أمين عام الاتحاد الاشتراكي المغربي: لا يمكن لحزبنا أن ينحرف أو يبقى عنصر جمود في وضع يتحرك

اليازغي لـ «الشرق الاوسط» : المغرب تجنب السكتة القلبية بفضل حكومة التناوب .. ولا أرى أن بلدنا في حاجة إلى تغيير الأوضاع بكيفية اصطناعية

TT

يعقد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي (مشارك في الحكومة) اليوم في مدينة بوزنيقة (ضواحي الرباط( مؤتمره العام السابع. وهذه اول مرة يعقد الحزب المغربي العتيد مؤتمرا عاديا رغم ان القضايا المطروحة عليه استثنائية. وقال محمد اليازغي، الامين العام للحزب، في حديث خص به «الشرق الاوسط» في مكتبه بالرباط، ان هذا الاخير لا يمكن له ان ينحرف ولا يمكنه ان يبقى عنصر جمود في وضع يتحرك ويتغير، مشيرا الى ان الاتحاد الاشتراكي منذ نشأته وهو في انتفاضة مستمرة . واضاف اليازغي قائلا :«لنا تقاليد في الحزب تقول لا للقطيعة لكنها مع التطور»، قبل ان يوضح ان حزبه اذا لم يتمكن من وضع الارجل لاستراتيجيته وخطه المذهبي فمعنى ذلك انه يسير في الطريق المسدود.

واشار اليازغي الى ان المغرب خرج من الطريق التي كانت ستوصله الى السكتة القلبية بفضل تجربة حكومة التناوب، التي كانت بداية الانتقال الديمقراطي. وقال انه لا يرى ان المغرب الان في حاجة الى تغيير الاوضاع بكيفية اصطناعية ، وذلك في اشارة الى مسألة تغيير الحكومة الحالية، بعد المبادرة التي اطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس اخيرا لحل المعضلة الاجتماعية التي تعاني منها البلاد.

على صعيد آخر، قال اليازغي ان قضية الصحراء كما هي مطروحة الان في مجلس الامن تعرف تغييرا كيفيا كبيرا لم تستوعبه القيادة الجزائرية وجبهة البوليساريو، مشيرا الى ان الانفصال لا افق له ولا مستقبل.

وتحدث اليازغي، وهو ايضا وزير اعداد التراب والبيئة في حكومة ادريس جطو، عن العديد من قضايا الساعة في المغرب. وفي ما يلي نص الحديث:

* يعقد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليوم مؤتمره السابع، وأنتم المرشح الوحيد على ما يبدو للأمانة العامة. فما هي القيمة المضافة التي ستتميز بها المرحلة المقبلة التي ستقودونها؟

ـ لا بد من التذكير أن نظامنا الداخلي يجعل المكتب السياسي منتخبا من طرف اللجنة الادراية، وهي الصيغة التي سنراجعها بحيث سندمج مؤسستين هما اللجنة الإدارية الوطنية واللجنة المركزية في صيغة هيكلة جديدة، يقترح أن تسمى المجلس الوطني، وهو الذي سينتخب المكتب السياسي ، وسينتخب بدوره الأمين العام للحزب، وبالطبع فإن هذا المؤتمر تتعلق قيمته المضافة بميدانين: ميدان حزبي، أي أن الحزب سيقرر الانفتاح أكثر على المواطنين، لذلك فإن مسطرة الانخراط فيه ستصبح مرنة، فيها تعاقد ما بين العضو الجديد، وحزبه، وتحديد للواجبات والحقوق. وبالطبع فإن الهيكلة الجديدة للحزب ستولي أهمية كبرى للجهة، أي أن التنظيم الاتحادي سينتقل من هيكلة مركزية قوية إلى لامركزية، على أساس أن الجهات ستصبح لها شخصية معنوية كبيرة والقيادات الجهوية ستكون لها اختصاصات واسعة. وبالطبع هناك انفتاح على الطاقات والفعاليات سواء الاتحادية، الموجودة في كثير من القطاعات لكنها غير فاعلة أو غير مندمجة في الهياكل والنشاط الحزبي، ثم هناك كذلك الكفاءات الأخرى خاصة أن المجتمع المغربي تطور وتغير، كما أن التركيبة الاجتماعية والحضرية والقروية تغيرت ايضا، وتوجد في كل الميادين والمجالات طاقات وكفاءات كبيرة فيها كثير من العناصر المتعاطفة معنا، ونريد منها أن تندمج في صفوفنا وأن تأتي بدماء جديدة لهياكلنا المحلية والقطاعية.

إننا نطمح ايضا أن تكون للحزب مؤسسة للدراسات الاستراتيجية تضم خبراء وباحثين ملتزمين بالخط الاشتراكي الديموقراطي، وساهرين على القيام بدراسات معمقة لقضايا المجتمع الاقتصادية والفكرية ليزودوا الحزب وكوادره بدراسات تكون في مستوى التحديات المطروحة عليه، كما أن هناك اطاراً يتوقع أن يقترح على المؤتمر وهو إنشاء هيئة للتكوين المستمر حتى يتمكن المنخرطون أعضاء الاتحاد من فترات التدريس والتكوين وفترات مناقشة وموائد مستديرة ينصب النقاش فيها على القضايا المطروحة على البلاد، ليكون الحزب المكان الذي يناقش فيه المغاربة قضاياهم ويعبرون عن همومهم ويتطلعون إلى المستقبل.

