حبيب المالكي: برنامجنا يراهن على المغرب قبل كل شيء والعمل السياسي لا يقوم على الإشاعة

قال إن الاتحاد الاشتراكي يطمح أن يكون رئيس الوزراء المقبل منه * نمط الاقتراع باللائحة يمكن ان يناقش في فترة ما بعد الانتخابات * الميثاق الاخلاقي الذي يربط أحزاب الكتلة الديمقراطية سيجنبنا تكرار مع وقع عام 2002

حبيب المالكي
TT

* الذين يخلطون بين الدين والسياسة هم ضعاف سياسيا * مبادرة انفتاح الاتحاد الاشتراكي مستمرة لضمان تجديد الفكر الحزبي وخطابه * عقيدتنا الاشتراكية الديمقراطية تمثل منهجية لفهم الواقع وتساعد على تغييره

* قال حبيب المالكي، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (غالبية حكومية) ووزير التربية والتعليم العالي والبحث العلمي المغربي، إن حزبه يطمح أن يكون رئيس الوزراء المقبل منتميا إليه، مستدركا أنه لا بد من احترام مقتضيات الدستور التي تمنح العاهل المغربي حق تعيين من سيقود التجربة الحكومية المقبلة، مبرزا أن المهم هو أن ينتمي رئيس الوزراء المقبل إلى الغالبية الحكومية.

وأضاف المالكي، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أنه يتفهم تخوف بعض كوادر ومسؤولي الحزب من نتائج مبادرة الانفتاح، كونه عاش مدة طويلة في ظل حالة حصار، كما كان ضحية عمليات متعددة لإضعافه، مسجلا أن الوضع السياسي الحالي مختلف عما عاشه الاتحاد الاشتراكي في حقبة زمنية، مبرزا أن حزبه ظل دائما حاملا لمشروع التغيير والإصلاح. وأشار المالكي إلى أن مصير البرنامج الانتخابي للحزب، مرتبط بقدرته على إقناع المواطن والناخبين، موضحا أنه يتم التأسيس الآن لثقافة سياسية جديدة غير تلك المتسمة بالموسمية في العمل السياسي والمتاجرة بمحطات معينة في مسلسل البناء الديمقراطي.

وأكد المالكي ان حزبه متفائل من نتائج الانتخابات المقبلة، ويطمح لتقوية موقعه باعتباره كان الأول في الانتخابات الماضية، وذلك عبر تعبئة الفئات الاجتماعية التي لها مصلحة في التغيير. وقال المالكي إن المصالحة السياسية التي يعيشها المغرب ستكون أحسن مدخل لمصالحات أخرى مثل المصالحة الثقافية التي تمر عبر التأكيد على التنوع الثقافي، وكذلك المصالحة الاقتصادية، وهو ما يمثل حركية شاملة، ستجعل من استرجاع الثقة إحدى الأدوات الأساسية لبناء المغرب الجديد. وفيما يلي نص الحديث:

* هل أملت ضرورة إيديولوجية على الاتحاد الاشتراكي مبادرة الانفتاح أم أنها تقليد لبعض الأحزاب الأوروبية وخصوصا الحزب الاشتراكي الفرنسي؟

ـ تجد قوة الاتحاد الاشتراكي، مصدرها في تفاعله الدائم مع المجتمع، مما جعل منه أداة للتغيير في إطار نظرته الإستراتيجية التي أعلن عنها دائما وعمد إلى تجديدها بمناسبة انعقاد المؤتمرات العامة. وأظن أن الحزب الذي يبادر إلى الانفتاح على فئات جديدة وحية وفاعلة، لا بد وأنه يتمتع بثقة في النفس. أما الحزب المنغلق فإنه يؤدي ضريبة الجمود والتقوقع. وهذا ما تعلمناه من تاريخ الحركة السياسية في المغرب. نتيجة المبادرة مشجعة جدا، إذ استطعنا في ظرف ستة أشهر تسجيل أزيد من 20 ألف منخرط جديد. والأهم من كل ذلك، هو نوعية المنخرطين منهم، فهم من الشباب والنساء وكوادر وازنة في الحقل الاقتصادي والثقافي والجمعوي. كما أن قرار الانفتاح الحزبي ليس محدودا زمنيا، بل مبادرة سياسية مستمرة حتى يتجدد الحزب في فكره وسلوكاته وخطابه وقاعدته الاجتماعية.

