الأخضر الإبراهيمي: يجب على السوريين احترام الرغبة اللبنانية

المستشار السابق للأمين العام للأمم المتحدة يتحدث لـ«الشرق الاوسط» عن تجربته (2 من 3)

TT

قال الاخضر الابراهيمي، المستشار السابق للأمين العام للأمم المتحدة، ان اتفاق الطائف الذي ساهم في وضعه لم يكن حلاً مثالياً لكنه كان الحل الممكن في الظروف المتاحة لانهاء الفتنة بين اللبنانيين، مشيراً الى أن المشكلة تمثلت في عدم تطبيق بعض جوانب اتفاق الطائف بالشكل المطلوب. وأكد الابراهيمي في الجزء الثاني من حواره مع «الشرق الاوسط» ضرورة احترام سورية رغبات الشعب اللبناني، مشدداً على ضرورة البدء بوضع أسس صحيحة للعلاقة بين البلدين. وقال إن الحكومة السورية تواجه الآن مشكلة حقيقية في ضوء الاتهامات التي وجهها اليها نائب الرئيس السوري السابق، عبد الحليم خدام، في ما يتعلق بجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري. وقال الابراهيمي إن الحريري نجح في توحيد اللبنانيين في وفاته. واستبعد أن يتمسك «حزب الله» بسلاحه الى الأبد، مشدداً على ضرورة نزع سلاح الحزب من أجل ضمان انفراد الدولة بامتلاك السلاح. وكان الاخضر الابراهيمي قد تحدث في الجزء الاول من الحوار عن تجربته في العراق بعد الحرب الاخيرة، وفي ما يلي نص الجزء الثاني من الحوار الموسع معه:

* كيف تبدو لكم اليوم العلاقة بين سورية ولبنان؟ الرئيس السوري أكد أخيراً عدم وجود مشكلة بين البلدين، هل تتفقون مع ذلك؟

ـ لدى اللبنانيين عبارة يرددونها دائماً حول رغبتهم بأن يكون لبنان وطناً نهائياً لكل اللبنانيين، ولعلهم يقصدون بذلك أنهم يريدون دولة مستقلة تحافظ على استقلالها وتعيش مرتاحة في حدودها، لا أكثر ولا أقل. ويجب أن يحترم السوريون هذه الرغبة اللبنانية التي لا يختلف عليها اللبنانيون رغم اختلافهم على أمور كثيرة أخرى. وكنا تمنينا لو برمج السوريون انسحابهم من لبنان بطريقة أفضل وفي وقت مبكر أكثر، الا أن ذلك لم يحصل. ولكن السوريين خرجوا الآن من لبنان، ولا شك أن بناء العلاقات بين الدولتين سيتطلب بعض الوقت ليتم القبول بقيامها على أسس مختلفة للأسس التي قامت عليها خلال السنوات الثلاثين الأخيرة.

* هل يجب أن يتم الغاء الاتفاقات الثنائية السابقة واعادة النظر فيها؟

ـ لمَ لا؟ اذا كان اللبنانيون يشعرون بأن بعض هذه الاتفاقات غير عادلة فلا أعتقد أن المسؤولين في سورية سيعارضون ذلك، وليس من الحكمة أن يعارضوا ذلك.

* ضمن مطالب الأمم المتحدة اجراء انتخابات رئاسية في لبنان واعادة ترسيم الحدود مع سورية.. هل من شأن ذلك أن يزيد التوتر القائم بين البلدين أم أن الوقت حان لحسم هذه الأمور؟

ـ لا أريد أن أتحدث عن مطالب الأمم المتحدة تحديداً، لكن المطلوب هو طمأنة اللبنانيين بكافة الوسائل بأن لبنان هو الوطن النهائي لكل اللبنانيين، وهو أمر لا بد للسوريين أن يقبلوا به. كما أن مساعدة العرب والمجتمع الدولي ضرورية من أجل تحقيق ذلك.

