موسى: اكتفينا بالرسالة الرمزية في مجلس الأمن بموت عملية السلام

أمين عام الجامعة العربية لـ الشرق الاوسط : المبادرة العربية كافية لإظهار حسن النوايا ومن حق إيران امتلاك برنامج نووي سلمي

TT

جدد أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى التأكيد على أن عملية السلام قد وصلت إلى طريق مسدود وأنها توقفت. وأعرب عمرو موسى عن اعتقاده بأن اجتماع مجلس الأمن الذي عقد في الأسبوع الماضي، قد وجه رسالة رمزية من قبل العرب ليخطر المجتمع الدولي بموت عملية السلام. وقال الأمين العام في حوار مع «الشرق الأوسط» جرى بنيويورك في مقر الأمم المتحدة «إن هناك تراجعا في العملية وأن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته وعلى مجلس الأمن بصفة خاصة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين». ونفى عمرو موسى وجود خلافات حول صيغة وآلية إحياء عملية السلام وأكد أن الخلاف كان بين ضرورة إصدار قرار أو بيان من قبل مجلس الأمن. وكشف قائلا «وجدنا أن إصدار قرار أو بيان رئاسي سيكون عرضة لكثير من المفاوضات ولكثير من التنازلات وربما ننتهي إلى بيان لا قيمة له، لذا اكتفينا بتوجيه الرسالة الرمزية». وذكر أن أعضاء اللجنة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة قد تعهدوا للوفود العربية من خلال الاجتماعات التي جرت على هامش أعمال الدورة الحادية والستين على استئناف نشاطاتها وإحياء مبادرتها على أساس خارطة الطريق. وأكد أن العرب سيتابعون عن كثب تعهدات اللجنة الرباعية وقال «نحن نتابع الوضع بدقة وقد يحتاج الأمر إلى خطوة أخرى من جانبنا، وسيتم مناقشة هذا الأمر على المستوى الوزاري». وأعرب موسى عن ثقته بإمكانية التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة الراهنة مع الحكومة السودانية بشأن نشر قوات دولية في دارفور خلال الأشهر الثلاثة القادمة. ودافع عن حق إيران بامتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية. وحذر من خطورة تصعيد الموقف مع طهران وأكد الأمين العام قائلا «إن الأمر المهم بالنسبة لنا هو أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية ومن أسلحة الدمار الشامل». وهذا نص الحوار:

> جئت إلى الأمم المتحدة من أجل دفع المبادرة العربية لتحريك ملف قضية الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية في مجلس الأمن، على أساس قراراته ذات الصلة بالقضية، وقبل ذلك أعلنت أن خارطة الطرق لعملية السلام قد ماتت، وانعقد المجلس وسط خلافات عربية وفشل المجلس أيضا في اتخاذ القرار أو حتى صدور بيان رئاسي. هل يعني أن المبادرة قد فشلت قبل أن ترى النور؟

ـ أولا إن انعقاد مجلس الأمن بحد ذاته يوجه رسالة واضحة من العرب مفادها أنه طالما أن عملية السلام لم تنجح عن طريق الوساطات، يجب أن تعود إلى الأمم المتحدة وأن تعود إلى مجلس الأمن، وإلى المجتمع الدولي، ليخطر رسميا بأن عملية السلام قد توقفت. وأن هناك تراجعا في العملية وأن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته وعلى مجلس الأمن بصفة خاصة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ولمواجهة التهديدات الموجهة إلى تهديد الأمن والسلم الدوليين. نحن جئنا إلى مجلس الأمن بناء على قرار اتخذه المجلس الوزاري للجامعة العربية، وتحدث العرب بصوت واحد وقدموا طلباتهم بصورة واضحة، والمجلس قد اجتمع على مستوى وزاري عال، وبحضور الجميع وعلى مستوى وزراء الخارجية وبصفة خاصة الدول الدائمة العضوية. ونحن نعتقد أن هذا الأمر في حد ذاته، كان تقدما وخطوة مطلوبة ومهمة ورسالة واضحة تطالب بمشاركة المجتمع الدولي في حل هذه القضية. وكنا نود أن يخرج مجلس الأمن بقرار أو ببيان رئاسي، ولكن وضح أن بعض القوى في مجلس الأمن كانت ترى الاكتفاء بهذه المرحلة المتمثلة باجتماع المجلس، بل بعضهم كان يعترض على اجتماع المجلس في الاساس. وعندما عقد الاجتماع تم توجيه الرسالة الرمزية بمقتضى هذا الاجتماع نفسه، ووجدنا أن إصدار قرار أو بيان سيجعل الأمر عرضة لكثير من المفاوضات ولكثير من التنازلات وربما ننتهي إلى بيان لا قيمة له. وبناء على هذا رأينا الاكتفاء بالاجتماع وبقوة الرسالة الرمزية التي وجهها وبالمناقشات التي سادت ذلك الاجتماع. ومن المهم الإشارة إلى اجتماع اللجنة الرباعية (أميركا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) والذي سبق اجتماع المجلس والذي قررت فيه اللجنة عقد اجتماعات بصورة دورية، ودعوة الأطراف والدول العربية لإبلاغهم عن وجود نية واضحة لتحريك العملية.

