زعيم تيار «خط الشهيد» في البوليساريو: الجبهة مهددة بالشلل التام.. بفعل بقاء قيادتها في السلطة 30 عاما

المحجوب السالك لـ«الشرق الأوسط»: حل نزاع الصحراء يكمن في التفاوض المباشر مع القصر الملكي المغربي

TT

اعتبر المحجوب السالك، أحد أبرز قياديي جبهة البوليساريو «خط الشهيد»، المتمرد على القيادة الحالية للجبهة التي يتزعمها محمد عبد العزيز، ان حركته تقودها مجموعة من الكوادر والمناضلين، الذين لا تحركهم أية مطامح مادية او سلطوية، وانما تحركهم الرغبة في التغيير والإصلاح. وأضاف في حديث خص به «الشرق الاوسط» جرى عبر شبكة الانترنت، من مكان وجوده في اسبانيا، ان حركته أجرت اتصالات مع الأطراف المهتمة بالنزاع في الصحراء، وعلى رأسها الجزائر واسبانيا، لاطلاعها على ما وصلت اليه الأوضاع في ظل التصرفات اللامسؤولة للقيادة الحالية التي اتهمها بـ «الرشوة والفساد والمحسوبية».

وأوضح السالك، الذي يعتبر من القياديين المؤسسين لجبهة البوليساريو حيث كان عضوا في اول مكتب سياسي للجبهة ثم مسؤولا في اذاعتها ومساهما في بناء ما يسمى «الإعلام الصحراوي»، ان برنامج حركته يستهدف اجراء انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة، في منأى عن وصاية القيادة الحالية، يتم من خلالها لسكان المخيمات اختيار قيادتهم بكل حرية ونزاهة، بعيدا عن حب السلطة والتسلط. وأوضح السالك، الذي قضى سنوات رهن الاعتقال في سجون جبهة البوليساريو ثمنا لخلافاته مع القيادة الحالية للجبهة، ان هذه الاخيرة همها الوحيد هو البقاء في السلطة اطول فترة ممكنة، في الوقت الذي يوجد ملف الصحراء في وضعية ركود تام، والأفق مظلم والمستقبل مجهول، منتقدا مواصلة الجبهة ما سماه «سياسة النعامة والمزيد من الهروب الى الأمام». وقال السالك انه لا يعتبر حركته بديلا لجبهة البوليساريو او لقيادتها الحالية، مشددا على ان القيادة الحقيقية للبوليساريو هي التي سيعينها الشعب من خلال المؤتمر الشعبي، عبر اسس ديمقراطية وانتخابات حرة ونزيهة. وأشار الى ان حل مشكلة الصحراء يكمن بالنسبة لحركته في التفاوض المباشر مع القصر الملكي المغربي. من اجل حل متفق عليه يرضي الجميع، ويمكن ما سماه «الشعب الصحراوي» من تقرير المصير، طبقا للقرارات الاممية والشرعية الدولية.

* كشف تياركم «خط الشهيد» عن وجود خلاف جوهري وعميق في البنية التنظيمية والسياسية لجبهة البوليساريو. ما هو حجم هذا الخلاف وأبعاده؟

ـ هذا الخلاف لم يكن وليد اليوم، كان يطفو على السطح ثم يخبو، لأنه كان في اغلب الاحيان بين اعضاء الهيئة القيادية التي كانت تتصارع على السلطة، يفترقون مرة، ويقتسمونها بينهم مرة اخرى، مثلما وقع في المؤتمر الثامن لما ظهرت لأول مرة هيئة قيادية تسمى «الامانة الوطنية» تتكون من 71 فردا. اما حركتنا فتقودها مجموعة من الاطارات والكوادر ومناضلي القواعد الشعبية، ومقاتلي جيش التحرير الذين لا تحركهم اية مطامح مادية او سلطوية، وانما تحركهم الرغبة في التغيير والاصلاح، لإنقاذ ما يمكن انقاذه من مكاسب شعبنا قبل فوات الاوان، فهو خلاف من اجل فرض الديمقراطية والعدالة داخل البنية التنظيمية والسياسية للجبهة، عبر الحوار الوطني المسؤول والنزيه والشريف.

