استعراض للعبتي كومبيوتر تحاولان تحقيق التوازن بين الحركة والمغامرة والذكاء

«بروجيكت إيدن» حبكة رفيعة المستوى وتحديات لذكاء عال أما «بروكين سوورد» فمحاولة لاكتشاف الغموض المحيط بالمؤامرة

TT

تبدأ «بروجيكت إيدن»r(Project Eden) بسقوط دمية الدب الصغيرة من أعلى قمة ناطحة سحاب، ليتهاوى الحيوان المحشو بالقطن مارا بالمباني الحديثة متلألئة الأنوار... ويسقط من خلال السطح المتهدم لأحد المباني القديمة ثم من طابق لآخر في المبنى مارا بطوابق تسكنها الفئران وطوابق ذات أسقف محطمة... ويستمر في السقوط مارا بأماكن تسكنها مخلوقات غريبة ومخيفة. وأخيرا يهبط في بركة صغيرة لتلتقطه يد غير بشرية.إنه مشهد ذكي يعرض بشكل سريع فكرة المدينة المستقبلية الشاسعة التي بُنيت فوق أنقاض المدينة القديمة المتهالكة، لكن المشهد خادع إلى حد ما. فهذا المشهد الافتتاحي للعبة يعد بأن تحتوي على قصة مثيرة للاهتمام، إلا أن قصة اللعبة يمكن أن تكتب في أسطر معدودة على منديل ورقي صغير.

تصنيف اللعبة يضعها ضمن ألعاب المغامرة الحركية، لكن يمكن أن توصف بأنها لا تنتمي لأي من هذين التصنيفين. في اللعبة تقوم أنت بقذف الوحوش مستخدما عددا مختلفا من الأسلحة المثيرة، لكن الخطر يكاد يكون منعدما فموت الشخصية يودي إلى انتقالها لموقع آخر. وسوف تواجه عددا من العوائق أثناء استكشافك لأماكن اللعبة. وستمتع لعبة «إيدن» أي شخص يحب ألعاب الألغاز المرتبطة ببيئات منطقية وواقعية.

ويتحكم في هذه اللعبة فريق مكون من أربعة أشخاص يتبعون وكالة الدفاع المدني، وهي قوة شرطة مستقبلية أُرسلت للتحقيق في المشاكل التي ظهرت في شركة «ريل ميت» (Real Meat). ويتمتع كل عضو من أعضاء الفريق بمهارات مختلفة; فأحدهم يستطيع اختراق أجهزة الكومبيوتر، على سبيل المثال، والآخر عبارة عن إنسان آلي يمكنه السير فوق اللهب والمرور من مناطق الإشعاع دون أن يصاب بأذى. ويبدأ الفريق عمله من داخل مكاتب الشركة حيث يشق طريقه مبتدئا من المواقع جيدة التنظيم نزولا إلى المواقع المخربة بالمدينة، ومرورا بأحياء قديمة ومناطق تسكنها مخلوقات غريبة وآكلو لحوم البشر وأخرى تقطنها وحوش شرسة للغاية.

الهدف في كل مرحلة هو الوصول إلى المصعد الذي يؤدي إلى المرحلة التالية، لكن المهمة ليست سهلة على الإطلاق. فالأبواب موصدة والمولدات لا تعمل والأنابيب تبعث بخارا حارقا. مينوكو هو عضو الفريق المسؤول عن اختراق أجهزة الكومبيوتر، بينما آمبر هو الوحيد الذي يمكنه المرور من منطقة الإشعاع في الغرفة التالية، أما آندري فيأتي دوره عند الحاجة إلى إصلاح الأجهزة، لكن هناك مدفعاً آلياً في الممرات. غالبا ما يكون الحل الأمثل في هذه المواقف هو إرسال أجهزة ذات تحكم عن بعد عبر فتحات التهوية والجدران المحطمة.

