عصام العريان: لا نريد فوضى وإنما نريد تحولا سلميا.. وأخشى إعلان ترشحي للرئاسة فأعامل كأيمن نور

القيادى الإخواني المصري قال لـ «الشرق الاوسط» قبيل اعتقاله: إن أميركا لها أهدافها الخاصة

TT

قبل أسبوع من القبض عليه بتهمة التخطيط للقيام بتظاهرات وإحداث اضطرابات في مدن ومحافظات مصر المختلفة، التقت «الشرق الأوسط»، الدكتور عصام العريان عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، والرجل الأكثر صخبا خارج الجماعة. وقال العريان في الحديث الذي استغرق أكثر من ثلاث ساعات بمكتبه بنقابة الأطباء المصرية، إن«لأميركا أهدافها الخاصة ونحن على وعي تام بهذه الأهداف، التي سبق أن أوضحتها وزيرة خارجيتهم، كوندوليزا رايس في آخر تصريحاتها، عندما أكدت بوضوح، أنها تسعى إلى تحقيق ما أطلقت عليه الفوضى الخلاقة». وأضاف العريان أن الأميركان يرون أن هذه الفوضى، هي التي ستحقق أهدافهم ومصالحهم. ولكننا في المقابل نريد استقرارا، لا نريد فوضي، ولا نريد انقلابات دستورية، ولا انقلابات عسكرية، نريد تحولا سلميا ونريد الحفاظ علي مؤسسات مصر وكل بلد عربي وكل بلد إسلامي. وكشف العريان في آخر المقابلة عن نيته خوض الانتخابات الرئاسية، ولكنه أوضح أنه يخشى أن يعلن هذا، فيحدث له ما حدث مع الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد.

وهذا نص الحوار :

* هناك متغيرات عديدة تجتاح المنطقة العربية بشكل عام، ومصر بشكل خاص، أين أنتم من هذا الزخم السياسى؟ ـ أعتقد أن الإخوان المسلمين، بما يتمتعون به من شعبية كبرى، واستقلالية في اتخاذ القرار وتميز في الطرح، هم الرقم الصعب في المعادلة السياسية، وطنية كانت أم إقليمية. ويكاد ينسحب ذلك أيضا على المعادلة الدولية. لذلك فنحن موجودون في قلب تلك المتغيرات، ولا يمكن لأحد أن يتجاهلنا على الإطلاق.

* أنا أتحدث عن استراتيجيتكم في مواجهة تلك المتغيرات؟

ـ منهج واستراتيجية الإخوان معروفان للجميع. وقد مر على الجماعة منذ نشأتها متغيرات عديدة، محلية وإقليمية ودولية، كان للإخوان دور مؤثر في الكثير منها. وأدى بعضها في الكثير من الأحيان إلى العصف بالجماعة حتى ظن الكثيرون أن الإخوان قضي عليهم، فذهب هؤلاء وبقيت الجماعة، وهذا دليل واضح على وجود استراتيجية ومنهج ثابت في مواجهة كافة المتغيرات، ايا كان حجمها.

* أفهم من هذا أن هم وهدف الإخوان، ينحصران في البقاء؟

ـ أنا لم أقل البقاء وفقط، ولكن أداء الدور والرسالة المنوطة بنا، في مجال الدعوة وتخريج أجيال جديدة. فنحن حركة تغيير مجتمعية ولسنا حزبا سياسيا يريد الانقضاض على السلطة وفقط. لذا نحن نقوم بدور مهم في مجال إحداث تغييرات عميقة في بنية المجتمع الفكرية والاجتماعية وهذا هو المهم بالنسبة لنا في الوقت الراهن.

