تقنية المعلومات تلعب دورا أساسيا في استراتيجية تحرير قطاعات الطاقة والخدمات في المنطقة

ديريك كيمب الرئيس التنفيذي لشركة «لوجيكا» الشرق الأوسط: الأنظمة التقنية متمركزة في قلب عملية التغيير لتحقيق العوائد

TT

أصبحت تقنية المعلومات من أهم الأدوات التي تلعب دورا أساسيا في استراتيجية تحرير قطاعات الطاقة والخدمات في العالم بشكل عام بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط. ومن الشركات التقنية التي تلعب دورا كبيرا في هذا المجال تبرز شركة «لوجيكا» التي التقت "الشرق الأوسط" بالرئيس التنفيذي لفرعها العامل في المنطقة للتعرف على دور الشركة في تحقيق هذا الهدف. وفيما يلي نص الحوار:

* ما السبب الذي جعل من قضية تحرير قطاع الطاقة والخدمات العامة في العالم العربي تقنية الطابع، بدلا من أن تكون قضية سياسية، أو أن تندرج ضمن اهتمام قطاع الأعمال والشركات، كما دأبت عليه سابقا؟

ـ قد أختلف معك هنا وأقول أن قضية تحريرDeregulation))، قطاع الطاقة في الشرق الأوسط ليست تقنية بالكامل، فهي ما زالت في صلب القرار السياسي والاقتصادي الذي يعتبر المحرك الأساس لها. ومع ذلك فلا بد لتقنية المعلومات أن تلعب دورا رئيسيا إذا ما أُريد لعملية تحرير قطاع الطاقة والخدمات العامة أن تعمل على أكمل وجه وبكل فاعلية. وعلى سبيل المثال، فإن عقود الخدمات التي تسهم شركة «لوجيكا» بتوفيرها حاليا في مدينة أبوظبي، كجزء من مشروع الشويحات، تعنى بالنظام الذي يزود شركات الطاقة الجديدة بمعلومات وبيانات دقيقة تساعد في الإسراع بتقديم المدفوعات المستحقة لهذه الشركات التي تم تأسيسها ضمن برنامج تحرير الطاقة. على أن هذه الأنظمة تلعب دورا بالغ الأهمية في عملية تحرير قطاع الطاقة بأسرها.

* ما مدى جاهزية واستعداد قطاع الطاقة والخدمات في العالم العربي للتحرير؟ ـ من واقع تجربتنا في أبوظبي، ومن خلال ما نلمسه من تجاوب كبير في العديد من العواصم العربية، أستطيع القول إن العالم العربي مستعد تماما لتحرير قطاع الطاقة والخدمات العامة، على أن هنالك أولويات وضوابط تتحكم بهذه العملية من بلد لآخر وذلك وفقا لجدوى المشروع الاقتصادية ومردودها المالي على المدى البعيد.

* ما السبب وراء حاجة هذه القطاعات إلى عملية التحرير؟ وكيف تكون التقنية عاملا مساعدا في هذا المضمار؟

ـ تفرض الحاجة المتزايدة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط للكهرباء والمياه زيادة في حجم الاستثمار الأجنبي لتوفير مثل هذا الطلب عبر مشاريع محطات التوليد المستقلة للمياه والكهرباء. ومن المتوقع أن ترتفع نسبة حاجة المنطقة إلى الكهرباء من 3 إلى 4 بالمائة سنويا، متفوقة بذلك على الحاجة العالمية التي تبلغ 1 إلى 2 بالمائة. ولمواكبة مثل هذا الطلب ثمة ضرورة لا بد منها لتدشين مشاريع جديدة، مثل محطات التوليد المستقلة للمياه والكهرباء، وذلك بالإضافة إلى العديد من المشاريع المشتركة الأخرى كشبكة الإمارات العربية المتحدة وشبكة الخليج العربي للطاقة. هذا وتضطلع التقنية بدور في غاية الأهمية في هذه المشاريع، حيث ستكون الأنظمة التقنية متمركزة في قلب عملية التغيير لتمكين المستثمرين من تحقيق العوائد المرجوة لاستثماراتهم. ومن دون الأنظمة، التي تتيح للمؤسسات معرفة حجم الطاقة المستهلكة، ومقدار العوائد التي تتوقعها، سيفقد المستثمرون الثقة بالآلية التي تمكنهم من تحقيق العائدات على استثماراتهم. الأمر الذي يتعارض وفكرة التحرير الأساسية التي تشجع المستثمرين على الدخول في هذا القطاع الهام والحيوي.

