في عالم كتب الرسوم الكاريكاتيرية .. الأبطال هم للصغار والكبار على السواء

استعراض للاصدارات الأخيرة من لعبة الكومبيوتر «سبايدر ـ مان» التي اصبحت حديث قطاع العاب الفيديو العالمي

TT

كانت زميلتي ترى صور قطتها لامرأة في حفلة، وقد كنت أظهر في بعض الصور ما دفع المرأة لسؤالها: «من هو هذا الرجل الوسيم؟» وعلى طريقة الخاطبة، أخبرتها الزميلة أنني أكتب عمودا في صحيفة، فأبدت المرأة اهتمامها لمعرفة ما أكتب، وعندما علمت أنني أكتب عمودا عن ألعاب الفيديو تساءلت باستغراب: «وهل يلعب حقا ألعاب الفيديو؟»، وبسرعة تلاشى كل اهتمام أبدته تجاهي.

يحدث هذا على الدوام. لحظة اهتمام صغيرة يليها السؤال الدائم: «كم عمر هذا الشخص، 12 عاما؟».. وددت لو كان بوسعي مناقشة المسألة، وربما يكون افتراض أن ألعاب الفيديو شكل جديد من أشكال رواية القصة، تماما كالعديد من أشكال الفن الجديدة، يحتم تغلبها على الازدراء والاستخفاف المبدئي الذي تواجه به قبل أن تحقق القبول الواسع لدى الجمهور. لكن لن يعتبرني أحد جادا عندما أعترف بأنني كنت وما زلت ألعب لعبة «فريدم فورس» (FreedomForce) و«سبايدر مان» (SpiderMan); اللعبتين المبنيتين على الكتب الرسومية الكاريكاتيرية التي عهدناها جميعا في عمر الطفولة.

«فريدم فورس» أو «قوة الحرية» لعبة مقتبسة من كتب الأبطال الرسومية القديمة. وعندما أوجدت في الستينات وتحديدا في الشوارع، تمثل «قوة الحرية» مغامرات الأبطال الذين يحاربون الشيوعية والوحوش. ومذكرة بأسلوب المسلسل التلفزيوني القديم «باتمان» الذي يمتاز بالأداء الفائق والحوار الساخن، فإن «فريدم فورس» تتيح لك أن تقود بطلك المفضل في معركة تستخدم فيها مجموعة من مناطق الخبرة التي تمنح القوة لك ولمقاتليك.

صورة الأبطال خيالية بطريقة جميلة، ومنهم على سبيل المثال آلشي مس المؤمنة التي تحارب الشر بوساطة السحر وتوجيه الطاقة، ومينتور المخلوق الغريب الذي يستطيع بقواه العقلية أن يتحكم بأعدائه ويرسلهم في انفعال أعمى يقومون فيه بمهاجمة بعضهم البعض. ويستطيع أبطالك أن يثبوا فوق المباني العالية وأن يشقوا نور الليل من تحت الأرض لينقضوا على الأعداء، وأن يقذفوا بسيارة تجاه الوحوش.

وتمتلك «فريدم فورس» بامتياز ذلك المزيج الرائع من الجنون والجدية، والذي كان علامة مميزة للكاريكاتيرات التي كبرت بصحبتها. وبصورة ممتعة تخلو اللعبة من الوصف، لكن ضع مؤشر الماوس على التاكسي لتراه يوصف بأنه «السيارة التي تنقلك من مكان لآخر لقاء المال»، بينما توصف طاولة الرحلات بأنها «شيء قد يحمل وجبة لذيذة أو كأسا من العصير المنعش». «فريدم فورس» لعبة رائعة الشكل والأداء سواء من ناحية الترفيه الدرامي أو اللعب، وهي بسيطة وسهلة التعلم وتوفر تنوعا في الحركات والأسلحة. إنها تهزأ بطريقة لبقة من أساليب عرض الكتب الكاريكاتيرية التي لا تزال تذكرنا بما جعل تلك الرسوم مسلية ومثيرة.

إذا كنت سأصبح فجأة بطلا خارقا نتيجة ملامستي لمادة غامضة أتت من الفضاء الخارجي، وهو ما يحدث مع الأبطال في «فريدم فورس»، فسأكون مرتاحا عندما أجد أن هذا قد حصل مع عدد آخر من الناس أيضا، وبالتالي يمكنني الالتحاق بمجموعات دعم الأبطال الخارقين ومناقشة حياتي الجديدة. وفي حين يرتبط فريق «فريدم فورس» بروابط الصداقة فإن بيتر باركر التعيس الحال لا يجد من يتكلم إليه عندما يتحول إلى الرجل العنكبوت، إنه فحسب يستطيع أن يخفي حيرته وثقته المهتزة بنفسه خلف الأجوبة البارعة والفكاهات التي يطلقها.

