نائب مدير استخبارات القيادة الوسطى الأميركية: إذا لم يسيطر على بغداد خلال 5 أشهر... سينهار العراق

قال لـ«الشرق الاوسط» إن العنف الطائفي أخطر من الإرهاب واعتبر السعودية أفضل دول المنطقة بمحاربة الإرهاب

TT

حذر نائب مدير الاستخبارات في القيادة الوسطى الاميركية اللواء (بريجادير جنرال) نيل دايل من تداعيات العنف المتواصل في العراق، قائلاً: «إذا لم تتم السيطرة على بغداد خلال اربعة أو خمسة اشهر، سينهار العراق». واعتبر في حديث خاص لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من مقر القيادة الوسطى في قطر، ان «حل أزمة العراق مسألة سياسية وليست عسكرية»، موضحاً انه على «القادة العراقيين تقرير كيفية العمل لحل الازمة ومن ثم علينا (في قوات التحالف والجيش العراقي) تنفيذ خططهم». ورأى الجنرال دايل ان الهجمات المسلحة في العراق جزء من الارهاب العالمي الذي استهدف المدنيين في كافة ارجاء العالم، مضيفاً ان الاقتتال الطائفي في البلاد «أخطر من الإرهاب» وان تداعياته ستؤثر على المنطقة كلها في حال لم تصد. وشدد اللواء دايل على ضرورة اعادة الامن الى العراق في مواجهة الارهاب وتأمين مستقبل المنطقة، قائلاً: «يجب السيطرة على الامن في بغداد خلال 4 او 5 اشهر، لا يمكن استمرار العنف الطائفي على هذا النحو والا الدولة ستفقد السيطرة وسينهار البلد بتداعيات تؤثر على المنطقة كلها». وشرح انه في حال انهار العراق «سيتدفق اللاجئون الى دول الجوار بأفواج كبيرة وسنشهد أزمة انسانية حقيقية حينها». ولكنه اضاف: «بدأت دول الخليج تعي ذلك الآن وهناك نقاش جدي لتفادي هذا الوضع». وحول مواجهة العنف في العراق، قال اللواء انه يجب النظر الى المجموعات المسلحة في «الحرب في العراق» على حد تعبيره بأنها 3 فئات مختلفة، «بين مؤيدي النظام السابق الذي يشار اليهم بالمتمردين، وشبكة القاعدة التي قادها الزرقاوي والآن يقودها ابو ايوب المصري»، والجزء الاخير الذي اعتبره اللواء «اكبر مشاكل العراق واكثره تهديداً لاستقراره»، وهو «العنف الطائفي الذي (يشارك فيه) ميليشيات شيعية ضد ميليشيات سنية».

وبينما قيم اللواء دايل تهديد العنف الطائفي بأنه «الاكثر خطراً» في العراق، اعتبر ان «العنف الذي شكله تنظيم القاعدة ما زال خطيراً، ولكن المنظمة اضعفت وليست بالقوة التي كانت عليها عام 2003 و2004 وتصارع الآن لتستعيد قوتها». وأضاف: «في أوج قوة الزرقاوي، كان يدخل الى العراق حوالي 150 مقاتلا اجنبيا شهرياً، ولكن العدد تضاءل الآن وينحصر بحوالي 50 الى 70 مقاتلا شهرياً»، موضحاً: «الدول في المنطقة قامت بدور جيد جداً لمواجهة المقاتلين الاجانب والسعودية وسورية استطاعتا صد الكثير منهم، ولكن لا يمكن ضمان الحدود مئة في المئة في أية بقعة في العالم». وأضاف: «شددت دول الجوار حراسة الحدود لأنها ايقنت ان المقاتلين الاجانب يهددونهم بقدر ما يهددون العراق». ولكنه اردف قائلاً: «استطاع الزرقاوي تجنيد العراقيين لمنظمته وهذا ما علينا مواجهته الآن». واعتبر اللواء ان «القيادة الاستراتيجية والروحانية للقاعدة في العراق تأتي من اسامة بن لادن، ولكنه لا يتدخل على المستوى التكتيكي، فهذا يترك الى المصري». وبالنسبة الى تسليح الجماعات المسلحة في العراق قال اللواء دايل ان «الاسلحة والذخائر المستخدمة من قبل الارهابيين هي من عتاد الجيش العراقي القديم».

