نوكيا تفتتح عصر رسائل الوسائط المتعددة تمهيدا للجيل الثالث باطلاقها جهاز 7650 نهاية الشهر الحالي

مسؤولو الشركة يتحدثون عن واقع التقنية الجديدة وسبل تطويرها ومستقبلها وما تحتاجه لتحقيق النجاح وما تقدمه للمنطقة العربية

TT

تريد أن ترسل رسالة قصيرة بالهاتف الجوال إلى شخص لتصف له المكان الذي ستنتظره فيه، هل ستكفيك 160 حرفا التي يسمح لك هاتفك باستخدامها لتحقيق ذلك، أليس من الأفضل أن تضمن رسالتك صورة لمعلم بارز في ذلك المكان؟ وماذا لو تركت زوجتك (وهذا مثال أخطر) في السيارة لتذهب لاحضار شيء من متجر ووجدت أن هناك عدة خيارات من نفس الشيء، هل تتصل بها على هاتفها الجوال وتضيع ساعة لتشرح لها الفروق، أم ترسل لها صورة عنها من خلال الهاتف، خاصة أن ما تريد أن تشتريه مختلف ألوانه. أو لنفرض أنك كنت تتجولين في مكان ما وشاهدت منظرا طريفا لدرجة أنك تريدين أن تشاركي فيه صديقاتك فورا بمن فيهن اللواتي يسكن في بلد آخر، لما لا تلتقطين له صورة وترسلينها من هاتفك كملف ملحق مع رسالة بريد إلكتروني، الأمثلة تطول، لكن الحل واحد، وهو أن تتطور الهواتف بحيث تتيح لك التقاط الصور وارسالها مع النصوص فورا. ومع أن ذلك قد يبدو خياليا(مثل جهاز «نوزيا») إلا أنه سيظهر في الأسواق مع نهاية الشهر الحالي، وجربته بنفسي في نهاية الشهر الماضي بأساليب مشابهة تقريبا لما ذكرت أعلاه، من خلال هاتف نوكيا 7650 الجديد، إلا أن هذه المتعة لم تستمر سوى ليوم ونصف قبل أن تسترجع الشركة هواتفها، بحجة التمهيد لطرحها في الأسواق بعد شهر.

نما استخدام الهاتف الجوال في العالم نموا لم يتوقعه أحد خلال السنوات العشر الأخيرة، وصار من الملاحظ أن النمو العالمي في استخدام الهاتف الجوال كان أكثر منه في الهاتف الثابت، في الوقت الذي شهد فيه العالم تحول العديد من الناس من استخدام الهواتف الثابتة والاتجاه إلى الجوالة بدلا منها. وفي الوقت نفسه نما استخدام الهاتف الجوال للتراسل بصورة مذهلة، ففي عام 1999 كان ارسال الرسائل القصيرة بين الهواتف الجوالة بمعدل 46 مليون رسالة في اليوم، أصبحت 230 مليونا عام 2000، والآن أصبحت تقارب المليار رسالة في اليوم الواحد، وهو نمو ضخم لو عرفنا أن هذه الرسائل لا يمكن أن تتجاوز في أقصى حالاتها 160 حرفا فقط، من دون امكانية اضافة صور. وقد تنبهت شركات الهواتف الجوالة إلى ذلك، مما دفعها إلى العمل على إيجاد طرق تساعد على الاستمرار في هذا النمو وتطويره، ومساعدة مقدمي خدمات الاتصال على استثماره. وتأتي شركة نوكيا في مقدمة هذه الشركات، خاصة وأنها بدأت تشعر بعوائد ذلك عليها نفسها، ففي لقاء دعت إليه شركة نوكيا ممثلي الصحافة العالمية إلى مقرها في العاصمة الفنلندية هلسنكي، قال بيكا ألا بييتيله، رئيس الشركة، أن سبعة بالمائة من مجموع العوائد التي حققها مشغلو خدمات الهواتف الجوالة عام 2001 قد جاءت من خدمات البيانات، مما جعل الشركة تتوقع أن ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 35 في المائة في عام 2006، أي ما يقارب 262 مليار دولار، في حين لا تستأثر الخدمات الصوتية العادية إلا بمعظم النسبة المتبقية، إضافة إلى المحتوى وخدمات الأعمال والإعلانات وغيرها. وأوضح لاوري كيفينن، النائب الأول لرئيس الشركة لشؤون اتصالات المؤسسات، أن خدمات البيانات تضم أربعة مجالات أساسية، هي الاتصال بين الأشخاص (person to person) المعلومات والتسلية، والتحويلات المالية، وتطبيقات الأعمال، إلا أنه أكد على أن نوكيا تتوقع أن تكون خدمات الاتصال بين الأشخاص هي أكثرها انتشارا، وبخاصة مع إعطاء مستخدمي الهواتف انشاء المحتوى الخاص بهم بأنفسهم، وذلك بإتاحة إمكانيات جديدة لانشاء الرسائل بما في ذلك امكانية اضافة الصوت والصورة إلى النصوص، أو ما يسمى بخدمة الرسائل القصيرة بالوسائط المتعددة التي تعرف بالأحرف MMS وهي اختصار للكلمات (Multimedia Messaging Service).