وفي الوقت الذي تبدو فيه التحديات ميكانيكية مثل إصلاح ماكينة معينة أو الوصول إلى مناطق لا يمكن الوصول إليها فإن اللعبة نادرا ما تكرر نفسها. والعقبات الموجودة في اللعبة تتطلب قدرا كبيرا من الذكاء، وفي إحدى مراحل اللعب يتوجب فصل الفريق إلى قسمين يحتاج أحدهما أثناء العمل إلى مهارات أعضاء القسم الآخر. وانصب قدر أقل من التركيز في نظام المعارك في اللعبة، ففي المراحل الأولى ستجد أن القضاء على الأعداء سهل للغاية، ما يعطي انطباعا بأن الحركة في اللعبة لم تضف بغرض زيادة قيمة عنصر التسلية، لكنها ببساطة أضيفت من أجل الحبكة الروائية. ويسهل القضاء على أعضاء العصابات في اللعبة، والذين يمثلون الأعداء ويتحركون بشكل غبي كما أن الأعداء البشريين وغير البشريين يركضون بطريقة متكررة نحو المناطق المكشوفة ما يجعل التصويب عليهم سهلا للغاية.

وفي معظم ألعاب المغامرات نادرا ما يتعرض أبطال اللعبة للموت، وذلك لأن الذين يفضلون ألعاب المغامرات يركزون أكثر على حل الألغاز والتفاعل مع الشخصيات الأخرى وغالبا ما يجدون أن تعرض شخصية اللعبة للموت أمر مزعج. وفي المقابل تجد أن الكفاح من أجل الاستمرار والنجاة في ألعاب الحركة هو الذي يجعل اللعبة مشوقة. وتمتاز نقاط إعادة التوليد في «إيدن» بكونها فكرة رائعة إذا ما نظرنا للعبة على أنها لعبة مغامرات، لكنها ليست كذلك بالنسبة للعبة حركة. يمكنك تصويب قذائفك مرتين تجاه أحد الوحوش وتتعرض للموت ويعاد تكوينك مرة أخرى وتعود لمحاربة الوحش نفسه وتتعرض للموت ويتكرر ذلك بأي عدد من المرات تحتاجه للقضاء على الوحش. وتجعل هذه الطريقة التعرض للموت في اللعبة أمرا غير مخيف، حتى أنك لن تعتبر أصعب الوحوش في اللعبة إلا مجرد عائق بسيط يؤخر تقدمك. وبالنسبة لمحبي الألغاز في الألعاب تكون المعارك أفضل عندما تتطلب قدرا معينا من التفكير والذكاء أكثر من استخدام القوة، وهذا الأمر يتحقق في هذه اللعبة بنجاح إذ ستواجه مواقف تضطر فيها إلى مناورة خصمك واستدراجه إلى ممر يوجد به أحد الوحوش.

ويعتقد المرء أن المعارك في لعبة «إيدن» قد تمت إضافتها حتى لا يتم تصنيف اللعبة ضمن ألعاب المغامرة، فألعاب المغامرات الخالصة والتي تهتم فقط بعناصر الألغاز والقصة وتفاعل الشخصيات أصبحت موضة قديمة يندر وجودها وأحدث لعبة تتبع هذا الأسلوب التقليدي هي لعبة يبلغ عمرها 6 سنوات يعاد إصدارها هذا العام وتحمل اسم «بروكين سوورد: ذي شادو أوف ذي تمبلرز» (Broken Sword: The Shadow of the Templars)، وهي لعبة للكومبيوتر الشخصي تم إصدارها عام 1996 وسوف يعاد إصدارها على جهاز «غيم بوي أدفانس». وتحتوي لعبة «بروكين سوورد» على الكثير مما تفتقر إليه لعبة «بروجيكت إيدن»، لكنها أيضا تحتوي على عناصر تخرج اللعبة من إطار تصنيف ألعاب المغامرات الخالصة.

أفضل ما في لعبة «بروكين سوورد» هو أنها تلعب على جهاز «غيم بوي أدفانس». لقد تطورت التقنية بسرعة كبيرة، فاللعبة التي كانت تتطلب جهاز كومبيوتر مكتبي يمكن تشغيلها الآن بوساطة جهاز صغير في حجم الجيب. ورغم أن هذا الإصدار يحتوي على عبارات مكتوبة بدلا من أصوات الممثلين وتتابعات من الصور الثابتة بدلا من المشاهد المتحركة، إلا أنه يشبه الإصدار الأصلي إلى حد بعيد. وتم تقليص الرسوم في اللعبة إلا أنها جيدة ومكتملة كما أن اللعبة تتضمن موسيقى لكن ولكي تتمكن من سماع الموسيقى جيدا عليك أن تستخدم سماعات الأذن أو أن تلعب في مكان هادئ ومنعزل.

