نبيل العربي: اتصالات تسبق قمة الكويت لتنقية الأجواء العربية

أمين عام الجامعة العربية يحذر في حوار مع («الشرق الأوسط») من أن الحكومة السورية تكسب وقتا

TT

كشف الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور نبيل العربي، عن اتصالات دائرة لتنقية الأجواء العربية، لكنه رفض الخوض في مضمونها حتى تنجح أو تفشل. وقال في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في القاهرة، إنه لا يتوقع أن يحدث تغيير كبير في الجولة الثانية من مفاوضات «جنيف2» الخاصة بالأزمة السورية والجارية حاليا، داعيا إلى تنفيذ نص هدف الدعوة إلى جنيف، وهو تشكيل الهيئة الحكومية الانتقالية؛ لأنه من دون ذلك ليس هناك حل في سوريا. وحذر من أن الحكومة السورية تكسب وقتا و«سنجد أنفسنا في مرحلة معينة قد فقدنا المسار». كما قال، إن «سوريا تحطمت ولا أدري كيف سيجري بناؤها بعد ذلك». وأشار في الحوار الذي يأتي قبل أيام من زيارته للكويت لاستكمال الإعداد للقمة العربية، إلى أن المملكة العربية السعودية تقدمت بمشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.

كما شمل الحديث الجهود التي تبذلها الجامعة العربية حاليا بالتعاون مع دولة الكويت للإعداد الجيد للقمة العربية التي تعقد خلال شهر مارس (آذار) المقبل. وقال إن هذه القمة لها وضع مختلف من وجهة نظري؛ لأنه منذ هبوب رياح التغيير في المنطقة تبين أهمية تجديد الجامعة العربية لنفسها. وأشاد بالنشاط الدبلوماسي لدولة الكويت تحت قيادة الشيخ صباح الأحمد الصباح، أمير الكويت، وبالاجتماعات التي عقدت هناك للدول المانحة لسوريا والقمة العربية الأفريقية. كما تطرق الحوار إلى ما يحدث في ليبيا واليمن وتونس ومصر، وطالب بضرورة إقامة مشروع قومي عملاق يلتف حوله العالم العربي وشعوبه. كما تحدث عن توابع ما يسمى النظام الدولي الجديد ومخاضه الذي لم تتحدد ملامحه بعد، وقال إن حالة العجز في التعامل مع القضايا العربية المزمنة تعاني منها كل المنظمات الدولية، إلا أنه حدد آليات جديدة كي تتمكن الجامعة العربية من القيام بمسؤولياتها. وإلى نص الحوار

* التقيتَ أخيرا رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا قبل ساعات من استئناف الجولة الثانية لمفاوضات «جنيف2».. هل فيما أبلغك به مؤشر لاحتمال حدوث تجاوب مع حلول للأزمة السورية سلمية قريبا؟

- التقيتُ أحمد الجربا يوم الخميس الماضي بناء على اتفاق مسبق، وطلبت منه استعراض الموقف الحالي من وجهة نظرهم، وهم متفقون على أن المعارضة كسبت في الجولة الأولى لـ«جنيف2» أمام المجتمع الدولي كله، والنظام في نظري خالفه الصواب؛ لأن كلمة رئيس الوفد وليد المعلم لم تأت بجديد يتفق مع المطلوب، وهو أن الدعوة لمؤتمر «جنيف2» جاءت لبحث وضع معين، وحدثت اجتماعات قادها الأخضر الإبراهيمي بكفاءة عالية، وحاول الدخول في موضوع الدعوة القائمة على تنفيذ البيان الختامي لـ«جنيف1»، والبيان الختامي يطالب بتفكير جديد، ويقر بكلمة واحدة هي التغيير، بمعنى أن تكون هناك هيئة حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية تعد للمستقبل، وأن تكون هذه الهيئة مشكلة بالتفاهم والتوافق بين الحكومة والمعارضة، والتي تقبل الدخول في هذا النقاش، والحكومة لم تقبل بذلك. ولا أتوقع في الجولة الثانية حدوث تغيير كبير، فكل المؤشرات تدل على أن الحكومة مستمرة في خطها المعلن بأنها تريد فقط مكافحة الإرهاب، ومعروف أن الأمم المتحدة مستقرة ومنذ سنوات على أن مكافحة الإرهاب لا تكون في الإطار السليم إلا مع مكافحة أسبابه، وهذه قرارات صادرة عن الجمعية العامة منذ نهاية السبعينات وليست شيئا جديدا.

