مجمعات الكومبيوتر التجارية ظاهرة تنتشر في مصر رغم الشكوى من الركود والجمارك وضرائب المبيعات

استثماراتها تعدت 100 مليون جنيه وأصحابها يرفضون معاملة الكومبيوتر كسلعة معمرة و80% من روادها من الشباب و10 %من حجم السوق في القاهرة

TT

لم يعد مالكو أجهزة الكومبيوتر في مصر يواجهون أي مشكلة في الحصول على احدث التقنيات من مكونات وبرامج ومستلزمات هذه الأجهزة، وذلك بعد انتشار ظاهرة مولات (مجمعات الأسواق التجارية) الكومبيوتر التي بدأت في الظهور عام 1998 وتخصصت في هذا المجال تماما، ووصل عددها الان إلى 7 مجمعات تجارية في القاهرة وحدها، إضافة إلى العديد منها في المحافظات. وعلى الرغم من الانتشار السريع لهذه المجمعات التي تعدت استثماراتها حاجز 100 مليون جنيه، الا انها ما زالت تواجه اتهامات عديدة اهمها المغالاة في الاسعار وسوء المستوى الفني لبعض المعروضات، اضافة الى استغلالها لقليلي الخبرة من المشترين. وعلى الجانب الاخر نجد مالكي هذه الأسواق يعانون من سلبيات كثيرة منها الركود والجمارك، بل انهم يرفضون معاملة الكومبيوتر كسلعة معمرة، ويؤكدون على ان الربحية ليست الهدف الاساسي لهم وانما العمل على انتشار التقنية في هذه المرحلة على مستوى القاعدة العريضة مما سيأتي بنتائج جيدة في تطور تلك الصناعة.

وعن بداية ظهور تلك الاسواق يقول علاء الفاوي رئيس "رابطة مجمع الكومبيوتر التجارية" ومالك احدها: بدأت الفكرة بائتلاف ما يقرب من 21 شركة واجهت صعوبات كبيرة لتجميع هذا الكم من الشركات في مبنى واحد، موضحا ان هذه الشركات كانت موجودة بالفعل ولها مكاتب وادارات وظيفتها القيام بالتسويق والتوزيع من خلال المعارض التي كانت المتنفس الوحيد لشركات الكومبيوتر، ونظرا للمنافسة الشديدة بين هذه الشركات كان لا بد من ظهور سوق متخصص للكومبيوتر على غرار المجالات الاخرى. مشيرا الى ان سوق الكومبيوتر بدأت في مصر عام 1954 ولم تكن بالقوة الموجود عليها حاليا، وبنهاية عام 1999 اصبحت هي السوق الرسمية وملتقى البائع والمشتري، ثم بدأت الاسواق تنتشر تباعا حيث من المتوقع وصول عددها الى 15 سوقا بنهاية العام المقبل. وبين الفاوي ان انتشار مجمعات الكومبيوتر التجارية لم يكن مخططا له من قبل، ولكن زيادة الطلب على منتجات التقنية على مستوى العالم ومصر أوجد فكرة الانتشار بعد ان كان الكومبيوتر في الثمانينات شيئا يصعب اقتناؤه أو التعامل معه واصبحت التقنية العالمية الآن في متناول المشتري المصري فور ظهورها بفضل التعامل مع الإنترنت. واكد الفاوي ان تجارة الكومبيوتر وليدة وواعدة ولكنها تحتاج لتنظيم جيد ومدروس لتحقيق طفرة كبيرة، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء رابطة لشركات الكومبيوتر التي تهدف لحماية المستهلك اولا وتقديم تسهيلات خاصة للشركات من بينها الاشتراك في الحملات التسويقية والترويجية التي تنظمها الرابطة، وكذا الحصول على الدعم الذي تقره الحكومة الآن للمشتغلين في مجال تقنية المعلومات. وينفي هاني جبر المدير المسؤول لمول للكومبيوتر بمصر الجديدة ان يكون السبب الحقيقي لانتشار اسواق الكومبيوتر هو تحقيق الربحية العالية، موضحا ان تقنية المعلومات هي المجال الوحيد الذي افلت من الركود الاقتصادي في مصر، وان المعدل العالي لدوران رأس المال في تجارة الكومبيوتر هو الذي عوض المستثمرين عن هامش الربح المرتفع ودفعهم الى زيادة الاستثمار في هذا المجال الحيوي، مؤكدا على ان المفهوم الخاطئ لدى البعض بأن الكومبيوتر سلعة معمرة، ومن ثم يحرص المشترون على مواصفات فنية عالية لا يحتاجونها، في حين انه لو قام المستهلك بشراء جهاز سعره اقل بمواصفات متوسطة سوف يتبقى لديه جزء من رأس المال ليدور في الاسواق وليساهم في زيادة حجم استثمارات التقنية. وأوضح جبر ان حجم مبيعات مجمع الكومبيوتر التجاري في السنة يصل الى 100 مليون جنيه مصري، اما بالنسبة لهامش الربح فيصعب تحديده لان منتجات التقنية تواجه تغييرات سريعة ومتلاحقه، معتبرا ان تجارة الكومبيوتر اصعب واخطر انواع التجارة وذلك لارتفاع نسبة التحديث فيها خاصة ان مصر دولة مستوردة لهذه المنتجات، مشيرا الى ان انتشار منتجات التقنية في المجتمع المصري شجع الكثيرين على ارتياد مجمع الكومبيوتر التجارية للشراء والمشاهدة، حيث يصل عدد المترددين على المركز الى نحو 600 زائر يوميا خلال فترات الرواج، وتصل نسبة الشباب فيهم الى نحو 80%.