لعبة «سبايدر ـ مان» SpiderMan، أو الرجل العنكبوت تنشرها شركة «آكتِفِجِن» Activision، التي أطلقت لعبتها المختلفة تماما «سبايدر ـ مان» قبل نحو عام ونصف، وبعدها قامت بنشر «سبايدر ـ مان 2»، وقررت الآن أن تكسر نظام الترقيم وتعود إلى اسم «سبايدر ـ مان». بعض مواقع الألعاب حاولت أن تزيل اللبس الحاصل من خلال تسمية اللعبة الجديدة «سبايدر ـ مان: ذي موفي» أي «الرجل العنكبوت: الفيلم»، والذي يعتبر بحق اسما غبيا للعبة، لكن الاسم في الواقع هو «سبايدر ـ مان». ولأن اللعبة قريبة الشبه باللعبتين الأوليين، فإن «سبايدر ـ مان 3» قد يكون اسما جيدا، لكنهم في «آكتفجن» أكدوا لي أنه وبسبب كون اللعبة مبنية على ترخيص مختلف (كون ترخيصها مأخوذا من الفيلم وليس من كتب الرسوم الكاريكاتيرية) فإنها ليست «سبايدر ـ مان 3» على الإطلاق، وإنما شيء آخر مختلف. هذا الأمر سيهم المسؤولين ومن يعملون في التسويق أكثر مما يهم اللاعبين أنفسهم. وربما كان أفضل اسم للعبة هو «الرجل العنكبوت: اتفاقية الترخيص الجديد»، وتعتمد اللعبة بتراخ على الفيلم الذي يقوم ببطولته توبي ماكيور، الذي منح اللعبة تسجيله الصوتي أيضا ليكون صوت البطل الذي يخاطب الأشرار بعبارات مثل: «سأسحقك مثل حشرة». أحبه عندما يقولها. أفضل من ذلك هو تعليمات الدرس المضحكة التي يقدمها بروس كامبل الذي قدم دورا ثانويا في «سبايدر ـ مان». ولعبة «سبايدر ـ مان» أمتع قليلا من سابقتيها من ناحية الرسوم الأكثر واقعية، على أنني في الحقيقة أفضل شكل الكتب الكاريكاتيرية الأولى. وبينما سمحت اللعبة الأولى ببضعة لكمات ورفسات مع بعض الحيل بالخيوط العنكبوتية، أصبح هناك هذه المرة مدى عريض من الحركات القتالية. (الحركة المفضلة عندي هي تلك التي تقفز خلالها في الهواء لتنقض على خصمك). وتتمثل أفضل إضافة للعبة في إمكانية قذف خيط باتجاه جدار وسحب نفسك نحوه، وهي طريقة نافعة في الهروب من الأعداء أو مجرد الابتعاد بسرعة.

وبالنسبة لي، فإن أفضل مهارة هي الترنح في الجو، لكن وعلى خلاف سابقتيها، فهذه اللعبة تقضي أوقاتا أطول في المجاري المظلمة ومحطات قطارات الأنفاق عوضا عن الأجواء. وكنتيجة لهذا الأمر فإنك غالبا ما تشعر أنها لعبة مثل كل الألعاب القتالية الأخرى التي تجول فيها داخل الممرات المعتمة وتقتل الأشرار. لكن اللعبة تنطلق فعلا عندما يصبح العنكبوتي فوق المدينة أو في مبنى ضخم، حيث يجد مساحة للحركة، ما يجعل المعارك القتالية الكبيرة مع كبار الأشرار مثل العقرب والنسر أكثر متعة بكثير من المعارك مع العصابات.

ومن النسخ الثلاثة الخاصة باللعبة الجديدة، أفضل النسخة الخاصة بجهاز «غيم بوي أدفانس» (GameBoyAdvance)، التي تمتاز بكونها لعبة بسيطة تبقي بطلنا خارج المباني.. تماما حيث ينتمي. أما أكبر عيوب اللعبة فهي ان مشاهد الكاميرا صعبة الضبط والتي تركز غالبا على المكان الخطأ، والصعوبة في جعل الرجل العنكبوت يتقدم ببطء في الاتجاه الصحيح. ففي بعض الأحيان لم أتمكن أبدا من الذهاب به إلى حيث أريد، وعندما حاولت أن أمضي به بعيدا عن الخطر فضل ـ بدلا من ذلك ـ الذهاب إلى مرمى نيران الأعداء. وفي النهاية فإن لعبة «سبايدر-مان» تمثل الوضع الحقيقي للفيلم الذي أخذت عنه، فهي متقنة الإنتاج وبها ترنيمات من الحركات الممتعة لكنها عرضة للنسيان إلى حد ما.

ليس لدي حب المراهقين المستمر لكتب الرسوم الكاريكاتيرية الخاصة بالأبطال الخارقين; فأنا أقرأ من تلك الكتب ما هو غير واضح وذو الخلفيات القاتمة مثل سلسلة مارثا كيفني «بادلي ـ درون كومكس» (BadlyDrawnComics). لذا، إن لم تكن ألعاب الفيديو موجودة، فربما كنت أستطيع تجنب وصمي بالمراهق. ورغم ذلك فإن لدي حل في هذه اللحظة: في المرة المقبلة التي تقابل فيها زميلتي امرأة تسألها عم أكتب، تستطيع أن تجيبها بأنه قد كتب مؤخرا عرضا حول «سبايدر ـ مان»، فإما أن تعتقد المرأة أنني ناقد سينمائي وتعجب بي أشد الإعجاب، أو أن تكون عارفة باللعبة «سبايدر-مان» وفي هذه الحالة فإنها ستكون صاحبة روح صغيرة ذات 12 عاما، مثلي تماما.

* خدمة نيويورك تايمز ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»