* بصفتك أحد أبرز مهندسي اتفاق الطائف، هل تعتقد بأن هذا الاتفاق وضع أسساً صحيحة للتعامل مع الوضع اللبناني؟

ـ قلت في حينها إن هذا هو أفضل ما يمكن تحقيقه في الوقت الحالي. والطائف ليس اتفاقاً مثالياً لكنه شكل بداية لانهاء الاقتتال بين اللبنانيين واعادة بناء لبنان. لكنني أعتقد بأن تطبيق الطائف في كثير من جوانبه لم يتم بالشكل الصحيح، ويمكن القول إنه لم يُنفذ سواء كان لجهة نصه أو روحه، علماً بأنه كان يتضمن أمرين أساسيين، الأول انهاء الفتنة الداخلية في لبنان ثم بسط سيادة لبنان على كافة أراضيه، حسب العبارات التي كانت مستخدمة في ذلك الوقت. وانتهت الفتنة لكنَّ لبنان لم يُمكَّن من بسط سيادته على كل أراضيه والانفراد بهذه السيادة.

* لكن عندما تقيمون اتفاق الطائف الآن، هل تعتقدون بأنه كان ينبغي تعديله؟ ـ تم الاتفاق على الطائف في ظروف صعبة للغاية، وعندما نحكم عليه اليوم لا بد لنا أن ننظر الى الوضع الذي كان قائما في ذلك الوقت، والذي اتسم بتوتر كبير بين المسيحيين أنفسهم، ما زاد من أجواء عدم الثقة بين اللبنانيين بشكل عام، الى حد أن بعض النواب كانوا يتخوفون من احتمال عدم قبول طوائفهم بما قد يوافقون عليه في البرلمان. وكان من الضروري وضع الحد الأدنى الذي كان يمكن الاتفاق عليه، لا سيما أنه كان يمكن الاكتفاء بالحد الأدنى وليس الحد الأقصى لانهاء الفتنة والمضي في مسيرة اعادة بناء لبنان. وقد شكل اتفاق الطائف الحل الممكن وان لم يكن الحل المثالي. ولا بد من التذكير بأن مفاوضات أخرى كانت تجري مع سورية في الوقت نفسه، وقام الأمير سعود الفيصل بأكثر من زيارة الى دمشق أثناء مفاوضات الطائف.

* لكن، ألم يسهم اتفاق الطائف في تكريس الانقسامات السياسية على أسس طائفية؟

ـ أدى اتفاق الطائف الى انهاء الفتنة، الأمر الذي كان يتطلب طمأنة كل الأطراف بأن حقها لن يضيع، بما في ذلك الموارنة، وكذلك الأمر بالنسبة للشيعة الذين لم يكونوا يتمتعون بكامل حقوقهم. واتفق الجميع على ضرورة العمل من أجل إلغاء هذه الطائفية، ولكن ما حصل للأسف الشديد هو أنه تم الأخذ بالجزء الأول وليس بالجزء الثاني مما كان مطلوباً.

* هل يجب برأيكم أن يتجه لبنان الآن نحو نظام سياسي ديمقراطي للتمثيل؟

ـ من مصلحة اللبنانيين، وما نتمناه، هو أن يعيدوا النظر في علاقاتهم مع بعضهم البعض، بعد عودة الاستقرار وتمكن الدولة من فرض سيطرتها الكاملة على كافة أرجاء لبنان. وقلت خلال وجودي في بيروت بعد التوقيع على اتفاق الطائف إن هذا الاتفاق ليس قرآناً إنما هو بداية لمساعدة اللبنانيين على انهاء الحرب القائمة في ما بينهم، وعندما ينهون هذه الحرب لا بد أن يبنوا بلدهم ويراجعوا الأمور الموجودة في الطائف وخارج الطائف.

* من الواضح أن لبنان يتجه اليوم نحو مزيد من الطائفية والبعض يرى أن التوتر القائم بين اللبنانيين يذكِّر بوضع ما قبل اندلاع الحرب الأهلية.. ما رأيكم؟

ـ مشكلة الطائفية هي نتيجة الفشل الواضح في تنفيذ اتفاق الطائف، اذ كان من المفترض أن يتجه لبنان تدريجياً بعد اتفاق الطائف الى مستوى أقل من الطائفية، الا أن ذلك لم يحصل. لكنني اعتقد أن ما حصل في الفترة الأخيرة مع خروج القوات السورية من لبنان هو أمر ايجابي كان من الضروري أن يحصل من قبل لكنه تأخر كثيراً جداً. وكنا نتمنى، مثلما نص عليه اتفاق الطائف نصاً وروحاً، أن تبدأ عملية اعادة انتشار القوات السورية بعد سنة من التوقيع على الاتفاق ثم تستمر الى أن تنسحب القوات السورية من لبنان بشكل نهائي.