* نسمع هذا الكلام الجميل كثيرا في كافة المناسبات، ومن كل قادة الجماعة على الإطلاق، ولكن ما نريد أن نسمعه، هو متى يمكن الحديث عن دور سياسي حقيقي للجماعة داخل مصر، فأنتم حتى الآن ما زلتم تنظيما محظورا؟ والسؤال بشكل أكثر دقة، ما هي استراتيجيتكم تجاه هذه الضربات المتتالية، التي تهدف إلى استبعادكم من حلبة الفعل السياسي في مصر، وبشكل نهائي؟ ـ إن أي مؤرخ يتصدى لكتابة تاريخ القرن الماضي الميلادي أو الهجري، لا يسعه سوى الإجابة عن سؤالك بشكل إيجابى. فالأخوان المسلمون أحدثوا تغييرات عميقة في البنية الاجتماعية والفكرية، وكذا في التحولات السياسية للمجتمع المصري بشكل خاص، وللمنطقة بشكل عام خلال القرن السابق (العشرين). ليس معنى هذا أن الإخوان تاريخ فقط، ولكن يظل الإخوان فاعلين على الساحة حتى الآن. بل هم يعتبرون أول أو ثاني قوى شعبية في معظم البلاد العربية، وتأثيرهم في المجتمع لا يستطيع أحد أن ينكره، من حيث انتشار الوعي الإسلامي، ودورهم في المشاركة في صنع القرار السياسي في المنطقة واضح، سواء كانوا مشاركين في الحكم أم كانوا خارجه (في صفوف المعارضة أم داخل غياهب السجون). حتى وهم داخل السجون أو المنافي رقم مهم في المعادلة السياسية وسوريا وتونس أكبر دليل على ما أقول.

* مرة أخرى ما هي استراتيجيتكم تجاه سياسات الاستبعاد والتحجيم الحكومية؟ ـ لقد أوضح الإخوان منذ أكثر من عام رؤيتهم التي ستشكل استراتيجية عملهم في المرحلة المقبلة، من خلال مبادرة المرشد العام، الأستاذ مهدي عاكف للإصلاح في المنطقة. ومقدمة هذه المبادرة هي التي تجيب عن سؤالك. هذه الاستراتيجية تقوم على أربعة أسس رئيسية يحضرني منها الآن:

1ـ رفض الهيمنة والتدخل الأجنبي في شؤون مصر والمنطقة العربية، والتصدي لهذه الهيمنة التي تأخذ الآن شكل تحالف واضح صهيوني أميركي.

2 ـ لا بد من إصلاح شامل للمجتمعات العربية، لا يشمل فقط التركيبة السياسية، ولكن يمتد ليشمل كل المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وهذا الإصلاح الشامل يجب أن يسير بخطوات متوازية جنبا إلي جنب.

3 ـ نقطة البداية في أي إصلاح يجب أن تبدأ من الحريات حيث يجب تحقيق إصلاح سياسي ودستوري يعلي من إرادة الشعوب، ويجعل القرارات النهائية في يدها من خلال تنافس عادل وحر بين كافة القوى السياسية في البلاد.

4 ـ لا يستطيع أي حكم أو قوى سياسية مختلفة أو حزب معارض، أن ينفرد بإجراء هذا الإصلاح فلا بد من مصالحة وطنية شاملة، وفترات انتقالية، تساعد في الانتقال من فلسفة المجتمعات العسكريتارية أو القبلية، إلى حالة من التنوع والتعدد الذي يؤدي في النهاية إلى تحول ديمقراطي حقيقي ومنطقي.

* هذه هي الاستراتيجية، فماذا عن آليات تنفيذها؟

ـ نحن نقوم، تأسيسا على هذه الإستراتيجية، باعتماد نداء من أجل الحريات في كل دولة عربية، يقوم بالإساس على آليات عمل سياسية، منها السعي لتشكيل أحزاب سياسية مدنية، وخوض الانتخابات البرلمانية وغيرها من الانتخابات البلدية والنقابية. كما نقوم بالاتصال بكافة القوى السياسية في محاولة للوصول إلى تحالف واسع، لقيادة عملية التغيير.

