وزير الخارجية الصيني: لا مجال لصدام الحضارات ونختلف مع أميركا بسبب الخصوصيات

لي تشاو شينغ لـ«الشرق الأوسط»: إصلاح الأمم المتحدة يحتاج لمزيد من التشاور لإيجاد الحل المقبول

TT

عزا وزير الخارجية الصيني، لي تشاو شينغ، وجود خلافات بين الصين والولايات المتحدة إلى ما سماه بالخصوصيات الوطنية.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس هو جينتاو اتفق مع الرئيس جورج بوش على توسيع التوافق والتعاون وزيادة الثقة المتبادلة لما لهما من تأثير مهم في العالم. ورفض تشاو الصاق الإرهاب بشعب أو دين، مطالبا بأهمية معالجته في إطار قوانين الأمم المتحدة مع التفريق بين المقاومة والإرهاب. وقال إن صدام الحضارات لا يتفق والظروف الدولية الحالية وأبدى استعداد بلاده لتفعيل التعاون العربي ـ الصيني من خلال خطة عمل منتدى التعاون العربي ـ الصيني وهنا نص الحوار:

> إلى أين وصلت العلاقات الصينية ـ الأميركية؟ وهل ابتعدت عن المواجهة؟

ـ العلاقات الصينية ـ الأميركية في مجملها تتطور بشكل مستقر حيث تحتفظ قيادتا البلدين باتصالات مكثفة. ويجري الحوار المتبادل على المستويات الأخرى بوتيرة عالية أيضا، وفي شهر سبتمبر (ايلول) الماضي عقد الرئيس هو جينتاو والرئيس جورج بوش لقاء في نيويورك على هامش القمة الأممية بمناسبة الذكرى السنوية الـ60 لإنشاء الأمم المتحدة، واتفقا خلالها على ضرورة زيادة التواصل والثقة المتبادلة وتوسيع التوافق والتعاون بما يدفع علاقات التعاون البناء لكل من الصين وأميركا على نحو شامل في القرن الـ 21. كما أن الصين والولايات المتحدة كل منهما دولة ذات تأثير مهم في العالم، وأنه أمر طبيعي أن توجد بينهما خلافات بسبب تباين الخوصيات الوطنية.

وأثبتت الحقائق أن للصين والولايات المتحدة إمكانية كاملة لتوسيع التوافق وتقليص الخلافات وتطوير التعاون عبر التشاور المتكافئ لما لديهما من المصالح المشتركة الواسعة والحيوية، ونحرص على العمل مع الجانب الأميركي معا لمتابعة تنفيذ التوافق الهام الذي توصلت إليه قيادة البلدين في نيويورك ولتعزيز الحوار والثقة المتبادلة والتعاون المشترك ومعالجة الخلافات بنحو سليم والدفع بعلاقات التعاون البناء بين البلدين إلى الأمام على أساس البيانات الصينية ـ الأميركية المشتركة الثلاثة.

> كيف ترى الصين مسألة توسيع مجلس الأمن وإصلاحات الأمم المتحدة؟ هل ترون أن المسألة وصلت إلى طريق مسدود؟ وهل تؤيد الصين مصر في شغل مقعد دائم؟

ـ أن هيئة الأمم المتحدة قوية وتصب في خانة المصالح المشتركة للمجتمع الدولي، لذلك فإن تعزيز دور الأمم المتحدة عن طريق إجراء إصلاحات ضرورية ومعقولة عليها يمثل الرغبة المشتركة لجميع الأطراف، تضم وثيقة النتائج التي تبنتها القمة الأممية الأخيرة في طياتها الرؤى التوافقية لدى المجتمع الدولي بشأن إصلاحات الأمم المتحدة فيجب على الدول الأعضاء العمل معا على وضع هذه الوثيقة موضع التنفيذ، خاصة فيما يتعلق بدفع قضية التنمية والإسراع بتأسيس مجلس بناء السلام ووضع الاتفاقية الشاملة بشأن الإرهاب الدولي.

