اتجاهات التعليم التقني الحديثة تتصدر أعمال المؤتمر والمعرض التقني السعودي الثاني

المشاركون في المؤتمر يعتبرون الاستثمار في التدريب استثمارا للدولة والوطن والمجتمع في المواطن، وهو الأعز في أغلى ثروة

TT

ناقش المؤتمر والمعرض التقني السعودي الثاني الذي افتتحه الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض نيابة عن الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني، يوم السبت الماضي واستمرت فعالياته مدة أربعة أيام، الاتجاهات الحديثة في التعليم التقني والفني والتدريب المهني والأبحاث العلمية التقنية والهندسية، حيث شارك فيه عدد كبير من الوزراء والعلماء والمفكرين والمختصين من أنحاء العالم، وأكثر من 300 باحث شاركوا في إعداد 160 بحثا وورقة علمية، منها 134 بحثا من خارج السعودية. كما صاحب فعالياته إقامة معرض لأحدث التقنيات التعليمية والهندسية، الذي نظمته المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني. ويهدف المؤتمر إلى مناقشة استراتيجيات تطوير وتحسين التعليم التقني والفني في ظل المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على سوق العمل، مع عرض التطورات الحاصله في الأوساط التعليمية والتدريبية وتبادل الخبرات وتقوية الصلات بين مؤسسات التعليم التقني والفني وقطاعات العمل بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، وتشجيع البحوث في المجالات التقنية.

وقال الأمير سلمان في كلمة ألقاها نيابة عن الأمير عبد الله خلال افتتاحه للمؤتمر، إن اهتمامنا بالتقنية نابع من هذه القناعة التي تؤكدها تطورات العصر من حولنا، فالتقنية هي احد أهم محاور القوة في عالم اليوم، وهي الأفق الأرحب للتنمية والنمو الاقتصادي.

وأكد على أن مواجهة هذا التحدي تتصدر سلم الأولويات، فقد سخرت الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين إمكانيات ضخمة لإرساء دعائم نهضة تقنية وعلمية حديثة وأنفقت نحو 10 في المائة من مجموع الناتج المحلي على التعليم، بالمقارنة مع المتوسط العالمي الذي يقدر بأقل من 6 في المائة.

وأوضح أن الدولة تعمل على تشجيع مبادرات القطاع الخاص في مجالات توطين التقنية والتأسيس لقطاع صناعي تقني وفني سعودي قادر على المنافسة وتدريب الشباب السعودي وتأهيله من خلال تعاون وثيق بين المؤسسات والشركات الأهلية والمؤسسات التعليمية والبحثية.

وأكدت التوصيات التي انتهت إليها الندوة الرئيسية للمؤتمر حول الاستثمار في مجال التدريب، وعلى أهمية التخطيط للبرامج التدريبية التي تقوم على مبدأ الاحتياج الحقيقي لسوق العمل، مشيرة إلى انه كلما تقاربت المسافة بين البرامج التدريبية المتاحة والاحتياج الفعلي لسوق العمل المحلي، فان ذلك سيؤدي إلى سهولة حصول المواطن على وظيفة والاستمرار فيها.

وركزت الندوة التي رأسها وزير العمل السعودي الدكتور علي النملة وشارك فيها الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي محافظ الهيئة العامة للاستثمار، ووزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري، ومدير معهد الإدارة العامة الدكتور عبد الرحمن الشقاوي، ومحافظ المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني الدكتور علي الغفيص، ووكيل وزارة المعارف للتعليم الدكتور خالد العواد، والرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء سليمان القاضي، في سياق توصياتها على أهمية تدريب وتأهيل الشباب السعودي باعتباره المدخل الأساسي لسهولة الحصول على فرص وظيفية في القطاع الخاص للمساهمة في علاج القضية الوطنية الكبرى المتمثلة في توطين الوظائف والإحلال وخلق فرص جديدة للعمل.