* تقصد أهمية التفريق بين حقوق الشعوب ومكافحة الإرهاب؟

- هذا الموضوع بدأ عندما كانت تقوم بعض المنظمات الفلسطينية بأعمال في السبعينات، فكان الموقف العربي الذي قاده وقتها السفير القدير، رحمة الله عليه، جميل البارودي عندما قال لا بد أن يجري بحث هذا الموضوع بمسبباته (أي ماذا يدفع الشخص إلى أن يفعل هذا؟)، وألا تكون المعالجة بإطلاق النار المتبادل، ويكون ذلك في إطار الحرب على الإرهاب أو مكافحته، وبالتالي لا بد أن تكون محاربة الإرهاب أعمق من ذلك، وهذا ينسحب على ما يحدث في سوريا وبحث أسباب إطلاق النار واستخدام القوة؛ لأن البعض يفعل هذا انطلاقا من الرغبة في تحقيق تطلعات الشعوب، وأيضا هناك ناس مجرمون، وهذا موضوع آخر، ولذا لا بد من الدخول في هذا الموضوع بالشكل الصحيح بما أن الدعوة موجهة لهدف محدد، وهو إنشاء الهيئة الحكومية الانتقالية التي يجب التركيز عليها.

* هل تتوقع ضغطا روسيا - أميركيا لإنجاح المفاوضات؟

- آمل أن يكون هناك ضغط من جميع الأطراف الدولية ومن مجلس الأمن الذي يمثل الجميع لاتباع الإطار الذي حددته الدعوة، وهو البحث في تشكيل الهيئة الحكومية الانتقالية؛ لأنه من دون ذلك ليس هناك حل في سوريا، والأهم أيضا من وجهة نظري هو موقف الجامعة العربية الثابت في ضرورة حقن الدماء، وإرسال وتوصيل المساعدات الإنسانية. هذا الأمر مهم للغاية وأكرره منذ شهر أبريل (نيسان) عام 2012، وأرسلت خطابات باسم الجامعة العربية إلى مجلس الأمن وسكرتير عام الأمم المتحدة، وحتى رئيس الجمعية العامة، وجميعها تؤكد أنه لا بد من اتخاذ موقف عاجل لوقف القتال وحقن الدماء وإدخال المساعدات الإنسانية؛ لأن هناك ملايين من السوريين يعانون معاناة قاسية غير معقولة وغير إنسانية، ولا بد من معالجتها، ومن بين الأمور التي تدخل في هذا الإطار وقف استخدام أسلحة معينة، لأنه لا أحد يتصور أن يطلق على المدنيين مدافع وطائرات وقنابل براميل.

* هل طالبت المملكة العربية السعودية بعقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول سوريا؟

- السعودية تقدمت بمشروع قرار إلى الجمعية العامة لاتخاذ قرار فيما يتعلق بإيجاد ممرات لإدخال المساعدات الإنسانية، وهذا أمر مطلوب، لكن لو أردنا تنفيذ ما نريد فلا بد من الذهاب إلى مجلس الأمن. وقد ذهبت السعودية إلى الجمعية العامة لتفادي الفيتو الروسي في مجلس الأمن، ومن ثم ستصدر التوصية، وأرجو أن تنفذ، لكن هناك شكوكا حول التنفيذ، رغم أن الموضوع يمس الأمن والسلم الدوليين والإقليميين، وعلى مجلس الأمن أن يتحرك فيه. والموقف الروسي أنا لا أفهمه إطلاقا فيما يتعلق بالمسائل الإنسانية، والتي يجب أن تشغل جميع دول العالم لإنقاذ الشعب السوري.

* حتى موضوع وقف إطلاق النار يجب أن يشغلهم..

- إدخال المساعدات الإنسانية يحتاج للمرات الآمنة ووقف إطلاق النار.

