وزير الأوقاف الأردني: لا يجوز استخدام المساجد في الخلافات السياسية.. ونسمح بالخطاب المعتدل

داود قال لـ(«الشرق الأوسط») إن حماية الأقصى أكبر من طاقة الأردن وفلسطين وبحاجة إلى خطة عربية ـ إسلامية

هايل عبد الحفيظ داود
TT

دعا الدكتور هايل عبد الحفيظ داود، وزير الأوقاف وشؤون المقدسات الإسلامية في الأردن، إلى وضع خطة عربية وإسلامية متكاملة لحماية المسجد الأقصى من الانتهاكات الإسرائيلية. وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن الانتهاكات الإسرائيلية بدأت تأخذ «صورة مبرمجة وممنهجة ولم تعد مجرد استفزازات متطرفين بل خطة متفق عليها بين كل الأطراف الإسرائيلية». ووجه الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ووزارة الحج السعودية على الجهود الجبارة التي تقدمها المملكة من أجل توفير كل سبل الراحة للحجاج عامة وحجاج الأردن خاصة.

وفيما يلي نص الحوار:

* من المعروف أن هناك ولاية هاشمية على المقدسات في القدس، كيف تتابع وزارة الأوقاف العمل لرعاية المسجد الأقصى؟

- لدينا مديرية تابعة لوزارة الأوقاف في القدس يوجد فيها 600 موظف مهمتهم حماية المسجد الأقصى ورعايته. ونحن على تواصل يومي مع المديرية لمتابعة كل المستجدات التي تحدث في المسجد الأقصى. والمديرية تشرف على شؤون أوقاف القدس بشكل عام والمسجد الأقصى بشكل خاص، بمعنى أن كل مسجد في مدينة القدس هو من مسؤوليتنا كما يوجد عدد كبير من المدارس في القدس تابعة لوزارة الأوقاف الأردنية.

كل خطواتنا تكون بالتنسيق مع رئيس الوزراء (الأردني عبد الله النسور) والديوان الملكي ووزارة الخارجية. ونحن كوزارة أوقاف معنيون بالإشراف ومتابعة الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى، والوصاية الهاشمية هي حق الإشراف القانوني والإداري والسياسي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ولا تعني التنافس مع دولة فلسطين التي لها السيادة على القدس.

وزارة الأوقاف تلبي كل ما تحتاجه المقدسات في القدس من رعاية وصيانة ومشاريع إعمار بالتنسيق مع اللجنة الملكية الأردنية لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفين، ومع الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى. وأن المخصص من وزارة الأوقاف للقدس سنويا يبلغ سبعة ملايين دينار أردني من أصل 54 مليون دينار أردني هي كامل موازنة وزارة الأوقاف الأردنية، علما أن هناك مبالغ كبيرة تنفق على المسجد الأقصى وقبة الصخرة من اللجنة الملكية والصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وكثير منها تبرعات شخصية من جلالة الملك عبد الله الثاني وكان آخرها التبرع من الملك بفرش المصلى المرواني بمبلغ 300 ألف دولار أميركي.

* وكيف تحمون المسجد الأقصى من الاقتحامات المتكررة له من المتطرفين اليهود؟

- حراس المسجد الأقصى الذين يبلغ عددهم نحو مائة حارس واجبهم الأساسي هو حماية المسجد ومنع المتطرفين اليهود من الدخول ساحاته والتصدي لقوات الاحتلال عندما توفر حماية للمتطرفين لدخول ساحات الأقصى الشريف. لقد اعتقل كثير من موظفي الأوقاف في القدس كما أصيب كثير منهم بجروح أثناء عملهم في حماية المسجد الأقصى. كما صادرت قوات الاحتلال الكثير من هويات حراس الأقصى المقدسية كي يطردوا من القدس.

