أياد علاوي: بيكر يعبر عن فشل السياسة التي يمثلها وتقسيم العراق أمر غير مقبول

رئيس الحكومة العراقية الأسبق لـ«الشرق الاوسط»: القيادة السعودية أول من اقترح نشر قوات عربية وإسلامية

TT

خرج الدكتور أياد علاوي، الامين العام لحركة الوفاق الوطني، ورئيس القائمة العراقية الوطنية، ورئيس الحكومة العراقية الاسبق، عن صمته الاعلامي ليتحدث لـ«الشرق الاوسط» وكعادته بكل صراحة عن الوضع العراقي المعقد والمتشابك والذي يصفه مثل «سفينة تسير بلا بوصلة وسط بحر متلاطم الامواج».

في لندن، حيث يمضي علاوي اجازة عائلية يستغلها لاجراء فحوص طبية، تحدث عن الشأن العراقي الساخن دائما، قائلا ان العراق «يمضي الى منزلق خطير اذا بقي على ما هو عليه»، كما تحدث عن قصة الانقلاب المزعوم الذي قالت الشائعات انه يقوده ضد الحكومة العراقية، وقال ان «جهازا استخباراتيا» لدولة لم يسمِّها وراء هذه الشائعة، كما انتقد مقترح لجنة جيمس بيكر (وزير الخارجية الاميركي الاسبق) بتقسيم العراق ووصفه بـ«الفاشل وغير المقبول»، بينما اشاد بمبادرة كانت القيادة السعودية قد تقدمت بها «لنشر قوات عربية اسلامية في العراق».

علاوي كشف عن ان «ممارسات هيئة الاجتثاث ادت الى ان يعيد حزب البعث تنظيماته، وان قسما من البعثيين يعملون اليوم مع الارهابيين ومع الميليشيات المسلحة»، منبها الى ان الميليشيات «اخترقت اجهزة الدولة وان البرلمان والحكومة غير قادرين على حل الميليشيات». وفي ما يلي نص الحوار:

* مضت فترة من الصمت الاعلامي لم تتحدثوا خلالها الى اية وسيلة اعلامية، هل هي حالة يأس من الاوضاع التي يعيشها العراق؟

ـ ليست هناك حالة يأس بالرغم من الاوضاع المأساوية التي يعيشها العراق وتدهور الاوضاع، هناك مزيج من العوامل، الاوضاع ما تزال مرتبكة غير واضحة، لهذا التصريح والظهور الاعلامي لا يخدمان حالة الاستقرار الان، إما ان اتحدث وانتقد او اضطر احيانا لانتظار ما سيجري وفي اية اتجاهات تسير الامور، الجانب الثاني انشغالاتي الكثيرة والمحاولات التي نقوم بها لدعم الحكومة لنرى كيف سوف تستقر الامور، يضاف الى هذا ان الوضع العام في المنطقة كلها ما يزال ملتهبا. نحن نقدم بشكل مستمر ملاحظاتنا مكتوبة عبر البرلمان او رئيس الجمهورية او رئيس الحكومة، وليست هناك حالة يأس.

* من وجهة نظركم كزعيم حركة سياسية ورئيس حكومة سابق الى اين تجري الاحداث في العراق؟

ـ هناك مجموعة امور خطيرة، ونحن حاولنا وما زلنا نحاول دعم الحكومة لتجاوز الاخطاء، لكن استمرار الاخطاء سيؤدي بالبلد بالتأكيد الى منزلقات اخطر مما هو عليه الان. هناك مثلا الوضع الامني السيئ، ووجود الميليشيات، ونظام المحاصصة الطائفية والجهوية، ومبدأ المصالحة والوحدة الوطنية، وهوية العراق، الان لا ندري هل هو بلد عربي، بلد اسلامي، هل هو عراق، لا شيء، هذه الامور وبلا مبالغة من الامور الرئيسية التي تؤدي بالاوضاع الى مستويات لا أحد يستطيع التنبؤ بمستقبل البلد مع استمرارها.

وانا سبق ان حذرت وقلت المهم الا نصل الى نقطة اللا عودة، واذا وصلنا الى نقطة اللا عودة فهذا يعني ان كارثة كبيرة ستقع في العراق. للأسف التدهور مستمر والاوضاع في تصعيد وتزايد، وللاسف لم تصل المحاولات الرامية لايقاف هذا النزف من خلال تبني افكار واضحة في ما يتعلق بالمصالحة الوطنية وبناء مؤسسات الدولة وتحسين اداء الجانب الامني الى نتيجة حتى الان، والامور ما زالت تشير الى ان العراق مثل سفينة تبحر بدون توجيه في بحر هائج، وهذا بالتأكيد سيلقي بالعراق والمنطقة في المزيد من التوتر.