أما المحور الثاني، الذي نظن أنه سيشكل قيمة مضافة، فمتعلق بآفاق المستقبل، فنحن من جهة سنعمل على تحيين خيارنا المذهبي بناء على الارضية التي انطلقنا منها عام 1975 وملاءمة ذلك مع التطورات والنقاشات التي يعرفها العالم داخل الأممية الاشتراكية. وفي مؤتمرنا الوطني السادس اخترنا الاشتراكية الديمقراطية، لكن سنحاول بسطها وطرحها، وفي رأينا ان المغرب الحديث غداً لا يمكن أن يكون إلا ديموقراطياً اشتراكياً. فالاشتراكية هي الأفق المطروح لكونها ترفض المظالم واللامساواة والتهميش والاقصاء، وبالتالي فإنها هي الأفق الذي يجعلنا بالفعل نصل إلى مجتمع الحرية والمساواة والمشاركة والتضامن.

* هل نفهم من مضمون كلامكم أن الحزب مقبل على بروسترويكا على الطريقة المغربية ؟

ـ يمكن، رغم أني لا أحبذ لا الفكرة ولا المنهج ولا الطريقة التي اتبعها الروس في هذا المجال.

*هل المنتسبون إلى الاتحاد الاشتراكي مستعدون ذهنيا لتقبل هذا التحول الذي يعد بمثابة قطيعة مع تراث الحزب الذي كان يتسم بالنضالية، وهل تعتقدون بأن هذا التحول سيستوعب بالشكل المرغوب فيه من طرف المنتسبين إليه ؟

ـ كل أفق فيه تغيير وجدة، يتطلب شجاعة واقتناع المناضلين به. لا ننسى أن الاتحاد الاشتراكي، منذ نشأته، هو انتفاضة مستمرة، وبالتالي لنا تقاليد في الحزب تقول لا للقطيعة، لكنها مع التطور، واتخاذ خطوة متقدمة لا تنفي التراث الماضي وما تراكم من ايجابيات في الاجتهاد والفكر والممارسة، لكن إذا أراد الاتحاديون بالفعل أن يكونوا حاضرين في هذه الألفية وفي هذا القرن الجديد، فلا بد أن نتكيف مع كل التطورات الحاصلة في المجتمع الغربي وعلى المستوى العالمي.

* الأجواء المواكبة للمؤتمر لا تؤشر إلى هذا التحول الكبير الذي يتهيأ له الحزب إذ لا يوجد نقاش بالحدة أو الحرارة التي يتطلبها مثل هذا التحول. فإلى ماذا يعود هذا الهدوء، هل هي الحرب بين الأشخاص قد انتهت أم هناك أسباباً أخرى؟

ـ الحقيقة ان النقاش كان حرا وواسعا وأحيانا صاخبا في مختلف مناطق المغرب. وربما لم يغط الإعلام كل هذه الأنشطة. النقاش داخل اللجنة التحضيرية للمؤتمر كان عميقا وأظن أن قضية الأشخاص لم تعد واردة، فالاتحاديون يناقشون اليوم الأفكار والمخططات والبرامج، ليكونوا بالفعل حاضرين لبناء المستقبل، لذلك فالشعار الذي اخترناه للمؤتمر هو «معا لبناء المغرب الحديث».

* المراقبون يتوقعون أن لا يكون المؤتمر السابع بنفس درجة الحرارة والصخب الذي عرفته المؤتمرات السابقة للاتحاد الاشتراكي، فهل هذا راجع في نظركم إلى انحسار وجود تيارات متصارعة داخل الحزب ام لاسباب اخرى ؟ ـ هذه ربما أول مرة يعقد فيها الاتحاد الاشتراكي مؤتمرا عاديا. وتلك كانت أمنية كل مناضلي الحزب، رغم أن القضايا المطروحة عليه استثنائية، تتطرق إلى التقرير المذهبي والأرضية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتفعيل الأداة الحزبية. والقيمة الكبيرة لهذا المؤتمر أنه مؤتمر عادي للاتحاديين، لمناقشة قضايا البلاد والشعب المغربي ، والعمل على أن يكونوا فاعلين. فالاتحاد الاشتراكي كان في صلب النضال الديمقراطي وأدى الثمن غاليا بمواقفه، لنصل إلى ما وصلنا إليه سواء بالنسبة لمشاركة الشعب في تسيير شؤونه أو بالنسبة إلى الاختيارات والاصلاحات التي انطلقت في فترة حكومة التناوب والتي أعطاها دفعا جديدا الملك محمد السادس. وهذا الحزب نعتز بأنه كان في صلب الاصلاحات، وربما أدى الثمن الكبير. فنحن الحزب الوحيد الذي اغتيل قادته وسجن أعضاؤه، وعذب وشرد كثير من أبنائه، ويكفي أن تنظروا إلى الملفات المعروضة على هيئة الانصاف والمصالحة لتدركوا أن حوالي سبعين في المائة منها هي ملفات تخص الاتحاديين. نحن ننظر إلى المستقبل انطلاقا مما تحقق، وكذلك برؤية وبمواقف ومنهجية تجعل الاتحاد قادرا على استقطاب أكثر ما يمكن من الطاقات الفاعلة في المجتمع.

