التكلفة المرتفعة وصعوبة التمويل وراء هجرة مستثمري تقنية المعلومات المصريين

حجم الانخفاض في الطلب على منتجات المعلومات في مصر خلال السنوات الأربع الماضية

TT

رغم أن الآمال المعقودة على قطاع تقنية المعلومات تبدو هائلة لقيادة الاقتصاد المصري الى آفاق رحبة تنقذه من دوامة المشاكل التي تلاحقه في مجالات السيولة وضعف الصادرات وتذبذب سعر الصرف والركود، إلا أن قدرة هذا القطاع الذي خصصت له الحكومة المصرية نحو 4.6 مليار دولار على مدار السنوات الخمس المقبلة للنهوض به مازالت قليلة، بقيود صعبة حرضت العديد من مستثمري تقنية المعلومات المصريين على الهجرة الى دول عربية أخرى، خاصة في منطقة الخليج حيث المؤشرات المؤكدة بسوق قوامها 10 مليارات دولار خلال عدة سنوات وقاعدة تقنية قوية، علاوة على مناخ استثماري متحرر فضلاً عن زيادة في توظيف تقنية المعلومات داخل قطاعات الانتاج والخدمات لدعم ونشر ثقافة مجتمع المعلومات والأعمال الالكترونية.

وأكد الدكتور عادل غنام، أحد كبار مستثمري صناعة تقنية المعلومات والاتصالات، أن التوجه نحو الأسواق الخارجية والعربية تحديداً وتصدير الخدمات المعلوماتية والتطبيقات والبرامج المختلفة يعد احدى الوسائل التي تتبعها الشركات المصرية لتوسعة حجم أعمالها والتغلب على المصاعب التي تواجهها في السوق المحلية التي تتميز بارتفاع تكلفة الأيدي العاملة وأسعار منتجات المعلومات والاتصالات الى جانب زيادة تكلفة التمويل وانخفاض هامش الربح مقارنة مع الأسواق الاقليمية الأخرى لاسيما في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. وأضاف أن انخفاض حجم الطلب على منتجات المعلومات والاتصالات سيصل في مصر الى نسبة 40%. علاوة على تدني الارباح المحلية خلال السنوات الأربع الماضية في السوق المصرية، مقابل الفرص الاستثمارية الهائلة في الأسواق العربية وخاصة في مجال الاتصالات، كان بمثابة المحرك الرئيسي لشركات الاقتصاد الجديد المصرية للبحث عن سبيل لوضع نفسها على خريطة استثمارات الاتصالات وتقنية المعلومات والشبكات في هذه الأسواق. كما أوضح أن استراتيجيات مستثمري تقنية المعلومات في مصر حيال هذه الأسواق ليست طويلة المدى، وترتبط بالفترة الزمنية التي تستغرقها السوق المحلية للتعافي من معاناتها وتجاوز عقباتها. وحذر ماجد الوكيل، مدير احدى شركات الكومبيوتر المصرية، من أن التباطؤ في اتخاذ الاجراءات لانعاش الطلب وزيادة المبيعات أدى لخروج نسبة كبيرة من الشركات المحلية خاصة المتوسطة والصغيرة التي لا تقوى على تحمل تداعيات المرحلة الحالية من السوق، واعلان تصفيتها نهائياً. مشيراً إلى أن عدد الشركات التي عجزت عن المنافسة يقدر بنحو 350 شركة يعمل بها ما يقرب من حوالي 3500 مهندس ومبرمج وعامل فني. وأضاف أن الخطط الحكومية لتعزيز قطاع تقنية المعلومات وزيادة صادرات البرمجيات الى نحو ملياري دولار مازالت حبرا على ورق رغم الامكانيات الضخمة التي تتمتع بها صناعة البرمجيات في مصر، خصوصاً في مجالات التعريب والتعديل حسب احتياجات العملاء الخاصة. وحسبما يرى الوكيل فإن الاستثمارات الضخمة في الخارج ليست من أهداف مستثمري تقنية المعلومات المصريين الذين يعتمدون على انشاء أفرع لشركاتهم في دول الشرق الأوسط تستمد التقنية والكوادر من مقر الشركة الرئيسي في القاهرة. وأوضح أن الغرض من المقار الخارجية هو استخدامها كمدخل الى أسواق دول المنطقة، لتسهيل نقل الصادرات المصرية اليها، وتقديم الخدمات الفنية والتقنية للعملاء في هذه الدول. كما أشار إلى أن نجاح بعض المستثمرين في الفوز بصفقات وأعمال مرموقة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات بدول الأردن والجزائر وسوريا ودول خليجية أخرى شجع آخرين على توجيه جزء من استثماراتهم للخارج لا سيما في ظل الأوضاع الصعبة داخل السوق المحلي في مصر.

ووصف سيد اسماعيل، نائب رئيس غرفة البرمجيات باتحاد الصناعات المصرية، توجه بعض مستثمري تقنية المعلومات لدول مجلس التعاون الخليجي خاصة السعودية بأنه أمر منطقي حيث أن صناعة تقنية المعلومات وبرامج الكومبيوتر تشهد طلباً متزايداً في هذه المنطقة بنسبة تتجاوز 35% سنوياً، مما يعني وجود فرصة كبيرة أمام شركات تقنية المعلومات المصرية للمنافسة في هذه الأسواق وتقديم خدمات أفضل من الشركات الأجنبية، لاسيما في مجال التعريب والتعديل والتطبيقات والبرامج الجاهزة في مجال الأرشيف الإلكتروني وصحة التوقيع، فضلاً عن الخدمات الهندسية في مجال التحكم الآلي لقطاع تكرير البترول. وأضاف أنه علاوة على ارتفاع تكلفة منتجات تقنية المعلومات المصرية نتيجة ارتفاع أجور الأيدي العاملة وعدم وجود معاهد تدريب متخصصة، وكذا زيادة الأعباء الضريبية لاسيما على مستلزمات الانتاج، فإن التمويل المصرفي يعتبر أبرز العقبات التي توجه المستثمرين في هذا المجال حيث مازالت البنوك مرتعبة من الاستثمار في هذا المجال، لاعتبار المشاريع القائمة على التقنية العالية تحتوي على الكثير من المخاطر.