ماذا تعد مايكروسوفت للسعودية والمنطقة العربية؟

نائب رئيس مجموعة المبيعات والتسويق العالمية يتحدث عن مستقبل الشركة في الشرق الاوسط

TT

في هذه الفترة المهمة تقنيا واقتصاديا وسياسيا تسعى الشركات الكبرى الى تأكيد وجودها الفاعل في أسواقها الرئيسية، ومن بين هذه الشركات مايكروسوفت التي زار أورلاندو أيالا، وهو نائب رئيس مجموعة المبيعات والتسويق والخدمات العالمية فيها، السعودية في جولة زار خلالها عددا من مناطق المملكة والتقى بمجموعة من كبار الشخصيات. وفي لقاء خص به أيالا صحيفتي «الشرق الأوسط» و«عرب نيوز»، وتم على متن الطائرة التي أقلته في رحلة من مدينة جدة إلى الدمام، جرى الحوار التالي:

* تشكل المملكة العربية السعودية سوقا حجمها 4.4 مليار دولار في الإنفاق على تقنية المعلومات ـ الأكبر في الشرق الأوسط ـ ماذا سيلزم لوضع المملكة في مركز نشاطات مايكروسوفت في المنطقة، ومتى؟

ـ لقد شهدت هذه السوق في السنوات الخمس أو الست الماضية نموا كبيرا، وأتذكّر ذلك لأنّني كنت مديرا لهذه المنطقة قبل نحو خمس أو ستّ سنوات، وقد كانت في بداية نموها عندما تركت. كان لدينا ستة أشخاص في ذلك الوقت، أمّا الآن فلدينا سبعون، وإذا لم أكن مخطئا، فإنّ ما بين 20 إلى 25 بالمائة من عائداتنا في الدول العربية الشرق أوسطية هي من المملكة العربية السعودية، وهي أعلى نسبة بين بلدان المنطقة. عندما تفكّر في احتمالات المستقبل فإنّ هذه السوق، ومن دون شكّ حسبما أرى، ستكون الأكبر لسنوات عديدة مقبلة. الخطوة الأهمّ في المنطقة كانت عندما اعتمدت مايكروسوفت اللغة العربية واحدة من لغات الربط لمايكروسوفت، وهو ما يعني أنّ إصدارات اللغة العربية من جميع المنتجات يتمّ إطلاقها بالتزامن مع الإصدارات الإنجليزية، وكنّا سعداء أن تمكّنّا من أخذ هذه المبادرة.

ويحتاج الناس للنظر إلى ما تقدّمه شركة ما للبلد الذي تعمل به، لا إلى الطريقة التي تُدار بها أعمالها، وهذه نقطة ذات شأن حقيقيّ تهمّ السوق المحلّية. هل نحن قريبون بشكل كافٍ من الزبائن لنتأكّد مما إذا كنا نلتزم بتلبية احتياجاتهم؟ هذا هو المهمّ. وهل يجب علينا أن نزيد من استثماراتنا؟ من المحتمل، وسوف تشاهد ذلك يحدث، بل لقد شرعنا في ذلك فعلا ونحن نخطط لكيفية القيام بالمزيد من الاستثمارات. أعتقد أن ما يريده الزبائن حقيقة هو التأكّد من أنّ تلك التقنيات تتحوّل إلى قيمة مادية، هذا هو ما يهمّهم حقيقة ولذا يجب أن نكون حساسين جدا تجاه ذلك الأمر. علينا أن نتأكّد من أنّنا نستثمر للمحافظة على رضى الزبائن ليس في المنطقة فحسب، وإنما على المستوى المحلّي أيضا.

* تعتبر المملكة العربية السعودية مستهلكا للتقنية لا منتجا لها، وقد رأينا مايكروسوفت تعمل حثيثا على تسويق منتجاتها في المملكة دون أن نرى استثمارا في التطوير المحلّي. فهل تفكّر مايكروسوفت في تطوير وتحويل التقنية في السعودية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمتى وكيف؟

ـ لم نقل أبدا بأنّنا لن نقوم بالتطوير، لكن في أماكن مثل المملكة نحن حقّا لا نعرف. على أنّ تطوير البرامج يكون أكثر فاعلية لو تمّ في مكان واحد.