* المعارضة السورية طالبت بأن يكون رئيس وفد الحكومة السورية فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري، هل هذا يعني الانتقال بالمسار السياسي إلى خطوات أسرع؟

- اجتمعت مع أحمد الجربا ولم يذكر نائب الرئيس فاروق الشرع بشيء، وإنما قرأت ذلك في الصحف، وفهمي لما ورد بها، أنهم يرغبون في التفاوض مع شخص لا تكون يداه ملوثتين بالدماء، وأن يكون اسمه معروفا في سوريا؛ لأنهم يرون أن السفير السوري في نيويورك (بشار الجعفري) الذي يرأس وفد الحكومة في التفاوض يؤدي إلى مساجلات وكسب نقاط، ولكن لا يؤدي إلى تحقيق المطلوب.

* هناك من يشكك في نجاح الجولة الثانية في جنيف لسببين: الأول عدم جدية النظام، والثاني بسبب غياب بعض أطراف المعارضة عن عملية التفاوض ورفضهم لها؟

- بالنسبة للشق الأول من السؤال أنا لا أتوقع، ولا حتى أي متابع، أن تحدث التسوية السياسية للأزمة السورية خلال أسبوعين أو شهر، وإنما سوف يطول الأمر، ومن دون ضغوط على جميع الأطراف، وبالذات الطرف الحكومي، لن يؤدي إلى شيء، الحكومة السورية تكسب وقتا، وسنجد أنفسنا في مرحلة معينة قد فقدنا المسار وفقدنا سوريا؟

سوريا تحطمت ولا أدري كيف سيجري بناؤها بعد ذلك، وهي من الدول المؤسسة للجامعة العربية ومنذ فجر التاريخ لها دورها المؤثر، وقد سبق أن شاركت في اجتماع خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي في مراكش وكان يضم نحو 100 مسؤول من دول أصدقاء سوريا، وكان التركيز في هذا الاجتماع حول الخطوة التالية، وهي من سيجري إعادة بناء سوريا لأن درجة التدمير خطيرة.

* هل من بديل في حال فشل المسار التفاوضي؟ وهل تتدخل الجامعة مجددا لإنقاذ سوريا؟

- الجامعة العربية وكل دولها على استعداد للحل السلمي وكل القرارات تتحدث عن حل سلمي، والجامعة العربية موجودة فعلا، لكن في واقع الأمر أميركا وروسيا لهما دور كبير في هذا الموضوع والملف أحيل إلى مجلس الأمن، وهو الجهاز الدولي الوحيد المسؤول عن الأمن والسلم في كل أنحاء العالم، ومنذ تجميد نشاط سوريا في الجامعة لا توجد اتصالات مع الحكومة إلا من خلال المبعوث المشترك الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي.

* تحدثتَ عن جدول أعمال محدود للقمة العربية والإعداد لها.. ماذا تقصد؟ وما الأولويات؟

- الأولويات التقليدية هي المسائل المهمة التي تمس السلم والأمن في المنطقة العربية، وفي الوقت الحالي لدينا فلسطين وسوريا، لكن هذه القمة لها وضع مختلف من وجهة نظري؛ لأنه منذ رياح التغيير التي هبت في المنطقة تبين أهمية تجديد الجامعة العربية لنفسها، ولا أريد تكرار ما ذكرت بأن ميثاق الجامعة كتب منذ عام 1944، وبالتالي لا بد أن تجدد الجامعة نفسها، وأن تكون مهيأة للاضطلاع بمسؤوليتها في الأوضاع الجديدة التي تسود اليوم وتتغير في العالم العربي كل يوم.

هناك تعديلات حقيقية يجري بحثها الآن، ومنذ قمة مارس من العام الماضي والجامعة العربية تشهد اجتماعات بين وقت وآخر بنود التطوير، ومعروف أن موضوعات حقوق الإنسان التي لها أهمية كبيرة في كل بلاد العالم ليست موجودة في الميثاق، وحقيقة جرى وضع الميثاق العربي لحقوق الإنسان، ولكن لم يجرِ وضع آلية تنفيذية، وبالتالي نسعى لإقرار النظام الأساسي لمحكمة حقوق الإنسان وتبدأ عملها بمجرد انتهاء القمة من موضوعها، ومملكة البحرين طلبت استضافتها والقمة وافقت على ذلك.

* أقصد بالتطوير داخل الجامعة العربية القدرة على حل النزاعات..

