائم. ان النقاش واقع متوارث عندنا ويعود الى طريقة عمل نظامنا، واعتقد ان اكثريته مبالغ فيه او كما يقال «منفوخ».

* هذا يعني ان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ليس غاضبا من مستشارة الامن القومي كوندوليسا رايس؟

ـ انه يعني ان اشخاصا اذكياء وموهوبين وتقع على عاتقهم مسؤوليات جسام، يجدون طرقا للعمل معا، ويجدون طرقا للاتفاق وطرقا لعدم الاتفاق، وبين حين وآخر تلفت الصحافة لأمر هو في الواقع مقياس انما واضح، وتجعل منه قصة كبيرة وكأنها اكتشفت شيئا ما. وواقع ان هناك نقاشا في الادارة لا يعني ان هناك تعاسة شخصية او فوضى. ان النقاش هو احد الملامح الدائمة، انما في كل الاوقات هناك درجة من الانسجام ودرجة من التوتر ناتجة عن نقاش بين افكار بناءة وخلاقة، بسبب الطريقة التي تعمل بها مختلف مكاتب الحكومة. اعتقد ان الكثير مما يتم تناقله في الخارج مبالغ فيه، وكما نقول، انه «موضوع اليوم». وكما قلت، فان مطلق شخص يراقب عن كثب ولسنوات الحكومات الاميركية، يعرف ان هناك نقاشا دائرا بشكل مستمر وان هناك وجهات نظر مؤسساتية مختلفة. مثلا، فان وزارة الخارجية كمؤسسة لديها مواضيع معينة تهمها بشكل خاص، وكذلك الامر بالنسبة الى وزارة الدفاع، وكذلك البيت الابيض ووكالة الـ«سي. آي. ايه»، هناك وجهات نظر مختلفة، لكن النقاش هو بمثابة امر دائم عندنا، وهذا ليس بالامر السيئ، وحتى عندما لا تخرج قصص عن الفوضى، يكون النقاش قائما ومستمرا.. انها الحياة.

* سؤالي الاخير هو: هل تعرف انه في العالم العربي والعالم الاسلامي يرونكم، المحافظون الجدد، على انكم تعملون لمصلحة اسرائيل وتنسفون كل جهودهم التي يبذلونها من اجل السلام؟

ـ نعم، قرأت هذا واعتقد انه ليس صحيحا.

* كيف تحسنون صورتكم لدى العالمين العربي والاسلامي، وكيف يمكنكم المساعدة لتحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، خصوصا في هذه المرحلة الحساسة؟

ـ اعتقد ان ادارتنا الحالية وضعت المفهوم والتوجه للمساعدة في هذا الاتجاه، واعتقد ان الطرح خلاق وحكيم، واذا نجحنا فان الشعب الفلسطيني سيكون في وضع افضل بكثير مما هو عليه الآن، وسيكون ذلك لمصلحته ومصلحة الاسرائيليين ومصلحة الشرق الاوسط ككل وايضا العالم. واعتقد ان رؤية الرئيس صحيحة جدا.