* عوامل التغيير

* وترى نوكيا أن تحقيق الاستفادة من MMS، وما سيليها من تطبيقات ستظهر مع اعتماد تقنيات الجيل الثالث للاتصالات، واعتمادها لن يتم بين ليلة وضحاها، بل هي عملية طويلة تعتمد على عدة عوامل، أهمها أن تكون الحلول القائمة عليها سهلة ومنطقية التطبيق بحيث لا يتردد المستخدم في التعامل معها، فالعملية لا تتوقف على مجرد إرفاق صورة مع نص. كما يجب أن يكون هناك نموذج أعمال صالح للتطبيق يجذب الناس إليه، ثم الجانب الثالث والأهم هو توفر دعم التقنية في الشبكات المختلفة وفي أماكن جغرافية عديدة، وأن يكون بمقدور الأجهزة التعامل مع بعضها بغض النظر عن من يصنعها. وعلى كل حال فإن نوكيا ترى أن العناصر الأساسية لدعم الاتجاه الجديد في التنقلية (Mobility) موجودة منذ الآن ولهذا فإن تطور الاعتماد على MMS في الأعمال سيكون أسرع مما حصل مع SMS. وما يؤيد ذلك أن هناك العديد من الخدمات التي تعتمد على الأحداث الآنية ستجد في MMS اسلوبا مناسبا لدعمها، كما لا بد وأن تظهر مجموعات اهتمام تستغل هذه التقنية في أنشطتها، كما سنشهد تحول العديد من التطبيقات من الإنترنت إلى الهواتف الجوالة بسبب ميزة التنقلية التي تقدمها، وبخاصة مع مساهمة شركات تطوير التطبيقات المستقلة في انتاج تطبيقات جديدة، هذا مع ضرورة ظهور قوانين مناسبة لحماية الملكية الفكرية للمحتوى الذي سيتم استقباله على الهاتف الجوال. وستكون الألعاب وبخاصة التفاعلية منها من أهم التطبيقات على الهواتف وبخاصة مع دعم الألوان في شاشاتها. إلا أن ما يؤكد عليه خبراء البرمجيات في نوكيا هو أن السوق هو الذي سيحدد ما سينجح من حلول وما سيفشل منها، إذ أن ذلك قد يختلف بين بلد وآخر. إلا أن جانب الاهتمام بالتسويق ووضع سياسة صحيحة لأسعار الخدمات ستلعب الدور الأساسي في انتشار الاستخدام. وعلى كل حال فإن مليار رسالة SMS يتناقلها الناس في العالم في كل يوم تعني أن هناك مليار زبون محتمل للخدمات الجديدة، وهو عدد سيستمر بالتزايد، خاصة أن التقديرات تتوقع بأن يصبح في العالم أكثر من المليار ونصف المليار مالك لجهاز هاتف جوال مع حلول .2005 ولا شك بأن نجاح فكرة التقنيات الجوالة يعتمد على تضافر جهود جميع الأطراف، بما في ذلك منتجو الأجهزة، ومزودو الخدمات والتقنيات ومطورو التطبيقات، فمن غير المعقول أن تنجح فكرة مثل رسائل MMS إذا لم تكن هناك امكانية لتبادل الرسائل بين أجهزة مختلفة التصنيع، ولهذا فإن نوكيا تقول انها تدفع باتجاه تأسيس هيكلية برمجية مفتوحة تتيح للجميع بلا استثناء، الاطلاع على مصادرها واستخدامها، ولهذا فإنها تتيح للمطورين الاطلاع على البرمجيات سواء تلك المخصصة للأجهزة الجوالة نفسها، أو للأجهزة الخادمة للاتصالات وغيرها، وذلك من خلال منتدى نوكيا للمطورين (Forum Nokia) وعنوانه على الإنترنت www.forumnokia.com. حيث تقدم من خلال المنتدى أدوات ودعما للتطوير، وترخيصا لاستخدام البرامج المصدرية. والنتيجة أن الاتجاه الذي ترغب الصناعة في السير فيه هو عدم السماح لأي جهة باحتكار الاتجاه الجديد نحو مبدأ التنقلية.

* المستقبل

* تحاول نوكيا المحافظة على الزخم الذي ميزها منذ أن بدأت في التركيز على صناعة أجهزة الهاتف الجوالة قبل عشر سنوات وحتى الآن، إلا أنها شركة تقوم على تراث يعود إلى مائة عام منذ أن تأسست على ضفاف نهر نوكيا في فنلندا كشركة لصناعة الخشب والورق في 1865، ثم الصناعات المطاطية، ثم الالكترونية. وتعمد نوكيا في ابداعاتها حاليا على 54 مركزا للبحث والتطوير تتوزع على 14 بلدا، يعمل بها 18600 شخص. كما أنها تخصص نسبة بلغت العام الماضي 9.6 بالمائة من مبيعاتها على البحث والتطوير. وتستثمر نوكيا كذلك في شراء شركات تجد فيها دعما لاتجاهاتها، كما تتحالف مع أخرى لتحقيق التفوق. ولكنها تخفي ما تخطط لانتاجه في المستقبل، إلا أننا حاولنا الحصول على بعض الخطوط العريضة، ومن بينها توفير امكانية تسجيل وارسال صور فيديو متحركة، ثم تزويد الهواتف بقدرة الاتصال الفيديوي المستمر بحيث ينقل المتصل للطرف الآخر ما يشاهده، (نقلا حيا ومباشرا)، أو ما يطلق عليه بالانجليزية See What I See (شاهد ما أشاهد)، وتخزين البيانات الشخصية في الهاتف بحيث يستغني الشخص عن أي وسيلة أخرى للشراء والتعامل مع الإنترنت.