- هذا يتوقف أولا عن ماهية النزاع وأطرافه وقبول الأطراف لدور الجامعة، وهنا لا نتحدث عن فرض الجامعة العربية الحل على أي طرف؛ لأنه لا يوجد جهاز في العالم يفرض شيئا سوى مجلس الأمن، فعلى سبيل المثال عندما يقوم الاتحاد الأفريقي بحل قضية يكون بناء على قبول أطراف النزاع، ومن ثم إعداد الحل وقوات حفظ السلام، وفي نفس الوقت يستعينون بالأمم المتحدة، أما الجامعة العربية فليس لديها الآليات لذلك، وأكبر دليل عندما أرسلنا فريق المراقبين إلى سوريا في بداية الأزمة، وكانت بداية جيدة، وعملنا غرفة عمليات على مدار 24 ساعة، وكانت خطوة مضيئة في تاريخ الجامعة، وهناك من أساء الفهم لهذه المهمة، وجرى سحب الفريق، وبالتالي لم يكن لدى الجامعة خيار استمرارهم لأنها ليس لديها موارد مالية تكفي لاستكمال المهمة، وكذلك الأعداد البشرية. وكذلك أسيء فهم تقرير الفريق الدابي والذي أدى عمله بأسلوب في منتهى الحرفية والمهنية. وكانت لي ملاحظة على التقرير، وقلت له ذلك لأنه بدأ التقرير منذ شهر ديسمبر، وكان من المفروض أن يكتب التقرير حول ذلك منذ البداية وكيف بدأ النزاع، ولذلك كتبت مقدمة للتقرير وأرفقتها به، وهي عبارة عن رصد للأزمة منذ البداية، وجاء السفير الجعفري في اجتماعات جنيف وتحدث عن تقرير الدابي وأخذ منه جزءا وترك الباقي على طريقة «ولا تقربوا الصلاة».

* هل تفكر الجامعة في المستقبل في إنشاء لجنة أو جهاز لإدارة الأزمات؟

- هناك تغييرات تحتاج إلى قرار قمة، ونريد أن نبدأ التغيير في مسألة مجلس الأمن والسلم العربي ونعطيه إمكانية أن يبحث الموضوعات أكثر بطريقة متعمقة مع استخدام الآليات الحديثة الموجودة في كل المنظمات الدولية.

* هل القمة العربية المقبلة ستقر آلية تطوير الجامعة أم ستؤجل كما حدث في القمم السابقة؟

- أرجو أن تقر التعديلات المطلوبة كي تتمكن الجامعة من القيام بالدور المطلوب منها، وخلال أيام سأزور دولة الكويت لبحث الترتيبات الخاصة بانعقاد قمة مارس في دولة الكويت، وأرجو أن يقترن التطوير بما يحدث في العالم العربي، وأن يقتنع القادة العرب بضرورة التغيير، وأعتقد أن هذه القناة موجودة بالفعل منذ العام الماضي عندما قرروا تنفيذ المقترحات الخاصة بالتطوير ووضع صياغات نهائية لما اتفق عليه.

ولا بد من الإشادة بالنشاط الدبلوماسي لدولة الكويت خلال الفترة الأخيرة تحت قيادة الشيخ صباح الأحمد مثل الاجتماعات المتعلقة بالدول المانحة لسوريا، والاجتماع الرائع للقمة العربية الأفريقية، حيث إن هناك 10 دول عربية أفريقية، ويمكن للمجموعتين التكامل معا في مجالات كثيرة والتقارب العربي الأفريقي مطلوب للطرفين، والكويت أظهرت بوضوح قدرة كبيرة على الإعداد ووضع جميع الإمكانيات تحت تصرف اجتماعات الدول التي تعقد فيها، ومنذ فترة بدأ الحديث بين الجامعة ودولة الكويت حول الإعداد للقمة العربية التي تنعقد في شهر مارس المقبل، وعندما أزور الكويت خلال أيام مع وفد كبير سنناقش كل التفاصيل، ثم بعد ذلك يزور الكويت وفد آخر، وسوف تستمر الاتصالات والمشاورات حتى تبدأ القمة.

* وماذا عن اجتماع وزراء الخارجية في شهر مارس؟

- لدينا اجتماع لوزراء الخارجية يومي 9 و10 مارس في مقر جامعة الدول العربية، ثم بعد ذلك سيعقد في الكويت اجتماع وزاري آخر يسبق الإعداد للقمة العربية، وقبله اجتماع لكبار المسؤولين.