مثال على ذلك، ما قمنا به في اليمن، حيث دشنا ما أطلق عليه هناك باللقاء المشترك، الذي يضم الإخوان والاشتراكيين والماركسيين وغيرهم. وكذلك فعلنا في الأردن، من خلال تحالف القوي الإسلامية والاشتراكية، وفي الجزائر دخلنا في تحالف مع النظام، وعلى المستوى القومي نشارك في المؤتمر القومي العربي كأفراد، وكذلك في المؤتمر الإسلامي الذي أتشرف بأنني المنسق العام له في هذه الدورة.

* أين مصر من كل ما تحكيه؟ ـ لقد زار وفد من الاخوان في الشهور الأخيرة فقط، كافة القوى الرئيسية في البلاد. واستقبل المرشد بقية القوى السياسية في مكتبه. وكان أمل الاخوان أن ينجحوا في خلق جبهة وطنية عريضة، تقدم البديل الثالث الذي يجنب به الأخوان البلاد شبح التدخل الأجنبي، وكارثة بقاء الحال على ما هو عليه. لكن للأسف الشديد فإن النظام نجح في استقطاء أحزاب المعارضة إلى صفه عن طريق منحها وعودا وهمية، من قبيل زيادة نسبة تواجدها في مجلس الشعب المقبل، فانصرفوا عنا. وما زال الإخوان يمدون أيديهم للجميع، ويشاركون في أي جهد يهدف إلى الخروج بالبلاد من هذا المأزق.

* تكلمت عن تشجيع المبادرات الحزبية، ولكنكم لم تتقدموا حتى الآن بطلب لإنشاء حزب في مصر، هل مصر مستثناة من استراتيجيتكم التي تحدثتم عنها؟ ـ هذا الكلام غير دقيق. فأنت تتذكر جيدا أن الاخوان تقدموا بطلب رخصة حزبية عام 1996 «حزب الوسط»، فهذا المشروع كان مشروعا اخوانيا، وقامت الحكومة برفضه، وألقت القبض على مؤسسيه وحاكمتهم عسكريا.

* ولكنكم سحبتم هذا الطلب، الذي تقدم به المهندس أبو العلا ماضي، في اليوم الثاني لتقديمه مباشرة، وأوعزتم إلى المؤسسين بسحب توكيلاتهم؟ ـ لقد بنى الإخوان موقفهم على ضوء رسالة الدولة، التي اعتقلت الأب الروحي للفكرة (الأستاذ مهدى عاكف) فور التقدم بالأوراق. واعتقد قادة الجماعة أن الرسالة وصلت ولا داعى للاستمرار. وكان للمهندس أبو العلا موقف آخر، وأعتقد أن التاريخ أثبت صحة موقف قادة الجماعة آنذاك.

والجماعة الآن تضع في مقدمة أولوياتها الآن إلغاء القيود المفروضة على تشكيل الأحزاب. وأظن أنه وقت أن تلغى هذه القيود، سيكون الأخوان أول من يتقدم لإنشاء حزب.

* عندما بدأتم تحرككم في الشارع المصري لتفعيل قرار الرئيس مبارك الخاص بتعديل المادة 76 لماذا جاء تحرككم منفردا، إذا كانت استراتيجيتكم تهدف إلى صنع ما قلتم إنه جبهة وطنية عريضة؟ ـ بمنتهى الصراحة.. لا يوجد من يتحرك في الشارع على صعيد التظاهر السلمى سوى حركة «كفاية». وعلى الرغم من أننا مشاركون كأفراد فيها، فإنها تستشعر حرجا في التنسيق معنا.. هذه قضية. والأخرى هى أنها لم تزل تتحرك بشكل رمزي وهذا ليس أسلوب الاخوان. فقرارنا هو إذا نزلنا إلى الشارع، يجب أن نوصل رسالة إلى الجميع بأن التعديل يجب أن يكون حقيقيا، والإصلاح يجب أن يكون جادا، ومثل هذه الرسالة لا ينفعها أن يكون عدد المتظاهرين رمزيا، لذا لم ننسق مع أحد.

