صعوبة كبيرة للدخول إلى صناعة الأجهزة أو حتى الى عملية تجميعها في العالم العربي

أمين الاتحاد العربي لتقنية المعلومات لـ «الشرق الأوسط» : لست راضيا عن أداء الاتحاد ولا بد من معالجة البطء في تنفيذ الأفكار

TT

نشأت فكرة إقامة اتحاد عربي لتقنية المعلومات بهدف النهوض بصناعة تقنية المعلومات وتوجيهها لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالدول العربية، إلا أن الكثيرين يخشون أن يدخل هذا الاتحاد دائرة النسيان كسائر الاتحادات العربية النوعية الأخرى، بل وأكد العديد من الخبراء أن الاتحاد يعاني الكثير من الصعوبات التي تحول دون أداء المهام المنوطة به.

ولإلقاء مزيد من الضوء على نشاط الاتحاد وما يواجهه من صعوبات التقت «الشرق الأوسط» الدكتور رأفت عبد الباقي رضوان، أمين عام الاتحاد العربي لتقنية المعلومات مدير مركز معلومات مجلس الوزراء، وحاورته في حديث لا تنقصه الصراحة حول خطط الاتحاد، وتوقعاته لسوق المعلومات العربية، والتحديات التي تواجه الاتحاد، والعديد من الأمور التي تشغل كافة المهتمين بقضية تقنية المعلومات العربية، وهذا نص الحوار:

* في البداية قد لا يعرف الكثيرون ماهية الاتحاد العربي لتقنية المعلومات، لذا نرجو اعطاءنا نبذة عنه.

ـ الاتحاد العربي لتقنية المعلومات هو أحد الاتحادات النوعية المنشأة تحت مظلة مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، وقد بدأ تأسيسه في فبراير (شباط) 2001 بمشاركة ثماني دول عربية، هي مصر والسعودية والإمارات وسورية والمغرب والأردن والكويت وفلسطين، وصل عددها حاليا إلى 14 دولة واكثر من 45 مؤسسة وجهة بحثية.

* يخشى العديد من الخبراء أن يصبح الاتحاد امتدادا للاتحادات العربية الأخرى غير النشطة؟

ـ لن يحدث هذا أبدا لأننا عندما نتحدث عن مجال تقنية المعلومات فهذا يعني أن عناصر النجاح تتفوق على عناصر الفشل لأسباب عديد أهمها: أن القائمين على هذه الصناعة يدرسون خطواتهم بمنتهى المنطقية والعقلانية أكثر من العشوائية، وثانيا أن معظم الاتحادات الأخرى نشأت على بنى صناعية متعارضة، أما صناعة المعلومات بطبيعتها متعددة الجوانب لا يمكن فيها التكرار وتنشئ نوعا من أنواع التكامل المبني على الميزات التنافسية.

* كيف يتم تمويل الاتحاد؟

ـ يعتمد تمويل الاتحاد على مشاركات الأعضاء والأنشطة التي يقدمها، مثل الدورات التدريبية وتقديم الاستشارات لبعض الجهات وإعداد نشرات وإصدارات يمكن بيعها، إضافة إلى التحكيم في منازعات عقود التقنية ولا يمكن لأي اتحاد يهدف إلى النجاح أن يعتمد على التبرعات.

* هل يفكر الاتحاد في إنشاء مقار فرعية في الدول العربية الأخرى؟

ـ لا نفكر في ذلك لأننا نتحدث عن أداء الأعمال عن بعد، وأعتقد أن أكبر مقر للاتحاد وفروعه هو المقر الموجود على الإنترنت.

* ما هو دور الاتحاد في سد الفجوة الرقمية العربية العالمية، وبين الدول العربية نفسها؟

ـ دور الاتحاد هو السعي للتغلب علي الفجوة الرقمية بيننا وبين الغرب والتي تبلغ 20 سنة في مجال تقنية المعلومات، وللتغلب على هذه المشكلة يجب أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون لأن التطور في المعلوماتية سريع إلى أبعد حد. أما الفجوة بين الدول العربية وبعضها فهي فجوة ثقافية في المقام الأول فعندما تصل الأمية في دولة عربية إلى ما فوق 67%، فهي فجوة لا يمكن أن تضيف لها أجهزة كومبيوتر لأنها حضارة مرتبطة بوعي ومستوى ثقافي معين، وهذا يفسر بوضوح الانتشار المذهل للهاتف الجوال بالدول العربية عن الكومبيوتر الذي عرفه العرب قبل ذلك بمراحل.