وتبدأ لعبة «بروكين سوورد» بحدوث انفجار عنيف في أحد المقاهي الباريسية. وقد تم تفجير القنبلة بوساطة شخص يرتدي زي المهرج ليقرر أحد السياح الأمريكيين، واسمه جورج ستوبارت، والذي تصادف وجوده بالمكان أن يحقق في الحادث. في الأعمال الفنية الخيالية غالبا ما تجد الناس يسارعون بالتحقيق في الحوادث التي تقع في محيط وجودهم، لكن هذا الأمر نادر الحدوث في الحياة الحقيقية. وبالتعاون مع نيكول، وهي فتاة تعمل كمصورة صحافية، يتمكن جورج من اكتشاف المؤامرة ويبدأ في تتبع خيوط القضية ويطارد المشتبه فيهم في جميع أنحاء أوروبا، ويعود من وقت لآخر إلى نيكول ليقارن معها الملحوظات.

ويتّسم الحوار في اللعبة بكونه مسليا وفكاهيا، ولو كانت هناك قصة جيدة وحوار شيق في لعبة «بروجيكت» إيدن لأصبحت اللعبة أفضل بكثير إلا أن الألغاز في لعبة «بروجيكت إيدن» على مستوى عال، في حين نجدها غير منطقية أحيانا في «بروكين سوورد» وتتطلب حلولا عشوائية مثلها مثل العديد من ألعاب الألغاز الأخرى. فهناك لغز الشطرنج الذي يتم حله عن طريق تحريك القطع بشكل عشوائي، كما أن بعض الألغاز الأخرى تتطلب طرح الأسئلة على الناس وتجربة خيارات مختلفة دون أسباب منطقية. ويعيب اللعبة بالإضافة إلى ذلك ضعف التفاصيل نظرا لكونها لعبة «غيم بوي أدفانس»، وهو جهاز صغير الحجم شاشته صغيرة للغاية تعد إمكاناته محدودة بالمقارنة بأجهزة الكومبيوتر الشخصي.

ومثل الكثير من ألعاب المغامرات التقليدية تمزج لعبة «بروكين سوورد» بين الألغاز الذكية وتلك التي تعتمد على التخمين وتوقع أفكار مصمم اللعبة. أما في لعبة «بروجيكت إيدن» فقد أدى وجود الألغاز الميكانيكية التي تدور في عالم ثلاثي الأبعاد إلى زيادة عمق اللعبة وجعل اللاعب يشعر وكأنه يستخدم أدوات حقيقية في مكان حقيقي ليتغلب على العوائق التي أمامه. اكتشاف الغموض المحيط بالمؤامرة في لعبة «بروكين سوورد» أمر مسلٍّ، لكن للحصول على متعة لعب حقيقية أنصحك بلعب «بروجيكت إيدن».

* خدمة أخبار «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»

* معلومات حول اللعبتين

* «بروجيكت إيدن»:

* صممتها شركة «كور ديزاين» (Core Design)، ونشرتها «إيدوس إنترآكتيف» (Eidos Interactive)، وهي تعمل على الأنظمة «ويندوز 98» و«ويندوز مي» و«بلاي ستيشن 2»، ويبلغ سعرها 30 دولارا، وهي مناسبة لعمر 13 سنة فما فوق.

* «بروكين سوورد:ذي شادو أوف ذي تمبلرز»:

* طورتها شركة «ريفليوشن سوفتوير» (Revolution Software)، ونشرها «بام! إنتيرتينمنت» (BAM! Entertainment)، وهي تعمل على النظام «غيم بوي أدفانس» ويبلغ سعرها 30 دولارا، وهي مناسبة لعمر 13 سنة فما فوق.