* قلت من فترة في حديث تلفزيوني إن ما يحدث في مصر فرصة لن نفلتها أبداً، ما معنى رسالتكم تلك؟

ـ أنا قلت إن فرصة الإصلاح لا يجب تفويتها، في إشارة منى للشعب المصري وليس لجماعة الاخوان فقط.

* الأميركان الآن دخلوا على الخط، وبدأ الحديث بشكل واضح عن إمكانية للحوار مع إسلاميين، ووصل الأمر إلى إعلانهم قبول مبدأ وصول إسلاميين إلى السلطة في المنطقة، ما هى خططكم تجاه هذه التوجهات الجديدة؟ ـ أميركا لها أهدافها الخاصة، ونحن على وعي تام بهذه الأهداف، التي أوضحتها وزيرة خارجيتهم، كوندوليزا رايس في آخر تصريحاتها. فقد قالت بوضوح إنها تسعى إلى تحقيق ما أطلقت عليه «الفوضى الخلاقة». والسياسية الأميركية، من وجهة نظرى، تهدف إلى خلق فوضى في المنطقة وفي العالم العربي بشكل خاص. وهم يرون أن هذه الفوضى هي التي ستحقق أهدافهم ومصالحهم. ونحن في المقابل نريد استقرارا ولا نريد فوضى.. نريد تحولا سلميا ولا نريد انقلابات دستورية ولا انقلابات عسكرية، نريد الحفاظ على مؤسسات مصر وكل بلد عربي أو إسلامي، وندرك أن الفوضى لن تكون إلا في صالح المارينز الأميركي، وكذلك العدو الصهيوني، الذي من مصلحته أن تكون هناك حالة من عدم الاستقرار في المنطقة. لذلك فسياستنا واضحة تماما تجاه هذا الأمر.. إننا نريد من الشعوب أن تنضم إلى القوى السياسية. ونريد من النخب أن تتحرر من مطامعها الخاصة، ونريد من النظم أن تدرك أن زمن التغيير جاء أوانه، وأن أي تأخير في خطوات الإصلاح الحقيقي، ليس في مصلحة أحد، نحن نراهن على هذه القوى الثلاثة.

ـ هناك وجهة نظر داخل الإدارة الأميركية ترى أهمية استخدام الإخوان في ضرب قوى التطرف، ومن هنا جاءت فكرة الحوار معكم، ما هو رأيك شخصيا في هذا الموضوع؟ ـ بمنتهى الصراحة.. نحن ندرك كأخوان مسلمين أن أي حوار بين قوى عظمى، وبين حركة شعبية لن يكون في صالح الأخيرة. وسيكون الهدف الأساسي منه استخدام القوى العظمى للحركة الشعبية، أيا كانت قوتها، لتحقيق مصالح تلك القوى. وهذا هو تاريخ الولايات المتحدة مع كافة جماعات المعارضة السياسية في العالم بأكمله، وليس منطقتنا فحسب.

وبالتالي نحن لا ندخل في مثل هذه الحوارات، ولن ندعو إليها، نحن نتحاور معهم كأكاديميين ونحضر ندواتهم ومؤتمراتهم. ونقول رأينا لهم بكل وضوح وصراحة، ونطلب منهم أن يحترموا وجهات نظرنا إذا كانوا ينادون بالديمقراطية الحقيقة. وعليهم أن يحترموا الإرادة الشعبية حتى لو قررت أن تعارض سياساتهم، ولو أدى هذا في نهاية المطاف أن تأتي هذه الإرادة بمعارضين للسياسات الأميركية، عليهم إن كانوا ديمقراطيين حقا، أن يحترموا إرادة الشعوب، ولا يتدخلوا في شؤون المنطقة الداخلية. بمعنى ألا يغرسوا عملاءهم أو يستقطبوا أناسا أو ينفقوا أموالا لاستقطاب أناس يخدمون مصلحتهم ويروجون لأفكارهم. فهذا يهدد الأمن القومى للمنطقة بشكل عام ويدفع في اتجاه أوضاع خطيرة لا تصب في صالح حتى الأميركان أنفسهم.