* تعالت أصوات داخل الاتحاد الاشتراكي تنتقد المبادرة كونها فتحت الباب على مصراعيه، مما قد يضر بهوية الحزب، هل الأمر كذلك؟

ـ أتفهم شخصيا تخوف بعض الكوادر والمنتسبين، لأن الحزب عاش مدة طويلة تحت حالة حصار، كما أنه كان ضحية عمليات متعددة لإضعافه، لكن الوضع السياسي الحالي مختلف كليا عن الماضي، كما أن الاتحاد الاشتراكي كان دائما حركة سياسية حاملة لمشروع التغيير والإصلاح على مستوى الدولة والمجتمع، وبالتالي فإنه ليس راكدا أو جامدا، بل يتفاعل مع كل المستجدات الفكرية. وموقعنا داخل الاشتراكية الديمقراطية الدولية جعل فكرنا، وتوجهاتنا تستجيب إلى حد كبير للأوضاع الدولية الحالية ومتطلبات التغيير ببلادنا.

* بمعنى أن الاشتراكية الدولية هي التي صارت مرجعية بالنسبة إليكم؟

ـ نحن عضو فاعل داخل الأممية الاشتراكية وانتماؤنا لها ليس سطحيا، بل نناقش ونبادر ونقترح ونستفيد. والفكر الاشتراكي الديمقراطي العالمي متقدم بفضل التجارب التي عاشها في عدة بلدان في أميركا اللاتينية وأوروبا وبعض الدول بقارتنا الإفريقية.

* ما هي الأمور التي ترون أنه بات على الاتحاد الاشتراكي تجديدها؟

ـ ما قرره المؤتمر الوطني السابع على المستوى المذهبي والتنظيمي، وكل ذلك يبرز أن المؤتمر كان محطة للاجتهاد والتجديد حتى نجعل هوية الاتحاد تتفاعل ونحصن ذاتنا، لكن على أساس الانفتاح على ما يجري داخل مجتمعنا والمحيط الإقليمي والدولي الذي نتأثر به، كما أننا نؤمن بتاريخ يتحرك ويتجدد، من أجل إغناء الهوية.

* جلبت مبادرة الانفتاح للحزب الكثير من الانتقادات من داخله ووضعته أمام صدمة التغيير. كيف ترون هذا الأمر؟

ـ مبادرة الانفتاح ليست قرارا فوقيا، بل إن أجهزة الحزب ناقشتها واستمعت إلى آراء المناضلين وأعضاء المجلس الوطني. وبعد ذلك قررنا خوضها، ليس باعتبارها محدودة زمنيا، بل اعتبرنا الانفتاح سلوكا يوميا، وتنمية لثقافة التعامل مع كل ما هو حي داخل المجتمع المغربي. والقلق الذي عبرتم عنه مشروع كون الحزب يبحث دائما عن أنجع الصيغ التنظيمية لإضفاء القوة الضرورية على مواقفه. وإذا كان القلق مشروعا، فالأهم هو ما توصلنا إليه عبر المبادرة من خلال فتح حوارات مع فئات كانت تجهل الكثير عن الحزب، وجعلنا منه فضاء منفتحا يتجاوز المفهوم التقليدي للبيت الحزبي الذي كان سائدا خلال فترة من تاريخ المغرب.