* تبدو حكومة ادريس جطو أنها ستواصل مهامها إلى حين انتخابات 2007، وأنتم في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعد المؤتمر، هل لكم تصور محدد لطبيعة التشكيلة الوزارية، خصوصا أن هناك احاديث في الصالونات السياسية عن أن حزبكم يفكر في اعادة ترتيب مواقعه داخل حكومة جطو؟

ـ في الواقع، ما هو مطروح على المؤتمر هو تقييم لمرحلة التناوب ولحكومة ادريس جطو. وذلك التقييم هو الذي سيجعلنا نضع هذه المرحلة في سياقها. وبالطبع، لا تنسوا أن حزبنا هو الوحيد الذي اثار في الإبان المناسب قضية المنهجية الديموقراطية، حينما عين جلالة الملك وزيرا أول غير منتمٍ (مستقل) . وبالطبع خلال كل اجتماعات مؤسساتنا التقريرية كنا وما زلنا متشبثين بالمنهجية الديموقراطية التي نريدها في عام 2007 أن تكون ليس فقط ممكنة بل يفرضها الواقع بالنسبة للتغييرات التي يطمح الاتحاد الاشتراكي لإدخالها على أجهزته ليكون فاعلا ومؤثرا، وكذلك بالنسبة للخط الذي يعتمد أساسا على مشاركة شعبيبة واسعة اثناء الاستحقاقات المقبلة.

* أحد أسباب التجارب المريرة، التي عانى منها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، هو علاقة الحزب بالنقابة، هل حسمت مسألة العلاقة المستقبلية بين الحزب والنقابة ؟

ـ هناك قناعة واستراتيجية، ونحن متفقون عليها داخل الاتحاد الاشتراكي، وهي استقلال الحزب عن النقابة تنظيمياً وفي القرارات العملية واعلان الإضراب أو عدمه والحوار مع الحكومة وأرباب العمل. ونعتبر كذلك أن الحزب يجب أن يكون مستقلا عن النقابة حتى لا تتدخل في شؤونه الحزبية. لكن هذا لا يمنع التضامن، فالبعد الاجتماعي في حزبنا هو الأساس وبالتالي لا يمكن إلا أن نكون متضامنين مع الطبقة العاملة والمأجورين والعاملين. وسنسعى إلى خدمة هذا الجانب الاجتماعي عن طريق التشريع وعن طريق القرارات التي يجب أن تتخذها الحكومة أو البرلمان والتي تهم التغطية الصحية والاجتماعية، والحقوق التي أصبحت الآن مضمنة في إطار مدونة (قانون) الشغل التي يجب أن تسير على الارض ليستفيد المأجورون من هذه المكاسب المنسجمة مع المواثيق الدولية. وبطبيعة الحال هذا لا يمنع من مشاركة المناضلين الاتحاديين في تدبير مجموعة من القطاعات عندما يحظون بثقة القواعد. ما يحتاجه المغرب بخصوص التطور في الميدان النقابي ان يعطي للمركزية النقابية (اتحاد عمالي) وضعا جديدا حديثا وعصريا. وأنتم ترون فحوى النقاش الجاري الآن داخل النقابات الأوروبية وفي أميركا اللاتينية التي تعمل على أن تكون بالفعل متكيفة مع العولمة والوضع الذي تفرضه والذي يطرح اشكالات كبرى على الطبقة العاملة في كل الأقطار، وبالتالي يتطلب صيغا جديدة في التكوين، والتطوير النقابي، وممارسة العمل الوحدوي والتنسيق، ليس على مستوى الجهة فقط ولكن على صعيد العالم.

* هل حدد سقف للتمثيلية النقابية في الأجهزة المقررة للحزب؟

ـ لا، من المسائل التي قررتها اللجنة المركزية بعد ادخال عنصر جدة بصدد انتخاب المؤتمرين هو أن تؤخذ بعين الاعتبار الأصوات التي حصل عليها الحزب في إقليم معين، وبالتالي تعطي اضافة حسب تلك الأصوات كمؤتمرين اضافيين وهؤلاء اقترح أن يكونوا في ميدانين أساسيين: ميدان الحضور في الجماعات البلدية والقروية (البلديات) ومنادب العمال واللجان الثنائية. فهؤلاء الاتحاديون يمكن أن يمنحوا القيمة المضافة لدرجة التمثيل في المؤتمر.