* ما هي في رأيكم الامتدادات والآثار السياسية التي قد تترتب عن خروج تياركم الى العمل السياسي العلني، المتعارض مع توجهات القيادة الحالية لجبهة البوليساريو؟

ـ خروج تيارنا للعمل السياسي العلني، كان تعبيرا عن السخط الشعبي والتذمر العلني للمواطنين الصحراويين في المناطق الخاضعة للمغرب، والمحررة (المنطقة العازلة)، وفي المخيمات، والجاليات الصحراوية في الخارج، التي ملت من الحكم الفردي والتسلط، من دون اتخاذ أي قرارات من طرف هذه القيادة، منذ وقف اطلاق النار، تكون في مستوى آمال وتطلعات شعبنا وتضحياته الجسام. ولهذا فالآثار السياسية قد لا تكون بالطبيعة محمودة، اذا ما واصلت هذه القيادة التعنت وإغلاق باب الحوار.

* هل اتصلتم بأطراف خارجية او حكومات لشرح وجهة نظر حركتكم، مثل الجزائر واسبانيا وموريتانيا أو غيرها؟

ـ كانت لنا لقاءات مع الاطراف المهتمة بالنزاع في الصحراء الغربية، وعلى رأسها الجزائر وإسبانيا، لاطلاعهما على ما وصلت اليه الاوضاع في ظل التصرفات اللامسؤولة للقيادة الحالية للبوليساريو، ولنوضح لهم رغبتنا في تحقيق العدالة والديمقراطية، داخل هيئات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، باعتبارها ممثلا شرعيا للشعب الصحراوي.

* انتم تقولون ان القيادة الحالية للجبهة تحمي الفساد وتكرس الزبونية والمحسوبية. ما هي ابرز تجليات ذلك الفساد؟ وهل للعامل القبلي دور فيه؟

ـ يتجلى ذلك في تفشي الرشوة والمحسوبية والقبلية، في التوظيف والتكوين والترقية. بل وفي التسيير بشكل عام، وذلك من خلال اعتماد ما يعرف في المخيمات بالمعادلة القبلية السلبية، التي تضع الانسان غير المناسب في مكان لا يناسبه، وتقصي الكوادر القادرة النزيهة والشريفة.

* هل يساهم الركود الذي تعرفه القضية حاليا في تكريس هذا الواقع، واحتكار تدبير الملف من طرف القيادة القديمة للجبهة؟

ـ نعم أمام وضعية 15 سنة من اللاحرب واللاسلم، وتأثيرها العميق على وضعيتنا الداخلية بالمخيمات، مع عجز القيادة عن اداء مهامها المنوطة بها، وعدم توفرها على استراتيجية محكمة واضحة كفيلة بالرد على كل الاحتمالات الممكنة، مع البقاء في السلطة ما يقارب ثلاثين سنة، مما لم يسمح بتجديد الدم في الرأس، وذلك يجعل الجسد مهددا بالشلل التام.

* طرحتم وثيقة تتضمن برنامجكم السياسي كتيار. ما هي أوجه التلاقي والاختلاف مع القيادة الحالية لجبهة البوليساريو؟

ـ برنامجنا يعتمد تحقيق العدالة والديمقراطية داخل هيئات الجبهة الشعبية، عبر حوار وطني بناء ومسؤول، ومن دون تهميش او اقصاء، واجراء انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة بعيدا عن وصاية القيادة، يتم من خلالها لجماهيرنا بالمخيمات اختيار قيادتها بكل حرية ونزاهة، بعيدا عن حب السلطة والتسلط والزعيم الاوحد، وفتح المجال أمام الكوادر الشابة لتولي المناصب القيادية.