* قبل القمة العربية المقبلة هل تعتزم زيارة عواصم عربية أخرى في إطار تنقية الأجواء والعمل على إنجاح القمة؟

- تنقية الأجواء تقتضي اتصالات بالدول العربية، وهي موجودة بالفعل، ولن أفصح عنها حتى تُجرى أو تفشل.

* المهم هي مستمرة حتى الآن ولم تفشل؟

- بالفعل، الاتصالات مستمرة حتى الآن، والمفروض أن تكون غير معلنة، أما فيما يتعلق بالجولة العربية فأعتزم زيارة عدد من العواصم العربية.

* ماذا عن الخطاب الذي أرسلته مصر إلى الجامعة العربية، والذي يَعُدُّ جماعة الإخوان إرهابية؟ وما مدى التزام الدول العربية بذلك؟

- كل الدول أخذت علما به، وهناك اتفاقية موقعة لمكافحة الإرهاب.

* تركيا خلال السنوات العشر الأخيرة كان لها اهتمام بالجامعة العربية، لكن في ظل الأوضاع الجديدة هل ستشارك كضيف شرف في القمم العربية المقبلة؟

- أولا، لم تطلب تركيا أخيرا شيئا، وفي السابق شاركت كضيف شرف، والأكثر من ذلك أن وزير الخارجية التركي تحدث معي عن مرة من المرات بأنه من المفترض أن تكون تركيا عضوا في الجامعة العربية، لكن علاقاتها اليوم متوترة مع عدد من الدول العربية، ولا أستبعد أن تطلب تركيا المشاركة كضيف شرف؛ لأنها لم تطلب حتى الآن.

* هل ترى إمكانية إنهاء هذا التوتر مع تركيا؟

- أكيد، ومع جميع الدول، وكل الخلافات يجب أن تتلاشى تدريجيا.

* هل تتوقع أن تعلن إيران وتعمل على اتخاذ خطوات إيجابية جديدة في علاقاتها مع الدول العربية؟ خصوصا أننا نسمع حديثا ولا نرى تنفيذا؟

- صحيح، هذا كلام سليم، لقد سمعت رغبة إيرانية في تحسين العلاقات مع الدول العربية، وسبق وأن تحدثت مع وزير الخارجية جواد ظريف، وهو صديق قديم، خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقد ذكر لي ذلك، وطلبت منهم خطوات محددة، وذكرت بعض الموضوعات أهمها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهذا التزام دولي يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وقد طلبت منهم حل موضوع الجزر الإماراتية، وتحدثنا عن المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة وعن وسائل حل عبر التفاوض والتحكيم والاتجاه إلى المحاكم الدولية ووعد بأنه سوف ينظر في هذا الموضوع.

* وحتى مع مصر لم نشهد شيئا؟

- العلاقة مع مصر تتوقف على موضوع التدخل، وذكرت له أن شيخ الأزهر له موقف واضح ولا يرغب في أي محاولات تشيع.

* ذكرت أن الجامعة تحاول مساعدة ليبيا.. ما تصوركم للحل، وخصوصا أن الجامعة هي التي استدعت الناتو؟

- الجامعة العربية لم تستدعِ الناتو في ليبيا، وأنا كنت وقتها وزيرا للخارجية في مصر، وإنما وجدت الجامعة أن هناك مخاوف من حدوث عنف من قبل النظام الليبي ضد المدنيين من خلال استخدام الطائرات، وبالتالي طلبت الجامعة فرض حظر جوي على ليبيا، وعندما ذهب الموضوع إلى الأمم المتحدة تطور الموضوع إلى تدخل عسكري، لكن الجامعة لم تطلب ذلك.

* إذن الجامعة العربية لم تستدعِ الناتو في ليبيا؟

- مرة ثانية، الجامعة العربية لم تستدعِ الناتو، وكنت وقتها وزيرا للخارجية كما ذكرت، وكان التصويت خلال اجتماع وزراء الخارجية حول هذا الموضوع شديد الصعوبة، ووافقت بصعوبة بعد موافقة المجلس العسكري الحاكم في مصر وقتها. وكان المجلس العسكري متخوفا من تطور الموقف كما حدث، وأن يتحول فرض الحظر الجوي إلى التدخل العسكري كما حدث، وفي الحقيقة كانت الموافقة حول الحظر الجوي فقط.

