«البطاقات الذكية» صناعة مصرية واعدة بشرط علاج التشوهات الجمركية والتخلص من عقدة المستورد

حجم السوق يتجاوز 80 مليون بطاقة سنويا والمنتج المحلي مرفوض رغم جودته وسعره التنافسي وقدرته الانتاجية

TT

برغم انها ما زالت في العقد الثالث من عمرها الا ان صناعة البطاقات الذكية التي ظهرت لاول مرة عام 1974 باتت من اهم الصناعات في عالم تقنية المعلومات والاتصالات، حيث تعددت اغراض استخدام وتطبيقات هذه البطاقات لدرجة يصعب معها الاحصاء، فعلاوة على استخدام البطاقة الذكية في مجال الاتصالات في كبائن الخدمة العامة وشرائح الهاتف الجوال، هناك البطاقة الذكية في بطاقات القنوات المشفرة والبطاقات البنكية والنقود الالكترونية وتأمين دخول وخروج الافراد الى المباني والمنشآت الحيوية وكذلك البطاقة الذكية الصحية، ولذلك بلغ عدد البطاقات الذكية في العالم اكثر من عشرين مليار بطاقة، من المتوقع ان تزداد مع نهاية العام الحالي الى نحو 25 مليار بطاقة. وحسبما تشير التوقعات فإن مصر تملك قدرات واعدة في مجال صناعة البطاقات الذكية، حيث ان معدلات النمو في مجال الاتصالات كبيرة وتتجاوز 15% سنويا، علاوة على التوسع المستمر في قاعدة مستخدمي الجوال في مصر، وكذا دخول شركة ثالثة في مجال خدمة الجوال، فضلا عن زيادة معدلات ثقافة البطاقات الذكية لدى المصريين، وايضا التوسعات المصرفية المصرية في استخدام البطاقة الذكية والنقود الالكترونية. ويؤكد المهندس عبد الله عباس رئيس الادارة المركزية للتسويق والخدمات الجديدة بالشركة المصرية للاتصالات أن الشهر الماضي يوليو (تموز) قد شهد طفرة كبيرة في مبيعات البطاقات الذكية، حيث تجاوزت 403 آلاف و220 بطاقة، موضحا ان ادخال خدمة الاتصال عبر الكبائن العامة والتوسع في هذه الخدمة من خلال الشركتين المتنافستين، وكذلك الزيادة المستمرة في قاعدة مستخدمي الهاتف الجوال والتي من المنتظر ان تصل الى 7 ملايين مستخدم خلال العامين المقبلين، كل ذلك سيؤدي لزيادة حجم سوق البطاقات الذكية في مصر، واشار الى ان شركات المانية وآسيوية تنبهت لهذه الامور وتسعى حاليا للوجود داخل السوق.

