70 في المائة من طاقة تقنية المعلومات المصرية غير مستغلة لغياب التنسيق وتواضع التدريب والتشغيل

TT

وصفت تقارير رسمية وخبراء مصريون متخصصون مستوى استغلال طاقة تقنية المعلومات المتوافرة للقطاعين الحكومي والخاص في مصر، بأنه متواضع ولا يرقى لمستوى الطموحات الواعدة المنتظرة في مجال الاستفادة من تطبيقات تقنية المعلومات والانخراط في الاقتصاد الرقمي الجديد، مشيرة الى ان الحجم المستغل من طاقة تقنية المعلومات في مجال الأجهزة والبرمجيات يتراوح بين 25% و30% فقط، مما يعني ان الطاقة المهدرة تبلغ نحو 70%. وعلل الخبراء تواضع حجم التشغيل وزيادة الطاقة المفقودة قياسا بنظيرتها في المنطقة ودول العالم المتقدمة بغياب التنسيق بين الجهات المصرية العديدة العاملة في مجال تقنية المعلومات، والافتقاد الى استراتيجية واضحة في هذا المجال علاوة على نقص التدريب وانحساره في تطبيقات تقليدية ومحدودة.

وحسبما ورد في تقرير للجهاز المركزي المصري للتعبئة والاحصاء، فإن أعداد اجهزة الكومبيوتر بأنواعها الاربعة، الكبير والميني والميكرو والشخصي، لدى القطاعين الحكومي والخاص لم يتجاوز حتى عام 1999 نحو 57 ألف جهاز، منها حوالي 29 الف جهاز في قطاع الاعمال العام والقطاع الحكومي والهيئات العامة، مقابل نحو 26 الف جهاز في شركات القطاع الخاص المختلفة، موضحا ان عدد الأجهزة في القطاع الحكومي بلغ 50556 كومبيوتر موزعة بواقع 17 كومبيوتراً كبيراً، و278 ميني، و54 ميكرو، مقابل 50207 كومبيوترات شخصية، وأن عدد الاجهزة في قطاع الاعمال العام بلغ 19171 جهازاً منها 45 كومبيوتراً كبيراً و476 ميني و245 ميكرو، ونحو 18405 كومبيوترات شخصية.

في حين ان عدد أجهزة الكومبيوتر في الهيئات العامة بلغ 4695 جهازاً، منها 12 كومبيوتراً كبيراً و144 ميني و106 ميكرو، مقابل 4433 كومبيوتراً شخصياً. كما أشار التقرير إلى ان نحو 92% من اجهزة الكومبيوتر التابعة للقطاع الخاص شخصية، مقابل 8% موزعة على الاجهزة الميني والميكرو، وان الشركات العاملة في قطاع الصناعة والمقاولات والخدمات هي الاكثر استخداما لاجهزة الكومبيوتر. ووصف التقرير استخدامات تقنية المعلومات المتاحة من خلال هذه الاجهزة بأنها مازالت متواضعة وقاصرة على أعمال محدودة لا تتجاوز نحو 30% من الامكانات المتاحة، الأمر الذي يمثل هدراً كبيراً في الوقت والاستثمار، حيث ان تكلفة امتلاك هذه الاجهزة واعداد شبكات للربط في ما بينها وتدريب العاملين عليها مرتفعة، مقارنة بالخدمات الضئيلة التي يتم الحصول عليها منها، كما ذكر التقرير ان كفاءة التشغيل مازالت دون المستوى مما يسبب اعطال عديدة ويزيد من تكلفة استخدام الاجهزة.

ويخطئ من يظن ان الفاقد ينحصر فقط على قطاع الأجهزة، حيث كشفت موسوعة المجالس القومية المتخصصة العام الماضي ان البرمجيات تعاني نفس المشكلة، حيث تتجاوز نسبة الفاقد مقارنة بالامكانات المتاحة نحو 75%. وأوضحت ان الانفاق السنوي على البحث والتطوير في العديد من الجهات العاملة في هذه الصناعة حوالي 665 الف جنيه (144.5 ألف دولار) وهو مبلغ متواضع اذا ما لوحظ انه يتضمن رواتب العاملين وتكاليف النفقات البحثية، وان تصيب الباحث من الانفاق السنوي في البحث والتطوير في قطاع البرمجيات يبلغ نحو 12.5 ألف جنيه (2700 دولار) وهو مبلغ ضئيل للغاية.

