علي عثمان طه لـ«الشرق الأوسط»: دارفور أزمة عادية ضخمتها أجندات خارجية

نائب الرئيس السوداني قال إن الحل يمكن أن يتم اليوم أو غدا إلا أن «التمرد» يعوق السلام

TT

اعتبر نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه أزمة دارفور «قضية عادية» ضخمتها اجندات خارجية. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»، خلال زيارته الاخيرة للقاهرة، ان الحل الاقتصادي للتنمية في هذا الاقليم المضطرب، يمثل العنصر الأول والأساسي، ثم يأتي الحل السياسي، المتمثل في إدارة أهل دارفور لشؤونهم والمشاركة في الشأن العام السوداني. مؤكدا استعداد الحكومة لحسم السلام في دارفور «اليوم قبل غد.. إلا أن التمرد يعطل كل الطرق المؤدية للسلام».

> اجتماع أوسلو الدولي اوصى مليارات الدولارات للتنمية في السودان، هل حصلتم على شيء؟

- وثيقة أوسلو اعتمدت 4.5 مليار دولار تقوم الحكومة السودانية بتوفير ثلثي هذا المبلغ ـ للتنمية في السودان، بما في ذلك دارفور، وقد وضعت الأسس والأولويات الواضحة لتوظيف موارد السودان النفطية وغيرها، بحيث يكون هناك تطبيق فعلي لمبادئ قسمة الثروة حتى يستفيد منها كل أبناء السودان، وعلى المجتمع الدولي توفير الثلث الباقي، وهو حوالي مليار ونصف المليار، وحتى الآن لم يصلنا شيء في هذا الشأن.

> كيف ترون حل قضية دارفور؟

- الحوار هو الحل.. والمفاوضات الجارية في ابوجا بنيجيريا تواجه عقبات بسبب الاختلافات الداخلية بين المجموعات المتمردة، والطرح المحدود من قبل هذه المجموعات.. ولكن في المقابل فان الحكومة السودانية قدمت رؤية واضحة لحل الأزمة من كل جوانبها.

> كيف ترون الموقف الأميركي على ضوء زيارة زوليك الأخيرة للسودان؟

ـ الموقف الأميركي يدور بين محورين، الأول الدعوة لحل أزمة دارفور. والثاني في تجديد العقوبات على السودان. وما زال الموقف الاميركي ملتزما بالخطاب القديم باتهام السودان بتهم كثيرة تزيد من تعقيد الأمور ومن تعنت التمرد، لأنه يفهم بانه كسب لجولة العلاقات العامة. ولذلك أجرينا حوارا صريحا مع زوليك وكل المسؤولين الأميركيين ومع كوندوليزا رايس، وأكدنا لهم ضرورة أن تكون الإشارات الصادرة عن أميركا واضحة وإيجابية وتؤثر في اتجاه الحل وليس تعقيده. ومع ذلك ننسق مع دول الجوار من خلال قمة دارفور للتوفيق بين المواقف والمصالح حتى لا نتأخر كثيرا في تقديم الحل الذي يرضي الجميع.

> ما هي حقيقة الوضع الأمني والإنساني في دارفور؟

ـ تقارير منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة قدمت شهادات لما قمنا به في هذا الشأن، والجانب الإنساني تحديدا، لكن الحلقة المفقودة هي الوضع الأمني.. كما اننا لا يمكن أن نصل لحل سياسي في ظل استمرار الحرب وعدم الالتزام بوقف إطلاق النار، ولذلك نجد أن التمرد يعطي لنفسه مساحة واسعة في عدم التقيد بوقف إطلاق النار، الذي وقع في تشاد العام الماضي. وهذا عامل مؤثر جدا، ونحن ندعو المجتمع الدولي لتكثيف الضغط بغية التزام كل الأطراف لتثبيت وقف إطلاق النار. وليكون ذلك المدخل الصحيح للمعالجة السياسية.