إن الصين تعلق أهمية كبيرة على تأثير مصر ودورها على الساحتين الإقليمية والدولية، وتتفهم رغبة أصدقائنا المصريين في أداء دور أكبر في الأمم المتحدة وغيرها من المحافل المتعددة الأطراف. وتدعو الصين دائما إلى إعطاء الأولية لزيادة التمثيل وحق الحديث للدول النامية وللدول الأفريقية، خاصة في مجلس الأمن وضرورة احترام «توافق ازولويني» ورفض أي مشروع تمييزي ضد أفريقيا فتعتبر كيفية مساعدة الدول النامية لتحقيق التنمية قضية كبيرة تواجه الأمم المتحدة.

> الإرهاب قضية كبيرة، تُرى ما هو موقفكم من الإرهاب وتعريفه وأيضا حق الشعوب في الكفاح المسلح وكيف نضع الخط الفاصل بينهما؟

ـ لم يتوصل المجتمع الدولي إلى تعريف متفق عليه للإرهاب بعد. ولا شك أن إيجاد تعريف واضح ومقبول من المجتمع الدولي بأسره للإرهاب يساهم في تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب. أن الصين تعارض وتدين الإرهاب بكافة أشكاله وتدعو الحكومة الصينية دائما إلى ضرورة الالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي المتعارف عليها في مكافحة الإرهاب، وضرورة مكافحة الإرهاب من ظواهر وبواطنه في آن واحد، وعدم ربط أفعال العناصر الإرهابية الشاردة بشعب أو دين بعينه وعدم الخلط بين الإرهاب وحركة التحرير الوطني وحق شعب في تقرير مصيره وفقا للقانون الدولي، يجب على دول العالم العمل على إزالة الخلافات بين الدول والإسراع في دفع الأمم المتحدة لوضع «الاتفاقية الشاملة بشأن الإرهاب الدولي».

> هل نحن متجهون نحو صدام الحضارات أم أن هناك فرصة لتجنب ذلك؟

ـ ندعو إلى صيانة التعددية الحضارية في العالم وتدعيم الحوار والتبادل بين الحضارات. لو نستعرض التاريخ البشري على مدى آلاف سنين سنجد أن التواصل والاستفادة المتبادلة والوئام والتعايش بين الحضارات هو الذي يسود العلاقات بينها ويعتبر التكامل بين الحضارات وتطورها المشترك أمرا لا مفر منه في المسيرة التاريخية. فالمبالغة في «صدام الحضارات» ليست في صالح الاستقرار والتنمية على المستويين العالمي والإقليمي ولا يتفق مع الظروف الواقعية في عالم اليوم، ولا يمكن للحضارات المختلفة أن تساهم في التقدم البشري المشترك وتحقق تطورها الذاتي إلا من خلال الالتزام بالاحترام المتبادل والتفاهم وتعزيز التواصل والحوار والتعاون فيما بينها. ولا ننسى أنه في السنوات الأخيرة، شاركت الصين بعض الدول في إقامة فعاليات ثقافية عديدة منها السنة الثقافية والأسبوع الثقافي وغير ذلك في إطار جهودها الملموسة لدعم التبادل والحوار بين الحضارة الصينية والحضارات الأخرى. وأن طريق الحوار الحضاري سيكون أوسع فأوسع ونقدر بكل التأكيد على بناء عالم منسجم أكثر تلونا وتنوعا طالما نلتزم جميعا بالاحترام المتبادل والتعامل المتكافئ ونعمل على إيجاد قواسم مشتركة وترك الخلافات جانبا. > إلى أي مدى سيدفع منتدى التعاون العربي ـ الصيني تطور العلاقات العربية ـ الصينية؟