وتؤكد الارقام ان مصر دخلت مجال تصنيع البطاقات الذكية قبل عامين عن طريق القطاع الخاص، حيث أنشأت شركة «كليوباترا سيليكون فالي» مصنعا ما زال هو الوحيد حتى الان لانتاج البطاقات الذكية، واكد رجل الاعمال المصري محمد أبو العينين رئيس مجلس ادارة الشركة ان استثمارات المصنع تبلغ 25 مليون جنيه (حوالي 5.5 مليون دولار) ويعمل به 300 عامل ويدار بالكومبيوتر ويطبق احدث تقنية في هذه الصناعة الدقيقة، واوضح ان المصنع لديه القدرة على انتاج 80 مليون بطاقة سنويا بكل انواعها بداية من بطاقات «السكراتش» والبطاقات المغناطيسية وحتى البطاقات الذكية الخاصة بالهاتف الجوال، وان الشركة بدأت في تنفيذ خطة تسويق عملية على محورين اساسيين، أولهما توفير احتياجات العملاء بجودة عالية وسعر منافس، والمحور الثاني ملاحقة جميع التطورات في مجال صناعة البطاقات الذكية في العالم. واشار أبو العنين الى ان حجم استيعاب السوق المصرية كبير جدا، الا انه يقوم باستيراد هذه البطاقات الذكية من الخارج. وتابع ان المنتج المصري لا يحتاج سوى ثقة العميل لانه لا يقل في الجودة والسعر التنافسي عن نظيره المستورد، وكشف عن ان المصنع قادر على سد حاجة السوق المحلية من البطاقات الذكية لجميع شركات الاتصال. واشار أبو العينين الى مفاوضات تتم حاليا مع بعض شركات الاتصال العاملة في مصر لتوفير احتياجاتها من البطاقات الذكية في المستقبل القريب. وذكر مجدي سالم، مدير التسويق بشركة «ميناتل» ان الشركة تفكر بجدية في الاعتماد على المنتج المحلي المصري من البطاقات الذكية، مؤكدا ان اتخذ القرار النهائي في هذا الصدد مرهون بعدة اشتراطات فيما يخص الجودة وعوامل الامان، وأوضح ان توافر هذه الاشتراطات سيشجع الشركة على استخدام البطاقات المحلية، لأنها في هذه الحالة ستوفر على الشركة اجراءات التخلص الجمركي، ويضمن لها مصدرا آمنا للبطاقات بعيدا عن مخاطر النقل، كما سيقلل من الوقت اللازم لتوفير البطاقات خاصة ان الشركة تخطط لزيادة استثماراتها في مصر الى نحو 100 مليون جنيه (21.8 مليون دولار) في الفترة المقبلة.

وعلل الدكتور احمد يونس، خبير تقنية المعلومات والاتصالات في معهد تقنين المعلومات التابع لمركز المعلومات، عزوف شركات الاتصالات المصرية عن استخدام البطاقات المصنعة محليا الى عدم الثقة في كفاءة هذه البطاقات والاعتقاد الخاطىء بأن المستورد دائما افضل، في حين ان اعتماد شركات الاتصالات على المنتج المحلي يضمن مستوى اعلى من حيث جوانب الامان بعيدا عن مخاطر الشحن وكذا اتاحة الفرصة لمراقبة الاداء ووسائل التأمين بالمصنع لهذه الصناعة، كما ان الاعتماد على المنتج الوطني يحقق مرونة اكبر لشركات الاتصالات في تعديل وتطوير البرامج والتصميمات على البطاقات التي تحتاجها. ووصف الدكتور يونس صناعة البطاقات الذكية في مصر بأنها واعدة وينتظرها مستقبل جيد بشرط علاج التشوهات الجمركية، موضحا ان الرسوم الجمركية على المنتج النهائي من البطاقات الذكية المستوردة لا يتجاوز 10% فقط، وهي نسبة متواضعة يجب دراسة رفعها لحماية الصناعة الوطنية التي تفرض عليها جمارك تبلغ 30% من مستلزمات الانتاج مثل البلاستيك المستخدم في صناعة جسم البطاقة والمادة اللاصقة، واكد على انه من المنطقي تخفيض هذه الجمارك، حيث انه من غير المقبول ان تبلغ الجمارك على مستلزمات الانتاج اكثر من ثلاثة اضعافها على المنتج النهائي المستورد.

الى ذلك تعتزم شركة «جي اند دي» الالمانية المتخصصة في تقديم الحلول المتكاملة في مجال تقنية البطاقات الذكية، اقامة مكتب اقليمي لها في القاهرة قبل نهاية العام الحالي لخدمة المنطقة العربية وشمال افريقيا، ومن المنتظر ان يقدم المكتب خدماته في تشخيص البطاقات الذكية لشركات الاتصالات والهاتف الجوال وغيرها من القطاعات كالبنوك، حيث سيتم جلب البطاقات من المانيا وتحميلها بالمعلومات الخاصة بكل مشترك لصالح شركات الهاتف الجوال والاتصالات والبنوك في القاهرة. ومن المخطط ان تبدأ الشركة في مرحلة لاحقة تصنيع بعض مكونات هذه التقنية في مصر وزيادة نسبة المكون المحلي مرحليا، كما تخطط الشركة لاقامة مراكز صيانة للبطاقات الذكية نظرا لافتقاد السوق في مصر هذه الخدمة بالمستوى المناسب.