منظر «الجماعة الإسلامية» لـ الشرق الاوسط : رفضنا الانضمام لـ«القاعدة» لأن غايتهم الجهاد وغايتنا الإسلام.. ونرفض القتل بالجنسية

د. ناجح إبراهيم: عمر عبد الرحمن لا يزال أميرنا ولم نتخل عن عبود الزمر

TT

أكد الدكتور ناجح إبراهيم منظر «الجماعة الإسلامية» أن هناك خلافا واسعا بين تنظيم «القاعدة» و«الجماعة الإسلامية» فكرا ومنهجا، مشيرا إلى أن «غايتهم الجهاد وغايتنا الإسلام»، نافيا بشدة انضمام أي قيادي أو حتى عضو عادي من «الجماعة» إلى «القاعدة». وشدد على أن الدكتور أيمن الظواهري الرجل الثاني في «القاعدة» أراد بزعمه انضمام قيادات من الجماعة إلى «القاعدة» إبقاء «القاعدة» في الأضواء.

وقال ناجح إبراهيم في حوار صحافي نادر منذ خرج من سجنه قبل عامين بعد 24 عاما وراء القضبان تنفيذا لحكم قضائي بالسجن المؤبد في قضية اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1981، إن قتل السادات كان حراما شرعا، موضحا أن «الجماعة» التي تبنت العنف سنوات طويلة ورفعت السلاح في وجه السلطات الحاكمة عادت وصححت أفكارها ومفهومها عن الإسلام وأصدرت عددا من كتب المراجعات الفكرية التي أثارت بعض الجدل لتعيد صياغة العلاقة بينها وبين المجتمع والسلطة الحاكمة.

وفي ما يلي نص الحوار:

> أثار إعلان الظواهري عن انضمام عدد من قادة «الجماعة الإسلامية» بمصر إلى تنظيم «القاعدة» جدلا شديدا كذبته الجماعة.. في رأيك ما هدف هذا البيان؟

ـ هناك آراء كثيرة حول الهدف من وراء هذا البيان، فالبعض يعزي السبب إلى جنسية الظواهري المصرية ورغبته في ضم عناصر مصرية للتنظيم خاصة حيث لا يوجد للقاعدة حاليا أتباع بمصر، ولكن الدكتور الظواهري يرغب دائما في ضم الجماعة الإسلامية للقاعدة حيث يرى ما يميزها من صبر وتحمل، متمسكا بنظرية أن القتال غاية وأن فكرة المبادرة ستعطل فريقا كبيرا من المجاهدين.

> البعض يرى ان ما فعله يدل على أن الظواهري لم ينس قرار انسحاب الجماعة من «الجبهة العالمية لمحاربة اليهود والصليبيين»، من عام 98 التي اعلنها بن لادن والظواهري؟

ـ بالتأكيد الظواهري لم ينس وهذه فرصة مناسبة كي أعلن لماذا كان انسحابنا من الجبهة وهو أن الجماعة لا تؤمن بعقيدة القتل بالجنسية وكان هدف الجبهة، قتل كل ما هو أميركي والشرع لم يقل ذلك، فعندما ذكر أهل الكتاب في القرآن، ذكر أنهم ليسوا سواء فهل من المنطقي أن أقتل أي شخص لمجرد أنه أميركي فماذا لو كان مسلما أو شيخا كبيرا أو امرأة أو طفلا فمثلا هؤلاء محرم قتلهم. كما أن القرآن الكريم دائما ما كان يذكر حرف الجر «من» مع أهل الكتاب «للتبعيض» وهذا قمة العدل، وبالتالي رأينا أنه من الحكمة أن ننسحب من الجبهة والتي وجدنا فيها تعميماً مخلاً بالشريعة.

> ولكن يبقى الهدف من بيان الظواهري في هذا التوقيت غير واضح؟

ـ قد يكون الهدف منه هو ضرب مبادرة وقف العنف خاصة أن الظواهري ضدها من الأساس على الرغم من أنه أوقف القتال داخل مصر منذ عام 1995، ولكن هذا بات قرارا تنظيميا داخليا ولم يعلن عنه.