* لكن ألا تعبر المبادرة في جانب منها عن أزمة يتخبط فيها الحزب؟

ـ لا، أبدا. ذلك أن هويتنا الاشتراكية تمثل منهجية لفهم الواقع وتساعد على تغييره، وهو ما لا يتأتى إلا من خلال استيعاب كل ما يجري داخل المجتمع المغربي خلال العقود الأخيرة. ويجب أن يكون الاتحاد الاشتراكي في طليعة المعبرين عن هذه المطالب الاجتماعية من طرف فئات جديدة، لنبقى على موعد مع كل ما يشغل بال مواطنينا.

* ما هي الأشياء التي نبهكم إليها هذا الانفتاح، وتبناها الحزب ضمن برنامجه الانتخابي؟

ـ اكتشفنا، مثلا، أن عالم المقاولة مجال جديد وأداة للتغيير على المستوى الاقتصادي والمجتمعي. فهناك كوادر شابة ونخبة اقتصادية تتحلى بثقافة الجرأة والمبادرة، استطاعت أن تحتل موقعا داخل النسيج الاقتصادي المغربي. وهذا ما جعلنا في سياق التحضير للبرنامج الانتخابي نعطي الأولوية للمقاولة المغربية. تحقق نوع من التصالح مع المقاولة المغربية يجب أن يشمل المجتمع المغربي. كانت نظرتنا للمقاولة ذات طبيعة صدامية، وهذا يعني أن المقاولة لا تتكون فقط ممن يديرها، بل أيضا من العاملين بداخلها، فهي وحدة اقتصادية لها امتداد اجتماعي مكونة من المنتجين والمسيرين والموجهين. كما أن المرحلة التي يعيشها الاقتصاد المغربي جعلتنا نهتم بالمقاولة باعتبارها وحدة متكاملة.

* ما مدى مشروعية البرنامج الانتخابي الذي هيأه الحزب لخوض الانتخابات التشريعية إذا كانت محكومة بنمط اقتراع لا يمكن قطعا من تطبيق برنامج الحزب كاملا؟ ـ مصير برنامجنا الانتخابي مرتبط بقدرتنا على إقناع المواطن المغربي والناخبين بصفة خاصة. ونحن نؤسس الآن لثقافة سياسية جديدة ليست متسمة بالموسمية في العمل السياسي والمتاجرة بمحطات معينة في مسلسل البناء، نحن سباقون إلى تقديم برنامج متكامل يشمل كل ما يهم المواطن المغربي حاضرا ومستقبلا. أما حظوظنا غدا في تطبيقه فهو سؤال ستجيب عنه نتائج الانتخابات.

* أي موقع تأملونه للحزب في الانتخابات المقبلة؟

ـ نحن متفائلون، وتفاؤلنا واقعي، نطمح لتقوية موقعنا ليستمر الاتحاد الاشتراكي في طليعة الأحزاب في الانتخابات المقبلة. وذلك ما نقوم به ونستمر في تعبئة الفئات الاجتماعية التي تتجاوب مع أهداف ورهانات الحزب.

* تطبيق البرنامج الانتخابي يقتضي احترام المنهجية الديمقراطية باختيار رئيس الوزراء من الحزب الأول، هذا لم يقع عام 2002. ألا تخشون تكرار السيناريو؟

ـ نطمح أن يكون رئيس الوزراء المقبل منتميا للاتحاد الاشتراكي، بيد أنه لا بد من احترام مقتضيات الدستور. فالملك هو الذي يعين من سيقود التجربة المقبلة. والمهم أن ينتمي رئيس الوزراء إلى الغالبية الحكومية.

* ألا تساوركم مخاوف من أن يكون الاتحاد الاشتراكي من جديد ضحية نمط الاقتراع الذي دافع عنه؟

ـ نحن على أبواب انتخابات حاسمة، وبالتالي فإنه ليس مناسبا مناقشة نمط الاقتراع. وسيكون مفيدا العودة إلى هذا الموضوع في فترة ما بعد الانتخابات. كما أن هناك توافقا حول الاقتراع باللائحة. لذلك علينا أن نتعبأ جميعا من أجل تطبيقه تطبيقا سليما. وبدون شك، فإن تعبئة الاتحاد الاشتراكي ستساعد على الحصول على المرتبة المثلى، وهناك مؤشرات عديدة تجعلنا نستمر في تعبئتنا ونتفاءل بواقعية.

