600 مليون دولار خسائر الدول العربية بسبب جرائم الكومبيوتر

جرائم السطو والمخدرات وغسيل الأموال ما زالت نادرة في المنطقة العربية والخبراء يطالبون بتطبيق التجربة السعودية في الحماية من الإنترنت

TT

تعد جرائم الكومبيوتر من الجرائم المستحدثة في عالمنا المعاصر باعتبارها جرائم لا تعرف الحدود الجغرافية، الامر الذي حدا بالعديد من الدول العربية في اطار الطفرة الهائلة في مجال تقنية المعلومات التي تشهدها تلك الدول حاليا، إلى تطوير وتحديث في شبكة الاتصالات الدولية والسعي الجاد لملاحقة كل ما هو جديد لسد تلك الثغرة الخطيرة التي يساء استخدامها، بما يؤثر على اقتصاديات تلك الدول، خاصة في ظل سعي القائمين بتلك الجريمة المستحدثة على استخدام كل الوسائل التي تمكنهم من اختراق نظم التقنية في الدول العربية التي تتميز بالكثير من القصور، الذي يختلف حجمه من دولة الى اخرى.

ويؤكد د. رأفت رضوان، مدير مركز المعلومات بمجلس الوزراء المصري، ان جرائم الكومبيوتر انتشرت بسبب التوسع في استخدام الانترنت، باعتبارها وسيلة لتسهيل عمليات الاختراق وسرقة المعلومات، مما زاد في عدد هذه الجرائم في المنطقة العربية رغم التكتم الشديد على اعلانها من قبل الشركات والبنوك التي تتعرض لها، موضحا انه على الرغم من دخول تقنية الكومبيوتر متأخرة الى المنطقة العربية، الا ان الدول العربية تكلفت حوالي 600 مليون دولار تمثل خسارة نتيجة لهذه الجرائم التي بدأت في الانتشار سريعا، وذلك وفقا لدراسة اعدتها اكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية بالسعودية. ويشير د. رضوان الى ان اكثر من 6 ملايين شخص من مستخدمي الكومبيوتر العام الماضي تضرروا من الاحتيال في عمليات التجارة الالكترونية، وصلت خسارتهم الى اكثر من 9 مليارات دولار، كما ان 86% من المنشآت المتعاملة بالكومبيوتر تتعرض لمخالفات متمثلة في نسخ البرامج الاصلية، الى جانب الغش في المحتويات الداخلية والتي ترتفع معدلاتها بنسبة كبيرة في الدول العربية والآسيوية.

ويحدد اللواء ادريس التابعي خبير امن المعلومات، اهم انواع جرائم الكومبيوتر على الصعيد العربي، مبينا ان النوع الاول من الجرائم يرتكب بواسطة فئات مختلفة من الهواة وغالبيتهم من المراهقين الذين يرتكبون هذه الجرائم من اجل قهر النظام وكسر الحواجز الامنية، اما النوع الثاني من الجرائم فهو الذي يستخدم فيها الكومبيوتر كوسيلة للسطو على المصارف والمنشآت التجارية، بما في ذلك سرقة ارقام البطاقات الائتمانية والارقام السرية ونشرها احيانا، موضحا ان المنطقة العربية لم ينتشر فيها حتى الآن استخدام جرائم الكومبيوتر في اطارة الاعمال غير المشروعة كالقمار وتجارة المخدرات وغسيل الاموال والتزييف والابتزاز والترويج للدعارة وغيرها من الجرائم المنتشرة على الصعيد العالمي، واشاد التابعي باهتمام الحكومات العربية ومحاولتها الجادة في تفعيل دور الشركة العربية لامن المعلومات، والتي تهدف الى تنمية معارف ومهارات المشاركين في مجال مكافحة جرائم الكومبيوتر، وتطبيق الاجراءات الفنية لأمن المعلومات في البرمجيات والاتصالات في شبكات الكومبيوتر.

ويقول هشام نجيب مدير احدى شركات البرمجيات، ان جرائم الكومبيوتر لا حصر لها فنجد على سبيل المثال جرائم تتم بالسب والقذف من خلال الانترنت، فيقوم بعض الاشخاص باستخدام الشبكة لإرسال رسائل على البريد الالكتروني يسب ويقذف في حق اشخاص معروفين أو غير معروفين، مبينا ان بعض المواقع على الانترنت تقوم ببيع سلع وبضائع يشتريها المواطنون ويقومون بسداد قيمتها عن طرق بطاقات الائتمان، وتقوم هذه الشركات بالنصب بعدة طرق، إما ان تأخذ رقم بطاقة الائتمان وتسيء استخدامها، أو تقوم بارسال سلع تالفة أو غير مطابقة للمواصفات المعلن عنها، أو تحصل على الاموال ولا ترسل السلعة المطلوبة اصلا، ويتوقع نجيب ان تساهم القيم الاسلامية في المجتمع العربي في عدم انتشار النوعيات المشينة من جرائم الكومبيوتر كجرائم بيع الاطفال وكذلك الجرائم التي تمس الاخلاق العامة.

ويضيف طارق السيد، احد المحامين المهتمين بمجال جرائم الكومبيوتر، انه من الصعب جدا اثبات هذه الجرائم لانها تستلزم توفير المعلومات إلكترونيا، خاصة أن القانون لا يعاقب الا بناء على نص لتوافر اركان الجريمة. موضحا ان القانون المصري لا يعاقب على تصفح مواقع الانترنت ايا كانت، الا اذا تطور الامر لفعل مخل بالآداب واساءة السمعة، مؤكدا ان تعدد وسائل حماية أجهزة الكومبيوتر من أي تدخلات خارجية يؤدي الى عدم اكتشاف مركز الافعال، مما يدفع الى استحالة اثبات الفعل على شخص معين لانه قد يستخدم اكثر من جهاز في مضايقة الغير، كما في حالة الشاب الذي اشاع قصة السفاح لانه استخدم مقاهي الانترنت في ترويجها. ويشير السيد الى ان هناك اتجاها قوميا في العالم لتقنين السلوك والاخلاق تحترم بمقتضاه الشبكة كوسيلة اتصال، كما ان هناك اتفاقية تم توقيعها في بودابست بشأن تجريم بعض الجوانب المتعلقة باستخدام الانترنت. ويلفت زكريا عيسى رئيس جمعية الحاسبات المصرية الانتباه الى ان القوانين الموجودة في الدول العربية اصبحت غير ملائمة لهذه النوعية من الجرائم، موضحا ان الاتصال الالكتروني يوجد حرية بين المتعاملين غير المقيدين بالاخلاق، وعلى هذا الاساس ظهرت اتجاهات متعددة يحبذ اقواها فرض الرقابة الصارمة والسيطرة على المستخدمين كما في القرارات التي فرضتها المملكة العربية السعودية لحماية مجتمعها. مشيرا الى ان المنطقة العربية في حاجة الى قياس التأثيرات الاجتماعية وسلوكيات الافراد المتفاعلين مع الانترنت، لنعرف ما يقتحم مجتمعنا وكيف نواجهه، خاصة اذا عرفنا ان عدد مستخدمي الشبكة في البلدان العربية يبلغ حوالي 3.4 مليون شخص، من المتوقع ان يصلوا مع نهاية هذا العام الى 10 ملايين مستخدم. وينبه عيسى إلى انه يقع على عاتق المستخدمين انفسهم في النهاية تحديد المواد الملائمة التي يستقبلونها، لأن القيم تكمن في الانسان نفسه لا في وسائل التقنية.