* لكن مايكروسوفت قامت بالاستثمار في هذه المنطقة في الهند.

ـ بشكل قليل جدا، عندما تنظر إلى نسبة هذا الاستثمار. ولا يعني هذا أننا لا يجب أن نفعل المزيد وأنّ كلّ أنشطتنا يجب أن تتركّز في مكان واحد. في الحقيقة أعتقد أن مدينة ردموند (مقر مايكروسوفت في الولايات المتحدة) تكبر حقّاً، وبمرور الوقت ستحتاج الشركة إلى الاستثمار بشكل متزايد خارج الولايات المتحدة. لكن إلى الآن لا يوجد تفكير بالمملكة العربية السعودية، وإذا برزت أية فرصة جيدة فإنّها ستؤخذ بعين الاعتبار.

بالنسبة إلى وجودنا وزيادة استثماراتنا في الدول العربية الشرق أوسطية، فلدينا للآن وجود مباشر في ثماني دول في المنطقة، وهو أعلى وجود بين شركات هذا القطاع. ولدينا 12 مكتبا يديرها موظّفونا في المنطقة العربية. وعلى صعيد المملكة فنحن نقوم بمجاراة السوق، كما أنه لا يوجد لدينا ثلاثة مكاتب في دولة واحدة في المنطقة عدا المملكة. لكن لماذا نفعل ذلك؟ لأنّنا نشبّ نحو النمو المستقبليّ، صحيح أنّ هذه المكاتب ما زالت تعمل في التسويق والخدمات فقط، إلاّ أننا نحاول الاقتراب من زبائننا ومن السوق أكثر وأكثر.

* رأينا مشروع مايكروسوفت الجديد: «ترستوورثي كمبيوتنغ إنيشياتِف» Trustworthy Computing Initiative ـ أو الحوسبة الموثوقة. لماذا بدأت مايكروسوفت الآن فقط بتقوية الالتزام بمسألة الأمن في منتجاتها؟

ـ أعتقد أن الشركة كانت قد عملت على مسألة الأمن لوقت طويل، وهذه مشكلة وتحدٍّ متنامٍ. بصراحة أعتقد أن المجتمع العامّ أكثر اهتماما بالأمن، ليس فقط أمن منتجاتنا لكن الأمن بشكل عام. لقد تغير عالمنا، كما تغيرت طريقة البرمجة، وقد أصبح لدى الشركة الآن فرصة للتقرب من الناس الآخرين في هذا المجال ومن الحكومات، لأن الكثير من قضايا الأمن يجب أن تتمّ بالترابط مع القوانين الحكومية. هناك الكثير من العوامل المتبادلة التي يجب أن تنشأ بين الخصوصية والأمن، وهذا أكثر من مجرّد أن مايكروسوفت تستجيب لإصلاح الخلل في التقنية، إنها مسألة أكبر من ذلك بكثير. لذلك يُدعى هذا المشروع «ترستوورثي كمبيوتنغ» Trustworthy Computing أي «الحوسبة» الموثوقة وليس الأمن. لقد اتخذنا خطوة رائدة في محاولة لمّ شمل هذا المجال وترتيب الأمور لمواجهة التحديات التي تصادفنا هذه الأيام.

* كيف يمكن لمايكروسوفت أن تُطلق الكثير من المنتجات التي نجد فيها الكثير من نقاط الضعف بمجرد أن تنزل للسوق؟

ـ نحن نصنع منتجاتنا لتكون مرنة. فعلى سبيل المثال معظم خصائص منتجاتنا نتركها مفتوحة، وهذا يعني أن لدى الزبون الخيار لإغلاقها إذا أراد أن يؤمّنها. وهناك حدود مختلفة يمكن أن يتم تحريكها أماما وخلفا، كما أن هناك مئات الملايين من الناس يستخدمون منتجاتنا بطرق لا نهائية. مشاكل البرمجة التي يتمّ اكتشافها هي جزء من المقياس الذي يتمّ استخدام المنتجات عنده وبالتالي تجربتها. وعندما نطلق قطعة برمجية تكميلية Patch قد تكون مقبولة ومناسبة لنحو ألف مستخدم فحسب لتطبيق أو بيئة معينة.

