دبي كلها تتحول لقرية إلكترونية اسمها «جيتكس» خلال الأسبوع المقبل

المعرض ليس سوقا للبيع والشراء بل هو منتدى عالمي والشركات تعرض منتجاتها فيه ككنوز تتباهى بها أمام الزوار

TT

عندما يحل معرض تقنية المعلومات جيتكس في دبي مطلع الاسبوع المقبل وتحديدا الاحد تتحول دبي كلها كعادتها ـ الى خلية نحل لا تهدأ. عشرات آلاف الناس من متخصصين وعارضين ومسؤولين حكوميين وزوار ورجال اعمال وكذلك الفضولين يتوجهون وحدانا وزرافات الى مركز دبي التجاري العالمي حيث تقام فعاليات جيتكس 2002 لمدة خمسة ايام حافلة وكأني بدبي تصبح خلال هذا الاسبوع قرية الكترونية مقبلة من الفضاء الخارجي. الاعلاميون هنا لا يخفون قلقهم وترقبهم ايضا. فالصحف المحلية اليومية السبع وعشرات المجلات ومحطات الاذاعة والتلفزيون تجند كل طاقاتها لتغطية هذا الحدث الذي تفاخر دبي به منطقة الشرق الاوسط.

اما الماكينة الاعلامية للشركات من جميع الجنسيات والاحجام وكذلك المؤسسات الحكومية الاماراتية والعربية فقد بدأت هديرها منذ بداية العام الحالي فهي تعمل ليل نهار مرسلة آلاف الكلمات يوميا الى جميع وسائل الاعلام للحديث عن مدى استعدادها لهذا الحدث. ولأن جيتكس ليس سوقا للبيع والشراء بل منتدى عالمي يهدف الى اطلاع المهتمين ومتخذي القرار في المنطقة على احدث التقنيات والحلول المعلوماتية فإنه بذلك يحظى باحترام الجميع كمكانة متميزة على خارطة المعارض في المنطقة قاطبة.

ولأن هذا المعرض يقام في دبي مركز المال والاعمال في الشرق الاوسط، فإن كبريات الشركات العالمية تحرص على الوجود فيه وتكرس ميزانيات ضخمة لتفعيل دورها واظهار احسن ما لديها بل وتوفد كبار تنفيذييها للتواصل مع الزبائن والمسؤولين الحكوميين. ففي دورة العام الماضي لم تمنع احداث 11 سبتمبر (ايلول) اكثر من 50 الف زائر من التوجه للمعرض ولم تمنع تلك الاحداث اكثر من 600 شركة للمشاركة فيه خاصة ان بعض المتشائمين توقعوا حينها تأجيلا او الغاء له. لكن هذا لحسن الحظ لم يحدث بل قامت حكومة دبي بضربة «معلم» بإعلانها خلال جيتكس 2001 عن توسعة نطاق اسم جيتكس في المنطقة وما وراءها لاقامة معرضين دوريين اولهما في السعودية (جيتكس السعودية) والثاني في الهند (جيتكس حيدر اباد) لينضما الى شقيقهما الآخرين في القاهرة وبيروت. ومن يدري فلعل دورة هذا العام تشهد ايضا مفاجأة اخرى من هذا القبيل! لم لا وقطاع المعلوماتية في المنطقة في افضل حالات نموه خاصة ان متطلبات دول الخليج لوحدها من هذه التقنيات تتجاوز ملياري دولار سنويا وذلك وفقا للدكتور عمر بن سليمان المدير التنفيذي لمدينة دبي للانترنت الذي اكد ان منطقة الخليج العربي تشهد نمواً بارزاً في قطاع تقنية المعلومات وذلك وفق إحصائيات نشرت مؤخراً، مقارنة بالاسواق الاوروبية وسوق الولايات المتحدة الاميركية التي تشهد تراجعاً ملحوظاً. وتعد السعودية خير مثال على ذلك النمو، حيث شهدت المملكة تطورات غير مسبوقة خلال السنوات الماضية، وباتت تحوز حوالي 40 بالمئة من مبيعات منتجات تقنية المعلومات في اسواق المنطقة. وقد أشارت دراسة اعدتها مؤخراً مؤسسة «فروست آند سوليفان» ان الانفاق السنوي الكلي على منتجات تقنية المعلومات في الخليج خلال العام الماضي وصلت الى 1و2 مليار دولار اميركي (مع استثناء أنظمة الاتصالات)، وقد بدأ رواد صناعة تقنية المعلومات في العالم بالتعرف على مميزات هذا السوق كونه يسجل اعلى نسبة عوائد على الاستثمار. كما حققت المنطقة العربية تطوراً في نطاق وسرعة الانترنت حيث نمت بنسبة 154 بالمئة لتصل الى 1.9 غيغابايت في الثانية وذلك خلال الفترة من أغسطس (آب) من العام 2001 ويناير (كانون الثاني) من العام الحالي، ووصل عدد المشتركين في خدمة الانترنت خلال العام 2001 الى 1.08 مليون مستخدم بزيادة نسبتها 47%.