وبالتالي نحن نرى أن مبادرتنا قد عكست موقفا عربيا موحدا وعكست موقفا دوليا مؤيدا بضرورة حل القضية الفلسطينية التي لم تناقش في مجلس الأمن طوال الخمسة عشر عاما الماضية وعادت إلى مسرح الأحداث الدولية مرة أخرى.

> وماذا عن الخلافات العربية من خارطة الطريق ومن طبيعة المبادرة التي تهدف إلى إحياء التأكيد على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي؟ ـ في الحقيقة لم تكن هناك خلافات، وأن الذي تحدث باسمنا هو وزير خارجية البحرين وعندما تحدث الرئيس محمود عباس (أبو مازن) والذي أكد أن وزير خارجية البحرين قد تحدث باسمنا، حياه وشكره. وكانت الخلافات الأساسية حول هل سيصدر بيان أم لا. وكان الأمر ينصب في اختلاف الرأي، ولا أجد أي ابتعاد عن المبادرة العربية ولا أرى أن الخلاف يعني الانقسام، على الرغم من وجود أراء كثيرة عبر عنها الاتحاد الأوروبي.

> تحدث وزير خارجية البحرين في بيانه عن ضرورة إنشاء آليات واضحة بغية تحريك عملية السلام فما هي هذه الآليات في تصوركم؟

ـ هناك أكثر من تصور وقد ذكر لنا وزير خارجية البحرين من خلال اللقاءات الرسمية بأن اللجنة الرباعية سوف تنشط من آلياتها وسوف تنشط عملها. وأن ما رأيناه من سكون وجمود في أنشطتها سيتوقف، ونحن نتابع الوضع بدقة، وقد يحتاج الأمر إلى خطوة أخرى من جانبنا ويمكن أن نتخذها وسنناقش الأمر عندما نعود أن شاء الله وسوف يكون مناقشة هذا الأمر بالطبع على مستوى وزاري. > هل من الممكن القول إن خارطة الطريق قد ماتت؟ ـ نحن لا يمكن في أي حال من الأحوال تجاهل أو إلغاء أي من الوثائق المطروحة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وبالصراع العربي الإسرائيلي، اعتبارا من قرار مجلس الأمن 242 الذي صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1967. وكافة هذه الوثائق المطروحة ما زالت قائمة، والمهم هو الإرادة السياسية لدى الأطراف والإرادة لدى الإسرائيليين بصفة خاصة لكي تفي بالتزاماتها الناتجة عنها. > صدر القرار 1701 وهناك إجماع على تنفيذ هذا القرار ووضع التزامات على جميع دول المنطقة منها سورية وإيران ويبدو أن خطاب نصر الله الذي انتقد فيه القيادة العربية أكد أنه يرفض نزع سلاحه؟

ـ الموقف من مسألة نزع سلاح حزب الله سيكون جزءا من الموقف اللبناني الشامل وهو الذي يتم في إطاره القرار بهذا الشأن وهذا الأمر ليس لنا فيه أي كلام.

> يجري الحديث عن وجود فرصة إحياء بعض مسارات المفاوضات مع إسرائيل، بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، هل تعتقدون بوجود مثل هذه الفرصة في الوقت الراهن؟ ـ نحن هنا لهذا الغرض، والقرار الذي اتخذناه بعد الإحساس بأن عملية السلام قد فشلت صدر منذ يوم 15 يوليو (تموز) أي بعد ثلاثة أيام من غزو لبنان. وانه كان من غير المتصور أن يحدث مثل هذا الغزو والدمار. ومع ذلك، كان هناك من يتحدث عن عملية السلام، رغم تراجع هذه العملية منذ شهور وربما أكثر من سنة، ونحن نؤكد على ضرورة إعادة إحياء عملية السلام المنتهية. ويجب إحياؤها بموجب كافة القرارات ووفق مبدأ الأرض مقابل السلام وما قد يكون موجودا من مقترحات. > وماذا عن الالتزامات التي وضعها القرار 1701 على سورية وإيران؟

ـ القرار وضع التزامات على إسرائيل أيضا، والمسألة تتعلق بالتنفيذ المتبادل لكل الأطراف وليس المقصود أن يطالب طرف معين بتنفيذ القرار دون الطرف الأخر.