وجود وزارة الأوقاف الأردنية حد كثيرا من الانتهاكات الإسرائيلية، ونحن وحدنا لا نستطيع إنهاء كل الانتهاكات للمسجد الأقصى من الاحتلال لأن هذه أكبر من طاقة وزارة الأوقاف وأكبر من طاقات والأردن وفلسطين، ولذلك لا بد من خطة عربية وإسلامية متكاملة لحماية المسجد الأقصى لأنه ملك لجميع المسلمين، خصوصا وأننا نرى أن الانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة بدأت تأخذ صورة مبرمجة وممنهجة ولم تعد استفزازات متطرفين بل خطة متفق عليها بين كل الأطراف الإسرائيلية. ونحن في الأردن نقوم بما نستطيع، وجلالة الملك يتحرك باستمرار من أجل الدفاع عن المسجد الأقصى وحمايته، كما أن الحكومة الأردنية تتحرك في اتجاه حماية المقدسات. والسياسة الأردنية تقوم دائما على أن قضية القدس والمقدسات لها أولوية، ولا يمكن أن تحدث أية تسوية أو سلام من دون رحيل الاحتلال عن القدس وأن سياسة الاحتلال تجاه القدس والمقدسات هي سياسة خطيرة قد تقود المنطقة إلى الانفجار.

* هناك إشكالية قانونية متعلقة بتأسيس نقابة للائمة والوعاظ في الأردن، هل تدعمون تأسيسها أم لا؟

- نحن في وزارة الأوقاف ندعم فكرة تأسيس نقابة خاصة بالأئمة فقط، خصوصا وأن هناك قرارا من مجلس الوزراء بإرسال تشريع لتأسيس النقابة. ولكننا لسنا مع توسيع النقابة لتشمل كل العاملين في وزارة الأوقاف، وإنما مقتصرة على الأئمة فقط. والأمام معرف في قانون وزارة الأوقاف بأنه الشخص الذي يحمل مؤهلا شرعيا ويعمل في المساجد. إذا كانت النقابة مهنية ويقصد منها الارتقاء بالوعظ والإرشاد فهذا شيء إيجابي والوزارة غير مقصرة بدعم الأئمة من حيث النواحي المادية والتأهيلية.

* هل هناك سيطرة من وزارة الأوقاف على المساجد في الأردن؟

- الجزء الأساس من عمل وزارة الأوقاف هو المساجد وتوفير العاملين الأكفاء من دعاة وأئمة وموظفين لرعايتها وأيضا الإشراف على رسالة المسجد والخطاب المسجدي والرسالة التي يريد المسجد إيصالها. ولكن هناك عقبات عدة تواجهنا ومنها نقص العاملين في المساجد بسبب قرارات حكومات سابقة بوقف التعيينات في أجهزة الدولة. وهناك بناء مستمر للمساجد في الأردن بمعدل 400 مسجد سنويا أي متوسط 400 موظف سنوي إضافي، علاوة على النقص الذي يتأتى من تقاعد الموظفين في المساجد. كل ذلك أدى إلى نقص العدد الكافي من الموظفين الذي بلغ نحو 4500 موظف، ولكننا فتحنا هذا العام ألف وظيفة من أجل معالجة الوضع.

* كيف تصف تسييس البعض المساجد؟

- المسجد يجب ألا يستخدم لصالح فريق أو تيار سياسي، لأنه في هذه الحالة يصبح مفرقا لا مجمعا ويدخل أهل المسجد في دوامة الصراع السياسي بين التيارات المختلفة. هذا لا يعني أننا نمنع الخطباء من الحديث في السياسة ونحن نسمح بالحديث السياسي ولكن المتوازن والمعتدل ودون التكفير ودون الانحياز لفئة أو فريق مع الالتفات إلى الأولويات المطلوبة في بناء الإنسان والأردن. فرسالة المسجد هي رسالة توافق وليست رسالة للدخول في القضايا الخلافية.

* هل هناك سيطرة على المساجد لمواجهة الفكر التكفيري؟

- هناك سيطرة من الوزارة على المساجد بنسب معقولة ونحتاج إلى مزيد من الضبط للخطاب المسجدي. فما زال هناك خطاب مسجدي يخرج عن الموجود وما زال هناك بعض الفكر المتطرف يخرج من المساجد. وهناك خطر على المجتمع الأردني من الفكر التكفيري لوجود عناصر تحمل الفكر المتطرف والبعيد عن الدين وعن المجتمع الأردني. ولدينا في الوزارة خطة عمل لتحصين المجتمع من الفكر التكفيري وخطورته وأنشئت لجنة عليا في وزارة الأوقاف هدفها تفعيل الخطاب الدعوي والمسجدي لتأصيله وتأطيره وضبطه من خلال الثوابت المتفق عليها وتطوير الخطاب والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.