* من وجهة نظركم، كيف تتمكن لوجيكا من التصدي للتحديات التقنية التي تواجهها مشاريع تحرير قطاع الطاقة في الشرق الأوسط؟ ـ نمتلك في لوجيكا خبرة عريقة في تطوير الحلول التقنية الخاصة بأنظمة المعلومات المستخدمة تحديدا في إدارة نماذج العمل المعنية بخصخصة قطاع الطاقة الكهربائية والتكفل بتنظيم كل التعاملات الخاصة بنظام إدارتها. ولنا العديد من التجارب الناجحة جدا في هذا المضمار عالميا، إذ قمنا بتطوير أنظمة المعلومات المستخدمة لإدارة عمليات خصخصة قطاعات الطاقة في كل من إنجلترا والولايات المتحدة ونيوزيلندا، كما تعمل لوجيكا حاليا على تنفيذ هذه الأنظمة في فرنسا والنمسا. أما الناحية الأخرى التي تتفوق فيها لوجيكا فهي الخدمات الاستشارية الخاصة بأنظمة المعلومات والاحتياجات التقنية الحقيقية والمناسبة فعلا للمشاريع الضخمة من هذا النوع، لأنه من الصعب فعلا على الجهات المختصة بعمل هذا المشروع أن تقرر أي من الحلول التقنية الأنسب لعملياتها من ناحية التكاليف، والإنتاجية، ومرونة العمل. ونتيجة لخبرتنا الطويلة في هذا المضمار بالذات، فنحن الأقدر على تقديم الاستشارات التقنية التي تساعد في تحديد أي الحلول البرمجية هي الأفضل لعمليات الخصخصة في قطاع الطاقة الكهربائية وما ينطوي عليه ذلك من عمليات تابعة. كما لدينا في لوجيكا ميزة أخرى نتقدم بها على غيرنا في السوق، وهي امتلاكنا لبرمجيات قمنا بتطويرها بأنفسنا وحصلنا على براءات اختراع لها تعنى خصيصا بإدارة عمليات الخصخصة ومباشرتها في قطاع الطاقة الكهربائية. ومن هذه الحلول نظام لوجيكا لتجميع البيانات في الوقت الفعلي، ونظام تحصيل الفواتير بالجملة، ونظام «لوجيكا بروديس» Prodis))، الذي صممته لوجيكا، بالاعتماد على حزمة نماذج مركزية متخصصة بمعالجة احتياجات تحرير أسواق قطاع الطاقة والخدمات.

* هل لك أن تبين لنا بعض الأمثلة لمشاريع تحرير قطاعي الطاقة والخدمات العامة الناجحة في الشرق الأوسط؟ وما هي الفوائد التي جلبتها هذه المشاريع؟

ـ بوسعي القول إن أبوظبي تقود الطريق في ميدان تحرير قطاعات الطاقة والخدمات العامة في المنطقة، وهي نموذج ناجح جدا في هذا المضمار. ويمكن ملاحظة مدى النجاح ليس من خلال اهتمام العديد من المؤسسات والشركات بالمزايدة للفوز بمناقصات محطات التوليد المستقلة للمياه والكهرباء في كل من مشاريع الشويحات وأم النار وحسب، بل في حقيقة حرص الشركات على تمويل هذا المشروع والاستثمار بمبالغ ضخمة فيه، حتى بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001. أما فوائد هذه المشاريع فتتمثل في دعمها اقتصادات الدول التي تحصل فيها. وعلاوة على ذلك، تسهم محطات التوليد المستقلة للمياه والكهرباء في إيجاد بيئة تنافسية قوية بين الشركات المشاركة في المزادات، الأمر الذي يفضي في المحصلة إلى تخفيض التعرفة الخاصة بتوليد الكهرباء والمياه من جانب، ويكون المستهلكون بذلك أول المستفيدين من عملية التخفيض هذه على تكاليف الطاقة والخدمات الأخرى في الجانب الآخر.

* لو أُريد لعمليات تحرير قطاعي الطاقة والخدمات العامة أن تحصل في كافة دول الشرق الأوسط، فما حجم استثمار تقنية المعلومات المحتمل مساهمته، ماليا؟

ـ هذا سؤال في غاية الصعوبة والتعقيد ويعتمد إلى حد كبير على نقطة البداية، أو بعبارة أخرى، على حجم قدرات الدول حاليا في قطاع تقنية المعلومات. السؤال هنا، ما مدى جاهزية هذه الدول على صعيد البنية التحتية لتقنية المعلومات فيها. ما هذه الخطط المستقبلية، على الصعيد التقني المعلوماتي، لهذه البلدان عند إقبالها على تحرير القطاع، وفصل الشركات العاملة فيه إلى كيانات عاملة مستقلة، (للتوليد، والنقل، والتوزيع)، هل سيكون لكل منها بنيته التحتية المستقلة مثلا؟ أم سيتكون الشركات كلها عاملة ضمن بيئة تقنية موحدة؟ هذه، وغيرها الكثير من التساؤلات التي تحدد إجاباتها في الواقع حجم الاستثمار المالي في تقنية المعلومات.