* هل كان بقاء القوات السورية في لبنان لسنوات عدة ما بعد الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان يشكل انتهاكاً واضحاً لاتفاق الطائف، في رأيك؟

ـ أتصور أنه كان اتجاهاً مهما أكانت مبرراته صحيحة أم غير صحيحة. أما الآن عندما ننظر الى الوراء لا أعتقد أن أحداً سيختلف على أنه كان من الأفضل لو بدأ الانتشار واستمر بشكل طبيعي وانتهى بخروج السوريين قبل خمس أو ست أو سبع سنوات بدلاً من استمرار الوضع على هذا النحو خلال السنوات العديدة الماضية.

* الى أي مدى أدى اغتيال الحريري الى تأجيج التوتر الطائفي، أم أن الأجواء السائدة في لبنان كانت ستقود الى هذا الوضع عاجلاً أم آجلاً؟

ـ لا شك أن عملية اغتيال الحريري كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، وهي جريمة نكراء تُضاف الى جرائم أخرى كثيرة. والملاحظ أن كل هذه الجرائم، بدءً باغتيال كمال جنبلاط ورشيد كرامي، لم يحصل فيها أي تحقيق حقيقي، وبالتالي فان التدخل الدولي في قضية اغتيال الحريري كان في محله وقد أدى الى وجود محاولة لاجراء تحقيق جدي في قضية اغتيال من هذا النوع.

* ولكن، هل من المناسب لمجلس الأمن أن ينخرط في عمليات تحقيق من هذا النوع، علماً بأنه جهاز سياسي؟

ـ هذا موضوع دقيق. هل يُعتبر مبدأ تدخل مجلس الأمن بالمطلق ضرورياً أم لا؟ من الصعب الجزم في ذلك. هناك الآن محكمة العدل الدولية. في ما يتعلق بالسودان، والوضع في دارفور، ما حصل هو أن مجلس الأمن شكل لجنة قامت بتحقيق وسلمت الملف الى المحكمة الدولية، وهذه المحكمة تتابع الآن الموضوع في دارفور. بالنسبة للبنان، ما من شك أنه من المفيد أن يتم هذا التحقيق، واذا كان اللبنانيون أنفسهم والحكومة اللبنانية يقولون «نحن عاجزون لمليون سبب أن نقوم وحدنا باجراء تحقيق ونريد المساعدة»، فلم لا؟

* لكن ألا يقوض ذلك سيادة لبنان؟

ـ لا، ليس بالضرورة اذا ما كانت الأطراف اللبنانية راضية عن ذلك. ولا أعتقد أن أحداً في لبنان ينظر الى هذه المساعدة في الوصول الى الحقيقة باعتبارها تنتقص من سيادة لبنان، وان كان البعض يتخوف من احتمال أن يتطور الموضوع الى أمر آخر ولكن هذه المسألة مختلفة.

* ما هو هدف الولايات المتحدة وفرنسا الحقيقي من القرار 1559؟ إعادة السيادة الكاملة للبنان أم تحييد حزب الله، سياسياً وعسكرياً؟

ـ لا أود الحديث عن نوايا الولايات المتحدة وفرنسا إذ أنهما في موقع أفضل للاجابة عن ذلك، لكن في ما يتعلق بحزب الله لا يمكنني أن أتصور أن الحزب يريد الاحتفاظ بسلاحه الى الأبد. وقد أكد نصر الله أن الحزب على استعداد للدخول في حوار مع أعضاء الحكومة والأطراف السياسية المختلفة بشأن سلاح المقاومة وكيفية استيعابه داخل الجيش، أو من خلال تطبيق حل آخر يؤدي الى انفراد الدولة بامتلاك السلاح. وأنا كانسان عربي يهتم بلبنان ويكن له المودة أذكّر حزب الله بمواقفه هذه وبضرورة الاتفاق مع الأطراف اللبنانية الأخرى على ألا يكون السلاح إلا في يد الدولة.

* لكن، كيف يمكن التعامل مع طلب مجلس الأمن بتفكيك حزب الله وتجريده من سلاحه في ضوء رفض الحزب القاطع لذلك؟

ـ أنا لا أنظر الى هذا الطلب باعتباره طلباً من مجلس الأمن بل أنظر اليه كحاجة ضرورية لانهاء رواسب الأزمات المتتالية في لبنان من خلال بسط سيادة الدولة وسلطتها كما طالب به اللبنانيون ونص عليه اتفاق الطائف.