ـ الصين تعتز دائما بعلاقاتها مع الدول العربية وبفضل الجهود المشتركة من قبل الجانبين الصيني والعربي، تم الإعلان عن إنشاء «منتدى التعاون الصيني ـ العربي» خلال زيارة الرئيس هو جينتاو لمقر الجامعة العربية مطلع عام 2004 وحقق المنتدى منذ نشأته سلسلة من النتائج الإيجابية. ففي سبتمبر عام 2004 انعقد المؤتمر الوزاري الأول للمنتدى في القاهرة حيث وقع الجانبان على الإعلان وبرنامج العمل، مما أرسى أساسا متينا لبناء المنتدى. وفي أبريل الماضي، انعقدت بنجاح الدورة الأولى لمؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب في بكين، الأمر الذي ساهم في إيجاد إطار جديد لتواصل الأوساط الاقتصادية للجانبين. كما بدأ تعاون الجانبين في تنمية الموارد البشرية يخطو خطواته الأولى، وفي عام 2004 قامت الصين بتدريب 850 فردا من الدول العربية، وهو إجمالي المتدربين العرب في الصين على مدار العشر سنوات الماضية، وإضافة لذلك سوف يعقد في السنة المقبلة المؤتمر الوزاري الثاني للمنتدى في بكين، والذي يبحث بصورة معمقة سبل توسيع التعاون ونحرص على زيادة تطوير التعاون مع الجانب العربي في كافة المجالات.

أن منتدى التعاون الصيني ـ العربي يعد آلية جديدة لتفعيل الحوار والتعاون الجماعي بين الصين والدول العربية. كما نعتبره إضافة مهمة لعلاقات الصداقة التاريخية بينهما. وتحرص الصين أيضا على تفعيل هذه الآلية من أجل مواصلة إثراء مقومات العلاقات الصينية ـ العربية بما يوطد ويوسع التعاون المشترك بين الجانبين.

> كيف ترون إمكانية تفعيل التعاون الاقتصادي والاستثماري بين مصر والصين وإصلاح الخلل في الميزان التجاري بين الطرفين؟

ـ إن الصين تولي اهتماما بالغا لتطوير التعاون الإستراتيجي الشامل مع مصر وتحرص على مواصلة تعزيز العلاقات التجارية الثنائية على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة وترغب في مشاركة الجانب المصري في استكشاف سبل وأنماط جديدة للتعاون المشترك.

وقد قطع التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني ـ المصري أشواطا بعيدة في السنوات الأخيرة بفضل الجهود المشتركة من الجانبين، حيث بلغ حجم التبادل التجاري عام 2004 زيادة قدرها 44.7% مما جعل مصر سادس اكبر شريك تجاري للصين في القارة الأفريقية في الفترة ما بين يناير وأغسطس في السنة الجارية.

وبلغ حجم التبادل التجاري 1330مليون دولار بزيادة قدرها 30.8% عن نفس الفترة في السنة السابقة وما زال هناك مجال كبير لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين وقد فتحت الصين الباب على مصراعيه أمام الصادرات المصرية بكل أنواعها، وبالتالي ارتفعت قيمة الصادرات المصرية إلى الصين من 90 مليون دولار عام 2002 إلى 190 مليون دولار عام 2005. وأنني على ثقة بأن العجز المصري في التجارة مع الصين سيقلص باستمرار بالتوازي مع مضاعفة الشركات المصرية جهودها لاستكشاف المزيد من الفرص في السوق الصينية. علاوة على ذلك أدرجت مصر في قائمة المقاصد السياحية للمواطنين الصينيين. وإن الحضارة المصرية العريقة لها جاذبية قوية للصينيين.

وقررت «مصر للطيران» أخيرا إعادة تشغيل الخط المباشر بين بكين والقاهرة الأمر الذي سيسهل سفر المواطنين الصينيين إلى مصر للسياحة وهذا مفيد جدا لتحقيق التوازن التجاري بين الصين ومصر.

أن مصر لما لها من موقع مميز في ملتقى القارات الثلاث تمتلك قدرات قوية على النفاذ في الأسواق المجاورة وتشجع الحكومة الصينية الشركات الصينية بكل جدية على استقلال مزايا مصر المترتبة على موقعها الجغرافي للقيام بالاستثمارات وإنشاء المصانع فيها وتوسيع التعاون المشترك بين البلدين.