ويبين عصام دياب احد العارضين بمجمع تجاري السخاوي بمصر الجديدة، ان ايجار المحل يتراوح من 2500 الى 4000 جنيه وفقا للمساحة، وان تلك التكلفة قد لا يغطيها حجم المبيعات ولكن المهم هو الوجود والاعلان، مشيرا الى ان المنافسة بين المحلات العارضة الآن لا تنحصر في البضاعة المباعة، حيث ان الكل يبيع نفس المنتجات وبنفس الاسعار تقريبا، ولكن ينحصر التنافس الحقيقي في خدمة ما بعد البيع واسلوب التعامل مع المشترين.

ويؤكد دياب على ان الشركات العالمية هي التي اوجدت سوق السلع المقلدة في مجال التقنية وذلك بتصنيع نفس القطع بطريقة اخرى في محاولة لسد الفجوة التي تتقدم بها الشركات المنافسة عليها في الوظائف الحديثة للمنتج، موضحا ان الركود والمنافسة غير الشريفة عن طريق حرق اسعار البضاعة هما أهم السلبيات التي تواجه الشركات العارضة في مجمع الكومبيوتر التجارية. ويدافع محمد عبد العزيز مدير مجمع تجاري بالمهندسين عن اتهام مالكي المجمعات التجارية بأنهم اصبحوا من اصحاب الثروة، قائلا انه بنظرة موضوعية لسوق الكومبيوتر نجد انه يتمتع بنسبة مخاطرة عالية، فقد يشتري التاجر معالجا بسعر 400 جنيه ويقفز سعره الى 600 جنيه، ولكن من المتوقع ظهور معالج احدث بعد فترة وجيزة ويهبط سعر القديم الى النصف، وبالتالي فالتاجر يتحمل الربح كما يتحمل الخسارة تماما. موضحا ان مجمع الكومبيوتر التجارية لا تغالي في اسعارها وخير شاهد على هذا هو الإنترنت، فأسعار المكونات والمستلزمات والبرامج معروفة لدى الجميع والمشتري اصبح مدركا تماما لما يشتريه، والكثيرون قاموا بشراء مكونات من الخارج واصبحت بعد اضافة الشحن والجمارك اعلى من السعر المباع به في مصر. ويؤكد عبد العزيز على ان المجمعات التجارية المصرية لن تستطيع منافسة المجمعات التجارية الخليجية أو العالمية في هذه المرحلة، الا ان فكرة انشاء سوق تجاري ترفيهي للكومبيوتر على مساحة عشرة افدنة بأحد مداخل القاهرة خلال فترة قريبة قد يقربنا من مستوى هذه المجمعات التجارية، متوقعا منافسة مجمع الكومبيوتر التجارية للاسعار العالمية في حالة وفاء الحكومة بالتزامها بالغاء الجمارك على مستلزمات الكومبيوتر، حيث ان تلك المجمعات التجارية تقدم اسعارا جيدة على الرغم من وجود الجمارك والضرائب وفروق العملة. ويقول علي محسن رئيس مجلس ادارة مجمع تجاري