* ما هي القصة الحقيقية للانقلاب الذي قالت بعض الانباء إنكم تقودونه ضد الحكومة العراقية؟

ـ هذه الشائعة بدأت بقوة وصارت تتفاعل بسرعة حتى الان، والغريب انها وصلت الى بعض السياسيين القياديين في مراكز القرار في دول كثيرة بالعالم، ومنها الولايات المتحدة الاميركية، وهؤلاء صدقوا هذه الشائعات، مع اننا خارج الحكم منذ عامين وليست لدينا ميليشيا مسلحة، بل لا نؤمن بالميليشيا المسلحة، وبعد معاناتنا وتضحيات اعضاء القائمة العراقية التي جوبهت باساليب ارهابية من قتل وحرق مكاتب وتشويه متعمد، بعد كل هذا حصلنا على 25 مقعدا في مجلس النواب (البرلمان) العراقي، ولا نؤمن بالانقلابات ولا باسلوبها، اسلوب الانقلابات هذا كنت اشتغل فيه عندما كنت مراهقا وعضوا في حزب البعث، الآن لا الآلية ولا الميكانيكية ولا الاسباب ولا الظروف ولا الوضع الميداني تسمح بحدوث انقلاب، ماكو (لا يوجد) جيش اصلا للقيام بانقلاب في العراق بل هناك قوات اميركية ومتعددة الجنسيات، هذه الشائعة خائبة جدا وانا خارج العراق منذ فترة لزيارة عائلتي التي حرمت منها طوال 4 سنوات الماضية وكذلك بهدف اجراء الفحوصات والعلاج، فهل سأقود الانقلاب من لندن عبورا الى بقية الدول ووصولا الى بغداد؟ لكن المهم في هذه القصة انها جزء في مسلسل لتدمير واحباط الخط الوطني العراقي وكذلك ضرب التيار العربي والوجود الدولي ايضا ولإسقاط مصداقيتنا، وهذا العمل واضح انه من تفكير وتخطيط وصناعة جهاز استخباري وراءه امكانيات دولة وهذا واضح بالنسبة لي، وقد نشرت جريدتكم الكريمة خبر اعتقال احد اعضاء حركتنا في النجف بلا وجه حق من قبل اجهزة الامن في النجف وبلا أي قرار رسمي وتم تعذيبه لاجباره على ان يكذب ويعترف بانه جزء من هذا الانقلاب المزعوم، الذي اقوده انا بنفسي، وما يزال هذا الشخص في السجن مع اني لا اعرفه شخصيا بالرغم من انه في حركتنا، فأنا لا اعرف بصورة شخصية كل اعضاء تنظيماتنا. هذه العملية تهدف على الاجهاز على الهوية الوطنية والتخطيط لعمليات اوسع من مداهمات والقاء قبض وخطف وقتل.

* وجهت لكم عدة دعوات لزيارة ايران، وكانت آخرها قبل فترة بسيطة، ما هو سبب عدم تلبيتكم لهذه الدعوة؟

ـ نعم هناك دعوة لزيارة ايران ولكني يجب ان اعرف طبيعة هذه الدعوة ومن ساقابل وما هي اهدافها وماذا سابحث. انا الان خارج السلطة، فاذا كانت الزيارة مجرد تظاهرة سياسية فانا لست بحاجة لها، وموقفي مع ايران واضح وهو الحفاظ على روحية الجيرة الايجابية، وانا دائما كنت وما زلت ادعو لان تكون للعراق علاقات متوازنة مع ايران، وحتى مع سورية، فانا تبنيت مؤتمر شرم الشيخ واللجنة الثلاثية مع سورية والعراق والولايات المتحدة وكنت اريد تبني نفس اللجنة مع ايران.