وترافق تطور قطاع خدمات الانترنت في السعودية مع طلب غير مسبوق على البرامج واجهزة الكومبيوتر والخدمات. وتبقى السوق السعودية الاكبر من نوعها في منطقة الشرق الاوسط من حيث عدد أجهزة الكومبيوتر المباعة والاجهزة الطرفية والبرامج واستشارات تقنية المعلومات.

* مغارة علي بابا

* بالفعل فإن جل الشركات في جيتكس 2002 تنظر الى منتجاتها وتقنياتها على انها كنوز تتباهى بها امام الزوار وتغيظ بها المنافسين! واعتقد انه من الكنوز التي يجب الحرص على مشاهدتها «الكومبيوتر اللوحي» من مايكروسوفت الذي كشفت عنه العام الحالي في احد المعارض المعلوماتية بالولايات المتحدة. وهذا المنتج كان حلما للعلماء لأكثر من 20 عاما حيث كانوا يتوقون الى ابتكار كومبيوتر صغير كامل الامكانات يشبه تلك الاداة التي رأيناها في فيلم حرب النجوم في السبعينيات حينما كان سكان سفينة الفضاء «ستارشب انتربرايز» يقومون بتسجيل والدخول للبيانات عبر تلك الاداة اينما كانوا على متن السفينة. ويعد الكومبيوتر اللوحي تطورا ارتقائيا للكومبيوتر الدفتري حث يأخذ افضل امكانيات الاخير ويضيف عليها وظائف تجعل الكومبيوتر المحمول من مخلفات العصر الحجري! ولمن فاته العام الماضي مشاهدة ثلاجة الانترنت فليحرص الاسبوع المقبل على زيارة جناح «ال جي» لمشاهدة هذا المنتج «السحري» الذي يمكن ربة البيت «الذكية» ليس فقط من تخزين المواد الغذائية في هذه الثلاجة التي اطلقت الشركة عليها اسم «بايوس» بل وتصفح الانترنت من خلال شاشة مسطحة على الباب وارسال البريد الالكتروني وتحميل الاغاني والاتصال بالسوبرماركت الكترونيا لتعبئة الثلاجة من المواد التي تكاد تنفد! اما «ايسر» فشعارها في جيتكس 2002 هذا العام «التقنية لكل الناس» او بتعبير آخر «كل الناس سواسية امام التقنية» حيث تعرض مثلا جهاز كومبيوتر محمولا تعتبره «ثورة» في الأسلوب التقليدي لاستخدام هذا النوع من الاجهزة بفضل امكانية الكتابة بالقلم العادي على شاشته بشكل مباشر. كما تميط الشركة اللثام عن الكومبيوتر المحمول ذي الشاشة التفاعلية القابلة للتحويل الذي أشادت به أوساط تقنية المعلومات في العالم. ولأننا في عالم بات الهوس الامني فيه من سماته الضاغطة بعد احداث العام الماضي فإن باناسونيك اليابانية تغتنم الفرصة لعرض نظام الكتروني جديد للتعرف على الافراد بواسطة قزحية العين للسماح بدخول الأماكن الأمنية. ويستطيع هذا النظام تحديد هوية الاشخاص وتوثيق المعلومات المتعلقة بهم بدرجة عالية من الدقة والثقة وعبر «نظرة واحدة»، محققاًُ بذلك تفوقاً على الأنظمة التقليدية المتمثلة باستخدام بطاقات التعريف الشخصية والكلمات السرية. ويمتاز اسلوب التعريف بواسطة قزحية العين ببساطته ووضوحه اذ يتميز الغشاء الرقيق الملون لقزحية العين الذي يحيط ببؤبؤ العين بخصائص فريدة وفي غاية التعقيد ويختلف من شخص الى آخر. وتبقى هذه الخصائص ثابتة ولا تتغير حتى مع التقدم في السن. وتختلف خصائص العين اليسرى عن اليمنى لدى نفس الشخص. كما أثبتت التجارب أن تلك الخصائص مختلفة حتى لدى التوائم المتطابقة. وهذا ما يجعل نظام التعريف بواسطة قزحية العين لتوثيق الأفراد وسيلة آمنة ودقيقة وغير قابلة للتزوير.

ولا يزال جهاز الكومبيوتر الشخصي الذي يمكن ارتداؤه (Wearable PC) عالقا في ذاكرة زوار معرض جيتكس 1999 حينما عرض لأول مرة وهذا العام تجلب «آي بي أم» معها نسخة مطورة منه هو جهاز الميتا باد (MetaPad)، الذي يعد أصغر كومبيوتر في العالم، فهو جهاز كومبيوتر شخصي متكامل يمكن وضعه في جيب القميص، كما يمكن ربطه بعدد كبير من الأجهزة الطرفية ليصبح جهاز كومبيوتر مكتبيا بجميع إمكاناته ومزاياه، ويحدث ثورة في الأساليب التي نستفيد بها من العالم الرقمي في حياتنا اليومية.