البرمجيات الأجنبية تحتكر سوق الألعاب الإلكترونية المصرية والشركات الوطنية عاجزة عن المنافسة

صعوبة التصميم والتكلفة المرتفعة والقرصنة تعرقل إنتاج برمجيات ألعاب عربية تعكس القيم والتراث الحضاري الوطني

TT

مع انتشار اجهزة الكومبيوتر وزيادة اعداد المستخدمين وتنوعهم، اصبحت الالعاب الالكترونية هواية الاسرة كلها خاصة في موسم الاجازات الصيفية، حيث تستحوذ هذه الالعاب على معظم اوقات فراغ الشباب والاطفال والكبار، لا سيما انها غير مجهدة ولا تحتاج الا لجهاز كومبيوتر ونخبة من العاب البرامج الالكترونية التي يمكن تبادلها بين الاصدقاء. ورغم ان الالعاب الالكترونية موجودة في مصر منذ حوالي خمسة عشر عاما، وانتشارها يزيد يوما بعد يوم، الا ان الشركات الوطنية ما زالت عاجزة عن انتاج برمجيات العاب الكترونية تعكس القيم والتراث الحضاري الوطني، الامر الذي سمح للبرمجيات الاجنبية لاحتكار هذه السوق التي تزداد بمعدلات كبيرة وتشكل جزءاً كبيراً من عقول مستخدميها خاصة الاطفال.

ويعترف سيد اسماعيل، نائب رئيس غرفة البرمجيات المصرية بصعوبة تصدي شركات البرمجيات المصرية، والعربية لانتاج هذه النوعية من البرمجيات لعدة اسباب، في مقدمتها ان هذه البرمجيات ذات تصميم معقد للغاية وتحتاج الى تقنية عالية جدا وجهد كبير، علاوة على ان تكلفة هذه البرمجيات مرتفعة للغاية، إذ تتجاوز تكلفة الواحد منها نحو 100 الف دولار، كما ان تلك البرمجيات يسهل نسخها واعادة طبعها، الامر الذي يعرض الشركة المنتجة لخسائر ضخمة. واضاف ان هذه البرمجيات يمكن كذلك نسخها عبر شبكة الانترنت، مشيرا الى ان الاسباب السابقة دفعت الشركات المصرية والعربية الى تجنب مخاطر الاستثمار في هذه البرمجيات. واوضح سيد اسماعيل ان برمجيات العاب الكومبيوتر محتكرة عالميا من حوالي 3 شركات كبرى تستطيع توفير الحماية لبرامجها، وتحول دون نسخها بصورة غير شرعية، ويمكنها توفير التقنية العالية والخبرات التصميمية والابتكارية النادرة، علاوة على تحمل التكلفة المرتفعة لانتاج هذه البرمجيات. واضاف ان استثمارات الشركات العالمية في برمجيات الالعاب الالكترونية يتجاوز مليارات الدولارات، كما ان حجم مبيعات هذه النوعية من البرمجيات يبلغ حوالي 5 مليارات دولار.

ويؤكد صلاح ملاعب، مدير عام «صخر مصر» وجهة النظر السابقة، موضحا ان انتشار عمليات القرصنة جعل الشركة تنسحب من سوق انتاج هذه النوعية من البرمجيات وجعلها تركز على برمجيات التطبيقات الاخرى، واشار الى أن هذه البرمجيات، في ضوء تكلفتها وتوفير وسائل الحماية اللازمة للحيلولة دون اعادة نسخها، تحتاج لاستثمارات ضخمة، علاوة على ان حجم الانتاج الضخم للشركات العالمية يجعل اسعارها اقل من الاسعار التي يمكن ان تطرحها الشركات العربية حال انتاجها لهذه البرمجيات.

واضاف المهندس عبد الله حسن، المدير العام والعضو المنتدب لشركة «نزهة نت»: «تستحوذ الالعاب الالكترونية حاليا على اهتمام الشركات العالمية الكبرى في مجال تقنية المعلومات، الامر الذي يتطلب منح هذه الالعاب اهتماما اكثر في مصر والوطن العربي، خاصة في ظل الزيادة المستمرة بحجم هذه السوق، حتى لا نصبح مجرد مستوردين لتلك الالعاب. واذا كنا لا نستطيع ان نصنع الادوات المكملة لتلك الالعاب من اكسسوارات واجهزة خاصة، فعلينا على الاقل أن نبتكر افكار العاب اخرى تكون مصرية وتلائم عاداتنا وتاريخنا، بشرط ان تكون ذات كفاءة عالية لضمان اقبال الاطفال عليها»، مؤكدا ان هذه مهمة شركات البرمجيات المصرية والعربية. وتزخر سوق برمجيات الالعاب الالكترونية في مصر والمنطقة العربية بالعديد من الالعاب العالمية المعروفة المنتجة بواسطة شركات كبيرة مثل «فيفا» و«لورد أوف ذي رينجز» و«هاري بوتر» و«ذي ماتركس» و«بيتر بان»، وكلها تروج لقيم وعادات تعبر عن وجهة نظر منتجها، إذ لم تنتج هذه البرامج للمنطقة العربية فقط، ورغم الجمارك المرتفعة التي تصل الى نحو 50%، الا ان استيراد هذه النوعية من البرامج حسبما ذكر مسؤول بوزارة التجارة الخارجية المصرية يزداد بمعدلات كبيرة، خاصة خلال اشهر الصيف.

واكد الدكتور مدكور ثابت رئيس الرقابة على المصنفات الفنية المصرية، ان برمجيات الالعاب الالكترونية تخضع للرقابة من خلال رقباء متخصصين للحيلولة دون تسرب برامج تشوه صورة العرب والمسلمين، أو تروج لافكار وعادات تتعارض مع تعاليم الدين أو التقاليد والعادات والقيم المصرية، مشيرا الى ان الرقابة منتشرة في المنافذ الجمركية المختلفة ومقار البريد السريع، وغيرها من وسائل استيراد هذه النوعية من البرمجيات. واضاف انه تمت قبل عامين مصادرة لعبة تتمحور حول مباراة بين فريقين يحكم الفائز منهما نهر النيل، بعد ان لاحظ الرقباء ان احد الفريقين يضع على صدره نجمة داوود، الامر الذي يكشف عن سوء نية، وترويج لأفكار خطيرة ويهدد الانتماء للوطن. وتابع ان الرقابة تتم على كل النسخ المستوردة وتتم مشاهدة اللعبة للنهاية قبل السماح بتداولها في السوق.