* نشرت الصحافة في بريطانيا نتائج لجنة بيكر وزير الخارجية الاميركي الاسبق، حول الاوضاع في العراق وقد توصلت اللجنة الى ان الحل هو تقسيم العراق الى ثلاثة اقسام، كردي وسني وشيعي، هل تعتقد فعلا ان حل الازمة العراقية يكمن في تقسيم البلد؟

ـ انا حقيقة استغربت من هذه الاخبار وهذا يضاف الى جملة الامور التي استغربها من الموقف السياسي الاميركي، كيف يمكن لشخص مهما أوتي من امكانية ان يتوصل الى هذه النتيجة من خلال مقابلات سريعة لاشخاص تمت في غضون اقل من اسبوعين، ويكون وجهة نظر سياسية متكاملة عن وضع العراق المعقد والشائك الذي يعيش الان وسط نزيف من الدم الهائل، من الغريب ان شخصا مثل بيكر يخرج بخلاصات عن سياسة بلد صار لها ان تتكون منذ سنوات في الولايات المتحدة الاميركية ويختزلها بهذا الشكل؟ انا اعتقد ان هذا دليل على فشل بيكر وفشل الجزء السياسي الذي يمثله بحيث انه يجد حلا وحيدا للازمة العراقية من دون ان يجد حلولا اخرى حسب ما تناقلته الصحف في بريطانيا، نحن بالتأكيد مع فيدرالية اقليم كردستان والاوضاع التي يعيشها الاقليم لان هذا الموضوع تكرس عبر عقود طويلة من السنين ومن نضال الاخوة الاكراد، لكن ان يتم تقسيم العراق فهذه مسألة غير واردة ودخيلة وعرفناها بعد الحروب التي خاضها العراق وكانت تمارس في اطارات محدودة من قبل النظام السابق ولاسباب سياسية ويتم تكريسها الان بدفع من المتطرفين والارهابيين ومن قنوات خارجية، لكن هذا لا يعني ان الحل فقط هو بتجزئة العراق وتقسيمه لهذا ياتي استغرابي من ناحيتين، الاولى هو ان يتوصل شخص سياسي مثل بيكر الى هذه النتيجة ويختزل القضية العراقية خلال اقل من اسبوعين، والثاني ان هذا دليل على الفشل، ان يقدم (بيكر) بديلا واحدا وهو تقسيم العراق، هذا غير مقبول ونحن كعراقيين نرفضه. نحن مع الاخوة الاكراد ونشكرهم لصمودهم لما عانوه وقاسوه ابان اضطهادهم من قبل نظام صدام حسين حيث تبنوا المعارضة العراقية، وكان عملنا يجري من اراضي كردستان العراق، لكن ان يقسم العراق الى سني وشيعي وكردي فهذا شيء غير صحيح ولا يؤدي الى الاستقرار في العراق بل على العكس التقسيم سيؤدي الى المزيد من التوترات وسوف يشعل مزيدا من الحرائق وسفك الدماء والحرائق ستنتقل الى عموم المنطقة.

الغريب ان تصريحات بيكر قابلتها تصريحات كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية وهي مغايرة لمشروع بيكر حيث تحدثت في بغداد عن حرص حكومتها على وحدة العراق وعدم تقسيمه، فيا ترى أي منهم يمثل الخط السياسي الاميركي، ربما الانتخابات في الولايات المتحدة التي ستجري الشهر القادم ستحسم الموضوع. لهذا نحن نعتبر مشروع بيكر غير مقبول وغير لائق.

* السؤال المطروح في الشارع العراقي اليوم يتمحور حول السياسة الاميركية في العراق، هل جاءت لتحرير العراق من نظام ديكتاتوري ام لتصل بالبلد الى الحرب الاهلية؟

ـ لقد تحدثت مع الاميركيين والاوربيين وقلت لهم ان الانتخابات الديمقراطية لا تعني الانتخابات فقط، الانتخابات جزء صغير من العملية الديمقراطية التي هي بناء الدولة ومؤسساتها واجراء المصالحة الوطنية واستقلال القضاء وسيادة القانون وبناء مؤسسات المجتمع المدني، ثم الانتخابات، لكن وحسب ما يبدو لي ان الادارة الاميركية تفهم الديمقراطية بانها تعني اجراء الانتخابات. الغريب ان الادارة الاميركية اعترفت بالانتخابات العراقية بالرغم مما جرى فيها من تزوير وقتل وتهديد وابتزاز، لكنها (الادارة الاميركية) لا تعترف بحكومة فلسطين التي انتخبت بصورة شرعية كونها من حماس، فأي ديمقراطية هذه، انا اعتقد ان الموقف الاميركي فيه نوع من الغموض ومن المناسب جدا ان توضح الولايات المتحدة سياستها في مسألة العراق وان تعمل بالفعل على مساعدة العراقيين لبناء البلد، اما الشكل الحالي فنقدر ان نقول ان العراق، مثلما قلت قبل قليل، صار مثل سفينة بلا بوصلة في بحر متلاطم.