* اعلنتم في وقت سابق أنه لا بد من حل متفاوض ومتفق عليه بين جبهة البوليساريو والمغرب، وأن ذلك يجب ان يكون مع القيادة الحقيقية للبوليساريو. هل تعتبرون أنفسكم القيادة الحقيقية، وأنكم الاولى بتدبير التفاوض مع المغرب؟

ـ نحن لا نعتبر أنفسنا بديلا، لا للقيادة الحالية ولا للجبهة الشعبية، كتنظيم لكل الصحراويين. فالقيادة الحقيقية هي التي سيعينها الشعب من خلال المؤتمر الشعبي، عبر أسس ديمقراطية وانتخابات حرة ونزيهة، لهذا دعوناهم للحوار ولعقد المؤتمر لنحتكم للشعب والمناضلين.

* لكن سمعنا ان قيادة جبهة البوليساريو قررت تأجيل المؤتمر، ماذا يعني ذلك بالنسبة لكم؟

ـ هذا يؤكد للجميع صحة أطروحتنا من ان هذه القيادة، همها الوحيد هو البقاء في السلطة اطول فترة ممكنة، ولا شيء غير السلطة. ففي الوقت الذي توجد فيه القضية في ركود تام، والافق مظلم والمستقبل مجهول، والجميع يدعو للحوار والبحث عن حل، تواصل القيادة سياسة النعامة والمزيد من الهروب الى الامام، في محاولة للتضليل وربح الوقت، ولكن كما يقول المثل الصحراوي «المختبئ بالأيام عريان».

* هل الفساد مقتصر على الحياة المدنية فقط، ام انه امتد الى الجناح العسكري ايضا؟

ـ الفساد كالمرض المعدي حين يصيب جزءا من الجسم، ينتشر في الجسم كله، خصوصا عندما يكون هناك من يرعاه ويستفيد منه.

* ما مدى تعاطف سكان المخيمات مع حركتكم؟

ـ ان حركتنا جاءت كتعبير عن سخط وتذمر اهالينا بالمخيمات، للوضعية المزرية والباب المسدود الذي وصلت اليه قضيتنا الوطنية، نتيجة عجز القيادة عن ادارة ملف الصراع، طيلة 15 سنة من اللاحرب واللاسلم، بل انحرافها عن الخط النضالي لثورتنا، وتفشي الفساد والقبلية، وتهميش وإقصاء الكوادر والكفـــاءات النزيهة والمخلصة. فهي بالتالي مخاض للمعاناة الطويلة لشعبنا، أمام غبن هذه القيادة. وعليه فان تعاطــــف سكان المخيمات معنا، هو تعاطف كبير وطبيعي، لأن الجبهة «خط الشهيد» نابعة من صلبهم، وبالتالي فهي تجسيد لمطامحهم وانشغالاتهم.

* يقال إن لزوجة محمد عبد العزيز البرلمانية، كما للمحسوبين عليها، نفوذا مكملا لنفوذ زوجها. ما مدى صحة ذلك؟

ـ عفوا، لا أريد التحدث عن الافراد فالقضية قضية شعب، والعملية عملية اصلاح وتغيير لتحقيق الديمقراطية والعدالة، داخـــل هيئــــات التنظيم السياسي للجبهة الشعبية، من خلال فتح حوار وطني ما زالت هذه القيادة تقف حاجزا دون تحقيقه.

* القضية الآن في مأزق فالجزائر وجبهة البوليساريو رفضتا مقترح بيكر الاول، والمغرب رفض مقترح بيكر الثاني، وهو يتجه الآن ربما من طرف واحد، للاعلان عن مشروعه السياسي المتمثل في اقتراح حكم ذاتي، وهناك نقاش سياسي ودستوري صامت الآن بالمغرب حول الموضوع، لبلورته في الاسابيع القليلة المقبلة. فكيف سيكون ردكم عليه؟ وكيف ترون حل المشكلة والأسلوب الانجع للتعامل معها؟

ـ حل المشكلة بالنسبة لنا يكمن في التفاوض المباشر مع القصر المغربي، للوصول الى حل متفق عليه، يرضي الجميع، ويمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره، طبقا للقرارات الاممية والشرعية الدولية.