إنّني أتقبل حقيقة أننا كشركة يجب أن نجد طرقا أفضل لتفهّم التغييرات في البرمجة، فنحن نستثمر في التقنية لجعل ذلك يحدث. مثال على ذلك هو تحديث «أوفيس» Office والذي هو جزء من نظام «ويندوز إكس بي» Windows XP. لكن أن نتوقع أن تكون البرمجة نظيفة وممتازة، فهذا ليس بالأمر الواقعيّ. على أية حال، فليست مايكروسوفت وحدها، لكن الأنظمة الأخرى أيضا تعاني من المشاكل نفسها. نعم، يحتاج المطورون أن يبتكروا تشفيرا أكثر أمنا، لكن ذلك يعد تحديا لعالم تقنية المعلومات كله، وليس فقط لمايكروسوفت.

* هل تقوم مايكروسوفت بخلق التقنية لأجل التقنية، أم أن سياسة منتجاتها الجديدة تحتاج إلى توجيه؟

ـ من الجنون أن نظنّ أن شركة تعمل في ابتكار التقنية عليها أن تقوم بابتكارات جديدة فحسب. سأقبل الجدل الدائر حول أن الناس لا يتقبّلون التقنية بالسرعة التي نتقبلها نحن، لكن برأيي فإنّ كل منتج من منتجاتنا الجديدة يأتي بقيمة مهمّة للشركات. يلزمنا أن نكون أفضل في مساعدة الناس على تقبل التكنولوجيا، فكلّ شيء نقوم بعمله في مايكروسوفت يقوم على تطوير محدّد. في حالتي فأنا استخدم الآن كاميرا رقمية صغيرة لإجراء مقابلات فيديو بين شخصين One to one قليلة الكلفة جدا. اللاسلكية هي تطوير، والقدرة على التعامل مع كومبيوتر عن بعد هي تطوير كذلك. وتقنية «وايتبوردينغ» Whiteboarding حيث يتعاون شخصان في العمل على وثيقة واحدة هو أيضا تطوير. لقد اعتاد الناس أن يدفعوا مئات الآلاف من الدولارات لعمل كل هذه الأشياء. نظام «إكس بي» XP منتج غني جدا بالمواصفات والإمكانات يضيف قيمة ممتازة لزبائننا.

* هل تعد المملكة جاهزة لتحقيق الأعمال الإلكترونية والتجارة الإلكترونية بنجاح؟ إذا كان كذلك، فماذا تحتاج للتحرك قدما، وما هو الدافع؟

ـ هناك الملايين من الدولارات التي يمكن الحصول عليها باستحقاق من خلال وصل ما نسميه «منطق الأعمال» Business Logic عبر الأنظمة القائمة حاليا. لقد تم استثمار ملايين الدولارات في أنظمة «ويندوز» و«يونيكس» Unix وغيرها، وأعتقد أن القدرة على استغلال طاقة «منطق الأعمال» في هذه الأنظمة واستخدام التقنية لربط منطق الأعمال فيها يُعدُّ فرصة لكل واحد. في تلك المجالات يميل الناس غالبا للتفكير بالمستهلك، بينما في الواقع فإنّ ربط النهاية الخلفية للأنظمة يمكن أن يوفر فرصة كبيرة. ولا تعني التجارة الإلكترونية حقيقة أن تشتري شيئا ما على الويب، وإنما هي العملية المتكاملة التي يصل المنتج من خلالها ليد المستهلك. لقد استثمرت الشركات في السعودية الملايين في أنظمة الكومبيوتر، إذن فالاستثمار قد تم إيجاده هناك، ولكن يبقى منطق الأعمال مهما لاستغلال هذه القوة.