> ذكر الظواهري أسماء معينة من عناصر «الجماعة الإسلامية» لضمها للقاعدة مما أثار دهشة وحيرة العديد من المراقبين فكيف ترى هذا الأمر؟

ـ اعتقد أن الدهشة مبررة خاصة أنه لم يقم بدعوة هؤلاء الناس من قبل وكان من الأحرى أن يدعو أعضاء تنظيم «القاعدة» باعتبارهم أقرب الفصائل له وهو يعي جيدا أن من ذكرهم وآخرين من الجهاد لن ينضموا إليه حيث يختلفوا مع فكره التكفيري خاصة بعد أن ترك الدكتور سيد إمام تنظيم «الجهاد» مع الوضع في الاعتبار أن «الجماعة الإسلامية» رفضت من قبل الانطواء تحت راية «القاعدة» لنفس السبب.

> هل تعتبر ان هذا البيان يشكل تحولا في أداء الظواهري خاصة أنه معروف عنه أنه غير متسرع وتصريحاته دائما ما تتميز بعدم الانفعالية؟

ـ اعتقد أن هذه النبرة التي أتسم بها البيان سيطرت عليها الرغبة في الظهور الإعلامي في هذا التوقيت وأنا هنا لا أقصد الظهور كشخص بل كمنظمة ـ «القاعدة». ويتوافق هذا مع تصريحاته السابقة بتصريحاته التي وصف فيها الإخوان المسلمين بعد أن فازوا في الانتخابات بأنهم يتبعون المبدأ الاميركي وكذلك حركة «حماس» بعد أن فازت بالانتخابات، وهذا ما رفضته الجماعة لان وصول أي فصيل إسلامي لمركز معين يمكن أن يخدم الإسلام وهو أمر في مصلحتنا تماما.

> أنت تعني أن الظواهري بات يهاجم كل الفصائل الإسلامية؟

ـ الظواهري كان قد الف كتابا من قبل باسم «الحصاد المر» يكاد يكفر فيه الإخوان المسلمين، وهذا خطأ أهل السنة حيث جرت العادة أن يهاجموا كل فصيل جديد أو يختلف مع الفصائل الأخرى في التوجهات بعكس الشيعة الذين يقدرون العلماء ويراعون الاختلاف ويحترمونه.

> هل يقصد الدكتور أيمن الظواهري بذلك شق صف «الجماعة الإسلامية»؟

ـ هو يريد أن يرى أبناء الجماعة الإسلامية في صفوف «القاعدة» وأن يتخلوا عن فكرة المبادرة حيث لا يرى سوى سبيلاً واحداً وهو الجهاد، ومن يتبنى خياراً آخر يعتبره خائناً.

> ذكرت أن الظواهري كان يهدف بهذا البيان الظهور الإعلامي فلماذا اختار هذا التوقيت للظهور إعلاميا؟

ـ بالطبع ليس هناك شك أن البساط مسحوب من تحت أقدام «القاعدة» حاليا وأن هناك جماعات أخرى تملك أوراق اللعبة كـ«حزب الله»، خاصة أن «القاعدة» ليس لها يد في مواجهة إسرائيل، وعندما نستعرض أعمال «القاعدة» نجدها كلها احتراب داخلي أو قتل مدنيين كالحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001 وتفجيرات كل من لندن ومدريد واندونيسيا التي قتل فيها المئات من المدنيين. ونحن نؤيد موقف «حزب الله» عندما رفض الاحتراب الداخلي بعكس «القاعدة» التي حاربت في الأردن ضد الحكومة وكذلك في المملكة العربية السعودية وهذا قادها لكسب عداءات مع كل هذه الدول. ورفض الاحتراب الداخلي يبقى دائما أهم المبادئ التي نحافظ عليها. وفي موقف «حزب الله» بالرغم من أن رئيس الجمهورية اللبنانية مسيحي، إلا أن «حزب الله»، لم يخرج عليه بل قام بتركيز مجهوداته في مقاتله العدو الصهيوني، وكذلك فعلت «حماس» التي رفضت الاحتراب الداخلي مع بقية الفصائل كفتح. وعلى النقيض فعلت «القاعدة» في العراق من تدمير لمساجد الشيعة واستهداف مدنيين مما أدى إلى ظهور فتنة بين السنة والشيعة.