آخر بالاسكندرية تم افتتاحه مؤخرا، ان سوق الكومبيوتر بالاسكندرية لا يمثل اكثر من 10% من حجم السوق بالقاهرة، وبالتالي فإنه يعتقد ان المجمع التجاري سيقوم بتغطية احتياجات معظم راغبي شراء منتجات التقنية، متوقعا ظهور اكثر من مجمع تجاري خلال فترة قريبة بالاسكندرية لانها ثاني سوق على مستوى مصر، وان المنافسة ستكون قوية ولكن البقاء سيكون لصاحب الخدمة الافضل. ويبين محسن ان هناك اعتقادا خاطئا لدى المشترين بأن الشركات الموجودة بالقاهرة تتمتع بنسب خصم خاصة أو لديها بضاعة متميزة عن الاقاليم، موضحا ان الكومبيوتر اصبح سلعة اساسية وان موردي القاهرة هم موردو الاقاليم، حيث تضم الاسكندرية مجموعة هائلة من أصحاب الخبرة في مجال الدعم الفني، الامر الذي يسهل على مشتري الكومبيوتر حل أي مشكلة فنية دون تحمل عناء السفر والمجهود.

اما مدحت عبد العظيم صاحب شركة خاصة للكومبيوتر بالمعادي فيؤكد ان أهم اسباب اغلاق المجمع تجاري المتخصص بالمنطقة هو سوء الادارة على الرغم من تمتع تلك المنطقة بطلب عال لمنتجات الكومبيوتر وذلك نظرا لكثرة عدد الاجانب المهتمين بهذا المجال والمقيمين في المعادي، موضحا ان اسواق الكومبيوتر لديها مواسم تتراوح بين الرواج والركود، حيث تعتبر فترة الصيف واجازة نصف العام الدراسية اكثر الفترات ملاءمة لشراء الكومبيوتر ويمثل الطلبة والجهات الحكومية الطلب الاكبر، وتتميز فترة الشتاء بالركود وتحاول الشركات التغلب عليه بالاشتراك في المعارض، مثل مهرجان الكومبيوتر للجميع اضافة الى اجراء المسابقات الضخمة، مشيرا الى ان كماليات الكومبيوتر مثل الماوس ولوحة المفاتيح والسماعات اكثر المنتجات رواجا، اضافة الى بعض برامج الاطفال وألعاب الكومبيوتر التي تعد صاحبة أعلى رواج في سوق الكومبيوتر، حيث تتراوح اسعارها ما بين 18 و150 جنيها. وينبه عبد العظيم الى ان ظهور مجمع الكومبيوتر التجارية ساهم بشكل فعال في اختفاء البضائع المهربة، لانه يستحيل عرض هذه النوعية من البضائع التي قد تضر بمستقبل الشركة العارضة، متمنيا وجود مراكز صيانة متخصصة ومعتمدة لكل المنتجات العالمية بمجمعات الكومبيوتر التجارية المصرية، حيث سيساعد ذلك على تخفيض اسعار الصيانة التي تكلف شركات الكومبيوتر مبالغ طائلة وعلى الرغم من ذلك فهي لا تعتبر مرتفعة مقارنة بالاسواق العالمية.