شكاوى موظفي الكومبيوتر

TT

يشتكى العاملون في قطاع تقنية المعلومات العربي كما يشتكي غيرهم في القطاعات الأخرى. ومع أن هذه الشكاوى تتشابه بشكل عام، إلا أن هناك بعض الخصوصية المرتبطة بطبيعة التقنية نفسها، فمن ذلك السرعة الكبيرة التي تتطور فيها التقنية، التي تتطلب تحديثا مستمرا للمعلومات، قد لا يكون باستطاعة الموظف الحصول على الوقت المناسب لتحقيقه، أو المال الكافي لحضور الدورات المناسبة له. ومع أن هناك مؤسسات لا تقصر مع موظفيها، إلا أن هناك منها من يرفض مبدأ التدريب جملة وتفصيلا، بحجة السعر المرتفع للدورات وعدم التزام بعض الموظفين بها، مع أنه من المفروض أن المعلومات الجديدة ستزيد من انتاجية الموظف وبالتالي من أرباح الشركة. ويلمح بعض الموظفين الخبثاء إلى أن السبب الحقيقي هو خشية المديرين المتوسطين من تفوق موظفيهم عليهم، مما يضعف موقفهم أمام الصف الأعلى من مديريهم. وهناك شكوى أكثر خطورة، وهي ضعف التقييم بسبب ضعف المستوى العلمي لبعض المديرين، إذ يقول موظفو إحدى المؤسسات الخاصة العاملة في انتاج البرمجيات في إحدى الدول العربية، ان المدير المسؤول فيها وصل إلى منصبه بالواسطة ولأن لديه خبرة في الإدارة فقط، ولكن من دون خلفية في تقنية المعلومات، مما جعل تقييم الموظفين وترقيتهم يعتمد لديه على مدى نجاحهم في تملقهم له، بغض النظر عن مستوى انتاجهم وجودته. ولذلك يتوقع البعض أن تنهار هذه الشركة في المستقبل القريب، بسبب إصابة معظم الموظفين بالاحباط، مما جعلهم يخدعون ذلك المدير بجودة البرامج التي يكلفون بانتاجها، بحيث أصبحوا يبرمجون له صفحات خادعة تظهر له النتائج وكأنها صحيحة، مع أن البرنامج نفسه لم ينته بعد.

وبنفس هذا الإطار، أدى ظلم التقييم إلى هجرة العديد من الكفاءات العربية إلى شركات أجنبية، وصلت بهم الحال الى ان شغلوا مناصب متقدمة فيها. ومن ذلك قصة مبرمج استطاع بذكائه ابتكار برنامج جديد في الشركة العربية التي يعمل فيها، بحيث أصبح هذا البرنامج من أهم منتجات الشركة، مما حقق لها أرباحا عالية، ولكن من دون مكافأة ذلك المبرمج سوى بمبلغ بسيط جدا لا يتماشى مع الأرباح التي حققها مما دفعه للاستقالة، وظن وقتها رئيس الشركة أن تلك كانت مناورة منه بغرض الضغط عليه ليتنازل ويمنحه زيادة راتب أخرى، فأظهر له أنه غير مهتم باستقالته، فما كان من الشاب إلا أن ترك الشركة والبلد كله، وهاجر إلى إحدى الشركات الكبرى التي أكرمت ضيافته. وترك وراءه رئيس الشركة يعض أصابع الندم على فعلته، ويتمنى أن يعود إليه ذلك الشاب كشريك في الشركة وليس مجرد موظف.

ولعل أكثر الشكاوى طرافة تلك المتعلقة بالحسد أو «العين الفارغة»، إذ يقول أحد الموظفين، أن مجرد نجاحه وبروزه في عمله واهتمام رؤسائه به جعله هدفا لهجمات متنوعة، أخطرها تصيد الأخطاء ونشرها ومحاولة تشويه السمعة، ويضيف الموظف أن الوظيفة التي شغلها ظلت شاغرة لمدة وأنه لم يحصل عليها الا بمجهوده ومن دون أية واسطات، ولكن بمجرد أن أثبت نفسه فيها تناولته الألسن وكأنه اغتصبها اغتصابا، أو أنه اقتطع راتبه من رواتب مهاجميه، وأصبحت له قائمة من الأعداء، نصفهم يعرفه ونصفهم لم يحتك به طول حياته.