* ألا يمكن أن تسبب رغبة «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» في الالتحاق بحزبكم نوعا من التعارض المحتمل في المستقبل بين الهوية الآيديولوجية للحزب الذي يريد ان ينفتح على المجتمع المدني وهوية هؤلاء المقبلين؟

ـ القناعة المترسخة لدى الاتحاديين هي أن حزبهم هو بيت الاشتراكيين المغاربة، بمعنى أن الصيغ يمكن أن تكون متعددة للتعايش داخل هذا البيت. ولا شك أن الاندماج يعد الصيغة المثلى، فقد عرضنا أن يكون هناك قطب اشتراكي وازن في الساحة الوطنية، من المحقق عند الاتحاديين أنهم فتحوا الأبواب لجميع الاشتراكيين ولكل الفصائل، لكن هذا لا يمنع صيغا أخرى أكدنا عليها في وثيقة 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2003 أي ايجاد جسور او ميادين العمل مع الفصائل الاشتراكية، علما بأننا سنواجه امتحانا كبيرا عام 2007 الى جانب كل التقدميين والاشتراكيين، وآنذاك فإن وحدة الأداة ستكون من العناصر التي ستحسم المعركة.

* دعوتكم للحزب الاشتراكي الديموقراطي للانضمام إلى حزبكم هل يمكن اعتبارها بالون اختبار لقياس مدى امكانيات قيام التحالف الاشتراكي الكبير الذي تنشدونه ؟

ـ وجهنا الدعوة لجميع الفصائل منذ نوفمبر( تشرين الثاني) 2003، وتفاعلت معها باساليب متنوعة. هناك اخوان لنا غادرونا في السابق وعادوا. منهم من كان في المكتب السياسي او مسؤولا اقليميا. وهناك كذلك تعاون بين الاتحاديين في الميدان الجمعوي أو على مستوى الجماعات المحلية (البلديات) أو النضال داخل النقابات. وهذه كلها صيغ تتبلور الآن، وتؤكد أن التوجه نحو العمل المشترك والوحدوي هو الطريق الامثل. والمهم هو أن يشعر كل الاشتراكيين وكل التقدميين أن الاتحاد الاشتراكي مفتوح لهم وفي مقدمة بناء ذلك القطب الذي سيكون له دور أساسي في الاستحقاقات المقبلة.

* هناك فئة مهمة يمكن أن نسميها بالقوة الهادئة للاتحاد الاشتراكي، هي المتمثلة في مجموعة من الناس الذين لم يتموقعوا اثناء فترة الصراع الحزبي، وحافظوا على حيادهم، هل تم التفكير في هؤلاء وفي تحريك قوتهم؟

ـ هذا صحيح، وفي نظري وبسبب كل هذه المعارك التي عاشها الاتحاد، فان كل مرحلة يرافقها قلق لدى بعض المناضلين الملتزمين، وفي بعض الفترات يختارون التوقف ليروا ما يدور حولهم، ربما لعدم اكتمال قناعاتهم. هؤلاء نحن في حاجة إليهم، لذلك في هذه المرحلة، اذ كانت لهم مواقف منذ سنين، ويعتبرون نفسهم أنهم من العائلة الاتحادية، الا وقرر الحزب الانفتاح عليهم لتوضيح ما هو مقبل عليه، وهذا ما ميز هذه المرحلة التحضيرية للمؤتمر.

* وبماذا تردون على الذين يقولون في بعض الصحف إن الحزب بدأ ينحرف عن هويته الأصلية؟

ـ لا يمكن للحزب أن ينحرف، ولا يمكن أن يبقى عنصر جمود في وضع يتحرك ويتغير. فالمهم هو الهوية والتشبث بالقيم الاصلية. أما آلية أو منهجية العمل فلا بد أن تتطور. لذلك نحن نقول لهؤلاء الاخوة إن مشاركتكم هي التي ستمكن الحزب من الوصول إلى أهدافه التي نحلم بها جميعا علما بأنه في عام 1975 عندما اختار المؤتمر الاستثنائي للحزب استراتيجية النضال الديموقراطي اتهمنا آنذاك بالانحراف، وعندما شاركنا في الانتخابات الأولى لعامي 1976 و1977 راج مثل هذا الكلام، وبطبيعة الحال فاذا لم يتمكن الحزب من وضع الأرجل لاستراتيجيته وخطه السياسي المذهبي فمعنى ذلك انه يسير في الطريق المسدود.