* في تصوركم ما الحل الذي يؤدي إلى الاستقرار في ليبيا؟

- التوتر الحالي في ليبيا سببه وجود الأسلحة الثقيلة في الشارع وفي يد المواطنين، وهذا موضوع يحتاج إلى معالجة داخلية، والمشكلة في ليبيا من وجهة نظري، أن القذافي عندما ترك ليبيا بعد 42 عاما تركها من دون أي مؤسسات، وبالتالي المطلوب هو إقامة مؤسسات للدولة، إضافة إلى الدخول في مصالحة وطنية، وبالتالي فالحل ينطلق من معالجة هذه التحديات التي ذكرتها، وهي جمع السلاح والمصالحة وبناء مؤسسات الدولة.

* هل الجامعة العربية ستساعد ليبيا في ذلك؟

- طُلب من الجامعة العربية منذ عامين الدعم والمساعدة، ولدينا مكتب في طرابلس برئاسة رئيس وزراء سابق في موريتانيا، وبالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للمساهمة في بناء المؤسسات. وخلال الأسبوع الأول من شهر مارس سيعقد اجتماع وزاري في روما لبحث هذا الموضوع.

* كيف ترى الأوضاع التي يعاني منها اليمن حاليا في ظل الوضع الأمني المشتعل بين وقت وآخر؟

- الملف اليمني يضطلع مجلس التعاون الخليجي فيه بدور مهم في حله منذ البداية، ونحن على تواصل مع القيادة اليمنية، وأجريت زيارة لليمن، ونائب الأمين العام للجامعة ذهب منذ شهر ونصف الشهر للتضامن مع اليمن، ومستعدون للمساندة في أي شيء حفاظا على وحدة اليمن واستقراره.

* كيف ترى تطورات الوضع في مصر وتونس؟

- مصر لديها مؤسسات وبرلمان منذ 150 عاما، وأعتقد أن خطوات خارطة الطريق عندما تكتمل ستؤدي إلى وضع جديد على طريق الديمقراطية والحكم الرشيد والتغيير الذي يتواكب مع تطورات المرحلة، وكذلك بالنسبة لتونس، والجزائر لديهما انتخابات في أبريل، والعراق أيضا، إذن هناك أوضاع جديدة تنمو وتظهر وستؤدي كلها إلى الاستقرار.

* هل تعتقد أن الأوضاع في العراق سوف تتحسن أم سيظل الوضع متأثرا بما يحدث في سوريا؟

- لا أعتقد أن الوضع في العراق مرتبط بما يحدث في سوريا، وإنما له علاقة بأوضاع داخلية، ولدي اتصال دائم مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، واليوم مع السفير قيس العزاوي، والأمر كله يدور حول العمليات الإرهابية التي تستهدف العراق بين وقت وآخر.

* قبل وبعد كل قمة عربية ينشط موسم الهجوم على الجامعة العربية، ابتداء بأنها فاشلة وعاجلة، وانتهاء بأنها لا تؤدي دورها؟ كيف ترى ذلك؟

- العالم كله يمر الآن بمرحلة بما يسمى النظام الدولي المعاصر، وقد خرجنا من السيادة المطلقة للدول ولم ننتقل إلى وضع جديد تكون فيه السيادة للقانون الدولي ولمتطلبات العصر، وما يقال عن الجامعة العربية من اتهامات يقال أيضا عن الأمم المتحدة التي لديها مشكلات كثيرة وتدرج على جدول أعمالها مشكلات منذ 50 و60 عاما، وكل اجتماع نتحدث عن نفس المشكلات من كل عام في اجتماعات الجمعية العامة، والنظام الدولي كله في هذه المرحلة، وهي مرحلة تعد انتقالية من وضع تقليدي سابق لسيادة الدول إلى وضع جديد لم تتبلور معالمه بعد، وهذا يأخذ وقتا، ومن الممكن أن أقول نفس الكلام بالنسبة للحرب الباردة التي انتهت بين الدولتين الكبريين ولم تتحدد أيضا ملامح النظام الدولي الجديد حتى هذه اللحظة، وأنا أتقبل أي انتقاد يوجه إلى جامعة الدول العربية؛ لأن هذا هو الموجود أمامنا، ولا يمكن أن تفرض الجامعة أي شيء على الدول ما لم يكن لديها استعداد لتنفيذ ما يُتفق عليه.