* ما هو تعليقكم على مختلف السيناريوهات الرائجة في الصحف عن نتائج الانتخابات؟

ـ يجب أن لا يرتكز العمل السياسي على الإشاعة أو ما يروج، فإذا كانت هناك استطلاعات تحترم المواصفات العلمية، فإن الأمر يختلف في هذه الحالة، لأنه يتعلق بتوظيف تقنيات حديثة. وأعتقد أن هناك مبادرات في هذا المجال، ومن الضروري أن نجعل من استطلاع الرأي العام إحدى الأدوات للتعرف على ما يجري داخل المجتمع.

* ليست إشاعات، بل معلومات صادرة عن جهات مقربة من السلطات، فهم منها البعض داخل الاتحاد الاشتراكي أنها محاولة لاستهدافه؟

ـ كان الاتحاد الاشتراكي دائما مستهدفا، وأساليب الاستهداف تغيرت مع التحولات التي عرفتها الأوضاع السياسية في بلادنا. لكنه لم يجعله يراجع مواقفه أو اختياراته، بل أعطاها قوة إضافية، والحزب الذي يتم استهدافه يكون متمتعا بوزن خاص ويلعب دورا فاعلا داخل المجتمع. واليوم لا يزعجنا كذلك مثلما لم يزعجنا استهداف الأمس.

* ما هي الحلول التي يقترحها برنامجكم الانتخابي للمعضلات الكبرى للبلاد وضمنها مشكلة التشغيل؟

ـ لقد جعلنا من التحضير للبرنامج الانتخابي مناسبة للانفتاح على الكفاءات رغم أنها ليست كوادر اتحادية. واستفدنا من الإنصات للفئات التي تحملت أو ما زالت تتحمل مسؤوليات في قطاعات اقتصادية ومالية ودبلوماسية. توخينا إشراك الطاقات الوطنية، وفتحنا نقاشا على مستوى بعض الجهات من خلال شرح بعض المواضيع المرتبطة بالتشغيل والحكامة وتدبير المدن. جعلنا من البرنامج مدرسة ساعدت على إغناء الفكر الحزبي انطلاقا من التجارب الميدانية. وعرض البرنامج على المجلس الوطني (برلمان الحزب). ثارت مناقشة مسؤولة حوله، وبالتالي فإن منهجية التحضير للبرنامج الانتخابي شكلت أسلوبا ديمقراطيا تجاوز المنهجية القديمة. إنه تحول في أسلوب عمل الحزب وسلوكه وتفاعله مع مكونات المجتمع، ما يمثل اختيارا سياسيا لكوننا نريد أن نجعل منه برنامجا وطنيا يراهن على المغرب قبل كل شيء.

فنحن نريد بناء مغرب ديمقراطي وحداثي ومتضامن، لأن بلدنا مستهدف ومازال إلى اليوم، مما يجعل تحصين الوحدة الترابية والدفاع عن هوية وثوابت المغرب يمر عبر هذا الرهان التاريخي الذي اختاره الحزب. نحن حزب مسؤول يستوعب جميع المخاطر الداخلية والخارجية، فإذا لم نوفر الشروط لاستيعابها، فإن ذلك سيؤدي إلى إضعاف المغرب ككيان.

وفيما يخص معضلة التشغيل، فإن البرنامج الانتخابي جعل منها إحدى أهم محاوره. وأكدنا على ضرورة الرفع من معدل النمو، وحددنا نسبة 7 في المائة سنويا في الفترة المقبلة 2007ـ2012، وهي نسبة لا يمكن أن تحقق إلا من خلال توزيع الأدوار بين الدولة والمقاولة، فالدولة يجب أن تستمر في القيام بدورها الاستراتيجي باحترام قواعد اللعبة الاقتصادية وتوفير شروط الشفافية، وتعمل من أجل المحافظة على جودة الخدمات العمومية. وأود القول إن الدولة يجب أن تلعب دور الحكم والتعامل مع الفاعلين في هذا المجال سواسية.