على الادارة الاميركية ان توضح طريقتها في كيفية التعامل مع القضية العراقية والمنطقة ككل، القضية العراقية ملتهبة وحساسة وعلى اميركا ان تجيب عن كل الاسئلة التي تتعلق بهذه القضية، ان تجيب نفسها اولا عن ماذا تريد من العراق وماذا تريد من المنطقة؟ وماذا تريد من اصدقائها في العراق وفي المنطقة؟ وهل تريد عراقا موحدا ومسالما وديمقراطيا وقويا، ام انها تريد عراقا مجزء ؟ هل هي معنية بالشأن العراقي ام بعيدة عنه؟ على اميركا ان تجيب على نفسها عن هذه الاسئلة لتخرج بقرار سياسي متوازن ليتم اعتماده سواء في القضية العراقية او في القضايا المطروحة في المنطقة سواء قضية فلسطين او قضية لبنان. السياسة الاميركية غير واضحة في عموم المنطقة العربية، فاحد الزعماء العرب الكبار نصح الادارة الاميركية ان تعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية في فلسطين وهذا اهم من الانتخابات خاصة ان الاوضاع في فلسطين غير مستقرة بعد رحيل ياسر عرفات وبعض قيادات فتح في السجون الاسرائيلية، وان تساهم حماس مع فتح مع بقية الفصائل الفلسطينية بتشكيل حكومة وحدة وطنية، هذا قبل الانتخابات، لكن الادارة الاميركية، وكما اخبرني الاخ الزعيم لم تأخذ برأيه وصار ما صار حيث جرت الانتخابات وفازت حماس باغلبية مقاعد البرلمان وشكلت الحكومة لكن اميركا واسرائيل لم تعترفا او تتعاملا مع هذه الحكومة، والاوضاع في فلسطين اليوم صعبة ومعقدة وتؤثر سلبا في المنطقة. نحن نأمل ونرجو من اميركا التي نعتبرها دولة صديقة ومهمة بالنسبة للعراق ان تبلور رؤيتها بشكل سريع وان تحافظ على استقلال ووحدة العراق ومستقبله وسلامته وأمنه وأمن المنطقة، وان تشخص السياسة الاميركية مصادر وبؤر التوتر في المنطقة وطريقة التعامل مع هذه المشاكل حفاظا على مصالح العراق والمنطقة كون منطقتنا غنية واستقرارها هو جزء من الاستقرار في العالم.

* باعتقادك ما هو تاثير قيام فيدرالية شيعية محاذية لدول الخليج العربي؟

ـ نحن نقول ان من حق الشعب العراقي في تقرير حكومته التي يريدها ومن خلال المؤسسات الشرعية، هذا الموضوع نحن نؤمن به، اما فيما يتعلق بالفيدرالية فنعتقد ان بحثها في الوسط والجنوب يأتي بعد ان يتوفر المناخ الصحيح لبحثها وبعد ان تستقر الامور وتتوفر الظروف الصحية لبحثها، وهذا يعني بعد ان تستقر الاوضاع الامنية وبعد ان تتحول الديمقراطية من عملية صغيرة الى عملية حياتية متكاملة.

الموضوع الاخر هو ان اقامة فيدرالية الوسط والجنوب في ظل الاوضاع الراهنة سيعرض العراق والدول المجاورة، بل دول المنطقة باجمعها، ايران وسورية وتركيا، الى خطر كبير، لهذا نقول ان البحث في هذا الموضوع (الفيدرالية) يجب ان يؤجل الان حتى تتوفر الظروف المناسبة لمناقشتها.

* تحدثتم عن المصالحة الوطنية لحل المشكلة العراقية فكيف تكون هناك مصالحة مع وجود ميليشيات مسلحة تقوم باعمال الخطف والقتل، ووجود هيئة اجتثاث البعث التي عزلت وما تزال الآلاف من وظائفهم ومن المجتمع؟