* ألا يجب أن يحل اللبنانيون بأنفسهم هذه المسألة من دون تدخل خارجي؟

ـ شرط أن يصل اللبنانيون الى هذا الحل، لكن بعض اللبنانيين باتوا يعترفون بعدم قدرتهم على تحقيق ذلك ويطالبون بمساعدة من الخارج. وليد جنبلاط قال إنه يمكن معالجة الموضوع مع تأييد معنوي من الخارج. فليتفضلوا ويعالجوها! وليتم أيضاً معالجة المسألة المتعلقة بالفصائل الفلسطينية. وكنت خلال اجتماع مع الرئيس الفلسطيني المرحوم ياسر عرفات في تونس في أغسطس (اب) 1990 قلت له إن اتفاق الطائف ينص على ضرورة بدء الحديث عن سلاح المقاومة الفلسطينية، في ضوء ما كان يردده الفلسطينيون في ذلك الحين بشأن عدم وجود دولة في لبنان مما يبرر حمل السلاح لحماية النفس. وأبلغته بأننا نتجه نحو العمل على عودة الدولة لتصبح قادرة على حماية كل مَن يعيش في لبنان بمن فيهم الفلسطينيون. والآن، لا بد للفلسطينيين أن يتحاوروا مع اللبنانيين بهدف وضع حل لموضوع السلاح الموجود في الشوارع على أساس أنه سلاح للمقاومة.

* هل تتخوفون من أن يؤدي التوتر الحالي بين القوى اللبنانية المختلفة وبين لبنان وسورية الى زعزعة الاستقرار في المنطقة؟

ـ الطريقة المثلى كانت تتمثل في اعادة الانتشار بعد الطائف في مرحلة أولى تليها مرحلة ثانية تكون فيها عمليتا خروج السوريين من لبنان وقيام الدولة اللبنانية متوازيتين، بيد أن شيئا لم يحصل لمدة 15 سنة. وثم فجأة اضطر السوريون الى الخروج من لبنان بالطريقة التي خرجوا فيها، وعاد ميشال عون الى لبنان بالطريقة التي عاد فيها. لا شك أن هناك عوامل انقسام، ولكن هناك أيضاً عوامل وحدة، مثل الحوار القائم مع حزب الله. هناك عوامل ايجابية كثيرة لا يمكن انكارها.

* بين عوامل الانقسام الجدل حول ما اذا كان حزب الله يشكل اليوم مقاومة وطنية أو ميليشيا.. كيف تنظرون الى حزب الله؟

ـ حزب الله كان يشكل مقاومة وطنية ويجب أن يفتخر بأنه توصل الى اجبار اسرائيل على العودة الى الأمم المتحدة ومطالبتها بتطبيق قرار من قراراتها، وذلك بفضل المقاومة، اذ لم يسبق لاسرائيل أن قامت بذلك. وأعتقد أن اللبنانيين يعترفون بفضل حزب الله.

* البعض يرى أن استمرار المقاومة مشروع في ضوء استمرار احتلال مزارع شبعا.. ما رأيكم؟

ـ الأمين العام لحزب الله، الشيخ حسن نصر الله، قال ان الدولة اللبنانية لن تستكمل مقومات الدولة الحديثة الا عندما تنفرد في امتلاك السلاح. ولا يمكن لحزب الله أن ينكر ذلك، ولا بد أن طموحه كحزب لبناني هو أن يكون بلده بلداً لا يحمل فيه السلاح إلا الدولة.

* لكن نصر الله في تصريحات أخيرة هاجم بقوة كل من يطالب بتجريد حزب الله من سلاحه؟

ـ هذا لا يلغي ما قلته بأن اللبنانيين الذين يتطلعون الى دولة حديثة لا بد أن يوافقوا على ضرورة أن تكون الدولة الطرف الوحيد الذي يحتكر السلاح.

* هل حان الوقت إذاً للعمل جدياً على إزالة سلاح الميليشيات في لبنان؟

ـ أنا أرى أن مطلب مجلس الأمن في هذا المجال مؤيد لما يتضمنه اتفاق الطائف ولما هو مطلوب في لبنان. انه أمر غير معقول، أين هي الدولة العربية التي يوجد فيها سلاح في الشوارع ومقاومة في الشوارع ؟

* الى أي مدى يمكن اعتبار الحكومة السورية مسؤولة عن الوضع الذي هي فيه؟

ـ الانسان هو دائماً مسؤول عما يحدث له ولو بشكل جزئي. انها خسارة ويبقى الأمل في أن نرى الاخوان في سورية ولبنان يتجهون نحو اقامة العلاقات الصحية والمتكافئة التي لم يتمكنوا من اقامتها منذ الأربعينات حتى الآن.