مضاعفة الدخل السنوي الفردي ستكون له انعكاسات مهمة على الظروف المعيشية والتماسك الاجتماعي، وهو ما جعل الاتحاد أيضا يحدد هدفا أساسيا مرتبطا بمحاربة نسبة الفقر ببلادنا التي ما زالت نسبيا مرتفعة. كما أن البرنامج حدد هدف التقليص بـ50 في المائة من نسبة الفقر في نفس الفترة. هذا التصور المتكامل والشمولي والمندمج سيساعد على اعتبار محاربة البطالة اختيارا أساسيا للسياسة الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، نشير إلى أننا حددنا هدف إحداث 2 مليون فرصة شغل في الخمسة أعوام المقبلة مما يعني 400000 كل عام.

* حقق المغرب مصالحة من خلال تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، بيد أنه لم يحقق بعد مصالحة على المستوى الاقتصادي الذي طالته انتهاكات جسيمة. ألا ترون أن البلاد في حاجة إلى مصالحة اقتصادية؟

ـ يجب أن يكون التصالح مع الذات شموليا. وبدون شك، فإن المصالحة السياسية النموذجية التي يعيشها المغرب ستكون أحسن مدخل لمصالحات أخرى مثل المصالحة الثقافية. ويبقى ما سمي بالمصالحة الاقتصادية وهي حركية شاملة ستجعل من استرجاع الثقة إحدى الأدوات الأساسية للمغرب الجديد.

* راج قبل شهور أن أحزاب الكتلة ستخوض الانتخابات المقبلة وفق برنامج مشترك، لماذا تم التراجع عن هذه الخطوة؟

ـ الانتخابات مناسبة للمنافسة بين الأحزاب، بيد أن نمط الاقتراع الحالي لا يساعد على وضع لوائح مشتركة، لكن ما يجب أن نقوم به هو وضع برنامج مشترك على شكل ميثاق أخلاقي لنجعل من المنافسة الانتخابية فرصة للتعريف بمواقفنا، ونحترم صوت الناخب، ونجعل من الانتخابات المقبلة مدرسة للنزاهة والشفافية والمصداقية.

*يتذكر الجميع أن الأزمة التي عقبت انتخابات 2002 نبعت أساسا من مشكل التحالفات بين مكونات الكتلة نفسها، ما هي ضمانات عدم تكرار السيناريو نفسه؟

ـ سيساعد الميثاق الأخلاقي بين مكونات الكتلة على تجنب ما عشناه عام 2002. ونحن نطمح لتشكيل حكومة مع حلفائنا الاستراتيجيين، وسيتبين في ضوء الانتخابات المقبلة ما يجب القيام به.

* هل يمكن للاتحاد الاشتراكي والكتلة الديمقراطية أن يراهنا على استبدال مكونات الغالبية الحكومية عبر الانفتاح أكثر على اليسار؟

ـ ينتمي الاتحاد الاشتراكي إلى أسرة اليسار، واختيارنا هو التوجه نحو مكوناته. وقمنا بعدة مبادرات لتأسيس قطب اشتراكي والأمور تنضج حاليا، لأنه من الصعب أن يعطي هذا التوجه كل ثماره في ظرف وجيز.

* لكن مكونات اليسار تنتقدكم بقسوة أكثر من أحزاب اليمين؟

ـ إنهم أبناؤنا وقلب الاتحاد الاشتراكي كبير.

* ألا تساوركم مخاوف بشأن ضعف المشاركة في الانتخابات المقبلة؟

ـ إن هذا ما جعل السلطات العمومية تقوم بعدة مبادرات بينها القيام بحملة إعلامية تواصلية من أجل التسجيل في اللوائح الانتخابية، وكانت النتائج مشجعة. هناك مليون ونصف مسجل جديد.

