الأردن يبدأ خطواته العملية في تنفيذ خطة لتطوير التعليم الإلكتروني

TT

قال الدكتور فوزي الزعبي، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الأردني، إن اهتمام الأردن بتقنية المعلومات والاتصالات ليس باعتبار هذه التقنية هي الهدف، بل لأنها أداة ووسيلة تعطي المواطن الأردني امكانية الوصول إلى المعلومات والمعرفة بأفضل الطرق وأسلمها. ووصف الدكتور الزعبي التقنية كلغة أخرى جديدة يزود بها المواطن والطالب لمساعدتهم على رفع سويتهم العلمية، ومساعدتهم على توفير فرص عمل جديدة أمامهم. جاء ذلك في لقاء أجرته معه «الشرق الأوسط» في خضم استعدادات الأردن للبدء بتنفيذ خططه الرامية إلى استخدام تقنية المعلومات لتطوير قطاع التعليم فيه. وكان من بين ذلك استقبال فريق عمل هولندي من جامعة «دلف» للتكنولوجيا في هولندا، لوضع أسس التعاون والشراكة بين القطاعين التعليمي والخاص في كلا البلدين، وتبادل الخبرات في مجالات التعليم الإلكتروني (elearning) والخدمات الإلكترونية (eservices) والمكتبات الإلكترونية (elibraries)، وكيف يمكن تطبيقها والبدء بها في الأردن. وتأتي هذه الزيارة بناء على مذكرة تفاهم وقعت بين وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات الأردنية وجامعة «دلف» في وقت سابق، حيث تعتبر هذه الجامعة ممثلة لشبكة تمثل قطاع تقنية المعلومات والاتصالات الهولندي والأوروبي، وتضم شركات وهيئات علمية ومؤسسات التعليم العالي هناك، للمساهمة في انجاح ثورة تقنية المعلومات والاتصالات في الأردن في قطاع التعليم، وتم الاتفاق على أن يركز الجانب الهولندي على نقل خبرته في مجال الربط بين القطاع التعليمي بالذات والقطاعين العام والخاص بما يتعلق بالتقنية. وقال الزعبي ان التعاون بين الجهتين يركز كذلك على وضع آلية لتشجيع القطاعين الخاص الهولندي والأردني على الاستثمار في الأردن، ودراسة الخدمات الإلكترونية التي يمكنهما ادخالها في القطاع التعليمي في الأردن، بناء على النجاح الباهر الذي حققته جامعة «دلف» في وضع أسس الترابط بين المعاهد الجامعية والقطاع الخاص في هولندا.

وكشف الزعبي عن أن أحد الأمثلة العملية التي تمت دراستها منذ فترة في الأردن وهو انشاء مكتبة إلكترونية بناء على نجاح الفكرة في هولندا، سيبدأ قريبا بعد أن أعلنت إحدى الجامعات الأردنية عن استعدادها لتنفيذه. كما ستتعاون شركتا تقنية معلومات هولندية وأردنية على إقامة مشروع على غرار ما فعلته شركات القطاع الخاص الهولندية مع جامعة «دلف» في مجال المعرفة الخاصة بالتعليم الإلكتروني.

وتعليقا على ذلك قال الدكتور الزعبي «إننا نسعى إلى تغيير مفهوم التعليم في الأردن لتحويل المناهج من أسلوب التلقين إلى أسلوب التعلم، وهو ما نجح الهولنديون في تطبيقه في مدارسهم، ونسعى في الاستفادة منه لتعديل مناهجنا بما يتماشى مع ذلك».

وردا على سؤال حول مدى توفر التمويل اللازم في الأردن للبدء في هذه النوعية من المشاريع، كشف الزعبي أن التمويل متوفر وموجود وبكميات كافية، وبخاصة بعد أن وضعت الحكومة الأردنية تطوير التعليم في أعلى سلم أولويات مشاريع التحول الاقتصادي في الأردن. كما أوضح أن هناك العديد من المشاريع المشتركة مع القطاع الخاص الذي أبدى اهتماما كبيرا في هذا القطاع الذي يتميز الاستثمار فيه بأقل قدر من المخاطر.

وأكد الدكتور فواز الزعبي على أن الأردن ما زال في المراحل الأولى من خطته بعيدة المدى على تطوير نفسه اعتمادا على التقنيات الحديثة، وأضاف «وبعد أن صرفنا وقتا في رسم الاستراتيجيات جاء وقت التنفيذ». وأشار إلى أن الأردن في طور إنشاء بنية تحتية لشبكة اتصالات متطورة سريعة (برودباند من خلال ألياف ضوئية) تربط مدارس الأردن وجامعاتها، أي ما يقارب الثلاثة الاف مدرسة و22 جامعة ومعهدا أكاديميا خلال العامين المقبلين، مما سيساعد في تفعيل مبادرات التعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد. وكشف الدكتور الزعبي عن أن اعداد خطة العمل ستتم في الشهر الثامن من هذا العام، على أن يبدأ التنفيذ في بداية العام المقبل. وأشار الدكتور الزعبي إلى بدء تجربة مشروع ربط المدارس فيما بينها الذي دشنه الملك الأردني عبد الله الثاني قبل أيام، والذي تم فيه ربط أربعة مدارس من أربع مناطق أردنية مختلفة بشبكة اتصالات، تمهيدا لربط 200 مدرسة أخرى قريبا، حيث أوضح أن هذا سيتم باستخدام شبكة الاتصالات المتوفرة حاليا، على أن يتم ربط جميع المدارس مع الشبكة المتطورة عند الانتهاء من اقامتها. وقال الزعبي «إن اهتمام الأردن بالطلبة استراتيجي، إذ يشكل قطاعة الطلبة في الأردن ما يقارب الثلاثين بالمائة من عدد السكان، وإن التأخر في إعدادهم للمستقبل بالشكل الصحيح قد يعني خسارة جيل كامل».

وردا على سؤالنا حول اعتزام الأردن بناء مدينة تقنية أسوة بما أعلنته دول عربية أخرى، شدد الزعبي على أن تجربة الأردن في هذا المجال مختلفة عن غيرها، إذ أنه يرغب في أن توفر الامكانيات التقنية لجميع أفراد الشعب وليس لقطاع بعينه، وأشار إلى أن تنفيذ مثل هذه المشاريع يرتبط عادة بمدى رغبة القطاع الخاص بتنفيذه كونه هو المستفيد الأول منه. وقال الزعبي إن توفير الإنترنت بسعر مناسب وموحد في جميع مناطق الأردن قد ساهم بزيادة الاقبال على التقنية وبخاصة في المناطق النائية، التي لوحظ فيها الاقبال الكبير على زيارة مراكز الإنترنت التي أقامتها الحكومة هناك. ولفت الزعبي الانتباه إلى أن ما تقدمه الإنترنت وتقنية المعلومات بشكل عام يتناسب مع الطابع المحافظ للمجتمعات العربية، ففي حين تفضل الأسر العربية عدم سفر بناتها للخارج لتلقي العلم مقارنة مع أبنائها الذكور، جاءت الإنترنت لتجلب العلم والمعرفة إلى داخل البيوت، مما يساهم في زيادة عدد النساء المتعلمات، وتكوين جيل من الأمهات المتعلمات اللواتي سيساهمن في تربية أجيال المستقبل التي ستعتمد عليهم الأمة العربية بأسرها، من أجل جعلها في مصاف الدول المتقدمة.