> أعلنتم مبادرة وقف العنف عام 1997 وأصدرتم المراجعات المثيرة للجدل عام 2002 ما تقييمك لها بعد مرور أربع سنوات من أصدارها؟

ـ تعودنا دائما أن يقابل الجديد بردود أفعال غير متوقعة، أليس من حقنا أن نتحدث بعد 24 عاما من القتال عن الصلح، ولكننا نقدر أن الشباب المتحمس لا يرضى بالصلح وما يدهشني أن هؤلاء يحفظون جيدا فقه الجهاد ولكنهم يتوقفون عند باب الصلح ولا يضعون له أي اعتبار، رغم أن الصلح ليس أمرا هينا فهو يحتاج إلى رجال شجعان قادرين على اتخاذ قرارات مصيرية وتحمل مسؤولية ما سيترتب عليها من نتائج، أما الحرب فهي قرار أسهل كثيرا من السلام. ولكنني اعتقد أن كل شيء جديد يحتاج إلى وقت كي يستقر في العقول.

> هل تعني أن المراجعات حققت ما لم تحققه عمليات القتال؟

ـ نعم بالتأكيد فماذا كان حصادنا من جراء القتال سوى الإعدام والاعتقال وبذلك قضي تماما على أربعة أجيال من الجماعة. وإذا ما قمنا بعقد مقارنة بين حصاد القتل وحصاد المبادرة نجد أن الأخيرة حصلنا بها على الأمن والأمان كي نستمر في الدعوة.

> موقفكم غير محدد وملتبس حول الشيخ عمر عبد الرحمن ويقال إنكم لم تطالبوا بعودته الى مصر أرجو توضيح هذا الموقف؟

ـ أول مطالبنا كانت ضرورة عودة الشيخ عمر عبد الرحمن الخارج وأن يحضر الحوارات التي نجريها إلا أن أحدا لم يستجب لهذا المطلب.

> هل توقفتم الان عن هذه المطالبات وهل عزلتموه؟

ـ لا، مازلنا حتى الآن نطلب، ونحن ما زلنا نتذكر كلمته عندما قال أن سجنه في مصر أفضل بكثير من سجون اميركا، والدكتور عمر عبد الرحمن مازال حتى الآن أمير عام الجماعة الإسلامية ولم يعزله أحد، والشيخ كرم زهدي هو رئيس مجلس الشورى وعلاقته مع الدكتور عمر عبد الرحمن جيدة. وقد لا يعلم البعض أن الشيخ عمر هو الذي اختار الشيخ كرم ليتولى هذا المنصب، والشيخ عمر لا يزال رمز للجماعة، نجله ونقدره، كما أننا كجماعة لدينا قدر كبير من الوفاء ولم يحدث ان انكرنا أحدا.

> الشيخ عبود الزمر دافع عن مبادرة وقف العنف ولكنه لم يوقع على المراجعات وانفصل عن الجماعة الإسلامية بسبب خلافاته مع بعض قياداتها، ما هي طبيعة علاقتكم به حاليا وموقفكم منه؟

ـ الشيخ عبود عضو مجلس الشورى في الجماعة، وهو شخص شديد التهذيب وصاحب خلق رفيع وتوجد بعض الظروف تقف حائلا أمام العديد من الأمور، منذ فترة كانت لديه مشاكل مع الدولة إلا أننا حاولنا التوسط لحلها.

> ولماذا لم يوقع على المراجعات؟

ـ حدث ذلك لظروف خارجة عن إرادته منعته من حضور التوقيع عليها.

> أعلنتم ان الشيخ رفاعي طه موجود في السجون المصرية وموقفه كان معلناً برفض المبادرة فما موقفه الآن؟

ـ رفاعي طه هو عضو بمجلس شورى الجماعة، عندما كان خارج السجن كان معترضا على المبادرة إلا أنه بعد ذلك وافق على المبادرة بعد القبض عليه عام 2001. والمبادرة كانت سببا بعد ذلك لإنقاذه من تنفيذ حكمين صادرين ضده غيابيا بالإعدام ورغم هذا الخلاف السابق لم ينشق طه عن الجماعة فنحن في الجماعة الإسلامية ليس لدينا منشقون.

> هل التقيتم بالشيخ رفاعي في سجنه؟

ـ لم يحدث ولكن اسرته زارته في السجن عدة مرات وأكدوا لي أنه في مكان آمن يشعر فيه بالراحة.