* وهل هناك دور يمكن لكم القيام به للوساطة؟

ـ لا، ليس هناك أي دور لي.

* لكن، اذا طُلب منكم القيام بدور ما، هل ستوافقون؟

ـ لكل حادث حديث.

* الى أي مدى فاجأتكم تصريحات عبد الحليم خدام التي حمّل فيها الحكومة السورية مسؤولية اغتيال الحريري، وما شكله ذلك من تحول جذري في موقفه؟

ـ كانت مفاجأة كبيرة، لأن خدام كان ركناً أساسياً في النظام السوري، كما أنه كان مهندس السياسية السورية تجاه لبنان، فلا شك أن هذا التغيير في الموقف كان مفاجئاً.

* كونه كان يُعتبر ركناً أساسياً في النظام السوري، هل يقلل من مصداقية اتهامه للرئيس أم يعززها؟

ـ من الواضح أنه خلق الآن مشكلة للنظام السوري إذ أن توجيه شخص من هذا النوع اتهامات خطيرة بهذا الشكل الى النظام ما من شك يخلق مشكلة كبيرة، ولننتظر لنرى كيف سيعالجها النظام السوري.

* الادارة الأميركية لم تخفِ أنها تريد أن يغير المسؤولون السوريون بعض سياساتهم وإلا سيتم تغيير النظام. برأيكم، الى أي حد يمكن للأميركيين أن يذهبوا لتحقيق هذا الهدف؟

ـ أعتقد أن السيناريو العراقي، بسبب ما حصل في العراق، من الصعب أن يتكرر. ونأمل في أن يكون التفكير فيه قد انتهى.

* برأيكم، هل تندرج السياسة الأميركية تجاه سوريا في اطار ما يجري في العراق أم أن المحرك الأساسي هو حماية مصالح اسرائيل؟

ـ الأميركيون لا يخفون كثيراً سياساتهم وأهدافهم، والقضيتان كثيراً ما يتم ذكرهما في بيانات علنية من السلطة الأميركية.

* كنتم على معرفة جيدة برفيق الحريري. كيف كان سينظر، برأيكم، الى المعارك السياسية القائمة اليوم في لبنان والطريقة التي يستغل البعض حادث اغتياله؟

ـ أعتقد أن عملية اغتياله كانت القشة التي قصمت ظهر البعير وأدت الى خروج السوريين من لبنان، علماً بأن هذا المطلب أصبح مطلباً شبه عام لدى اللبنانيين. وخدم الحريري بلده في توحيد اللبنانيين، اذ أن المظاهرات التي قامت بمناسبة اغتياله أظهرت وحدة لبنانية لم تكن مألوفة. وقد خدم الحريري بلده بشكل كبير جداً إذ أنه لم ينس لبنان طوال السنوات التي أمضاها في المملكة العربية السعودية. كان رجلاً كريماً يغدق على أناس كثيرين، ومشروع التعليم الذي قام به كان يُعتبر مثالياً ليس على المستوى العربي فحسب، بل على المستوى الدولي، إذ علّم آلاف الطلبة من دون التفرقة بين الطوائف المختلفة التي ينتمون اليها، فخدم بلده بهذه الطريقة، ثم خدم بلده في المفاوضات التي جرت في الطائف وفي كل المفاوضات التي سبقت الطائف، الفاشلة منها والناجحة. وخدم بلاده عندما أصبح رئيساً للوزراء، وما من شك في أن فترة توليه رئاسة الوزراء كانت مليئة بالانجازات، وخدم بلده أيضاً بوفاته.

* لكن الوحدة التي ظهرت بعيد وفاته لم تستمر طويلاً وبات اللبنانيون اليوم منقسمين أكثر من أي وقت مضى.

ـ انهم منقسمون ومتحدون في آن واحد اذ أن اسم الحريري وقضيته وتراثه أصبح قاسماً مشتركاً أكثر فأكثر بين اللبنانيين حتى في ظل هذه الانقسامات.