30 في المائة من سوق أجهزة الكومبيوتر المصرية بلا هوية

المكونات المهربة والضرائب تحول دون صناعة البدائل

TT

مازالت معدلات نمو سوق مبيعات أجهزة الكومبيوتر في مصر مثار اهتمام الشركات العالمية التي تحرص على الوجود في هذه السوق الواعدة. غير أن هذه الشركات عاجزة عن الانخراط بقوة في عمليات لتصنيع الأجهزة (هاردوير) داخل مصر في ظل سوق متناقضة تموج بالمكونات غير الأصلية، وانتشار عمليات التجميع العشوائية، وزيادة معدلات الرسوم الجمركية فضلاً عن حزمة الضرائب المتنوعة المفروضة على صناعة تقنية المعلومات. ففي السوق المصرية تلتقي المكونات المهربة وغير الأصلية المقبلة من الصين وتايوان وهون كونغ وماليزيا والهند، مع منح المستخدم فرصة لتجميع أجهزة كومبيوتر بلا هوية محددة ولكن أسعارها في متناول يده وذلك مقابل التنازل عن الضمان والكفاءة والصيانة المناسبة. وحسبما تشير أرقام جمعية الكومبيوترات المصرية فإن هذه الأجهزة تستحوذ على نحو 30% من حجم السوق المصرية لأجهزة الكومبيوتر الشخصية، الذي يتجاوز حوالي 175 ألف جهاز سنوياً وينمو بمعدل يتراوح بين 20% و25%.. وأوضح زكريا عيسى، عضو غرفة الكومبيوترات باتحاد الغرف التجارية المصرية أن زيادة حجم الأجهزة المستخدمة من الآلاف الى الملايين خلال السنوات الخمس الماضية ضاعف أعداد مستخدمي الكومبيوتر والراغبين في امتلاك أجهزة شخصية ولكن بأسعار معقولة تختلف عن أسعار نظيرتها المعروضة من الشركات العالمية ذات الأسماء التجارية الشهيرة مثل «أبل» و«ايسر» و«دل» و«اتش بي» وغيرها، ولتحقيق هذه المعادلة الصعبة ظهرت سوق موازية تخترق تجميع أجهزة الكومبيوتر الشخصية المجهولة الهوية، لتستغل أحلام الكثيرين باقتناء كومبيوتر معقول الامكانات، وذلك من خلال مكونات غير أصلية معظمها مهرب من الأسواق الخارجية وبعضها مضروب بواسطة محترفين في الداخل، والبعض الآخر مستخدم ويفتقد الى الحد الأدنى من الكفاءة والضمان ومستوى الصيانة المناسب.

وقال هشام نجيب، رئيس شركة عالم الكومبيوتر إن الشركات العالمية ساهمت بشكل غير مباشر في تفعيل فوضى سوق مكونات الكومبيوتر داخل مصر، حيث ينصب اهتمامها على تسويق الكومبيوترات الضخمة (SERVER) والبرمجيات، وذلك لتحقيقها ربحية أكثر من الكومبيوترات الشخصية التي تواجه مشكلة هامة تنحصر في ما يعرف بالسوق الرمادية أو عملية الاستيراد المتوازي مع الوكيل، وفيها يتم تدوير أجهزة الكومبيوتر للأسماء العالمية التي مر على تصنيعها طراز آخر جديد وأصبحت لا تجد لها سوقاً في أوروبا، ليعاد تصديرها الى أسواق شرق آسيا ومنها الى الشرق الأوسط وخاصة الأسواق العربية. ونظراً لعدم وجود رقابة معقولة على ما يتم ادخاله من أجهزة لتلك الأسواق ولا سيما مصر، فان المستهلك يجد أمامه كومبيوتراً يحمل ماركة عالمية ويفتقد الى الجودة. مبيناً أن هذه الأجهزة ضاعفت من أهمية الأجهزة المجمعة محلياً والمجهولة الهوية، لأن الأولى مرتفعة الثمن نسبياً ولا تتوفر لها خدمة الصيانة وقطع الغيار، لأنها تسللت الى الأسواق من دون علم الوكيل.