وشدد اللواء على ان المشاكل في العراق تتطلب ثقلا سياسيا لمواجهتها، قائلاً: «نحتاج الى حل سياسي وليس عسكرياً، وعلى وزراء الحكومة (العراقية) الحالية التي يشارك فيها السنة والشيعة والاكراد ان يتوصلوا الى اتفاق على الاستراتيجية التي يتبعوها لمواجهة العنف الطائفي». واضاف: «لا يمكن للجيش أو الشرطة تنفيذ مخططاً (لمواجهة العنف الطائفي) الا بعد الاتفاق على هذه الاستراتيجية».

وبدا اللواء متفائلاً بأنه من الممكن انهاء العنف المتصاعد، قائلاً: «قبل اسبوعين أو ثلاثة، كانت الحكومة غير قادرة على معرفة كيفية التقدم بهذا الشأن، ولكننا نشهد الكثير من الحركة الان والعملية الفكرية للحكومة تشير الى معرفتها الآن بأن العنف الطائفي هو اكبر المشاكل التي تواجههم، ولكنهم لم يتوصلوا الى الحل بعد». وأضاف: «حينما يتوصلون الى استراتيجية لحل الازمة الامنية، سيطبقها الجيش العراقي والقوات المتعددة الجنسية والقيادة الوسطى». واعتبر اللواء دايل ان بعض الخطوات العسكرية التي يمكن ان تقترحها الحكومة هي «حل الميليشيات ووضع الحواجز على الطرقات الرئيسية ووضع حظر التجول». وقال اللواء دايل: «لدينا ما نحتاجه بالنسبة الى المعلومات الاستخباراتية حول القاعدة في العراق واستطعنا اضعافها شيئاً فشيء». واضاف: «لدينا ايضاً المعلومات الاستخباراتية الكافية عن الميليشيات، ولكن السؤال هو اذا كان هناك العزم السياسي لمواجهتها». وعن التقارير حول دور ايران في العراق، وخاصة في تسليح المليشيات، قال: «ليس لدينا دليل قاطع يثبت ان ايران تزود الميليشيات في العراق بالسلاح، ولكن نعلم ان بعض عتاد الميليشيات يأتي من خارج البلاد». واردف قائلاً: «المعروف ان الايرانيين لا يتركوا آثاراً تثبت طريقة عملهم».

ورفض التقارير التي تشير الى امكانية التعاون بين ايران و«القاعدة»، قائلاً: «لا توجد أية علاقة بين ايران وتنظيم القاعدة، وانما تعتبر طهران التنظيم بأنه تهديداً لها». وشدد على ضرورة معرفة الفرق بين الميليشيات والارهابيين، قائلاً: «الميليشيات والارهابيون مسألتان مختلفتان، الميليشيات محلية وترى نفسها حامية لمجموعة معينة وتزودها بالتعليم والمساعدات، حزب الله في لبنان وجيش المهدي في العراق يأتيان تحت هذا الجناح، ولكن عادة يأتي الارهابيون من خارج البلاد ويكون هدفهم قتل الابرياء وخلق الفوضى والقسوة». وربط اللواء دايل اثناء حديثه تكراراً بين الارهاب العالمي والعنف المتصاعد في العراق، قائلاً: «العراق اصبح مركزاً لعمليات الارهاب في المنطقة، وعلى دول المنطقة دعم حكومة العراق في القرارات الصعبة التي ستضطر لاتخاذها حول أمنها». وأضاف «قلنا ان الحرب على الارهاب ستكون حرباً طويلة، ولكن ذلك لا يعني ان الولايات المتحدة ستبقى في العراق فترة طويلة»، موضحاً: «قوات التحالف والدول في المنطقة عليها العمل سوياً لفترة طويلة لمواجهة الارهاب، ويستدعي ذلك معرفة دول المنطقة ان الارهاب يهددها بقدر ما يهدد الدول الاخرى».