> هناك معلومات تؤكد أن بعض قيادات تنظيم الجهاد داخل السجون قاربوا على الانتهاء من إعداد مراجعات فكرية على غرار مراجعات الجماعة الإسلامية ما هي معلوماتكم عن ذلك؟

ـ هذه معلومات حقيقية ونحن سمعنا ذلك. ونحن رغم انتمائنا للجماعة الإسلامية ليس لدينا أي مانع من أن نقرأ لأي شيخ أو عالم مسلم وهناك الكثير من الجماعات التي ترفض أن تقرأ لشيوخ من خارجها، إلا أنني لا أستطيع أن أبدي رأيي فيها لأنني لم أقرأها حتى الآن.

> هل تعتقد ان تقابل مراجعات «الجهاد» بنفس ما قوبلت به مراجعات «الجماعة» من تشكيك وارتياب، ولماذا تأخر صدورها؟

ـ أعتقد أن مراجعات «الجماعة» سهلت الأمور، وبعد مرور 4 سنوات وثبوت أنها لم تكن تكتيكاً كما كان يروج البعض وأثبتت للجميع قناعات ومصداقية الجماعة والموقف منها سيكون أقل حدة وربما يكون تأخرها راجعا لأنهم أرادوا استبيان نتائج الموقف من مراجعاتنا.

> قتلتم السادات، ثم أعلنتم المبادرة، وانتهيتم بالمراجعات، بعد 25 عاما ما رؤيتكم لاغتيال الرئيس السادات؟

ـ أكثر من مرة عقدنا اجتماعات لمراجعة أنفسنا في هذه القضية وخلصنا إلى أن عملية قتل السادات لم تكن في مصلحة الحركة الإسلامية خاصة انه في عهد السادات شهدت الحركات الإسلامية سقف حرية مرتفعاً لم نعشه من قبل.

> اذاً اغتيال السادات في وجهة نظركم كان حراماً شرعاً؟

ـ نعم كان حراما ولم يحقق أى مصلحة للإسلام.

> البعض اعتبر إطلاق موقع إلكتروني مثل موقعكم مؤشراً للانتقال إلى العمل السياسي السلمي العام، مع العلم أن حركة الإخوان المسلمين كانت سباقة في ذلك ونجحوا في الحصول علي 88 مقعدا في البرلمان، فما رؤيتكم لجماعة الإخوان الآن بالرغم من خلافاتكم التاريخية معها؟

ـ الإخوان المسلمون جماعة عريقة ولا يمكن أن ننكر دورها التاريخي وقد انبثق عنها الكثير من الحركات الإسلامية وقدمت خدمات لمصلحة الإسلام والآن نحن ندشن علاقات تواصل مع كافة الحركات الإسلامية واختلاف الآراء والاجتهادات الفرعية وارد ويعتبر حالياً من مظاهر الديمقراطية وهي تفيد الحركة الإسلامية بشكل خاص.

> وماذا عن تأسيس حزب سياسي؟! ـ نحن لا نمانع في تأسيس حزب سياسي أو حتى جمعية أهلية ننطلق منها لخدمة الإسلام والمسلمين إذا كان في هذا الأمر خيراً، ولكن نحن لم نصل إلى رأي محدد في هذا الشأن.

> وما هو موقفكم من الأقباط؟

ـ الأقباط شركاء في الوطن لهم ما لنا، وعليهم ما علينا، وهذا موقفنا الثابت والإسلام لم يحثنا على العدل فقط ولكن يحثنا على الإحسان أيضاً ويدعونا ان نعامل الناس بالحسنى سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين. ولولا عدل الإسلام ورحمته ما بقى مسيحي واحد في أراضي المسلمين، وإذا وقع خطأ من أحد فيجب أن ينسب الخطأ للشخص وليس للدين.

> أنت قضيت 24 عاماً في السجن ماذا خلصت في حياتك من هذه التجربة؟

ـ تعلمت في السجن الكثير من الأمور أولها تعظيم الحق سبحانه وتعالى وكذلك العدل وأي جماعة تجمع بين هاتين الصفتين ستكون ناجحة ومؤثرة في منظومتها المؤسسية والمجتمعية. كذلك تعلمت كيف أكون رحيما بالناس، وتعلمت أيضاً ألا أقوم بالدعاء على أحد بل أدعو للناس لأن هذا خيرا لي اقتداء برسول الله.