* عندما تحدث الملك الراحل الحسن الثاني عن اصابة المغرب بالسكتة القلبية جاءت حكومة التناوب، والآن أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس عن مبادرة التنمية البشرية داقا بذلك ناقوس التحذير من المعضلة الاجتماعية ، ألا ترون أن المغرب في هذه الظروف بحاجة الى حكومة تعبئة أو ائتلاف وطني أو شيئا من هذا القبيل؟

ـ أعتقد أن المرحوم الحسن الثاني عندما أعلن عن خطر السكتة القلبية، وجد في الاتحاد الاشتراكي، الاستجابة، وقبل ان يقود كاتبه الأول (امينه العام) الاخ عبد الرحمن اليوسفي، حكومة التناوب التي أخرجت المغرب من الطريق التي كانت ستوصله الى السكتة القلبية، وذلك كان قراراً شجاعاً. وما أشرتم اليه بصدد الخطاب الهام لجلالة الملك محمد السادس حول التنمية البشرية هو خطوة جديدة لمراجعة مشكلة البطالة، وخصوصا مشكلتي الفقر والتهميش، لأنه من مخاطر الوضع العالمي حاليا، اذا لم ننتبه لذلك، فإن بعض الجهات والمناطق تتقدم وتتطور ومناطق أخرى تزداد فقرا وتهميشا واقصاءا. لذلك لا يمكن أن نبتعد عن هذه المخاطر الا بالتضامن والتعبئة لمحاربة الفقر، وهو نوعان : فقر جهوي يكمن في ما تعيشه القرى والبادية بصفة عامة، والفقر الاجتماعي الموجود في ضواحي المدن الكبرى خصوصا بعد ظاهرة العمران التي عرفها المغرب وأظهرها الاحصاء العام للسكان والسكنى عام 2004، حيث أننا في المغرب اليوم، هناك 56 % من سكان المدن و44 % من سكان القرى. ويمكن أن نعتبر أن الطريق التي كانت ستوصل المغرب الى السكتة القلبية قد خرج منها بفضل تجربة حكومة التناوب. التي كانت بداية الانتقال الديموقراطي الذي لا يمكن ان يعتمد إلا على الأساليب الديموقراطية. وما كان يحتاجه المغرب هو مؤسسات ناتجة عن انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية، وأن تنبثق عن ذلك حكومة تساندها غالبية. ولا ارى أن المغرب في هذا الظرف في حاجة الى تغيير الاوضاع بكيفية اصطناعية. إنه يعيش اليوم انتقالا ديموقراطيا، وما يجب أن يستعد له هو أن تعطي الاستحقاقات المقبلة دما وقوة للمؤسسة البرلمانية والحكومة التي ستنبثق عنها.

* في سياق الحديث عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب هناك من يعتقد بأن وزارة المالية تقف عائقا أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأخيرا قال أحد المشاركين في ندوة نظمها حزبكم أن مدير الميزانية بالوزارة يتحكم في رقبة الحكومة ككل، وأنتم كزعيم حزب يشرف على وزارة المالية، ما هو تقييمكم لهذه الوضعية ؟ وهل ترون ضرورة اصلاح وزارة المالية؟

ـ من المحقق أنه عندما تكون الموارد المالية محدودة فإن وزارة المالية تلعب دورا يأخذ بعين الاعتبار محدودية الموارد، لكن ما يجب أن نشهد به كذلك هو الاصلاح الذي انجز في الميدان المالي. فمثلا ما تراكم من سلبيات بخصوص تدبير صناديق التقاعد فان وزير المالية الحالي وجد أن بعض المؤسسات الكبرى كانت تقتطع حصصا مالية من اجور العاملين لتسير الى صندوق التقاعد لكنها لم تحول قط إلى تلك الصناديق وبالتالي كان عليه أن يقوم باصلاح كبير جنبنا أزمة كبيرة مفاجئة. تصور أن مؤسسة السكك الحديدية لم تكن تدفع اقتطاعات العاملين بها لصندوق التقاعد، وكذلك الامر في كثير من المؤسسات، وهو ما أجبر وزير المالية على تزويد صناديق التقاعد بـ11 مليار درهم (الدولار يساوي 8.63 درهم)، بالاضافة الى الاصلاحات الجارية في المكتب الشريف للفوسفات وغيره من المؤسسات في القطاع العام. ما يجب أن تؤكد عليه أن عددا من المحللين والمناضلين يمكن أن يناقشوا من الناحية المبدئية مشكلة التوازنات، لكن في هذه الفترة أصبح حوالي نصف الميزانية موجهاً للجانب الاجتماعي. وما نراه من أوراش، كيف يتم تمويله ؟ الاوراش الكبرى التي نتحدث عنها تدل على وجود تدبير مناسب للمالية وهذا جانب مهم، اضافة الى تراجع الدين الخارجي، فعند بداية حكومة التناوب كان حجمه اكثر من 22 مليار دولار، حاليا نزل إلى 14 مليار دولار. صحيح أن الدين الداخلي تضخم، لكن هذا الدين ليست له نفس المخاطر. كما أن عملية التخصيص أعطت نتائج مهمة بحيث أن جزءاً من مداخيلها يذهب الى صندوق الحسن الثاني الذي مول عدة أوراش، علما بأن حكومة ما قبل التناوب كانت تتوقع أن يباع خط الهاتف النقال بـ 42 مليون دولار فقط ، وحكومة التناوب لم تصرف هذه الأموال المحصلة من تلك الصفقة في التسيير العادي. بل وجهت جزءا مهما منها الى صندوق الحسن الثاني. وسيبقى النقاش دائما مستمراً حول التوازنات المالية، لكن الواقع المعاش يؤكد أن المغرب في المجال الاجتماعي استطاع أن يمول مجموعة من الأمور مثل التغطية الصحية وصناديق التقاعد والحوارات التي جرت مع النقابات لإنصاف المأجورين.