* يشعر بعض الناس أن التحرّك نحو الأعمال الإلكترونية والحكومة الإلكترونية سيزيد من مشكلة البطالة في المملكة، ماذا تقول في ذلك؟

ـ لا أعتقد أن ذلك مشكلة الحكومة الإلكترونية أو الأعمال الإلكترونية. أعتقد أنها قضية أين وكيف تُستخدم مهارات الناس. من دون شكّ، على المجتمعات أن تعمل بكفاءة أكبر، فإذا لم تضع تشديدا على إعادة تشكيل مهارات العاملين فلن تهزم التحديات التي تواجه مجتمعك أبدًا. اعتاد الناس قديما على التنقّل على الحيوانات من مكان لآخر إلى أن جاءت المواصلات الآليّة، وعندها احتاج القليل من الناس إلى تولّي الجزء الأساسي في عملية النقل. في البداية، كان بعض الناس من دون عمل. لكنّ مع مرور الوقت اكتسبوا مهارات جديدة وتكيفوا مع المجتمع بكفاءة أكثر.

* هل من الضروري أن يتم جمع الكثير من التطبيقات المختلفة معًا Bundling؟ لماذا لا يكون الناس أحرارا في اختيار التطبيقات التي يريدونها، والتي سيدفعون نقودهم من أجلها؟

ـ لا أودّ أن أسمي ذلك جمعا، فنحن نحاول أن نفكر في طرق لجعل تقنيتنا أبسط. بشكل عام، نحن نحاول أن نفكر في التطبيقات ونقيم كل شيء ضروري لضمان أنه يتم الوفاء بتلك التطبيقات تجاه المستخدمين بأسهل طريقة، وهذه هي الفكرة.

فبجمع منتج ما مثل «أوفيس» Office، نريد أن نلبّي احتياجات العاملين في المعارف هذه الأيام. قد يكون هناك وضع فريد يتمثّل في مستخدم يريد تطبيقا مستقلا، لكن هذا غير شائع. وبشكل عام فإن أحدا لم يشتك من مسألة دمج التطبيقات. أعتقد أننا حاولنا جعل الأمور أسهل بالنسبة إلى الناس، ولا أرى أن الناس يريدون التعقيد، فهم يبحثون عن المنتجات التي تقدم لهم البساطة وسهولة الاستخدام. وهم لا يهمهم هذا المنتج أو ذلك، ما يهمهم هو أن يلبي حاجات العمل. نحن شركة تتحرك بسرعة وبقوّة شديدة تجاه الحوسبة المبنية على التطبيق.

* بأيّ الطرق الثلاث ستكون مشاركات مايكروسوفت في المملكة الأهم في السنة المقبلة؟

ـ أعتقد أنّنا يجب أن نبذل هنا، وأكثر من أية منطقة أخرى، جهدا أكبر لنجد أنفسنا ملتزمين بتمثيل كلّ اللغات، وليس اللغة العربية فحسب. أريد أن تكون الشركة محلية، وأن تكون هنا، وأن تقدّم المختلف، ليس فقط لأجل برامجنا، ولكن لتكوين اتصال إيجابي مع المجتمع، وهذا هو التوجيه الذي أعطيه لشعوب المنطقة.

لقد أصبح الإنتاج الكومبيوتري مهما جدا، ومايكروسوفت كانت وستظل جزءا هاما من هذه الثورة. لقد كانت كتابة خطاب بسيط وطباعته أمرا مكلفا. أشعر بالفخر لأننا تمكّنا من أتمتة المكاتب. إنّ حقيقة أن الحوسبة أصبحت تصل إلى أناس بشكل أكثر هي مسألة جزئية، إذ إنّ مايكروسوفت تمكّنت من تقديم تقنيات دفعت بأسعار الكومبيوتر للانخفاض حول العالم وقربت التقنية من الناس، وهذا مهم جدا. إننا نرى تطورا ضخما في تقنية المعلومات في المملكة على كل المستويات، وسيستمر ذلك وستكون مايكروسوفت جزءا منه.