* لكن كلام نائب المرشد العام كان واضحا، وقال إنه مستعد للحوار، شريطة أن يكون عن طريق الخارجية المصرية؟

ـ أعتقد أن نائب المرشد العام، وهو يضع هذا الشرط، كان يعلم أنه شرط مستحيل التطبيق عمليا، وهذا يصب فيما قلته لك من قبل.

* ولكن هناك فروعا للإخوان (الأردن على سبيل المثال) طلبت حوار الأميركان، واعترف زعيم مجموعة العمل الإسلامى بذلك؟

ـ الإخوان ليسوا دولة ليطلبوا الحوار مع أميركا. ولكن أميركا هي التي تملك سفارات في كل مكان، وهم الذين يطرقون الأبواب للحوار دائما. وهذا ما حدث معنا في أكثر مناسبة. منها مشكلة الرهائن الأميركان في إيران عام 1979، هم الذين طرقوا أبوابنا للتدخل، ولم نتدخل إلا بعد موافقة الرئيس السادات في ذلك الحين. وعندما كنت نائبا في البرلمان كان يأتيني في مكتبي سكرتير أول السفارة الأميركية في القاهرة، وآخر مرة قابلته فيها كان عندما خرجت من السجن عام 1998، جاء ليهنئني بسلامة الخروج، وبعدها انقطعت الزيارات نهائيا. أنا أقول هذا لأوضح لك إنهم هم الذين يطرقون الأبواب، وليس نحن، وهم الذين يغلقونها. إنما نحن فليس من عادتنا أن نغلق أبوابنا في وجه أحد أيا كان. فنحن نجلس مع الجميع ونسمع منهم ونطلعهم على وجهة نظرنا. وهذا ما أظن أن إخوان الأردن قد فعلوه، لكن من دون مبادرة منهم بالقطع.

* آخر مرة التقينا فيها حدثتني عن عوائق داخل جسم الجماعة، منها على سبيل المثال اسلوب التربية القائم على السمع والطاعة، ومنها شيوع الفكر السلفي الانغلاقي داخل صفوف الجماعة، هل ما زالت هذه المشكلات موجودة بنفس الحدة؟

ـ لا بالطبع. فقد حدث تطور كبير في هذه المسائل. فالأخوان الآن أكثر ديمقراطية من أي حزب سياسي موجود على الساحة. وأنا مثال حي على هذا الكلام. فكل ما قلته لك سابقا خلال جلساتنا المختلفة، وكل ما أكتبه في الصحف أقوله في صفوف الإخوان، ونناقشه في الأطر التنظيمية، فلا حجر على فكر ولا مصادرة على حرية التعبير عنه.

أيضا هناك مراجعات عديدة جرت لأساليب التربية وخطط العمل، ومحتوى برامج التربية، إلى آخر هذه الموضعات.

* كيف تفسر إذن ما ينشر في منتدى عشرين، وباقي المواقع التابعة لشباب الاخوان حول أساليب القمع الفكري داخل الجماعة؟