* المنتقدون يعتبرون أن ما اشرتم اليه يمكن أن يحققه أي محاسب متمرس. المراقبون يلاحظون شيئين هما أن وزارة المالية آلة بيروقراطية ثقيلة جدا لدرجة ان الملك الراحل الحسن الثاني، اثناء مشاوراته مع عبد الرحمن اليوسفي، قال له ان المشكلة تكمن في وزارة المالية وليس في وزارة الداخلية، والجانب الاجتماعي الذي تحدثتم عنه ليس حاضرا بالقوة التي يتمناها الناس، في توجهات وزارة المالية؟

ـ مرحلة التقنوقراط كانت لها نتائج لمسناها في القطاع العام، فالتسيير التقنوقراطي هو الذي أدى الى أزمة الديون، والقرض العقاري والسياحي والقرض الفلاحي. وتلك كلها أزمات يتحمل مسؤوليتها التقنوقراط الذين لم يكونوا في حاجة الى انتماء سياسي، لكن نتائجهم الكارثية هي ما تحاول الحكومة الحالية تصحيحه سواء في القطاع العام أو الأراضي الفلاحية المسترجعة وغيرها من المؤسسات. لكن المحقق أن اساليب وزارة المالية تحتاج الى مراجعة. نعم لقد جربت هذه المراجعة أثناء الاعداد للبرنامج الوطني لمحاربة الجفاف حيث تمت مراجعة الاجراءات والآليات، وتمكن المغرب من تحقيق ذلك البرنامج في ظل حكومة التناوب بفضل المنهجية التي اعتمدها حتى العاملون في وزارة المالية.

* الملاحظ، انطلاقاً من مثال مبادرة التنمية البشرية، أن الملك دائما هو المبادر والأحزاب تزكي. لماذا لا تتخذ الأحزاب المبادرة بدورها وتكون لها مبادراتها الاجتماعية الخاصة؟

ـ لكل مسؤوليته. لا يجب أن نفسر المبادرة الملكية بطريقة ميكانيكية غير سليمة. كانت هناك لجان وزارية اشتغلت على الموضوع وقدمت تقريرا لجلالة الملك. وكون الملك يعلن عن هذا التوجيه، فهذا يعطي المجال للحكومة والاحزاب السياسية، والنقابات والمجتمع المدني لينخرطوا في هذه المسألة. والحال أنه عندما شارك حزبنا في هذه الحكومة وفي صياغة البرنامج كان من بين النقاط الأساسية فيه محاربة الفقر. وأثناء الحوار الوطني حول مسألة إعداد التراب كان نفس المحور أساس الخلاصات المهمة التي وصلنا اليها في اطار التصميم الوطني لاعداد التراب الوطني. وعندما ترأس جلالة الملك أول اجتماع للمجلس الأعلى لاعداد التراب بالرباط في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي ، أبرز ضرورة وضع سياسة مندمجة للتنمية المستدامة. وأعتقد أن أهمية المبادرة الملكية تكمن في أنها تثير الانتباه وتدفع البلاد وكل مؤسسات الدولة للانخراط في هذه العملية، وأنه لا يكفي للمغاربة أن يتضامنوا في شكل اسعافات موسمية، بل لا بد أن ينكبوا على محاربة الفقر في مصدره، والبداية ستكون مناطق معينة في البادية تشكو من فقر مدقع، ومن أحياء مهمشة في المدن.

* ألا ترون أن تمويل هذه المبادرة من داخل موازنة الدولة يفرغها من أهميتها وقيمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟

ـ لا أعتقد ذلك، لأن هناك ما هو مسطر من برامج، في اطار ما قررته الحكومة، لكن يبقى مع ذلك أن استعمال المال بمنهجية تجعل أنه لا يجب أن نرهق المواطنين بضرائب جديدة لتحقيق هذا البرنامج، خاصة أن فيه جانباً استعجالياً وجانبا متوسطاً وآخر بعيد المدى، وهذا يفرض على الحكومة استعمال كل قرش. وهي مسألة تدبير، حيث يمكننا من خلال حسن التدبير بالموارد نفسها أن نحقق هذا البرنامج. ولا تنسوا أن هذا الموضوع سيكون موضوع حوار داخل الحكومة والمؤسسات المنتخبة.