* لكن التسجيل لا يعني التصويت؟

ـ المهم أن نصف المغاربة (15 مليون نسمة) مؤهلون للقيام بواجبهم، وهذا جانب مهم. كما أن هناك على المستوى الحكومي توجه لتوفير كافة الشروط لضمان مستوى مشاركة واسعة. ولا ننسى حركية المجتمع المدني عبر إشراك عدة فعاليات تقوم بعملية التوعية، إضافة إلى الدور الطبيعي للأحزاب الوطنية الديمقراطية. من أهم الرهانات هو تحويل محطة 2007 الى دعم وتكريس المواطنة التي لا تتم إلا من خلال توعية كل المواطنين بأهمية المساهمة في اختيار من سيدبر شأنهم العام.

* كلما اقتربنا من الانتخابات النيابية في المغرب إلا وبدأ الحديث عن إمكانية اكتساح الأصوليين، ألا يخيفكم ذلك؟

ـ أعتبر أن العمل السياسي يجب أن يحترم خصوصية المغرب، فإقحام الدين في السياسة هو نوع من الخروج عن ثوابتنا التي حافظنا عليها تاريخيا ومؤسساتيا وحضاريا وسياسياً. فإمارة المؤمنين، تفرض ضرورة احترام هذا التوجه. إن الذين يخلطون بين الدين والسياسة هم ضعفاء سياسيا، ويفتقرون إلى مرجعية لإقناع المواطنين. ذلك النوع من الممارسة السياسية يؤكد أن هناك فئة من الضعفاء السياسيين يحتمون بالدين ليصبحوا أقوياء. وهذا ما أدى إلى الفتنة في بلدان بعيدة أو قريبة منا.

* هل فقد الاتحاد الاشتراكي، الأمل في الحوار مع الجزائر، بعد فشل محاولات عبد الرحمن اليوسفي، والفقيه البصري وغيرهما، ماذا تطلبون من الجار لحل المشاكل العالقة؟

ـ موقف المغرب من الجوار سواء كان شرقا أو جنوبا أو شمالا، كان دائما حضاريا أكثر منه موقفا سياسيا. إننا بحكم منطق الجغرافيا، محكومون بضرورة الاستثمار في المستقبل وتفادي كل ما من شأنه عرقلة البناء المشترك، لأن الجميع في هذه الحالة سيؤدي ضريبة عدم التعاون. يجب أن لا يصيبنا اليأس إزاء الشعب الجزائري الذي لا علاقة له بالسياسة الرسمية المنتهجة حاليا. وفي السياق نفسه نوجه نداء إلى النخبة الجزائرية لتبقى حاملة لرسالتها التاريخية، خصوصا وقد كان لها دور جريء وشجاع في حماية مكتسبات الحركة الديمقراطية المغاربية. لذلك يجب أن لا تستقيل من مهمة المساهمة في تجاوز مشاكل مصطنعة.

* المعروف أن حمل حقيبة التعليم ليس بالأمر السهل، فهل ستخرجون من الوزارة سالمين؟

ـ أترك الجواب عن هذا السؤال للأسرة التعليمية والرأي العام ليحكم على مدى احترامي لجميع الالتزامات. لكن لا بد من التأكيد على أن تحمل المسؤولية على رأس هذه الوزارة هو اختيار سياسي من طرف الحزب، وهو ما يؤكد أننا جعلنا مصلحة البلاد فوق كل اعتبار. نعلم أن تدبير هذا القطاع ليس سهلا، لكننا كنا دائما حزب التحدي. وبدون شك، فإن كل ما انجزناه من خلال معالجة قضايا الأسرة التعليمية وتطبيق الإصلاح يجسد بالملموس أننا حولنا إصلاح التعليم إلى شأن مجتمعي.