ـ هذه هي الكارثة.. وجود الميلشيات المسلحة يعني عدم استقرار العراق وهي موجهة ضد السلام وضد الاستقرار. الخطوة الاولى للاستقرار واجراء المصالحة الوطنية تمر عبر حل الميليشيات، وقد تقدمنا بمذكرة لرئيس الحكومة الاخ نوري المالكي اكدنا فيها اننا مع مبادرته فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية ورؤيتنا لتنفيذها هي حل الميليشيات والغاء المحاصصة الطائفية وبناء مؤسسات الدولة بعيدا عن مبدأ المحاصصة، وهذه نعتبرها اسسا لبناء عراق حقيقي يليق بكل العراقيين وقادر على حماية المنطقة والتعامل مع قضاياها بايجابية، عراق ينتمي لعمقيه العربي والاسلامي، بدون خارطة طريق عملية لتنفيذ بنود المصالحة وتحويلها الى مبدأ عملي مثلما اقترحنا لن تكون هناك مصالحة وسيسير العراق الى المزيد من التمزق بسبب اعتماد سياسات المحاصصة واجتثاث البعث وحل المؤسسات العراقية وتبني التوظيف على الاسس الجهوية بحيث لم يعد هناك شيء غير مخترق، ومعلوماتنا الدقيقة تؤكد ان الميليشيات دخلت في اجهزة الدولة وهذه ولاؤها ليس لرئيس الجمهورية او رئيس الحكومة او للعراق، بل ولاؤها لاحزابها وللجهات التي تنتمي اليها، هذه الميليشيات صار لها وجود في مطار بغداد وفي الشرطة والجيش.

الان حتى اذا حللنا الميليشيات في الشارع فكيف سنتمكن من حلها في اجهزة الدولة، وما حدث أخيرا حيث قام اشخاص يرتدون ملابس رسمية تابعة للشرطة، ولا ندري ان كانوا من الشرطة او انهم يرتدون فقط ملابس الشرطة، بالهجوم على شخص عسكري هو مستشار في رئاسة الجمهورية وشقيق نائب رئيس الجمهورية حيث دخلوا عليه في بيته وقتلوه في وضح النهار. لهذا اقول ان مهمة الاخ رئيس الحكومة صعبة وانا قلت له اننا معك ونشد من ازرك وسنكون عونا لك اذا انت مضيت فعلا في طريق المصالحة وابتعدت عن المحاصصة الطائفية وأعدت للعراق وجهه العربي.. هكذا قلت للمالكي وهنا ايضا اعلنه عبر جريدتكم المحترمة اذ لا مشكلة لنا مع ذلك لاننا نريد هذا النهج، نريد للعراقي ان يشعر بالامان لا ان تاتي سيارة شرطة الى منزله ويتم قتله مع افراد عائلته، ننتهي من ميليشيا مسلحة في الشارع تطلع لنا ميليشيا في الدولة. حل الميليشيات يحتاج الى قرار قوي وتنفيذ واصرار وحزم، حل جميع الميليشيات بما فيها التي تعشش اليوم في اجهزة الدولة. لقد وقفت انا ضد قانون اجتثاث البعث ومن نتائج هذا القانون وممارساته وممارسة العنف اليومي الان اعاد حزب البعث تنظيماته، واستمرار الاجتثاث ادى الى المزيد من التوترات في العراق ودفع البعض من البعثيين الى الانضمام الى المجاميع الارهابية كون قانون الاجتثاث حكم عليه بالاعدام والانعزال، وهناك من البعثيين من صار يعمل مع الميليشيات المسلحة، في الوقت الذي كنا نحن نطالب باحالة البعثيين الذين اقترفوا جرائم ضد العراقيين الى القضاء. ليس من المعقول ان نعزل اطباء واساتذة جامعة وتكنوقراطيين عن الحياة بحجة الاجتثاث، وصار هذا القانون يستخدم طائفيا ضد الشيعة والسنة والمسيحيين، هناك شيوعيون ومستقلون تم اجتثاثهم وهم لم يكونوا بعثيين في يوم من الايام.

* هل تعتقدون ان البرلمان والحكومة غير قادرين على اجبار بعض الاحزاب الموجودة في البرلمان على حل ميلشياتها المسلحة ؟

ـ الظاهر انهم غير قادرين على ذلك، عندما كنا في مجلس الحكم وانتخبت رئيسا لهيئة الامن الوطني وقد وضعنا القانون 91 لسنة 2004 القاضي بحل الميلشيات وليس دمجها، وحاولت تنفيذه خلال رئاستي للحكومة لكن للأسف عادت الميلشيات بشكل اقوى. يفترض الان تحديث وتحسين هذا القانون وتطبيقه ليكون العراق دولة قانون، الان حتى القانون اختفى من العراق، المشكلة الان هناك تجذير للميلشيات حيث سمعت عن تشكيل لجان شعبية مسلحة ومجازة رسميا وبدلا من حل الميلشيات سيتم تعميق هذا النهج من خلال المحاصصة.