ـ هذه وجهات نظر موجودة، وجميعها تصل إلى المرشد العام ومكتب الإرشاد، والقيادة، وبخاصة المرشد فالأستاذ عاكف يستجيب لبعضها، ويطلب من البعض الآخر الصبر، نظرا لأن الجماعة، وهو ما يغيب عن بعض المحللين، جماعة كبيرة ذات جسد ضخم. لذا فإن حركة التغيير داخلها دائما ما تتسم، ككل الكيانات السياسية الكبرى، بالبطئ، نظرا لوجود حسابات دقيقة لحركتها. والتغيير هنا لا يتم بسهولة، كأن ننتقل من النقيض إلى النقيض، كما يفعل البعض. هناك جنون أصاب الناس ولكن الإخوان يجب أن يكونوا أعقل من أن يسيطر عليهم ما سيطر على بعض القوى السياسية. فنحن من قديم الأزل دائما ما نراهن على الوقت، لأننا حركة تغييرية وليس حزبا يريد الانقضاض على السلطة وفقط. نحن دائما ما نفكر فيما هو أعمق من الوجود على قمة هرم السلطة.. ماذا سنفعل بها.. وماذا سنفعل آنذاك.. هذه القضايا تشغلنا كثيرا، لذا فإن أهم ما يشغلنا هو إحداث تغييرات عميقة أولا، قبل الوصول إلى هرم السلطة.

* هل ستظلون هكذا حتى يدهمكم الوقت (الانتخابات الرئاسية على الأبواب) ولم تحددوا موقفكم بعد؟

ـ نحن لن ننتظر حتى هذا الوقت.. ونعمل وندعو الآخرين إلى العمل لكي لا يأتي شهر أكتوبر، ويعاد تكريس نفس الأوضاع.. هذه هى المهمة الرئيسية التي نذرنا لها أنفسنا في هذه المرحلة من تاريخ مصر. فنحن نعتبر أنه أوان العمل لأخذ الحقوق.

* ما هي الخطوات التي ستتخذونها حتى أكتوبر لضمان النجاح، في الوصول إلى ما تصبون إليه؟

ـ بداية.. أمامنا الآن معركة داخل مجلس الشعب (البرلمان)، سيخوضها نوابنا فيما يتعلق بضوابط تعديل المادة 76، حتى لا يتم تفريغها من محتواها. وأمامنا أن نضغط بكل الوسائل الشعبية الممكنة، في الجامعات، والنقابات، والمساجد، والشوارع والمنتديات العامة والخاصة، من أجل أن يصل صوتنا وصوت الشعب إلى الرئيس (المصري حسني) مبارك ليوازن بينه وبين رأي بعض من مستشاريه ولجانه، الذين يسعون للإبقاء على الأوضاع كما هي عليه الآن من دون أدنى تعديل، ونأمل أن يقوم الرئيس في النهاية بالانتصار لرأي الشعب، وكما أخذ المبادرة بنفسه عليه أن يسعى لجعل هذا التعديل حقيقيا وفعالا.

* متى نستطيع القول إن الأخوان يمكن أن يساندوا الرئيس مبارك، بمعنى أوضح ما هي شروطكم لإنهاء عصيانكم المدني هذا؟ ـ إذا قام الرئيس بمنع من يريدون تقويض إرادة الشعب والتلاعب بقراره الخاص بتعديل المادة 76 بما يفرغها من مضمونها الحقيقى، وجمد العمل بقانون الطوارئ خاصة أثناء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ووفر فرص حقيقية لعملية انتخابية حرة وعادلة، ووضع معه شخصية مدنية مقبولة كنائب للرئيس على بطاقة ترشيحه ليتم اختيار الرئيس ونائبه دفعة واحدة، أعتقد أن الاخوان ساعتها لن يترددوا كثيرا في منح مساندتهم للرئيس.

* ماذا لو لم تتحقق تلك الشروط ؟

ـ نحن إلى الآن لم نحدد موقفنا من انتخابات الرئاسة. كما أن الحزب الحاكم والرئيس نفسه، لم يحدد موقفه. وأعتقد أن موقفنا سيتحدد بناء على موقف باقي أطياف المعادلة السياسية. كما يجب أن تعلم أن تحديد الموقف الآن من الانتخابات الرئاسية، قد يكلف القوى السياسية الكثير. خذ مثلا أيمن نور (رئيس حزب الغد)، فقد أعلن عن ترشيح نفسه فمنع من مغادرة البلاد، فماذا لو أعلنت أنا الآن ترشيح نفسي مثلا، ماذا سيحدث؟