> اثارت زيارة النائب الاول للرئيس سلفا كير في الولايات المتحدة وتصريحاته هناك جدلا في الخرطوم بين القبول والرفض، كيف تنظرون اليها؟

ـ يجب الأخذ بتصريحات سلفا كير بموضوعية والنظر الى خلفية الأمور، وألا نفسرها على انه رجل انفصالي أو أن الجنوب يتجه نحو الانفصال، لأنه من السابق لأوانه أن يتحدث أي إنسان عما يمكن أن نصل إليه الان. أما بالنسبة للرؤية السياسية لسلفا كير فنحن واثقون منها، وانه يعمل علي ترسيخ الوحدة طالما كانت الظروف مواتية، وطالما اتجه الجميع لتأمين هذه الوحدة من خلال التنفيذ الصادق الأمين لاتفاقية السلام. ولكن ربما الإشارات التي وردت في حديث سلفا كير عن وجود اختلافات حول بعض التفاصيل، ربما تساهم في وجود أصوات تتجه للانفصال، وهذا هو فهمي لتصريحات سلفا كير.

ورغم أن تنفيذ اتفاق السلام يسير في تقديري بمعدل معقول، نظرا للظروف الموضوعية التي تحيط بالخطوات التي تم اتخاذها بعد الموت المفاجئ لقرنق. وبعدها انشغلنا في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية السودانية. وفي تقديري انه بعد تشكيل هذه الحكومة فان نصوص الاتفاقية يمكن أن تنفذ وتأخذ بعدا ودافعا اكبر.

> ماذا عن الاتفاق مع القوى المعارضة الشمالية الاخرى؟

- القوى الشمالية ملتزمة جميعها باتفاقية القاهرة، التي وقعت مع التجمع الوطني، علي الرغم من التعثر والبطء الذي صاحب الاتفاق على التفاصيل، إلا أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح. ومشاركة التجمع الوطني في الحكومة والأجهزة التشريعية والسياسية سيكون وفقا لاتفاق القاهرة. وسوف يتم إنجاز هذه النقطة خلال الأيام القادمة وكل المؤشرات تدل علي هذا.. وكل التفاصيل التي تلقيناها من لجان التفاوض من الطرفين، تؤكد ان التفاهم والاتفاق قد بلغ شوطا متقدما وبذلك تكتمل الحلقة في بناء الحكومة الوطنية، لتصبح اكبر حكومة في التاريخ السياسي للسودان منذ الاستقلال.

> كيف ترى موقفي الترابي والصادق المهدي اللذين اختارا صفوف المعارضة؟

ـ متى ما التزما بالموضوعية في إطار ما كفلته اتفاقية السلام من حريات سياسية ومن تعدد المنابر والتنظيم السياسي، فان ذلك يمكن أن يشكل إضافة لإثراء الساحة السياسية السودانية، حتى تأتي الانتخابات بعد ثلاث سنوات وتفصل بين الجميع.

> كيف تقيم زيارتكم الى القاهرة؟

ـ الزيارة كانت على قدر عال من الأهمية، حيث انعقدت اللجنة العليا المشتركة بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وقد لمسنا كل الجدية والمسؤولية من كل المسؤولين في مصر للتعاون بصدق مع السودان وبدون حدود. وقد بارك الرئيس حسني مبارك كل ما اتفقنا عليه مع رئيس الوزراء الدكتور احمد نظيف وأعضاء اللجنة الوزارية، لدفع مسيرة التعاون المشترك بين البلدين وخرجنا بقائمة من المشروعات المحددة واتفقنا على تنفيذها وفق جدول زمني من خلال وضع آلية عملية لمتابعة التنفيذ. ونرى أن أولويات هذه المشاريع مهمة للبلدين، وهي التركيز على مشروعات الربط في المواصلات والنقل ومشروعات التكامل في الأمن الغذائي، وكذلك التعاون في المجال الزراعي ومشروعات التبادل في الخدمات ومصادر الطاقة إضافة للتعاون في مجالات التعليم وتبادل الخبرات الفنية المختلفة، ومن أهم ملامحها التأكيد على تنفيذ هذه المشروعات من خلال القطاع الخاص والشركات، بما يعطي دفعة للتكامل بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.