* خطاب الحركة الإسلامية في الأردن هل تجده متطرفا؟

- أنا لا أحب توصيف جماعة الإخوان المسلمين بالحركة الإسلامية، لأنها ليست الحركة الإسلامية كلها. وأعتقد أن خطاب الإخوان فيه جانب من الانتصار للجماعة ولرؤيتها السياسية ومواقفها وبالتالي بعض دعاة وخطباء الجماعة يستخدمون المنبر للانحياز والانتصار للمواقف السياسية للجماعة وهذا الذي نقول عنه تسييس للمنبر وهو غير جائز.

* هناك جمعيات خيرية إسلامية تعمل في الأردن، هل يجوز برأيكم استخدامها للترويج لمواقف سياسية معينة؟

- الأصل أن الجمعيات الخيرية مضبوطة بنظام أساسي، يحدد غاياتها ووسائل ومجال عملها ولا يجوز أن تخرج عنها، ولا يجوز لفصيل سياسي أن يستخدم الجمعيات الخيرية من أجل تحقيق أغراضه السياسية والاستعانة بها لتحقيق مكاسب سياسية ضد الآخرين.

* هل تمارس وزارة الأوقاف دورا تنويريا في المجتمع؟

- الوزارة تمارس دورا كبيرا في المجتمع الأردني، ونحن نقوم بدور وزارة إعلام ووزارة ثقافة ووزارة تربية لأننا نخاطب كافة شرائح المجتمع من خلال المساجد، إن كان بالخطابة أو الدروس أو المحاضرات والملتقيات الوعظية.

* هل هناك تعاون بين وزارة الأوقاف الأردنية ووزارة الحج السعودية لتنظيم بعثة الحج الأردنية خاصة في ظل تحذيرات من فيروس الـ«كورونا»؟

- بداية أتوجه بالشكر ونثمن عاليا الجهود الجبارة للمملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ووزارة الحج السعودية على الجهود الجبارة والكبيرة التي تقدم من أجل توفير كل سبل الراحة للحجاج عامة وحجاج الأردن خاصة. ونحن على تواصل مستمر مع وزارة الحج السعودية ونشكر وزير الحج السعودي على تعاونه معنا، خصوصا وأننا في الأردن نطبق كل التشريعات والأنظمة التي تصدر من الأخوة في السعودية من أجل ترتيب أمور الحج. ودائما يشيد المسؤولون في السعودية ببعثة الحج الأردنية.

أما فيما يتعلق بموضوع الـ«كورونا»، الحقيقة أن هناك توصيات ونصائح من الأخوة في المملكة العربية السعودية تضمنت نصيحة لكبار السن والحوامل والمرضى لتفادي الحج هذا الموسم، نظرا لأنهم من الفئات الأقل مناعة وإن كان الأمر لم يصل إلى حد منع هؤلاء من الحج. ونحن بدورنا أوصلنا هذه النصائح للشعب الأردني بالتعاون مع وزارة الصحة الأردنية ووسائل الإعلام، ولكننا لن نمنع هذه الفئات من الحج إذا رغبت إلا إذا أبلغنا بإجراءات غير ذلك من الأخوة في السعودية.

* هناك مخيمات للاجئين السوريين في الأردن، هل تقوم الوزارة بالإشراف على المساجد في تلك المخيمات؟ - الوزارة تقوم بدور قد لا يكون كافيا في الإرشاد والتوعية والتوجيه في مخيمات اللاجئين السوريين وخصوصا في الزعتري وهناك عدد لا بأس به من وعاظ الوزارة، كما أنه يوجد مساجد جرى بناؤها في مخيمات اللاجئين السوريين من خلال جهات خيرية ونحن نقوم بتزويد المساجد بالأئمة والمحاضرين والمرشدين.

اللجوء السوري إلى الأردن حمل معه أخطارا متعددة بعضها أخطار فكرية لأن البعض يحمل أفكارا متطرفة وأسهم في إشاعة بعض الأفكار المتطرفة وهذا أضاف عبئا ورسالة جديدة على الوزارة لمزيد من التوعية، خاصة وأن الكثير من اللاجئين السوريين في المدن الأردنية، فاللجوء دعا الوزارة إلى أن توجه المرشدين إلى التكاتف المجتمعي والتوعية الأخلاقية.