ورداً على سؤال حول تحديد «عدو» الولايات المتحدة في المنطقة، قال اللواء دايل: «انه تنظيم القاعدة، بما في ذلك الخلايا الفعالة والنائمة». وشرح اللواء ان عبارة «تنظيم القاعدة والحركات المرتبطة بها مصطلح نصف به منظمة (اسامة) بن لادن والتي تتخذ من الحدود الافغانية ـ الباكستانية مقراً لها حيث يقيم قادة القاعدة». واضاف: «ننظر لتنظيم القاعدة وكأنه اسم امتياز يعطي من خلاله بن لادن ارشادات واسعة بما فيها اقامة الخلافة في المنطقة ومحاربة الحكومات التي يعتبرها كافرة، ويدرب بعض العناصر في المعسكرات على الحدود الافغانية ـ الباكستانية، ومن ثم تنتشر الخلايا في المنطقة وهذه الطريقة التي عمل من خلالها التنظيم». ولفت الى ان ذلك تغير بعد قيادة ابي مصعب الزرقاوي لـ«القاعدة في بلاد الرافدين»، قائلاً: «اسس الزرقاوي شبكة في العراق نمت وتوسعت على اساس ان تكون البلاد مركزاً للخلافة وهذا ما نواجهه اليوم». وعبر اللواء دايل عن ثقته في هزم «القاعدة»، قائلاً: «منذ 2001 حتى اليوم، اضعف تنظيم القاعدة، فالكثير من القياديين والذين كانوا وراء تخطيط العمليات الارهابية قتلوا أو اعتقلوا، مما دفع بن لادن لاعادة هيكلة منظمته وتقديم قيادات ليست مؤهلة، مما اضعف المنظمة. والشيء نفسه ينطبق على التنظيم في العراق». ورفض اللواء الخوض في تفاصيل العمليات المتواصلة للبحث عن قيادات «القاعدة»، ولكنه قال: «الامر اشبه بعمل محققي الشرطة، يستغرق الكثير من الوقت في التفتيش والبحث والحصول على المزيد من المعلومات من الذين اعتقلناهم حتى الآن». واضاف: «انها مسألة اشبه بعمل الشرطة من الحرب التقليدية».

وقال اللواء دايل إن الولايات المتحدة لا تتابع الذين يطلق سراحهم من معتقل «غوانتانامو»، وان تلك المهمة تقع على عاتق الدول التي يعود اليها المعتقلون السابقون. وأضاف: «بعض الدول تنجح في متابعة هؤلاء، ودول اخرى تفشل مما ادى الى عودة بعضهم الى التنظيمات الإرهابية». وعلى رغم رفضه الافصاح عن الدول التي فشلت في متابعة المعتقلين السابقين، أثنى اللواء دايل على السعودية ومواجهتها للارهاب، قائلاً: «السعودية قامت بعمل ممتاز في تفكيك شبكة الارهاب، وربما هي افضل دولة في المنطقة في مكافحة الارهاب، ولكن هناك حاجة الى المزيد من التعاون بين دول المنطقة في هذا المجال». واعتبر اللواء دايل ان عدم تنفيذ عملية ارهابية في الولايات المتحدة واوروبا لأكثر من عام «دليل على ضعف تنظيم القاعدة، فاذا كان بامكانهم تنفيذ عملية في المملكة المتحدة أو المانيا أو الولايات المتحدة، لكانوا قاموا بها». وأضاف: «علينا إبقاء الضغوط عليهم، ومحاصرتهم في البقع الجغرافية المحددة في افغانستان والعراق، سنستطيع هزمهم من خلال تضييق الخناق عليهم». وتابع: «من الممكن ملاحقة خلية فعالة اذ تكشف نفسها، ولكن ما علينا العمل على مواجهة الخلايا النائمة التي قد تضرب في أي وقت».

وبالنسبة الى تقليص تمويل تلك الخلايا، قال: «من الصعب قطع جميع مصادر التمويل، فهناك شركات قانونية تابعة لجهات تساند الارهاب مما يصعب عملية السيطرة على التمويل». واشار الى دور الفساد في دعم الارهاب مادياً، قائلاً: «يأتي 80 في المئة من الهيروين في العالم من افغانستان، وجزء من ايراداته يساهم بتمويل الارهاب، كما ان الايرادات من تهريب النفط في العراق تدخل في حيز تمويل الارهاب». وأنهى اللواء حديثه عن الارهاب بالقول: «تاريخياً، جميع المنظمات الارهابية هزمت، وليس لدي شكاً بأن هذه المجموعة ستهزم ايضاً».