* هل هناك أمل في أن تلحق الدول العربية بصناعة المكونات الأساسية للأجهزة (هاردوير)؟

ـ هذا المجال محسوب ومحكوم لأنها صناعة لا يمكن أن تقوم في دولة عربية بمفردها والأمل الوحيد أن تكون هذه الصناعة موجهة للمنطقة العربية بأكملها.

* ولكن لماذا لم نتقدم في صناعة التجميع على الرغم من وجود أسواق عربية واعدة؟

ـ الحقيقة أن أكبر الأسواق العربية هي السوق السعودية وتليها السوق المصرية، ولكننا عندما نتحدث عن صناعة التجميع فلابد من توافر مليون جهاز سنويا، وإذا أردنا صناعة مجزية يتضاعف هذا العدد إلى 5 ملايين جهاز، واعتقد أن هذا صعب تحقيقه في سوق عربي الآن.

* إذا ما هي المكونات والتقنيات التي يمكن أن تحقق نجاحا ملحوظا حال تصنيعها في العالم العربي؟

ـ الأمل معقود على صناعة البرمجيات لأن سوقها المحلي معلوم وهو السوق العربية، والعجيب أننا نستورد مكونات هذه الصناعة من الخارج على الرغم من أننا نستطيع تحقيق قفزة كبيرة في هذا المجال والمال العربي متوافر والحمد لله، ولكن ما نحتاجه فعليا هو تبني صناعة كبيرة للبرمجيات تقوم على استثمارات ضخمة وليست أكشاكا وورش صناعة البرمجيات.

* هل تتوافق منظومة التشريعات العربية مع عصر تقنية المعلومات؟

ـ التشريعات العربية لا تتوافق حتى مع عصر الصناعة، فلا بد أن نتخلى عن سياسة خط الإنتاج وننطلق إلى عالم جديد لا يقتنع بفكرة تسلسل الإجراءات والعمليات ولكنه يقتنع بفكرة الابتكارات وسياسة «تخريمة المستقبل» التي تقتضي برامج وخطط عمل وقياسا مستمرا.

* ما هو دور الاتحاد في حماية العمالة العربية من سيطرة العمالة الأجنبية على السوق العربية؟

ـ من وجهة نظري أن وجود تلك العمالة بالأسواق العربية ظاهرة إيجابية، فالمهارة ليست لها جنسية وتفرض نفسها وتعتمد على الكفاءة والسعر، والمطلوب من العمالة العربية تحقيق الانضباط ونقل الخبرة من هذه العمالة وتطوير أدائها لمصلحة السوق العربية.

* ما هو المشروع الذي يحتل قائمة جدول أعمال الاتحاد في هذه الآونة؟

ـ إنشاء قاعدة معلومات لمنتجات البرامج العربية يأتي على قائمة اهتمامات الاتحاد، لأننا كعرب لا نعلم ما هي منتجات بعضنا فلابد أن نعرف الأنشطة والمجالات العربية حتى نساهم فيها، ونحن نناشد كل من لديه منتج عربي أن يوافينا باسمه ووصف مختصر له عن طريق عنوان الاتحاد بالإنترنت وهو wwwarabituorg.

* وماذا عن مشروع الأكاديمية العربية للتقنية والبرامج التدريبية والتعليمية؟

ـ الأكاديمية المقترح إنشاؤها ستمنح الدرجات الجامعية العلمية بالتنسيق مع الجامعات ومراكز البحوث العلمية العربية المختلفة، وكذا من مهامها طرح آليات جديدة للتكامل والتنسيق الاقتصادي بين الشركات العربية المشتركة والموجودة حاليا لتدعيم المراكز التجارية العربية بالمعلومات والاتصالات التجارية، وستعمل الأكاديمية على تحسين المركز التنافسى للدول العربية في حالات التفاوض مع الشركاء الأجانب وتيسير الاتصال الدائم مع المراكز التجارية المناظرة في العالم من خلال شبكة الانترنت بهدف عقد الصفقات التجارية المتبادلة.

* في ختام اللقاء هل أنت راض عن حصاد الاتحاد منذ تأسيسه وحتى الآن؟

ـ لست راضيا، فنحن نعمل في مجال السرعة فإذا انتظرت بين طرح الفكرة وتنفيذها مسافة طويلة فسوف تجهض، فالأهم من الأفكار الجيدة هو سرعة التنفيذ، وحتى الآن ما زال لدينا البطء في التنفيذ، ونحن نحاول من خلال مجهودات ضخمة وكوادر شابة تحريك هذا الاتحاد وتحويله إلى أداة فعالة لخدمة مجتمع تقنية المعلومات في الوطن العربي.