* ما هي العلاقة الحالية المتوقعة مع حلفائكم السياسيين وخصوصا حزب الاستقلال. فهل أصلح العطب الذي وقع بعد انتخابات رئاسة المجلس النواب، وهل استؤنفت العلاقات بينكم خصوصا في اطار الكتلة بعد التصريح الأخير لمولاي اسماعيل العلوي، امين عام حزب التقدم والاشتراكية الذي ينتقد فيه الاندماج المحتمل مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي؟

ـ اعتقد انه لا بد من التأكيد على الترابط وعدمه بصدد القضايا المثارة في السؤال. لا شك أن قرار اخوتنا في حزب الاستقلال بشأن ترشيح مرشحهم لرئاسة مجلس النواب فاجأنا، لا سيما الاستمرار في الجولة الثانية من التصويت بعد ظهور النتائج، حيث حصل مرشحنا على أكبر الأصوات، لكن ما وقع لا يمنع من التفكير في المستقبل، لذلك فان المسائل المطروحة على مؤتمرنا هي كيفية التحالفات وتحصين الانتقال الديموقراطي لعام 2007 وهذا موضوع نقاش. هناك اجتهادات متعددة متعلقة بفكرة القطب الحزبي وفكرة تقوية عمل الأحزاب، ومن هنا تأتي اهمية قانون الأحزاب الذي سيعرض في هذه الدورة على البرلمان بعد أن يصادق عليه المجلس الوزاري. ونحن نعتبر أن الاتحاد الاشتراكي هو بيت الاشتراكيين، وبالتالي لا يمكن أن نبعد صيغة الاندماج التي لا تنفي صيغا أخرى للتعاون والتنسيق أو توسيع الكتلة الذي طرحه الاخ مولاي اسماعيل العلوي، وهو موضوع مناقشة في المستقبل، لذلك نحن ندرس حصيلة الكتلة الديمقراطية ونتائجها بنظرة موضوعية تبرز ما حققه المغرب في بناء الديموقراطية، وأيضا النظر في الصيغ التي يمكن أن تكون ملائمة بتوسيع هذه الهيئة ومراجعة ميثاقها، هي أشياء مطروحة للنقاش عندنا وعند الاطراف الاخرى.

* في انتظار تبلور هذا النقاش، هل يمكن القول إن الجليد القائم بينكم وبين حزب الاستقلال ذاب أو في مرحلة الذوبان؟

ـ لا تنسوا أننا في حكومة ائتلافية، ونحن والاخوان في حزب الاستقلال في أغلبية.

* لكن الكتلة لا تجتمع؟

ـ نعم لم تجتمع منذ مدة. اجتمعت في فترة الترشيح لرئاسة مجلس النواب ، وكان هناك نقاش، وبطبيعة الحال لم نصل فيه الى نتائج.

* بعد رفع جزء من السرية عن ملف المهدي بنبركة، ما هو الجديد في هذا الملف ؟

ـ الجديد هو أن المغرب لأول مرة يقبل أن يساءل عدد من المغاربة من طرف القاضي الفرنسي، وهو ما رفضه منذ اختطاف المهدي بنبركة الى حدود السنة الماضية التي توصل فيها القاضي المغربي بأسئلة القاضي الفرنسي، لأول مرة، لطرحها على أشخاص معنيين. وبالنسبة لنا فقد عرضنا الملف على هيئة الانصاف والمصالحة، وأعتقد انه ما دامت العدالة الفرنسية متتبعة للملف، فهذا أمر نوافق عليه وعندما انشئت هيئة الانصاف والمصالحة، اعتبرنا ان هذا الاطار يمكن أن يعرض عليه الملف ونفس الشيء التي وافقت عليه عائلة بنبركة.

* عبرتم في السابق عن نية طيبة تجاه الجزائر بعيد عودة العاهل المغربي من القمة العربية، والآن تجتاز العلاقات بين البلدين أزمة جديدة، كيف تنظرون اليها، وهل دعوة جبهة التحرير لمؤتمر حزبكم ما زالت قائمة، وكيف ستناقشونهم في هذا الأمر، ولماذا لم يكن لحزب الاتحاد الاشتراكي اسهام نوعي في تصور حل لنزاع الصحراء، على غرار ما كان يفعله في الماضي؟

ـ نحن في الاتحاد الاشتراكي مع تطبيع العلاقات مع اخواننا في الجزائر، والتعاون يجب أن يسير، وكون الجزائريين أخطأوا في المرحلة الأخيرة بعد الرسالة التي وجهها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الى زعيم جبهة البوليساريو في مناسبة ذكرى تأسيسها وهو ما اثر على القمة. أظن أنه كان في ذلك خطأ كبير.

* لكن مثل تلك الرسالة كانت دائما تبعث الى جبهة البوليساريو والجديد انها فقط تزامنت مع القمة المغاربية؟

ـ كان يمكن ان لا تبعث الجزائر بتلك الرسالة هذه السنة، خصوصا أن وفدا كبيرا عنها كان حاضرا في تلك التظاهرة التي أعطيت لها صبغة استفزازية، نظرا لان الانفصاليين حاولوا عرض عضلاتهم في استعراض عسكري مغاير لما كانوا يقومون به في الماضي. كان خطأ سياسيا كبيراً، واعتقد أن جلالة الملك كان على حق حينما قبل بعقد القمة على أن يترأس الوفد المغربي وزير الخارجية. وبلدنا لم يرفض المشاركة وملك البلاد ألغى مشاركته الشخصية، والأطراف الأخرى اعتبرت أنه لا يمكن أن تعطي تلك القمة نتائج معينة، في انتظار ظروف أخرى أحسن.