* ذكرت أن نخبة من المفكرين العرب سيجتمعون في مقر الجامعة لتقديم رؤية لما يواجه العالم العربي من تحديات للتعامل معها؟

- سوف يجتمعون خلال شهر أبريل، وكان من المفترض أن يحدث اللقاء نهاية الشهر الحالي.

* هل تتفق مع الوجهة التي تشير إلى أن الخلافات بين الدول العربية يمكن أن تنتهي مع بلورة مشروع قومي مشترك يلتف حوله الجميع؟

- لم تتضح معالم المشروع القومي الذي يجمع الدول العربية وتلتف حوله، لكن أنا أنظر لها من ناحية ثانية؛ لأن العالم يتغير، وليس بالضرورة أن يكون المشروع أساسيا، وإنما أرى أنه من المهم أن تكون هناك مشروعات قومية عملاقة في مجالات اقتصادية، وسوف أتقدم إلى الاجتماع الوزاري قبل القمة ببعض المشروعات التي تتعلق بالطاقة المتجددة، وكذلك لا بد من النظر في مشروعات تتعلق بالبحث العلمي والنهضة بالتعليم، ومطلوب من كل الدول العربية أن تسهم في هذه المشاريع، ولدينا أيضا موضوع التجارة الحرة والاتحاد الجمركي، وهذه كلها موضوعات شاملة لكل الدول العربية، وأرجو أن تؤدي إلى تغير في طبيعة العلاقات بين الدول وبعضها وتحسين الأوضاع الاقتصادية للشعوب؛ لأن كثيرا من المشكلات التي تواجه بعض الدول العربية تتمثل في رفع مستوى المعيشة، وكذلك قضية البطالة وإيجاد فرص العمل للشباب، وأقصد من كل ذلك ونحن في عام 2014 ألا نحصر أنفسنا في صندوق المشروعات السياسية، وإنما نهتم بموضوعات تعود بالنفع على الشعب.

* حتى الآن لم يحقق العرب شعارا قديما بأن السودان سلة غذاء العالم العربي..

- قلت هذا الكلام في الخرطوم عندما ذكرت أن هذا المشروع عملاق ويجب الاهتمام بتنفيذه، وكل الدول العربية لها مصلحة للاستفادة من إمكانيات السودان الزراعية لتحسين الأوضاع، وهذا نحتاج إليه وبأسرع ما يمكن، ونتطلع لأن تأخذ قمة الكويت خطوة في هذا المنحى من أجل التنفيذ.

* بالنسبة للقضية الفلسطينية، هل تتوقع جديدا من خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لرام الله وتل أبيب؟

- جون كيري ذكر صراحة أنه يحتاج لوقت إضافي لإنجاز ما يسمى إطارا لاتفاق سلام في حين أن المهلة التي كانت محددة لمفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي هي شهر أبريل، لكن يبدو أن هذا لم يجرِ؛ لذلك طلب وقتا إضافيا، وقد تحدثت مع وزير الخارجية الأميركي في مونترو على هامش افتتاح مؤتمر «جنيف2»، وذكر بأنه لم تتبلور كل الأفكار التي ستعرض على الطرفين، وبالتالي لا أريد أن أستبق الأحداث على الرغم من تحديد العناصر الرئيسة، وهى الانسحاب إلى حدود 67، وأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وأن يكون هناك حل عادل لموضوع اللاجئين، وهذا وارد في مبادرة السلام العربية لعام 2002، كما أن الجانب الفلسطيني سبق أن قبل ما طرحه الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن كيفية تسوية هذا الموضوع، وموضوع الأمن يجب أن يكون للطرفين ولا يحق للطرف الإسرائيلي أن يضع قوات داخل الدولة الأخرى، أما الدوريات المشتركة على الحدود فهذا أمر مقبول لفترة، كذلك يجب ألا يكون حق الدخول لأراضي الدولة لاغتيال شخص أو لهدم منزل.

* هل تتوقع أن يحدث تقدم خلال شهر أبريل المقبل؟

- أتوقع أن تكون هناك مقترحات تتقدم بها الولايات المتحدة للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.