* انتم تقودون تيارا وطنيا معتدلا ديمقراطيا، والاكراد يؤمنون بان اتجاهاتهم وطنية وديمقراطية حرة، لماذا لم تتحدوا للعمل معا ما دامت افكاركم واهدافكم متقاربة؟

ـ دعني اكشف لك سرا اقوله للمرة الاولى.. في الانتخابات الاولى وعندما كنت رئيسا للحكومة ذهبت الى الاخوين جلال طالباني (زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني) ومسعود بارزاني (زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني) واجتمعت معهما ومع قيادات سياسية ممن كنا نعمل معهم خلال سنوات المعارضة، وطلبت منهم ان نترشح بقائمة وطنية واحدة في الانتخابات، وجدت استجابة واسعة لدى الاخوين طالباني وبارزاني، ولكن وجدت اطرافا مصرة على ان تمثل القوائم طوائف وليس اتجاهات سياسية لهذا فضل الاكراد ان يترشحوا من خلال قائمة كردية، ونحن لا نلومهم فيما اختاروه. كان الاصلح للعراق ان تتحد القوى الليبرالية في قائمة واحدة ولكن الحظ لم يسعفنا في ذلك. نحن علاقاتنا جيدة مع الاكراد وهناك تنسيق وعمل معهم ونأمل ان تتجه الامور نحو استقرار العراق، والان بدأت بعض القيادات السياسية تتجه نحو تأكيد هوية العراق، حتى القوى التي نهجت نهجا طائفيا بدأت تؤمن بان ذلك سيدمر العراق وتنتبه الى خطأ هذا النهج وتبني نهج ليبرالي، يقال ان الاخ ابراهيم الجعفري يتنبى الان اتجاها وطنيا ليبراليا وهذا شيء جيد في الحقيقة.

* ما رأيكم بمقترح ان تكون في العراق قوات دولية تتكون من قوات عربية واسلامية ومن دول غير مجاورة للعراق، وتحت قيادة الامم المتحدة وليس الولايات المتحدة؟

ـ هذا الرأي طرح عندما كنت رئيسا للحكومة وكان نتيجة مبادرة كريمة وشريفة من قبل الاخوة في القيادة السعودية، وهي مبادرة مهمة جدا، وعندما ذهبت الى المملكة العربية السعودية وتحدثت مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكان وليا للعهد وقتذاك، ومع الاخ العزيز الامير سعود الفيصل وزير الخارجية، كانت هناك مشاكل في آلية التنفيذ وحول ربط قيادة هذه القوات بقيادة القوات المتعددة الجنسيات، ام ان تكون لها قيادة منفصلة وبقرار دولي جديد، وهذا ما وقف في طريق تنفيذ هذا المقترح، الان باعتقادي من الضروري اقحام الامم المتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي والجامعة العربية في المسألة العراقية، ويجب ان نفكر بان يكون لها وجود في العراق حتى يستكمل بناء اجهزته الامنية وان تدعم العراق حتى يستقر امنيا.

* ما رأيكم في مبادرة المؤتمر الاسلامي لعقد مؤتمر مكة للمصالحة بين العراقيين؟

ـ نحن مع أي مبادرة من هذا النوع لكن المشكلة ليست في المؤتمرات فقد حاولت الجامعة العربية مشكورة عقد مؤتمرات مصالحة وعطلت محاولاتها واجهضت، اعتقد ان مشكلة المصالحة الوطنية تكمن في مشكلتين، الاولى اعادة الثقة للمواطن العراقي وان يكون هناك عمل حقيقي ملموس على الارض، الثانية على الحكومة ان تشخص وتقول ما هي المصالحة ومن يتصالح مع من؟ نحن شخصنا في مذكرتنا الجهات التي تتم معها المصالحة واستثنينا المجاميع الارهابية ومن تلوثت يده بدماء العراقيين، وان يصير نوع من العفو عن الاخرين، اذا لم يتحقق ذلك فلن تتحقق المصالحة، ما فائدة المؤتمرات وهناك ميليشيات ومحاصصة وقانون اجتثاث البعث، هذا يتنافى مع مبدأ المحاصصة. اما اذا كان هناك تفسير ساذج بان المصالحة تكون بين السنة والشيعة او بين العرب والاكراد فهذا موضوع بعيد عن الحقيقة والواقع، ولن يؤدي الا الى المزيد من النكبات. اتمنى ان تنجح منظمة المؤتمر الاسلامي في مسعاها ونحن ندعم كل هذه المبادرات ونعمل من اجل انجاحها.