وبالنسبة لقضية الصحراء يجب ألا ننسى التطور الذي حصل لدى المجتمع الدولي، فالقضية كما هي مطروحة في مجلس الأمن تعد تغييرا كيفيا كبيراً، ولا يظهر أن القيادة الجزائرية أو البوليساريو استوعبته. فالأمم المتحدة كان لها مخطط السلام والاستفتاء ولجان تحديد الهوية، وهذه أشياء كلها طويت ، ودخلت الأمم المتحدة مرحلة البحث عن حل سياسي الذي كلف، جيمس بيكر، بالبحث عنه ووضع مخططه الأول الذي قبله المغرب، وكان عبارة عن حل سياسي في اطار السيادة المغربية، والمخطط الثاني لجيمس بيكر، رفضه المغرب ولم تفرضه الأمم المتحدة على الاطراف بل قالت باتفاق الأطراف التي لم تتفق، فانسحب بيكر، وانتهى الأمر. أما المرحلة التي نعيشها فتدعو فيها الأمم المتحدة، لحل متوافق عليه، وهذا لن يكون إلا بحوار جديد. كما عين الأمين العام للامم المتحدة، كوفي أنان، ممثلا شخصيا له، هو البيروفي الفارو دي سوتو، ولم تقبل الجزائر أو البوليساريو التعامل معه، لذلك كلفه انان في مهمة أخرى. حاليا لا يوجد ممثل شخصي للأمين العام، والمغرب أعلن انه ينخرط في هذا المسلسل، وأنه مستعد للحوار للوصول الى الحل السياسي. الأطراف الأخرى لا توافق على هذا الطرح، ومرجعيتها هي مخطط بيكر الاول.

وعندما استقبلنا في الاتحاد الاشتراكي اخيرا وفدا مكونا من ممثلي المناطق وشيوخ القبائل ونواب ومستشارين بالمحافظات الصحراوية، أعلنا عن مبادرة لعقد ندوة وطنية في تلك المحافظات نفتح فيها الحوار مع الأجيال الجديدة، خاصة ان هناك مداً ديموغرافياً وأجيالا جديدة منذ عام 1975 وظهرت نخبة جديدة في الصحراء كما برز وضع صعب بالنسبة للساكنة في الصحراء يعانون المشاكل ذاتها الموجودة في المناطق المغربية الأخرى. لكن نظرا لخصوصية المنطقة وكونها ملفا مطروحا على انظار الأمم المتحدة، فلا بد من ايجاد جملة من الصيغ، فالدولة قامت بمجهود متمثل في تأسيس الوكالة الوطنية لتنمية اقاليم الجنوب ووضع برنامج بـ 7 مليارات درهم، لكن بدون مساهمة أبناء الصحراء في التخطيط من المحقق أنه لن يعطي النتائج المرجوة منه. لذلك قررنا عقد مناظرة مفتوحة تناقش جميع القضايا، ونحن نعبر عن رغبة في الحوار مع اخواننا الصحراويين في المهجر الذين عبروا عن قناعة وحدوية، وفي ملتقيات دولية دعونا الانفصاليين الى أن الانفصال لا أفق أو مستقبل له ولا معنى لاستمرارهم في الدوران على العالم بأكمله لاستجداء الدعم المادي من دواء وغذاء الشيء الذي فيه اهانة لاخواننا المحتجزين في تندوف. الانفصال الآن انتهى، والمجتمع الدولي أصبح يشاطر المغرب القناعة بأن الحل يتمثل في بناء المغرب، ولا يمكن الا أن يستفيد أبناء الصحراء من هذه المرحلة، كما لا يمكن تحقيق ذلك الا بمساعدة الأغلبية من الصحراويين التي تعيش في المغرب أو الأقلية خارجه، والتي يجب أن تأخذ بزمام أمورها، لأن القرار الآن هو قرار الدولة التي تحتضن الانفصاليين. هل يستطيع أحد أن يقوم باستعراض عسكري بالدبابات على أرض الغير من دون أن يكون ذلك قرارا الدولة التي لها السيادة على تلك الارض؟

* في سياق الاجماع الدولي لايجاد حل لقضية الصحراء ألا تتخوفون من العودة الى الخيار العسكري في المنطقة؟

ـ هذا أمر يلوح به بعض القادة الانفصاليين، لكن اذا غامروا بذلك فستكون عملية انتحارية، لأن العالم لن يقبل بعمل عسكري في هذه المنطقة، كما أن بناء المغرب للجدار الأمني جعله في موقع قوة وسيكون هذا خطأ قاتلا، ولا أعتقد بأن القيادة الجزائرية يمكن أن تسمح بذلك لأنه يتضمن خرقاً لوقف اطلاق النار الذي تسهر عليه قوات المينورسو لحفظ السلام، وبذلك ستجد نفسها خارج الشرعية الدولية.