ودعت التوصيات إلى إخضاع برامج التأهيل والتدريب إلى عملية تقييم مستمرة من قبل الجهات التي تقدمها حتى تساير المتغير والجديد في سوق العمل المحلي، وان التدريب عملية مستمرة لا تقف عند حد أو حدود باعتباره وسيلة جيدة لتحسين الإنتاجية وتوفير فرص للعمل، مؤكدة على أهمية أن ينظر للتدريب نظرة شمولية وان لا يقلل من شأن أي دورات تدريبية تطرح مهما قصرت مدتها. وقالت إن الإبداع والابتكار عنصرا أساسيا في تصميم برامج التدريب. وسلمت التوصيات بأنه وفي ظل عصر العولمة واتفاقات التجارة الدولية، بخيرها وشرها، لا نستطيع أن ننافس أو نوفر فرص عمل حقيقية لأبناء الوطن دون أن يكون التدريب والتأهيل وإعادة التأهيل في مقدمة الأولويات الحكومية والأهلية وبشراكة حقيقية بينهما. وشددت التوصيات على أن الاستثمار في التدريب هو استثمار للدولة والوطن والمجتمع في المواطن، واعتبرت هذا الاستثمار أعز استثمار في أغلى ثروة. وطالبت القطاع الخاص بحكم ما يحصل عليه من مزايا وتسهيلات وقروض ومنح من الدولة بان يفي ببعض الدين نحو وطنه ومواطنيه، كالاهتمام والمساهمة ببرامج تدريب المواطن.

ورفضت الندوة ما يردده البعض في زعم باطل بان المواطن السعودي كسول وخامل، وخلصت إلى أحقيته بالحصول على فرص عمل في وطنه منطلقة في ذلك من أن الشاب السعودي راغب ومقبل على التدريب متى ما أحس أن فرص التدريب المتاحة له ستمكنه من الحصول على عمل مستمر ودخل ثابت. وعرضت حلقة النقاش الخاصة بالتعليم الالكتروني واقع التعليم الإلكتروني في السعودية من خلال بعض التجارب، فمع ازدياد الاهتمام بالتعليم والتدريب الإلكتروني على المستوى العالمي، نظراً لما يحدثه هذا النوع من التعليم من نقلة نوعية في مستوى التعليم والتدريب الذي يتلقاه الطلاب والمتدربون، يوجد على المستوى المحلي عدد قليل من التجارب لإدخال هذا النوع من التعليم في مؤسسات التدريب والتعليم المختلفة، وفي الوقت نفسه فإن هناك عددا من العوائق التي تؤخر الاستفادة من مثل هذه التجربة المتميزة في مجال التعليم، وعلى رأسها عدم الاعتراف به رسمياً. فيما تم اقتراح تبني المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني التوسع في هذا المجال، مع ضرورة إنشاء جمعية تعنى بالتعليم الالكتروني.

ولا يختلف الوضع من حيث البداية في السعودية عن بعض تجارب الدول الأخرى، إذ تناولت الحلقة الطموحات والآمال المستقبلية من خلال تجارب بعض الدول الأخرى التي زاولت هذا النوع من التعليم، وتم استعراض التجربة الاسترالية والكندية في مجال التعليم عن بعد.

وناقشت الندوات التي تضمنها المؤتمر جملة من المحاور من أبرزها، مستقبل التعليم والتدريب وحجم الاستثمار في التعليم والتدريب، ودور التعليم والتدريب في نقل التقنية واستعراض نماذج محلية للاستثمار في التعليم والتدريب. وتضمن البرنامج العلمي للمؤتمر عقد عشرين جلسة علمية، أربع منها حول التجارب الرائدة في التعليم التقني والتدريب المهني تحدث فيها خبراء ومتخصصون من خارج السعودية (أميركا، وألمانيا، والأردن)، بالإضافة إلى تخصيص ست حلقات نقاش شارك فيها العديد من الخبراء والمتخصصين من داخل السعودية وخارجها تمحورت حول تطوير المعايير المهنية نحو بناء المناهج، وتطوير الإطار العام للمؤهلات المهنية، والتدريب الثنائي والعلاقة مع القطاع الخاص، والخطة الوطنية الشاملة لتقنية المعلومات (التدريب والتعليم)، والتعليم عن بعد، والاتجاهات الحديثة في التعليم الفني والتدريب المهني.

وأقيم على هامش المؤتمر معرض احتوى على تقنيات حديثة مختلفة مرتبطة بمحاور المؤتمر الهادفة إلى جلب وتوظيف مستجدات التقنية بمختلف استخداماتها في قطاع الأعمال والتعليم والإنتاج والإدارة وعرضت كذلك أهم منتجات التقنية الهندسية الحديثة كذلك التقنيات في مجال الكومبيوتر وتطبيقاته في فروع التقنية المختلفة، وفي مجال تقنيات الوسائل التعليمية. وعرض لمنتجات في مجال التقنية المتطورة ومشروعات تدريبية للمتدربين في وحدات المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني. لمزيد من المعلومات عن المؤتمر والمعرض التقني السعودي الثاني:

http://stcex2002.gotevot.edu.sa