وانتقد زكريا عيسى، رئيس جمعية الحاسبات المصرية، اصرار الجهات المستخدمة لأجهزة الكومبيوتر وتقنية المعلومات على امتلاك أعلى مستوى من التقنية المتاحة، في حين أن استخدامها لا يتجاوز نحو 25% من الامكانات المتوفرة، الأمر الذي يفقد استخدام تقنية المعلومات الجدوى الاقتصادية. وعلل عيسى تواضع الحجم المستغل من تقنية المعلومات المتاحة في مصر، بتضارب وتعدد الجهات العاملة والمسؤولة عن تقنية المعلومات وعدم وجود استراتيجية واضحة في هذا الصدد، مشددا على ان غياب التنسيق بين هذه الجهات يهدر الكثير من الجهود والطاقة المتوفرة في تكرار المشروعات.

واعترف سيد اسماعيل، نائب رئيس غرفة تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات باتحاد الصناعات المصرية، بوجود فاقد في طاقة البرمجيات يتراوح بين 70%و 80%، مشيرا الى أن السوق المصري ماتزال تعتمد على عدد محدود من البرامج المتعلقة بالتطبيقات الادارية بنسبة 32.9% والتطبيقات المالية بنسبة 30.4%، في حين تأتي البرمجيات المتعلقة بتطبيقات الصيانة والنقل والتشريعات في المرتبة الاخيرة، وكذلك يحتل نظام التشغيل ويندوز المرتبة الاولى لدى الشركات بنسبة 29.1%، يليه نظام التشغيل «يونكس» بنسبة 22.8%، ثم ويندوز «إن تي» بنسبة 15.2%، واضاف ان الطاقة المستغلة من برنامج مايكروسوفت أوفيس لا تتجاوز 30% مقابل 20% لبرنامج «وورد» و«إكسل» و«باور بوينت»، موضحا ان تواضع الطاقة المستغلة يرجع الى أن الاحتياجات لم تصل لدرجة التقدم كنظيرتها في الدول المتقدمة، علاوة على نقص التأهيل والتدريب، حيث مازال التشغيل منصبا على القشور فقط.

ويرى خبير تقنية المعلومات المصري الدكتور يسري زكي ان فاقد تقنية المعلومات موجود في العالم كله ولكنه يصل الى نسب كبيرة في مصر، وأنه لتقليل هذا الفاقد يجب اعادة تقييم مفهوم التدريب بحيث يتم التركيز على الاستفادة القصوى وليس التشغيل، بالاضافة الى التركيز على تطبيق مفهوم الذكاء الاصطناعي في وضع الحلول لأي مشكلة، مؤكدا ان الاستفادة القصوى تتطلب التركيز على استخدام سرعة تقنية المعلومات وترتيب الموضوعات واستغلال الحجم"2">خم من المعلومات.

ومن جهة اخرى قالت كريستين عريضة، مديرة التخطيط بوزارة الاتصالات، ان الوزارة أجرت دراسات لمعرفة اتجاهات التوزيع الجغرافي لعدد مستخدمي الانترنت وطبيعة المستخدمين، ولكنها لم تقم بتحليل خاص للمواد التي يستخدمها عملاء الانترنت، مشيرة الى أن الارقام تكشف في النهاية تدني عدد مستخدمي الانترنت في مصر قياسا بالمعدلات العالمية.

اما الدكتور شريف هاشم الخبير بوزارة الاتصالات فيرى ان من الخطأ القول بأن هناك هدراً في استخدام الامكانيات التفنية المتاحة والانترنت، مؤكدا ان المهم هو أن تدخل الأجهزة للمنازل والمؤسسات، وأن تستخدم لا أن توضع في الصناديق بصرف النظر عن مضمون الاستخدام في المرحلة الحالية لان ذلك يأتي في وقت لاحق.