ورغم معرفة الجميع بتفاصيل السوق الرمادية لمكونات الكومبيوتر غير الأصلية، الا أن تجميع الكومبيوترات بواسطة هذه المكونات بات محط أنظار الجميع، كما شهدت السوق المصرية، وحسبما أشار الدكتور خالد شريف العضو المنتدب لشركة «بان أراب»، إلى زيادة مضطردة في حجم المكونات المهربة التي باتت تصل الى حوالي 70% من اجمالي بعض المكونات المتداولة في السوق، ومنها المعالجات وشرائح الذاكرة. موضحاً أن دقة وصغر بعض المكونات يسهلان تهريبها عبر طرود البريد السريع علاوة على المنافذ الجمركية المختلفة. وأشار إلى أنه في ظل ارتفاع نسبة المكونات المهربة فإن احتمالات تسلل مكونات غير أصلية للسوق وارد بقوة، الأمر الذي يؤثر سلباً على القدرة التنافسية للشركات التي تتحمل اعباء الرسوم الجمركية والضرائب المختلفة، وتحرص على استيراد المكونات الأصلية. كما حذر من أن استمرار هذا المناخ يحرض الشركات العالمية على التردد في الدخول للاستثمار في السوق المصرية.

وأضاف أن الشركات المتوسطة والصغيرة هي الأكثر تضرراً من سوق المكونات المهربة وغير الأصلية، حيث أن حجم انتاج الشركات المحدود والتزامها سداد الرسوم الجمركية والأعباء الضرورية يحول دون طرح انتاجها بسعر تنافسي، في ظل وجود آخرين لا يتحملون أية أعباء جمركية أو ضريبية ويستخدمون مكونات غير أصلية تباع من دون فواتير. غير أن الاعتماد على المكونات غير الاصلية يهدد حقوق المستخدمين في الحصول على أجهزة سليمة ومكونات أصلية وخدمة ما بعد البيع من صيانة ودعم فني.

واعترف عمرو مصطفى مدير شركة «برايت نت» بصعوبة القضاء على ظاهرة التجميع العشوائي لأجهزة الكومبيوتر الشخصية، مؤكداً أنها باتت تجارة معترفا بها ولها سوق وشركات متنافسة كثيرة، وأن هذه الشركات تستخدم الانترنت في التعريف بمنتجاتها وأسعارها وامكانات الأجهزة التي يمكن تجميعها للعميل، وكذا أسعار المكونات بشكل منفرد خاصة الشاشات والطابعات والمودم. وقال إن بعض الشركات العاملة استغلت عدم دراية المستخدم الكافية بامكانات الكومبيوتر، وجمعت أجهزة بمواصفات فنية متواضعة ومكونات غير أصلية أو مستعملة، الأمر الذي أضر بسمعة الشركات الأخرى. وشدد على ضرورة مواجهة هذه الفوضى بواسطة الوزارات والأجهزة المعنية خاصة الجمارك، وكذلك تكثيف الحملات على الشركات المخالفة ووضع عقوبات مغلظة على استخدام المكونات المهربة وغير الأصلية.

وكشف مدير عام احدى الشركات العالمية المستثمرة في مصر عن أن الماركات العالمية ما زالت مسيطرة على سوق أجهزة الكومبيوتر المحمولة والأجهزة الخادمة، وأن عمليات التجميع العشوائية ما زالت قاصرة على الأجهزة الشخصية. وأضاف أن الشركات العالمية تقوم أيضاً بتجميع مكونات الكومبيوتر ولكن من خلال مصانع كبيرة تدار بتخطيط مدروس وأيد فنية مصرية وبمكونات أصلية 100%، لتقديم منتج ذي مواصفات قياسية عالمية، معتبراً أن هذه العملية تختلف تماماً عن عمليات التجميع العشوائية التي تشهدها بعض الأسواق ومنها مصر. وأكد أن أسعار الماركات العالمية ليست مرتفعة مقارنة بتكلفة الانتاج.