> هناك ضغوط على الحكومة السودانية لكي تقبل بقرار مجلس الأمن 1706 الذي يطالب بنشر قوات دولية تابعة للأمم المتحدة في دارفور، فهل تمارس الجامعة العربية نفس الضغوط على الخرطوم؟

ـ موضوع السودان له نفس الأولوية التي نعطيها لموضوع فلسطين وقد انتهى النقاش فيه إلى نقطتين مهمتين. الأولى تتعلق بمدى تعزيز وتمديد القوة الأفريقية لحفظ السلام من سبتمبر (ايلول) وحتى نهاية السنة. والنقطة الثانية أن الحكومة السودانية طالبت بتقديم الدعم للقوة الأفريقية، ونعمل على أساس هذا الأمر. وبالتالي نعتقد أن هاتين النقطتين ستحركان الكثير من الأمور في الأشهر الثلاثة المقبلة. ويمكن خلال هذه الأشهر أن نتحدث عن صفقة تتم بموافقة حكومة السودان، ومن منطلق ما يتفق عليه، من قبل الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي لتحريك حل أزمة دارفور. لذلك أنا أرى أن هناك نوافذ تفتح بهذا الشأن ومن المهم عدم التسرع باتخاذ قرارات قبل أن يتم التفاهم عليها، وأن الأشهر الثلاثة المقبلة تعتبر وعاء زمنيا مناسبا للوصول إلى تفاهم شامل بين حكومة السودان، والمنظمات الإقليمية والأمم المتحدة، وعلى ضوء هذا، من الممكن أن نتحرك. > يواجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس صعوبات في تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية مع حركة حماس، في ظل الشروط التي وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل من أجل استئناف المفاوضات، هل يعني عدم تشكيل الحكومة، استمرار لحالة الجمود؟ ـ من المهم جدا ألا يحدث أي خلاف بين الفلسطينيين، خصوصا بين حركتي حماس وفتح ومن الأهمية أن تكون هناك حكومة وحدة وطنية، مع التأكيد علي حل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأنا أحد المؤيدين لفكرة قيام حكومة وحدة وطنية، التي باتت مسألة ضرورية الآن، وارى أن الغرض من قيام حكومة الوحدة الفلسطينية، هو أن تعيد التزامها بالمبادرة العربية، ولا شيء آخر. > وماذا عن الاعتراف بإسرائيل؟ ـ المبادرة العربية كافية لإظهار حسن النوايا إذا أظهر الطرف الأخر حسن النوايا وأن هذه المبادرة هي مبادرة سياسية تنطلق من رؤية المستقبل، والنظر إلى كل الاحتمالات لعملية السلام العادل والشامل. > الرئيس الإيراني أعتبر الأزمة الراهنة مع الولايات المتحدة والغرب بسبب ملفه النووي لها أبعاد سياسية بسبب الخلاف بين طهران وواشنطن وأن هذا الخلاف لا يستند على أي أساس قانوني كيف ينظر العرب إلى هذه الأزمة؟

ـ موقفنا من هذا الأمر واضح، وأؤكد أننا في الشرق الأوسط، لا نحتاج إلى برنامج نووي عسكري سواء الآن أو في المستقبل. لكن الحق في استثمار الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وفي الحصول على العلم والتقدم في هذا المجال، هو حق لكل الدول الأعضاء في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. من هذا المنطلق، يصبح لإيران الحق في الاستخدام السلمي للطاقة النووية بكل صورها، طالما هي عضو في معاهدة عدم الانتشار وتخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. والحديث عن سلاح نووي إيراني محتمل، يعد من الأمور غير المؤكدة حتى الآن، لكن عدم الحديث عن السلاح النووي الإسرائيلي، فهذا يمثل سياسة عبثية وغير جادة، ولا تصب في مصلحة المنطقة، بل تصب في مصلحة سياسات بعض الدول الكبرى. ومن مصلحتنا إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، ومن الأسلحة النووية، وهذا ينطبق على إيران وعلى إسرائيل، وعلى مصر والسعودية، وعلى دول المنطقة شرقا وغربا. > هل أنتم حقا مقتنعون بنوايا إيران بأن برنامجها النووي هو لإغراض سلمية فقط؟ ـ هذا ليس موضوع اقتناعي أو اقتناعك وهذا موضوع تقرره لنا وللآخرين الوكالة الدولية للطاقة الذرية. والوكالة هي الجهاز الذي يراقب كل هذه الأمور، وأي اتفاق سيكون في إطار هذه الوكالة. > من الواضح أن الولايات المتحدة تسعى إلى تصعيد الموقف مع إيران من خلال التهديد بفرض عقوبات والبناء عليها لتصعيد الموقف من أجل اتخاذ خطوات أخرى؟ ـ لسنا الآن بصدد فرض عقوبات، نحن الآن بصدد المفاوضات، ويجب أن نطرح القضية من أجل الدخول في مرحلة المفاوضات وهي الطريق السليم والوحيد الذي من الممكن أن يؤدي إلى إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل مع تطبيق معاهدة عدم الانتشار وتقديم كافة الضمانات للطاقة الدولية للطاقة الذرية النووية، مع منع أي برامج عسكرية سواء الآن أو في المستقبل.